الغرب يحذّر إيران من خطورة تصعيدها النووي على مفاوضات فيينا

عقد مجلس الأمن اجتماعاً دورياً أول من أمس لتقييم القرار «2231» الخاص بالاتفاق النووي الإيراني (الأمم المتحدة)
عقد مجلس الأمن اجتماعاً دورياً أول من أمس لتقييم القرار «2231» الخاص بالاتفاق النووي الإيراني (الأمم المتحدة)
TT

الغرب يحذّر إيران من خطورة تصعيدها النووي على مفاوضات فيينا

عقد مجلس الأمن اجتماعاً دورياً أول من أمس لتقييم القرار «2231» الخاص بالاتفاق النووي الإيراني (الأمم المتحدة)
عقد مجلس الأمن اجتماعاً دورياً أول من أمس لتقييم القرار «2231» الخاص بالاتفاق النووي الإيراني (الأمم المتحدة)

في انعكاس مباشر للتجاذبات التي تشهدها فيينا في المحادثات النووية مع إيران، وجهت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا تحذيراً عبر مجلس الأمن في نيويورك إلى إيران بأن «تصعيدها النووي» المتواصل يؤدي إلى «إفراغ فوائد» الاتفاق النووي لعام 2015، في وقت تقترب فيه الدبلوماسية «بسرعة من نهاية الطريق».
وخلال جلسة علنية عقدها، الثلاثاء، حول تنفيذ القرار «2231» الذي صدر عام 2015 على أثر التوصل إلى «خطة العمل الشاملة المشتركة» بين إيران و«مجموعة 5+1» للدول دائمة العضوية في المجلس: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين؛ بالإضافة إلى ألمانيا، شهد مجلس الأمن أول تبادل مباشر للمواقف بين الدول المعنية بالاتفاق حول الخطوات المنشودة لعودة واشنطن وطهران إلى الامتثال التام للاتفاق النووي والقرار «2231» الخاص بلجم البرنامج النووي الإيراني، مقابل رفع العقوبات الأميركية ذات الصلة، والتي فرضت منذ انسحاب إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من الاتفاق عام 2018.
واستهل الاجتماع بكلمة لوكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام، روزماري ديكارلو، التي قالت إن المحادثات الجارية لإعادة العمل بالاتفاق النووي تشير إلى أن هناك حاجة إلى «بذل جهود إضافية وصبر» لاستعادته بالكامل. ورأت أن التعهدات التي أعلنتها واشنطن وطهران أخيراً «تشجع» الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش الذي يدعو البلدين إلى «ترجمة هذه الالتزامات على وجه السرعة إلى اتفاق مقبول للطرفين». وناشدت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن «رفع أو إلغاء العقوبات المفروضة على إيران، على النحو المبين في الخطة، وتمديد الإعفاءات المتعلقة بتجارة النفط مع البلاد». كما دعت طهران إلى «التراجع عن الخطوات التي اتخذتها والتي لا تتفق مع التزاماتها المتعلقة بالمجال النووي بموجب الخطة». وتحدثت عن الإجراءات المنصوص عليها في القرار «2231»؛ منها مخاوف العديد من دول المنطقة لجهة إطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة ومركبات فضائية.
بدورها؛ قالت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، إن بلادها «تواصل اتباع مسار الدبلوماسية لتحقيق عودة متبادلة إلى الامتثال الكامل للاتفاق النووي ومعالجة مجموعة كاملة من مخاوفنا مع إيران». وأكدت: «الاستعداد التام» لرفع العقوبات غير المتوافقة مع التزامات الاتفاق. وأضافت: «نحن مقتنعون بأنه إذا قاربت إيران المحادثات في فيينا بشكل عاجل وحسن النية، فإنه يمكننا أن نتوصل بسرعة إلى تفاهم بشأن العودة المتبادلة، ونطبقه». ونبهت إلى أنه «لم يتبق سوى القليل من الوقت»؛ لأن استمرار تقدم إيران النووي «يؤدي إلى إفراغ فوائد عدم الانتشار التي يمكن تحقيقها».
من جانبه؛ قال ممثل الاتحاد الأوروبي، أولوف سكوغ، إنه «لا بديل عن اتفاق يضمن مراقبة نشاطات إيران النووية»، مشيراً إلى أن «الوقت ينفد أمام التوصل لاتفاق نووي جديد مع إيران».
وتلا المندوب الفرنسي، نيكولا دو ريفيير، بياناً مشتركاً مع نظيرته البريطانية، برباره وادوارد، والألمانية آنتجي ليندرتسي، جاء فيه أن التصعيد النووي الإيراني «يقوض السلم والأمن الدوليين ونظام عدم الانتشار العالمي». وقال: «نعمل بلا كلل وبحسن نية مع جميع الشركاء في فيينا للتوصل إلى اتفاق»، متهماً طهران بأنها «تراجعت عن التسويات التي جرى التوصل إليها بشق الأنفس بعد أسابيع عدة من المفاوضات الصعبة». وقال: «نحن نقترب من النقطة التي يكون فيها تصعيد إيران برنامجها النووي قد أفرغ بالكامل الاتفاق»، محذراً بأن «استمرار إيران في التصعيد النووي يعني أننا نقترب بسرعة من نهاية الطريق».
وعلق المندوب الإيراني الدائم لدى الأمم المتحدة، مجيد تخت روانتشي، عادّاً أن بلاده «امتثلت لالتزاماتها وفعلت أكثر بكثير من نصيبها العادل للحفاظ على (خطة العمل الشاملة المشتركة)». وقال: «حان الوقت الآن للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للوفاء بمسؤولياتهما والعودة إلى الامتثال الكامل»، عادّاً أن «الحل الوحيد هو التزام كل الأطراف بالتنفيذ الكامل والفعال والقابل للتحقق (…) لا أكثر ولا أقل». وطالب بـ«رفع جميع العقوبات»، مشترطاً «ألا تنسحب الولايات المتحدة من الاتفاق مرة أخرى».



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.