واقعية البنوك المركزية تثير حماسة سوقية

أوروبا أعلى مرونة و«الفيدرالي» أكثر مصداقية

بدت رؤية البنوك المركزية الكبرى أقرب لتوقعات  الخبراء والمستثمرين وأقل عناداً من السابق (أ.ف.ب)
بدت رؤية البنوك المركزية الكبرى أقرب لتوقعات الخبراء والمستثمرين وأقل عناداً من السابق (أ.ف.ب)
TT

واقعية البنوك المركزية تثير حماسة سوقية

بدت رؤية البنوك المركزية الكبرى أقرب لتوقعات  الخبراء والمستثمرين وأقل عناداً من السابق (أ.ف.ب)
بدت رؤية البنوك المركزية الكبرى أقرب لتوقعات الخبراء والمستثمرين وأقل عناداً من السابق (أ.ف.ب)

بحماس بالغ، تمثّل في انتعاشة كبرى للمؤشرات العالمية الكبرى، قفزت أسعار الأسهم، الخميس، بعد أن حسّنت توقعات اقتصادية إيجابية أصدرها مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الإقبال على الشراء، وكذلك نتائج اجتماع البنك المركزي الأوروبي.
وأعلن مجلس «الفيدرالي»، مساء الأربعاء، سياسة طال انتظارها لإنهاء برنامج التحفيز النقدي في مارس (آذار) المقبل، وأشار إلى احتمال رفع الفائدة 3 مرات العام المقبل، وبخلاف ذلك أصدر توقعات إيجابية بشأن الاقتصاد.
وفي توقعات اقتصادية جديدة، نشرت عقب نهاية اجتماع استمر يومين، توقع مسؤولو مجلس «الاحتياطي» أن التضخم سيبلغ 2.6 في المائة العام المقبل، مقارنة مع 2.2 في المائة كانت متوقعة في سبتمبر (أيلول)، وأن معدل البطالة سيهبط إلى 3.5 في المائة، قرب التوظيف الكامل، إن لم يكون يتجاوزه.
ونتيجة لذلك، يتوقع مسؤولو مجلس «الاحتياطي» أنه ستكون هناك حاجة لرفع سعر الفائدة القياسي ليلة واحدة من المستوى الحالي الذي يقترب من الصفر إلى 0.90 في المائة بحلول نهاية 2022. وسيطلق ذلك دورة زيادات سيرتفع فيها سعر الفائدة إلى 1.6 في المائة في 2023 وإلى 2.1 في المائة في 2024.
وقال البنك المركزي الأميركي إن توقيت الزيادة الأولى للفائدة سيتوقف فقط على مسار سوق الوظائف التي من المتوقع أن تواصل التحسن في الأشهر المقبلة. وخلا بيان السياسة النقدية لمجلس «الاحتياطي» من أي إشارة إلى التضخم على أنه «عابر»، وبدلاً من ذلك اعترف المجلس بأن زيادات الأسعار تجاوزت هدفه، البالغ 2 في المائة «لبعض الوقت».
وفي الأشهر القليلة الماضية، بلغ التضخم السنوي أكثر من ضعفي المستوى الذي يستهدفه مجلس «الاحتياطي». ولفتح الباب أمام زيادات في أسعار الفائدة، أعلن المجلس عن مضاعفة تقليص مشترياته من السندات، وهو ما يضع البرنامج في مسار نحو إنهائه بحلول مارس. وبلغ حجم مشتريات السندات في بادئ الأمر 120 مليار دولار شهرياً.
ورغم أن مجلس «الاحتياطي» جعل أي زيادة في أسعار الفائدة مرهونة بمزيد من التحسن في سوق الوظائف، فإن التوقعات الجديدة للسياسة النقدية لم تترك شكوكاً تذكر في أن تكاليف الاقتراض سترتفع العام المقبل، ما لم تحدث صدمة اقتصادية كبيرة. وأشار الأعضاء الثمانية عشر بلجنة السياسة النقدية جميعهم إلى أن زيادة واحدة على الأقل ستكون ملائمة قبل نهاية 2022.
وقال المجلس إن نمو أكبر اقتصاد في العالم ما زال من المتوقع أن يبلغ 4.0 في المائة العام المقبل، ارتفاعاً من 3.8 في المائة التي كانت متوقعة في سبتمبر، وأكثر من ضعفي الاتجاه الأساسي للاقتصاد.
وبدوره، أعلن البنك المركزي الأوروبي، الخميس، تخفيض نظام الدعم الاقتصادي الذي يعتمده، على الرغم من انتشار المتحور «أوميكرون»، وفي الوقت نفسه استعداده للرد على التضخم المرتفع، مثلما فعل «الاحتياطي الفيدرالي الأميركي».
وكما كان متوقعاً، قررت المؤسسة النقدية الأوروبية التي تترأسها كريستين لاغارد وضع حدّ، بعد مارس المقبل، لشراء الأصول، لمواجهة عواقب الجائحة كجزء من نظام الطوارئ، وبلغت قيمته 1.85 تريليون يورو... إلا أن بياناً للبنك أبقى على إمكانية استئناف صافي المشتريات بموجب خطة حماية البيئة؛ في ظل «عدم اليقين» بشأن تطور الوباء.
وعلى العكس من الولايات المتحدة، لم يلمح «المركزي الأوروبي» إلى احتمال رفع سعر الفائدة قريباً، على الرغم من التضخم الذي يحبط توقعاته، وقد بلغ 4.9 في المائة في منطقة اليورو في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وقفزت أسعار الأسهم الأوروبية، الخميس، تفاعلاً مع القرارات، وارتفع المؤشر «ستوكس 600» الأوروبي 1.4 في المائة بحلول الساعة 08:13 بتوقيت غرينتش، وسط توقعات بتسجيل أفضل أداء يومي في أسبوع، وقادت أسهم شركات التكنولوجيا والطاقة المكاسب.
كما قفز المؤشر «نيكي» القياسي ليسجل أكبر مكاسبه في نحو 7 أسابيع بعد قرار «الفيدرالي» المتوافق مع توقعات المستثمرين. وزاد «نيكي» 2.13 في المائة إلى 29066.32 نقطة، وهي أكبر نسبة ارتفاع منذ الأول من نوفمبر، في حين ارتفع المؤشر «توبكس» الأوسع نطاقاً 1.46 في المائة إلى 2013.08 نقطة.
ومن جانبها، ارتفعت أسعار الذهب مع تراجع الدولار، وصعد الذهب في المعاملات الفورية 0.3 في المائة إلى 1781.60 دولار للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 04:37 بتوقيت غرينتش، في حين ارتفعت العقود الأميركية الآجلة واحداً في المائة إلى 1782 دولاراً للأوقية.
وقال مايكل لانغفورد، المدير في «إير غايد» لاستشارات الشركات: «أي ضعف يعتري الدولار يجب أن يشهد زيادة متوافقة في الذهب. تشير التوقعات إلى تراجع عن التحفيز المالي والنقدي، وإذا لم تتغير هذه النظرة فسيكون من المنطقي أن تظل أسعار الذهب دون 1800 دولار».



 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
TT

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

رفعت وكالة التصنيفات الائتمانية «موديز» تصنيفها للسعودية بالعملتين المحلية والأجنبية عند «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1» مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، وذلك نظراً لتقدم المملكة المستمر في التنويع الاقتصادي والنمو المتصاعد لقطاعها غير النفطي.

هذا التصنيف الذي يعني أن الدولة ذات جودة عالية ومخاطر ائتمانية منخفضة للغاية، هو رابع أعلى تصنيف لـ«موديز»، ويتجاوز تصنيفات وكالتي «فيتش» و«ستاندرد آند بورز».

وقالت «موديز» في تقريرها إن رفعها لتصنيف المملكة الائتماني، مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، يأتي نتيجة لتقدمها المستمر في التنوع الاقتصادي، والنمو المتصاعد للقطاع غير النفطي في المملكة، والذي، مع مرور الوقت، سيقلل ارتباط تطورات سوق النفط باقتصادها وماليتها العامة.

ترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته

وأشادت «موديز» بالتخطيط المالي الذي اتخذته الحكومة السعودية في إطار الحيّز المالي، والتزامها بترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته، بالإضافة إلى الجهود المستمرة التي تبذلها ومواصلتها استثمار المـوارد الماليـة المتاحـة لتنويـع القاعـدة الاقتصاديـة عـن طريـق الإنفـاق التحولي؛ مما يدعم التنمية المستدامة للاقتصاد غير النفطي في المملكة، والحفاظ على مركز مالي قوي.

وقالت «موديز» إن عملية «إعادة معايرة وإعادة ترتيب أولويات مشاريع التنويع -التي ستتم مراجعتها بشكل دوري- ستوفر بيئة أكثر ملاءمة للتنمية المستدامة للاقتصاد غير الهيدروكربوني في المملكة، وتساعد في الحفاظ على القوة النسبية لموازنة الدولة»، مشيرة إلى أن الاستثمارات والاستهلاك الخاص يدعمان النمو في القطاع الخاص غير النفطي، ومتوقعةً أن تبقى النفقات الاستثمارية والاستثمارات المحلية لـ«صندوق الاستثمارات العامة» مرتفعة نسبياً خلال السنوات المقبلة.

شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن الولايات المتحدة (رويترز)

وقد وضّحت الوكالة في تقريرها استنادها على هذا التخطيط والالتزام في توقعها لعجز مالي مستقر نسبياً والذي من الممكن أن يصل إلى ما يقرب من 2 - 3 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي.

وسجل الناتج المحلي الإجمالي للمملكة نمواً بمعدل 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام الحالي، مدعوماً بنمو القطاع غير النفطي الذي نما بواقع 4.2 في المائة، وفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية الصادرة الشهر الماضي.

زخم نمو الاقتصاد غير النفطي

وتوقعت «موديز» أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للقطاع الخاص بالسعودية بنسبة تتراوح بين 4 - 5 في المائة في السنوات المقبلة، والتي تعتبر من بين أعلى المعدلات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، معتبرةً أنه دلالة على استمرار التقدم في التنوع الاقتصادي الذي سيقلل ارتباط اقتصاد المملكة بتطورات أسواق النفط.

وكان وزير المالية، محمد الجدعان، قال في منتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار» الشهر الماضي إن القطاع غير النفطي بات يشكل 52 في المائة من الاقتصاد بفضل «رؤية 2030».

وقال وزير الاقتصاد فيصل الإبراهيم إنه «منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 نما اقتصادنا غير النفطي بنسبة 20 في المائة، وشهدنا زيادة بنسبة 70 في المائة في الاستثمار الخاص في القطاعات غير النفطية، ومهد ذلك للانفتاح والمشاركات الكثيرة مع الأعمال والشركات والمستثمرين».

وأشارت «موديز» إلى أن التقدم في التنويع الاقتصادي إلى جانب الإصلاحات المالية السابقة كل ذلك أدى إلى وصول «الاقتصاد والمالية الحكومية في السعودية إلى وضع أقوى يسمح لهما بتحمل صدمة كبيرة في أسعار النفط مقارنة بعام 2015».

وتوقعت «موديز» أن يكون نمو الاستهلاك الخاص «قوياً»، حيث يتضمن تصميم العديد من المشاريع الجارية، بما في ذلك تلك الضخمة «مراحل تسويق من شأنها تعزيز القدرة على جانب العرض في قطاع الخدمات، وخاصة في مجالات الضيافة والترفيه والتسلية وتجارة التجزئة والمطاعم».

وبحسب تقرير «موديز»، تشير النظرة المستقبلية «المستقرة» إلى توازن المخاطر المتعلقة بالتصنيف على المستوى العالي، مشيرة إلى أن «المزيد من التقدم في مشاريع التنويع الكبيرة قد يستقطب القطاع الخاص ويُحفّز تطوير القطاعات غير الهيدروكربونية بوتيرة أسرع مما نفترضه حالياً».

النفط

تفترض «موديز» بلوغ متوسط ​​سعر النفط 75 دولاراً للبرميل في 2025، و70 دولاراً في الفترة 2026 - 2027، بانخفاض عن متوسط ​​يبلغ نحو 82 - 83 دولاراً للبرميل في 2023 - 2024.

وترجح وكالة التصنيف تمكّن السعودية من العودة لزيادة إنتاج النفط تدريجياً بدءاً من 2025، بما يتماشى مع الإعلان الأخير لمنظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفائها «أوبك بلس».

وترى «موديز» أن «التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في المنطقة، والتي لها تأثير محدود على السعودية حتى الآن، لن تتصاعد إلى صراع عسكري واسع النطاق بين إسرائيل وإيران مع آثار جانبية قد تؤثر على قدرة المملكة على تصدير النفط أو إعاقة استثمارات القطاع الخاص التي تدعم زخم التنويع». وأشارت في الوقت نفسه إلى أن الصراع الجيوسياسي المستمر في المنطقة يمثل «خطراً على التطورات الاقتصادية على المدى القريب».

تصنيفات سابقة

تجدر الإشارة إلى أن المملكة حصلت خلال العامين الحالي والماضي على عدد من الترقيات في تصنيفها الائتماني من الوكالات العالمية، والتي تأتي انعكاساً لاستمرار جهـود المملكـة نحـو التحـول الاقتصـادي فـي ظـل الإصلاحـات الهيكليـة المتبعـة، وتبنـّي سياسـات ماليـة تسـاهم فـي المحافظـة علـى الاستدامة الماليـة وتعزز كفـاءة التخطيـط المالي وقوة ومتانة المركز المالي للمملكة. ​

ففي سبتمبر (أيلول)، عدلت «ستاندرد آند بورز» توقعاتها للمملكة العربية السعودية من «مستقرة» إلى «إيجابية» على خلفية توقعات النمو القوي غير النفطي والمرونة الاقتصادية. وقالت إن هذه الخطوة تعكس التوقعات بأن تؤدي الإصلاحات والاستثمارات واسعة النطاق التي تنفذها الحكومة السعودية إلى تعزيز تنمية الاقتصاد غير النفطي مع الحفاظ على استدامة المالية العامة.

وفي فبراير (شباط) الماضي، أكدت وكالة «فيتش» تصنيفها الائتماني للمملكة عند «إيه +» مع نظرة مستقبلية «مستقرة».