وكيل «الخزانة} الأميركية: «حزب الله» يساهم في ثقافة الفساد في لبنان ويستغل النظام المالي

حذّر المصارف اللبنانية من التعامل مع أي شخص أو مؤسسة على لائحة العقوبات

TT

وكيل «الخزانة} الأميركية: «حزب الله» يساهم في ثقافة الفساد في لبنان ويستغل النظام المالي

أكد وكيل وزارة الخزانة الأميركية للإرهاب والاستخبارات المالية، بريان نيلسون، التزام الولايات المتحدة بمنع «حزب الله» من استغلال النظام المصرفي الأميركي والعالمي، كما حذّر من تعامل المصارف مع أي شخص أو مؤسسة على لائحة العقوبات الأميركية، آملاً أن تقوم جمعية المصارف اللبنانية بتحديد دور «حزب الله» في النظام المالي اللبناني، واعتبر أن لبنان أثبت عدم القدرة أو عدم الرغبة في تطبيق الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة، معبراً عن قلق الخزانة من التحديات التي يواجهها الاقتصاد في البلاد.
جاءت مواقف نيلسون خلال لقاء افتراضي مع جمعية المصارف جرى خلاله بحث الواقع اللبناني المالي والمصرفي. وخلال اللقاء، عبّر نيلسون عن قلق الخزانة الأميركية من التحديات التي يواجهها الاقتصاد في لبنان جراء التضخم وانقطاع الكهرباء والبطالة ونقص المواد الغذائية، معتبراً أن الفساد في لبنان لطالما كان طريقة لإدارة الأعمال والسياسة، وأصبح عدو الاستثمار لأن الشركات الأجنبية اعتبرت أن العمل في لبنان سيتطلب رشى على مستويات حكومية مختلفة وعدم شفافية في المناقصات؛ ذلك أن السياسيين سيستخدمون نفوذهم لتحقيق مصالحهم الخاصة.
ورأى نيلسون، أن لبنان أثبت عدم القدرة أو عدم الرغبة في تطبيق الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة؛ إذ إن الفساد أدى إلى تهريب المتمولين الكبار لأموالهم إلى الخارج للمحافظة على ثرواتهم.
وذكّر نيلسون بالعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على «حزب الله» وعلى شخصيات لبنانية، قائلاً «كما تعلمون لقد وضعت إدارة الرئيس بايدن مكافحة الفساد في صلب أولوياتها وستقوم بمعاقبة كل المسؤولين عن الفساد، ففي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي اتخذت الخزانة الأميركية إجراءات في حق 3 أفراد، من بينهم جهاد العرب وداني خوري، الذين اتكلوا على علاقاتهم بسياسيين بارزين لتحقيق أموال طائلة واستخدام النفوذ للحصول على عقود مع الحكومة كلفت الخزينة اللبنانية أموالاً طائلة مقابل مشاريع غير مجدية، كما تم فرض عقوبات على النائب جميل السيد الذي استخدم نفوذه كنائب للاحتيال على النظام المصرفي اللبناني وتحويل 120 مليون دولار من أمواله وأموال شركائه إلى الخارج.
وأضاف، نحن نعلم أن هناك بعض المصارف التي حددت حسابات مالية تابعة لهؤلاء الأشخاص وقد قامت بإبلاغ وحدة التحقيق الخاصة ونشجع المصارف على استكمال عملها بالتبليغ عن هكذا معلومات، لافتاً إلى أنها «هذه ليست العقوبات الوحيدة التي أعلنت عنها الخزانة في ظل محاربة الفساد، ففي أكتوبر 2020 وضعنا عقوبات على النائب جبران باسيل لدوره في الفساد واستغلال نفوذه كوزير للطاقة عام 2014 لاستخدام الأموال العامة لصالح شركات وأشخاص مقربين منه».
وإضافة إلى الفساد، أشار نيلسون إلى أن «الولايات المتحدة تؤكد التزامها بمنع (حزب الله) من استغلال النظام المصرفي الأميركي والعالمي؛ لأنه يستغل النظام المالي اللبناني لتمويل نشاطاته الإجرامية في الشرق الأوسط»، مضيفاً «طبعاً (حزب الله) يساهم في ثقافة الفساد وقد وضعنا على لائحة العقوبات الوزيرين السابقين يوسف فنيانوس وعلي حسن خليل اللذين تواطآ مع (حزب الله) لاستخدام المال العام لصالحهما الشخصي وصالح (حزب الله)».
في المقابل، أوضح نيلسون، أنه يتوقع من جمعية المصارف اللبنانية وأعضائها لعب دور فعال بتحديد دور «حزب الله» في النظام المالي اللبناني، معبراً عن خيبة أمله من عدم اتخاذ أي إجراءات لإنقاذ هذا النظام من الفساد، وخصوصاً الدور الذي لعبته المصارف لتحديد مصادر ثرواتهم.
وحذّر نيلسون من أن «كل مصرف يتعامل مع أي شخص أو مؤسسة على لائحة العقوبات يعرّض نفسه للعقوبات أو إمكانية خسارة حساباته لدى البنوك المراسلة، وتوقع من المصارف أن تبلغ عن أي تحويلات مشبوهة»، أما النقطة الأخيرة التي شدد عليها فهي الشفافية، وذكّر أن نتائج عدم اعتمادها سيئة جداً، مستذكراً مصرف «جمال تراست بنك» وعلاقاته المخفية مع «حزب الله».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم