تقارب روسي ـ صيني في مواجهة الغرب

شي وبوتين لعقد قمة على هامش «أولمبياد بكين»

صورة وزعتها وكالة شينخوا لمشاركة شي وبوتين في قمة افتراضية أمس (أ.ب)
صورة وزعتها وكالة شينخوا لمشاركة شي وبوتين في قمة افتراضية أمس (أ.ب)
TT

تقارب روسي ـ صيني في مواجهة الغرب

صورة وزعتها وكالة شينخوا لمشاركة شي وبوتين في قمة افتراضية أمس (أ.ب)
صورة وزعتها وكالة شينخوا لمشاركة شي وبوتين في قمة افتراضية أمس (أ.ب)

رسم لقاء الرئيسين الروسي والصيني، عبر الفيديو أمس، خطوط حرب باردة جديدة، مع بلورة بكين وموسكو محورا موحدا في مواجهة توتر علاقتهما مع الغرب.
وتتناقض النبرة الودية السائدة خلال المحادثات بين شي جينبينغ وفلاديمير بوتين، التي بث التلفزيون الروسي جزءا منها، مع سلسلة الانتقادات الغربية لكل من روسيا المتهمة بالتحضير لغزو أوكرانيا، والصين بسبب سياسة القمع التي تنتهجها في هونغ كونغ وشينجيانغ.
وأشاد بوتين بطبيعة العلاقة بين القوتين المرتكزة على أساس «عدم التدخل» و«احترام مصالح كل منهما» و«تصميمهما على تحويل الحدود المشتركة إلى حزام سلام أبدي وعلى حسن الجوار»، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. وقال الرئيس الروسي لـ«صديقه العزيز» شي جينبينغ: «إنني أعتبر هذه العلاقات نموذجاً حقيقياً للتعاون بين الدول في القرن الحادي والعشرين».
أظهرت المكالمة قرب جينبينغ وبوتين، لا سيما بالمقارنة مع المحادثات الأقل ودية التي أجراها الزعيمان الروسي والصيني مع نظيرهما الأميركي جو بايدن في الأسابيع الماضية. ولم تستسغ كل من بكين وموسكو عدم دعوتهما إلى القمة الافتراضية حول الديمقراطية التي نظمها بايدن الأسبوع الماضي، معتبرتين استبعادهما عملية عدائية ضدهما.
وأكد بوتين خلال القمة الافتراضية أنه سيلتقي نظيره الصيني «حضورياً في بكين» في فبراير (شباط)، بمناسبة افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية. ولم يلتق الحليفان بشكل شخصي منذ بداية الوباء. ولفت الرئيس الروسي إلى أنه ونظيره يعارضان «أي محاولة لتسييس الرياضة والأولمبياد».
وسبق أن نددت بكين بقرار أربع دول، هي الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا وكندا، مقاطعة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية دبلوماسيا احتجاجا على تجاوزات حقوق الإنسان في الصين، لا سيما في منطقة شينجيانغ ذات الأغلبية المسلمة (شمال غرب). وترى موسكو في هذه «المقاطعة الدبلوماسية» محاولة لتسييس الألعاب.
من جانبها، تعتبر روسيا نفسها ضحية لسياسة الغرب المعادية للروس في مجال الرياضة. وتعتقد أن خصومها الجيوسياسيين استغلوا فضيحة المنشطات الواسعة التي قوضت مصداقيتها الرياضية لسنوات. وقد غرقت موسكو لسنوات في فضيحة واسعة حول استخدام المنشطات الممنهج، والغش المتكرر، ما أدى في عام 2020 إلى استبعادها لمدة عامين من المنافسات الدولية الكبرى.
ويُسمح للرياضيين الروس الذين لم يثبت تعاطيهم منشطات بالمشاركة في المسابقات تحت علم محايد، وبالتالي سيتمكنون من المشاركة في بكين. فيما يُمنع المسؤولون الروس، وبينهم بوتين، من حضور المسابقات الدولية إلا بدعوة من رئيس الدولة المضيفة.
وتعمل روسيا والصين على تعزيز تحالفهما في مواجهة تدهور العلاقات مع الغرب. كما قام العضوان الدائمان في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بتعزيز علاقاتهما في مجالات الاقتصاد والدفاع والطاقة. في المقابل، وحّدت دول غربية مواقفها تجاه روسيا بسبب مناوراتها العسكرية على الحدود الأوكرانية، ما يثير مخاوف البعض من غزو أوكرانيا. فيما تقول موسكو إنها تشعر بالتهديد من تزايد الوجود العسكري لحلف شمال الأطلسي في أوروبا الشرقية، ولا سيما من دعمه لأوكرانيا.
أما الصين، فتواجه انتقادات من واشنطن وحلفائها بانتظام حول تايوان وسوء معاملة الأقلية المسلمة الأويغور وتقييد الحريات السياسية في إقليم هونغ كونغ.



وكالة استخبارات أوروبية: برنامج سري روسي لتصنيع مسيّرات عسكرية بالصين

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال تفقده مصنعاً للمسيّرات في مدينة سانت بطرسبرغ الأسبوع الماضي (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال تفقده مصنعاً للمسيّرات في مدينة سانت بطرسبرغ الأسبوع الماضي (رويترز)
TT

وكالة استخبارات أوروبية: برنامج سري روسي لتصنيع مسيّرات عسكرية بالصين

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال تفقده مصنعاً للمسيّرات في مدينة سانت بطرسبرغ الأسبوع الماضي (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال تفقده مصنعاً للمسيّرات في مدينة سانت بطرسبرغ الأسبوع الماضي (رويترز)

أفاد مصدران من وكالة استخبارات أوروبية، ووثائق راجعتها وكالة «رويترز»، بأن روسيا وضعت برنامجاً للأسلحة في الصين لتطوير وإنتاج طائرات مسيّرة هجومية بعيدة المدى لاستخدامها في الحرب ضد أوكرانيا.

وتطور شركة «آي إي إم زد كوبول» التابعة لشركة صناعة الأسلحة الروسية المملوكة للدولة «ألماز-أنتي»، وتجري اختبارات الطيران لنموذج جديد لطائرة مسيّرة تسمى «جاربيا-3» (جي3) في الصين بمساعدة متخصصين محليين، وفقاً لإحدى الوثائق، وهي تقرير أرسلته «كوبول» لوزارة الدفاع الروسية في وقت سابق من العام يحدد عملها.

وأبلغت «كوبول» وزارة الدفاع في تحديث لاحق أنها قادرة على إنتاج طائرات مسيّرة، بما في ذلك طائرات «جي 3»، على نطاق واسع في مصنع بالصين ليتسنى نشر الأسلحة في «العملية العسكرية الخاصة» في أوكرانيا، وهو المصطلح الذي تستخدمه موسكو للحرب.

ولم ترد «كوبول» و«ألماز-أنتي» ووزارة الدفاع الروسية على طلبات للتعليق.

وقالت وزارة الخارجية الصينية للوكالة إنها ليست على دراية بمثل هذا المشروع، مضيفة أن البلاد لديها إجراءات رقابة صارمة على تصدير الطائرات المسيّرة.

وقال فابيان هينز، الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، وهو مؤسسة فكرية دفاعية مقرها في لندن، إن تسليم طائرات مسيّرة من الصين إلى روسيا، إذا تأكد، سيكون تطوراً مهماً. وأضاف: «إذا نظرت إلى ما يُعرف أن الصين سلمته حتى الآن، فقد كان في الغالب سلعاً مزدوجة الاستخدام، مكونات ومكونات فرعية يمكن استخدامها في أنظمة الأسلحة. هذا ما وردت تقارير عنه حتى الآن. لكن ما لم نره حقاً، على الأقل بشكل علني، هو عمليات نقل موثقة لأنظمة أسلحة كاملة».

ومع ذلك، قال سامويل بينديت، الزميل البارز المساعد في مركز الأمن الأميركي الجديد، وهو مؤسسة فكرية مقرها واشنطن، إن بكين ستتردد في الانكشاف على العقوبات الدولية بمساعدة آلة الحرب في موسكو، وإن هناك حاجة لمزيد من المعلومات لإثبات أن الصين تستضيف إنتاج طائرات مسيّرة عسكرية روسية.

وعبَّر مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض عن قلقه البالغ إزاء تقرير «رويترز» عن برنامج الطائرات المسيّرة، الذي قال إنه يبدو حالة عن شركة صينية تقدم مساعدات فتاكة لشركة روسية تخضع لعقوبات أميركية.

وقال متحدث إن البيت الأبيض لم ير أي شيء يشير إلى علم الحكومة الصينية بمثل هذه الصفقة، لكن بكين تتحمل مسؤولية ضمان عدم تقديم الشركات مساعدات فتاكة لروسيا لتستخدمها قواتها.

وأوضحت تقارير شركة «كوبول» لوزارة الدفاع الروسية أنه يمكن للطائرة «جي 3» أن تقطع مسافة تقدر بنحو ألفي كيلومتر بحمولة 50 كيلوغراماً. وفُرضت عقوبات أميركية على شركة «كوبول» في ديسمبر (كانون الأول) 2023.

وأفادت التقارير بأنه تم تسليم عينات من الطائرة وبعض نماذج طائرات أخرى مصنوعة في الصين إلى «كوبول» في روسيا لإجراء مزيد من الاختبارات عليها، بمشاركة خبراء صينيين مجدداً.

ولم تكشف الوثائق هويات المتخصصين الصينيين في الطائرات المسيّرة المشاركين في المشروع الذي أوردته، ولم يتسن للوكالة تحديد هوياتهم.

وكشفت وثيقتان منفصلتان راجعتهما «رويترز»، وهما فاتورتان أرسلتهما إلى «كوبول» في الصيف شركة روسية، قال مصدرا المخابرات الأوروبيان إنها تعمل وسيطاً مع الموردين الصينيين، عن أن «كوبول» تسلمت 7 طائرات عسكرية مسيّرة مصنوعة في الصين، بما في ذلك طائرتان «جي 3»، في مقرها الرئيسي بمدينة إيجيفسك الروسية.

ولم تحدد الفاتورتان، التي تطلب إحداهما الدفع باليوان الصيني، تواريخ تسليم، كما لم تحدد الموردين في الصين.

وقال مصدرا الاستخبارات إن تسليم عينة من الطائرات المسيّرة إلى «كوبول» لهو أول دليل ملموس عثرت عليه وكالتهما على تسليم طائرات مسيّرة كاملة مصنعة في الصين إلى روسيا منذ بدء حرب أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وطلبا عدم كشف هويتيهما، ولا وكالتهما؛ بسبب حساسية المعلومات. كما طلبا حجب بعض التفاصيل المتعلقة بالوثائق، بما في ذلك تواريخها الدقيقة.

وعرض المصدران على الوكالة 5 وثائق في المجمل، بينها تقريران من شركة «كوبول» لوزارة الدفاع في النصف الأول من العام والفاتورتان، لدعم ما ذكراه عن وجود مشروع روسي في الصين لتصنيع طائرات مسيّرة لاستخدامها في أوكرانيا. ولم ترد أنباء من قبل عن هذا البرنامج.

ولم تقدم تقارير «كوبول» للوزارة مواقع أكثر دقة للأماكن المتصلة بالمشروع. كما لم يتسن للوكالة تحديد ما إذا كانت وزارة الدفاع قد أعطت الشركة الضوء الأخضر للمضي قدماً في الإنتاج المتسلسل المقترح.

ودأبت بكين على نفي تزويد الصين أو الشركات الصينية لروسيا بأسلحة لاستخدامها في أوكرانيا، قائلة إن البلاد لا تزال محايدة.