«صراع اللجان» يفاقم أزمات «إخوان الخارج»

جانب من جلسة محاكمات «الإخوان» في المحكمة الجنائية بالقاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
جانب من جلسة محاكمات «الإخوان» في المحكمة الجنائية بالقاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

«صراع اللجان» يفاقم أزمات «إخوان الخارج»

جانب من جلسة محاكمات «الإخوان» في المحكمة الجنائية بالقاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
جانب من جلسة محاكمات «الإخوان» في المحكمة الجنائية بالقاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

في تطور جديد لأزمات «قيادات الإخوان في الخارج»، فاقم «صراع اللجان» من خلافات جبهتَي لندن بقيادة إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان»، وإسطنبول بقيادة محمود حسين، الأمين العام السابق للتنظيم. وفي سياق متصل، تجاهلت «جبهة إسطنبول» جميع محاولات «التهدئة» على مدار الأسابيع الماضية لتأكيد «شرعية» إبراهيم منير كقائم بأعمال المرشد. ووفق متخصصين في الحركات الأصولية، فإن «المشهد الآن بين الجبهتين، هو (صراع لجان)، و(صراع متحدثين إعلاميين)، و(صراع بيانات)، وهو مجرد (صدام بين كيانات)».
وفجّر المؤتمر الأخير الذي عقدته «جبهة إسطنبول» في تركيا تساؤلات حول اللجنة التي أعلن عنها لإدارة شؤون التنظيم، ومن هو الشخص المرشح للعمل قائماً بأعمال المرشد؟. وكان المؤتمر قد انعقد أخيراً للإعلان عن «تعيين لجنة لإدارة التنظيم في تركيا (وهي اللجنة نفسها التي سبق الإعلان عنها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي)، بدلاً من اللجنة التي تم انتخابها أخيراً ونالت ثقة (جبهة لندن) بقيادة منير».
ويرى أحمد زغلول، المتخصص في شؤون الحركات الأصولية بمصر، أن «(لجنة إدارة التنظيم في تركيا) هي مجرد (شو إعلامي) من محمود حسين، الذي لا يمتلك أي عناصر قوة الآن سوى بعض المنافذ الإعلامية، في المقابل هناك مصادر قوة مع منير، وخلال الأسابيع الماضية حظي منير بدعم كبير من قيادات التنظيم». ومطلع الشهر الحالي دعت ما تسمى «لجنة علماء (الإخوان)» إلى «دعم منير قائماً بالأعمال، والحرص على وحدة صف التنظيم». وتوازى ذلك مع تصريحات للقيادي الإخواني يوسف ندا، الذي قال فيها، إن «قيادات (الإخوان) بمصر أكدوا أنه في حال حبس محمود عزت (القائم بأعمال مرشد «الإخوان») يُعيّن منير مكانه».
زغلول أضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن «المشهد الآن بين الجبهتين هو (صراع لجان)، و(صراع متحدثين إعلاميين)، و(صراع بيانات)، ومجرد (صدام بين كيانات)، وكل طرف من الجبهتين يحاول تصدير أن (الشرعية) معه، وشباب التنظيم معه، وأن موقفه مما حدث ويحدث، ليس له علاقة بمصالح شخصية، إنما لمصالح التنظيم»، مؤكداً أن «اللجنة التي تحدث عنها محمود حسين أخيراً في (مؤتمر تركيا)، أعلن عنها في وقت سابق، وهي لمواجهة (لجنة منير) التي تدير (الإخوان)، والتي كان حسين عضواً فيها، وتم عزله منها عقب الانتخابات التي جرت».
وحول مؤشرات المرحلة المقبلة للجبهتين، ذكر زغلول، أن «اللجان سوف تظل موجودة لفترة، وستكون هناك (لجنة في تركيا) لإدارة شؤون التنظيم، في مقابل (لجنة لندن) التي تدير شؤون التنظيم، والمشهد سوف يحسمه تدخل (قوى خارجية) فقط؛ لأن التنظيم ليس له أي مصادر قوة الآن في العديد من الدول».
وتفاقمت الخلافات بين جبهتَي إسطنبول ولندن، عقب إعلان منير حل المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وعزل محمود حسين وآخرين، لتتصاعد الأزمة بإعلان حسين، عزل منير من منصبه قائماً بأعمال المرشد، حتى أعلنت «جبهة منير» فصل المؤيدين كافة لجبهة حسين أو المتعاطفين معها، لتعلن «جبهة إسطنبول» بعد ذلك تجديد البيعة لمحمد بديع مرشد التنظيم (مسجون بمصر في قضايا عنف)، ثم يظهر اتجاه بشأن تشكيل منير (مجلس شورى جديد) للرد على (شورى حسين)»، ثم حديث «جبهة إسطنبول» عن إعلان «(مجلس الشورى العام) تشكيل لجنة (مؤقتة) تتولى مهام منير». وهو الأمر الذي أكد عليه «مؤتمر تركيا» أخيراً. ودعا «مؤتمر تركيا» إلى «تشكل لجنة تكون داعمه للقائم بأعمال المرشد الجديد، مدتها 3 أشهر لحين تثبيت أركان عمله». وكذا «منح القائم الجديد بالأعمال صلاحيات واسعة مع تحديدها، وإعلانه بها رسمياً من جانب أعضاء (مجلس الشورى العام)».
وعن احتمالية إعلان محمود حسين نفسه قائماً بأعمال المرشد. أكد أحمد زغلول، أن «هذا أمر غير مستبعد، وقد (يشرعنه) حسين عن طريق (مجلس الشورى العام)، بأن يعلن المجلس أن اللجنة هي من اختارت أحد الأشخاص للقيام بأعمال مرشد (الإخوان)، وغالباً قد يكون وقتها محمود حسين».
وفي وقت سابق، أعلن طلعت فهمي، المتحدث الرسمي لـ«جبهة محمود حسين»، «تأكيد قرار الجبهة و(مجلس الشورى العام) بعزل وإعفاء منير من منصبه»، مؤكداً أن «(مجلس الشورى) هو الجهة العليا المنوط بها إدارة التنظيم»... وكانت «جبهة إبراهيم منير» قد أعلنت في وقت سابق تعيين أسامة سليمان متحدثاً باسم التنظيم، وإقالة طلعت فهمي.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».