التضخم البريطاني لأعلى مستوى في عقد

صندوق النقد الدولي يحذّر «بنك إنجلترا» من «التراخي»

متسوقون في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
متسوقون في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
TT

التضخم البريطاني لأعلى مستوى في عقد

متسوقون في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
متسوقون في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)

ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين في بريطانيا إلى أعلى مستوى منذ أكثر من 10 سنوات في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي؛ إذ قفز إلى 5.1 في المائة، من 4.2 في المائة خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) السابق عليه، في أنباء من المرجح أن تزعج «بنك إنجلترا»؛ بينما يدرس ما إذا كان سيرفع أسعار الفائدة اليوم الخميس.
وقال «مكتب الإحصاءات الوطنية» إن ضغوط الأسعار من مجموعة واسعة من السلع والخدمات، خصوصاً البنزين والملابس والأحذية، كانت وراء هذا الارتفاع. وتجاوزت القراءة كل التوقعات في استطلاع أجرته «رويترز» لاقتصاديين كان قد أشار إلى زيادة بنسبة 4.7 في المائة.
وسجل التضخم زيادة قدرها 3.1 نقطة مئوية في غضون 4 أشهر فقط، وهو أسرع ارتفاع على الإطلاق. وسجل الجنيه الإسترليني زيادة لفترة وجيزة بعد إعلان البيانات، قبل التخلي عما حققه من مكسب، ليسجل ارتفاعاً بنسبة 0.1 في المائة في التداول ويصل إلى سعر 1.3246 دولار الساعة 07:23 صباح يوم الأربعاء في لندن.
وتوقع صندوق النقد الدولي مساء الثلاثاء أن يصل التضخم في بريطانيا إلى نحو 5.5 في المائة خلال الربع الثاني من العام المقبل في أعلى مستوى له منذ 30 عاماً. وحث الصندوق «بنك إنجلترا» على تجنب «تحيز التراخي» قبيل التصويت الرئيسي المرتقب، يوم الخميس، حول موعد رفع أسعار الفائدة في مواجهة معدل التضخم المرتفع.
وفي بيان بعد زيارة فريق العمل إلى المملكة المتحدة، قال صندوق النقد إن لجنة السياسة النقدية «لديها الأدوات اللازمة لمعالجة التقلبات؛ بما في ذلك حرية التصرف لإدارة مسار التضخم إلى مستواه المستهدف عند اثنين في المائة». وأضاف البيان: «مع ذلك، لن يكون من السهل رؤية التحولات الممتدة في الأجور والأسعار النسبية مع الحفاظ على التوقعات ثابتة. سيكون من المهم تجنب تحيز التراخي، في ضوء التكاليف المرتبطة باحتواء تأثيرات الجولة الثانية»، حسبما نقلت شبكة «سي إن بي سي».
ولا ينتظر معظم الاقتصاديين أن يرفع «بنك إنجلترا» أسعار الفائدة الخميس بعد اجتماعه لشهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بسبب عدم اليقين المحيط بتأثير المتحور «أوميكرون» من فيروس «كورونا»... ويتوقع أن يتجاوز التضخم «بشكل واضح» نسبة 5 في المائة خلال أبريل (نيسان) المقبل بحسب نواب حاكم البنك.
وفي مقابل الضغوط السلبية على الاقتصاد، واصلت نسبة البطالة انخفاضها في المملكة المتحدة بين أغسطس (آب) وأكتوبر الماضيين لتصل إلى 4.2 في المائة رغم انتهاء برنامج البطالة الجزئية الذي أثارت خاتمته مخاوف من أن تزداد نسبة الباحثين عن وظائف.
وتبقى نسبة البطالة هذه مرتفعة بنسبة 0.2 في المائة عمّا كانت عليه في المملكة المتحدة قبل بدء الوباء، حسبما أفاد الثلاثاء «المكتب الوطني للإحصاءات» في تقريره الشهري. أمّا عدد الأشخاص الذين يشغلون وطائف في شهر نوفمبر، فهو منخفض أكثر من المستوى الذي كان عليه قبل بدء الوباء، بحسب التقرير.
وقال مدير الإحصاءات الاقتصادية في «المكتب الوطني للإحصاءات» دارين مورغان: «يخصّ جزء كبير من النمو الحديث في التوظيف العاملين بدوام جزئي الذين تأثروا بشكل خاص في بداية الوباء»... ولكن «لا مؤشّر على أن انتهاء برنامج البطالة الجزئية سيؤثر على عدد الوظائف» بحسب مورغان، علماً بأن البرنامج انتهى في أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، ويخشى بعض الاقتصاديين ارتفاع بنسبة البطالة.
ووصل عدد الوظائف الشاغرة إلى رقم قياسي جديد بلغ 1.22 مليون في الفترة الممتدة من سبتمبر إلى نوفمبر الماضيين، بينما تتأثر البلاد بنقص حاد في القوى العاملة، لا سيما في قطاع الفنادق والمطاعم، وفقاً لبيانات «المكتب الوطني للإحصاءات».
ووفقاً لأرقام «المكتب الوطني للإحصاءات»، ارتفع متوسط الأجور بنسبة 4.9 في المائة على أساس سنوي بين أغسطس وأكتوبر، لكن الارتفاع يتباطأ، رغم التضخم الذي يضرب البلاد.
وبحسب المستشار الاقتصادي بول ديلز، فإن «سلامة سوق العمل تشير إلى أن رفع أسعار الفائدة (لبنك إنجلترا) قد جرى تأخيرها ببساطة إلى ما بعد ديسمبر (كانون الأول)، ولم تُلغ بسبب (كوفيد19)».



 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
TT

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

رفعت وكالة التصنيفات الائتمانية «موديز» تصنيفها للسعودية بالعملتين المحلية والأجنبية عند «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1» مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، وذلك نظراً لتقدم المملكة المستمر في التنويع الاقتصادي والنمو المتصاعد لقطاعها غير النفطي.

هذا التصنيف الذي يعني أن الدولة ذات جودة عالية ومخاطر ائتمانية منخفضة للغاية، هو رابع أعلى تصنيف لـ«موديز»، ويتجاوز تصنيفات وكالتي «فيتش» و«ستاندرد آند بورز».

وقالت «موديز» في تقريرها إن رفعها لتصنيف المملكة الائتماني، مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، يأتي نتيجة لتقدمها المستمر في التنوع الاقتصادي، والنمو المتصاعد للقطاع غير النفطي في المملكة، والذي، مع مرور الوقت، سيقلل ارتباط تطورات سوق النفط باقتصادها وماليتها العامة.

ترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته

وأشادت «موديز» بالتخطيط المالي الذي اتخذته الحكومة السعودية في إطار الحيّز المالي، والتزامها بترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته، بالإضافة إلى الجهود المستمرة التي تبذلها ومواصلتها استثمار المـوارد الماليـة المتاحـة لتنويـع القاعـدة الاقتصاديـة عـن طريـق الإنفـاق التحولي؛ مما يدعم التنمية المستدامة للاقتصاد غير النفطي في المملكة، والحفاظ على مركز مالي قوي.

وقالت «موديز» إن عملية «إعادة معايرة وإعادة ترتيب أولويات مشاريع التنويع -التي ستتم مراجعتها بشكل دوري- ستوفر بيئة أكثر ملاءمة للتنمية المستدامة للاقتصاد غير الهيدروكربوني في المملكة، وتساعد في الحفاظ على القوة النسبية لموازنة الدولة»، مشيرة إلى أن الاستثمارات والاستهلاك الخاص يدعمان النمو في القطاع الخاص غير النفطي، ومتوقعةً أن تبقى النفقات الاستثمارية والاستثمارات المحلية لـ«صندوق الاستثمارات العامة» مرتفعة نسبياً خلال السنوات المقبلة.

شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن الولايات المتحدة (رويترز)

وقد وضّحت الوكالة في تقريرها استنادها على هذا التخطيط والالتزام في توقعها لعجز مالي مستقر نسبياً والذي من الممكن أن يصل إلى ما يقرب من 2 - 3 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي.

وسجل الناتج المحلي الإجمالي للمملكة نمواً بمعدل 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام الحالي، مدعوماً بنمو القطاع غير النفطي الذي نما بواقع 4.2 في المائة، وفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية الصادرة الشهر الماضي.

زخم نمو الاقتصاد غير النفطي

وتوقعت «موديز» أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للقطاع الخاص بالسعودية بنسبة تتراوح بين 4 - 5 في المائة في السنوات المقبلة، والتي تعتبر من بين أعلى المعدلات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، معتبرةً أنه دلالة على استمرار التقدم في التنوع الاقتصادي الذي سيقلل ارتباط اقتصاد المملكة بتطورات أسواق النفط.

وكان وزير المالية، محمد الجدعان، قال في منتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار» الشهر الماضي إن القطاع غير النفطي بات يشكل 52 في المائة من الاقتصاد بفضل «رؤية 2030».

وقال وزير الاقتصاد فيصل الإبراهيم إنه «منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 نما اقتصادنا غير النفطي بنسبة 20 في المائة، وشهدنا زيادة بنسبة 70 في المائة في الاستثمار الخاص في القطاعات غير النفطية، ومهد ذلك للانفتاح والمشاركات الكثيرة مع الأعمال والشركات والمستثمرين».

وأشارت «موديز» إلى أن التقدم في التنويع الاقتصادي إلى جانب الإصلاحات المالية السابقة كل ذلك أدى إلى وصول «الاقتصاد والمالية الحكومية في السعودية إلى وضع أقوى يسمح لهما بتحمل صدمة كبيرة في أسعار النفط مقارنة بعام 2015».

وتوقعت «موديز» أن يكون نمو الاستهلاك الخاص «قوياً»، حيث يتضمن تصميم العديد من المشاريع الجارية، بما في ذلك تلك الضخمة «مراحل تسويق من شأنها تعزيز القدرة على جانب العرض في قطاع الخدمات، وخاصة في مجالات الضيافة والترفيه والتسلية وتجارة التجزئة والمطاعم».

وبحسب تقرير «موديز»، تشير النظرة المستقبلية «المستقرة» إلى توازن المخاطر المتعلقة بالتصنيف على المستوى العالي، مشيرة إلى أن «المزيد من التقدم في مشاريع التنويع الكبيرة قد يستقطب القطاع الخاص ويُحفّز تطوير القطاعات غير الهيدروكربونية بوتيرة أسرع مما نفترضه حالياً».

النفط

تفترض «موديز» بلوغ متوسط ​​سعر النفط 75 دولاراً للبرميل في 2025، و70 دولاراً في الفترة 2026 - 2027، بانخفاض عن متوسط ​​يبلغ نحو 82 - 83 دولاراً للبرميل في 2023 - 2024.

وترجح وكالة التصنيف تمكّن السعودية من العودة لزيادة إنتاج النفط تدريجياً بدءاً من 2025، بما يتماشى مع الإعلان الأخير لمنظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفائها «أوبك بلس».

وترى «موديز» أن «التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في المنطقة، والتي لها تأثير محدود على السعودية حتى الآن، لن تتصاعد إلى صراع عسكري واسع النطاق بين إسرائيل وإيران مع آثار جانبية قد تؤثر على قدرة المملكة على تصدير النفط أو إعاقة استثمارات القطاع الخاص التي تدعم زخم التنويع». وأشارت في الوقت نفسه إلى أن الصراع الجيوسياسي المستمر في المنطقة يمثل «خطراً على التطورات الاقتصادية على المدى القريب».

تصنيفات سابقة

تجدر الإشارة إلى أن المملكة حصلت خلال العامين الحالي والماضي على عدد من الترقيات في تصنيفها الائتماني من الوكالات العالمية، والتي تأتي انعكاساً لاستمرار جهـود المملكـة نحـو التحـول الاقتصـادي فـي ظـل الإصلاحـات الهيكليـة المتبعـة، وتبنـّي سياسـات ماليـة تسـاهم فـي المحافظـة علـى الاستدامة الماليـة وتعزز كفـاءة التخطيـط المالي وقوة ومتانة المركز المالي للمملكة. ​

ففي سبتمبر (أيلول)، عدلت «ستاندرد آند بورز» توقعاتها للمملكة العربية السعودية من «مستقرة» إلى «إيجابية» على خلفية توقعات النمو القوي غير النفطي والمرونة الاقتصادية. وقالت إن هذه الخطوة تعكس التوقعات بأن تؤدي الإصلاحات والاستثمارات واسعة النطاق التي تنفذها الحكومة السعودية إلى تعزيز تنمية الاقتصاد غير النفطي مع الحفاظ على استدامة المالية العامة.

وفي فبراير (شباط) الماضي، أكدت وكالة «فيتش» تصنيفها الائتماني للمملكة عند «إيه +» مع نظرة مستقبلية «مستقرة».