بعد ربع قرن من الجفاء الدبلوماسي.. السعودية تعتمد سفيرا لها لدى العراق

مصادر دبلوماسية لـ («الشرق الأوسط»): السفير عمل ملحقا عسكريا بإحدى الدول العربية

بعد ربع قرن من الجفاء الدبلوماسي.. السعودية تعتمد سفيرا لها لدى العراق
TT

بعد ربع قرن من الجفاء الدبلوماسي.. السعودية تعتمد سفيرا لها لدى العراق

بعد ربع قرن من الجفاء الدبلوماسي.. السعودية تعتمد سفيرا لها لدى العراق

علمت «الشرق الأوسط» من مصادر دبلوماسية، أن السعودية اعتمدت سفيرًا لها لدى العراق، بعد قرابة نحو ربع قرن من القطيعة في العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، ليمارس أعمال البعثة السعودية، وذلك بعد اختيار التقارير الذي حملها وفد السعودية المكلف ببحث الترتيبات لفتح مقر السفارة والقنصلية السعودية في العراق.
وقالت المصادر في اتصال هاتفي إن «السفير المعتمد سبق أن عمل برتبة ملحق عسكري في سفارة المملكة لدى إحدى الدول العربية، حيث سيجري رفع أوراقه لدى الحكومة العراقية خلال الفترة المقبلة، تمهيدًا للإعلان عنه رسميًا».
وأشارت المصادر إلى أن السفير المعتمد، بعد نحو ربع قرن من الزمن من القطيعة الدبلوماسية إثر اجتياح الرئيس الأسبق صدام حسين الكويت في 1990، سيمارس عمله مع أعضاء البعثة الدبلوماسية السعودية الذين جرى تحديد مهام وظائف بعضهم، لممارسة العمل السياسي بين السعودية والعراق.
وكان الملك عبد الله بن عبد العزيز وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، بعثا ببرقيات تهنئة بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، في أغسطس (آب) الماضي، لفؤاد معصوم رئيس الجمهورية العراقية، وحيدر العبادي رئيس وزراء العراق الجديد، وسليم الجبوري رئيس مجلس النواب العراقي.
ولفتت المصادر إلى أن الجهات الدبلوماسية في السعودية، درست التقرير الذي حمله وفد المملكة المكلف ببحث الترتيبات لفتح السفارة والقنصلية في العراق، وذلك بعد وصول الوفد إلى الرياض، وجرى مناقشة تلك الملفات بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، حيث تضمن التقرير الشامل، الخيارات المتاحة، خصوصا بعد أن وفر العراق المقر الخاص بالسفارة السعودية في المجمع الدبلوماسي بالمنطقة الخضراء.
وذكرت المصادر أن الوفد السعودي الذي حضر إلى العراق لبحث الترتيبات لفتح السفارة والقنصلية، برئاسة السفير عبد الرحمن الشهري نائب رئيس الدائرة الإعلامية في وزارة الخارجية السعودية سفير المملكة لدى الجمهورية الإسلامية الإيرانية سابقا، التقى بعدد من المسؤولين العراقيين في بغداد وأربيل، واستعرض الجانبان خلال اللقاءين، التطورات الحاصلة في ملف إعادة افتتاح سفارة السعودية هناك.
وكان بهاء الأعرجي، نائب رئيس الوزراء العراقي، قد قال لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق إن «السعودية ستفتتح سفارتها في العراق في غضون الشهرين المقبلين»، مضيفا أن حكومة بلاده «وفرت لوفد وزارة الخارجية السعودية كل الإمكانات وسلمتهم المقر الخاص بالسفارة في المجمع الدبلوماسي بالمنطقة الخضراء، إضافة إلى مقر آخر يتعلق بسكن الموظفين، ولم يتبقَّ إلا ترميم وتهيئة مبنى السفارة من قبل السعودية، وهو أمر لن يستغرق الكثير من الوقت»، حسب قوله، مؤكدا أن افتتاح السفارة السعودية سينهي حالة القطيعة التي امتدت منذ عهد نظام صدام حسين.
يذكر أن مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان التقى الوفد السعودي، وتمنى النجاح للقنصلية السعودية التي ستفتتح في أربيل، مبديا استعداد الإقليم لتطوير العلاقات مع السعودية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.