رحيل الكاتب إدواردو غاليانو صاحب «عروق أميركا اللاتينية المفتوحة»

كتابه الأول كان هدية شافيز لأوباما

رحيل الكاتب إدواردو غاليانو صاحب «عروق أميركا اللاتينية المفتوحة»
TT

رحيل الكاتب إدواردو غاليانو صاحب «عروق أميركا اللاتينية المفتوحة»

رحيل الكاتب إدواردو غاليانو صاحب «عروق أميركا اللاتينية المفتوحة»

غيب الموت الكاتب والصحافي الأوروغوياني، إدواردو غاليانو، أمس الاثنين عن عمر يناهز 74 عاما، بعد إصابته بسرطان الرئة، وفقا لما ذكرته الصحف المحلية في أوروغواي.
وقد كتب غاليانو، كتابه الأول «عروق أميركا اللاتينية المفتوحة» الذي صدر في عام 1971 بالإسبانية وترجم بعدها إلى نحو 20 لغة، وكان حينها لا يزال في الثلاثين من عمره، ويتحدث عن تأثيرات التدخل الأجنبي في أميركا اللاتينية في القرون الخمسة الماضية، حيث يستعرض الفترة الممتدة من الاحتلال الإسباني حتى العصر الحاضر.
وجاء كتابه هذا من خلال وجهة نظر المنتصر لا المهزوم، مما جعله «الوجه الإشكالي الكبير» لليسار الأميركي – اللاتيني؛ حيث يشكل الكتاب مرافعة قوية ضد استغلال هذه المنطقة منذ وصول طلائع المستعمرين الإسبان، وهو يشكل عملا مرجعيا للفكر اليساري في السبعينات والثمانينات ومن ثم العولمة البديلة.
وقد ترجمت بعض أعماله إلى العربية منها، «كرة القدم بين الشمس والظل»، و«ذاكرة النار1» (سفر التكوين)، و«ذاكرة النار2» (الوجوه والأقنعة)، و«ذاكرة النار 3» (قرن الريح).
وبدأ إدواردو غاليانو مسيرته الصحافية في سن الرابعة عشرة من خلال نشر رسوم كاريكاتورية في صحيفة «إيل سول» الأسبوعية التابعة للحزب الاشتراكي.
وبين عامي 1961 و1964 أدار مجلة «مارتشا» الشهيرة معقل المثقفين، ومن ثم تولى إدارة صحيفة «إيبوكا» اليسارية (1964 - 1966).
وقد سجن في عام 1973 وانتقل للعيش في المنفى في الأرجنتين، ومن ثم إسبانيا، قبل أن يعود إلى أوروغواي مع عودة الديمقراطية في عام 1985.
وبذلك يكون غاليانو قد برع في شتى مجالات الأدب من الصحافة إلى كتابة القصة إلى كتابة المقالات، كما برع في الرسم، حيث كان يزين بعض كتبه برسومه كما في «كتاب العناق» وهو عبارة عن مجموعة من المقالات والأبيات الشعرية التي تدور حول السياسة.
من أشهر أقواله، في مدريد عام 2009: «لم يتسن لي التعرف على شهرزاد، ولم أتعلم فن الرواية في قصور بغداد، فقد كانت جامعتي مقاهي مونتيفيدو القديمة».
وفي عام 2009 نفسه، أهدى الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز، لنظيره الأميركي باراك أوباما أثناء قمة دول الأميركتين الشمالية والجنوبية في هذا العام، كتاب غاليانو «عروق أميركا اللاتينية المفتوحة: خمسة قرون من نهب قارة»، وقد عبر شافيز حينها عن تقديره للكتاب قائلا: «هذا الكتاب يعتبر معلما في تاريخ أميركا اللاتينية. إنه يتيح لنا التعلم من التاريخ، وعلينا البناء على هذا التاريخ».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.