«داعش» يدخل تهريب الماشية من سوريا إلى نطاق أنشطته الاقتصادية

صادر بعضها من كبار الملاّك بحجة «الزكاة» و«دعم الدولة»

«داعش» يدخل تهريب الماشية من سوريا إلى نطاق أنشطته الاقتصادية
TT

«داعش» يدخل تهريب الماشية من سوريا إلى نطاق أنشطته الاقتصادية

«داعش» يدخل تهريب الماشية من سوريا إلى نطاق أنشطته الاقتصادية

قال ناشطون سوريون في الرقة ودير الزور لـ«الشرق الأوسط»، إن تنظيم داعش «أدخل قطاع تهريب الماشية عبر الحدود التركية والعراقية، إلى نطاق أنشطته الاقتصادية»، بعد تقويض ضربات التحالف جزءًا كبيرًا من قدراته لتهريب النفط السوري، والاستفادة من بيعه لجمع التمويل، مشيرين إلى أن التنظيم «يجمع الأغنام في نقاط حدودية تمهيدًا لبيعها لاحقًا».
ويقدر الناشطون في مناطق نفوذ «داعش»، تهريب آلاف رؤوس الأغنام منذ الصيف الماضي إلى خارج الحدود السورية على مراحل، قائلين إن أكبر مجموعة أغنام تم تصديرها إلى الخارج «كانت قبيل عيد الأضحى في الخريف الماضي، حيث تم بيع آلاف الأغنام إلى تجار في ليبيا».
وقال ناشط في الرقة رفض الكشف عن اسمه لـ«الشرق الأوسط»، إن الهيئة الشرعية في «داعش»، «أصدرت فتاوى تضع ملكية المواشي العائدة لأشخاص غير تابعين للتنظيم في مناطق نفوذه تحت إمرة التنظيم، وذلك بعد تصنيفها على أنها «مواشي سود»، موضحًا أن هذه التسمية «تطلق على القطعان التي ترعى في مناطق سيطرة التنظيم، وأنها تدخل في نطاق وصايته، وله حق التصرف بها».
وفي دير الزور، قال مصدر إعلامي لـ«الشرق الأوسط»، إن التنظيم عمد إلى مصادرة قطعان المواشي من المربين والتجار قرب حقل التيم النفطي في ريف دير الزور الشرقي بحجة فرض الزكاة، ودعم الدولة، كون القطعان تعود إلى كبار الملاّك الذين يمتلكون أراضي زراعية شاسعة»، مشيرًا إلى أنه أوكل تربيتها إلى فلاحين «يعفيهم من القتال في صفوفه ولا يمتلكون الحق في التصرف بالقطعان».
وتغيب أي إحصاءات عن أرقام المواشي التي تم تهريبها إلى الخارج، وسط تقديرات بأنها «بالآلاف». وقال الناشط في الرقة إن الأغنام «تُجمع في مناطق قريبة من الحدود التركية أو العراقية، قبل تهريبها»، مشيرًا إلى أن عائدات تلك التجارة «تعود إلى خزانة المال في كل ولاية، ولا تعود لأمراء التنظيم أو قيادييه، منعًا لنشوب حوادث اقتتال داخلي، على غرار ما جرى في العراق قبل فترة». وتلتقي تلك المعلومات مع تقرير نشره «مكتب أخبار سوريا» قبل فترة، أكد فيه أن مهنة تهريب المواشي عبر الحدود «نشطت بطريقة كبيرة»، حيث «يتقاضى المهرب ما قدره مائة دولار لقاء تهريب 50 رأسًا من الأغنام أو 30 رأسًا من الأبقار، من ريف تل أبيض إلى داخل الأراضي التركية»، مشيرًا إلى أن هذه المهنة تحولت إلى عمل امتهنه كثير من السكان مع انتشار البطالة في قراهم وبلداتهم، وباتت مصدر الرزق الوحيد للبعض.
وقال ناشط في الرقة إن قطاع تربية المواشي في سوريا «تدهور وضعه بشكل كبير مع انطلاق الأزمة في سوريا وتفاقم الوضع سوءًا بعد دخول (داعش)، نظرًا لغياب الرعاية البيطرية، وارتفاع أسعار الأعلاف».
وانعكس هذا الواقع على أسعار الماشية التي ارتفعت بشكل جنوني، مما حفز أنشطة تهريبها، فضلاً عن أن فوضى السلاح أوجدت مجموعات من اللصوص مختصة بسرقة الأبقار والأغنام تعمل تحت حماية مسلحين من التنظيم في مواقع نفوذه.
ويعدّ تهريب المواشي، من القطاعات التقليدية التي يمارسها سكان الأرياف السورية، نظرًا إلى ارتفاع أسعار المواشي خارج البلاد، مقارنة بأسعارها داخلها.
وكما في مناطق نفوذ «داعش»، كذلك في مناطق نفوذ المعارضة، اتخذت الفصائل في شمال حمص، تدابير لمنع تهريب المواشي إلى مناطق نفوذ النظام، نظرًا لارتفاع أسعارها خارج هذه المناطق المحاصرة من قبل قوات النظام منذ أكثر من عامين.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.