إحالة 300 ضابط على التقاعد ضمن خطة إعادة هيكلة الجيش العراقي

قيادي في ائتلاف المالكي: قرار العبادي تزامن مع انكسارات عسكرية جديدة

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يتحدث للصحافيين قبيل مغادرته إلى واشنطن أمس (أ.ب)
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يتحدث للصحافيين قبيل مغادرته إلى واشنطن أمس (أ.ب)
TT

إحالة 300 ضابط على التقاعد ضمن خطة إعادة هيكلة الجيش العراقي

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يتحدث للصحافيين قبيل مغادرته إلى واشنطن أمس (أ.ب)
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يتحدث للصحافيين قبيل مغادرته إلى واشنطن أمس (أ.ب)

في أكبر عملية تغيير تطال المؤسسة العسكرية منذ تشكيل الحكومة الحالية وتعيين وزير للدفاع، أحال رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي نحو 300 ضابط برتب مختلفة في وزارة الدفاع على التقاعد.
وقال بيان لرئاسة الوزراء أمس إن القرار يأتي «ضمن خطة إعادة هيكلة الجيش العراقي وجعله أكثر فاعلية وكفاءة في مواجهة المخاطر التي تواجه العراق ولحماية أمنه الوطني».
ويجيء قرار العبادي بشأن الدفاع بعد قرار مماثل بحق أكثر من 26 مسؤولا كبيرا في وزارة الداخلية في شهر يناير (كانون الثاني) عام 2015.
وفي هذا السياق أبلغ ضابط عراقي جرت ترقيته إلى رتبة أعلى «الشرق الأوسط» بأنه «لولا إحالة هؤلاء الضباط الذين هم من رتب مختلفة قد تصل إلى رتبة الفريق لما تمكن هو وعدد كبير آخر من الضباط من الحصول على ترقية كانوا يستحقونها منذ مدة، بالإضافة إلى إمكانية تبوئهم مواقع جديدة بقيت لفترة طويلة خلال فترة الوزارة السابقة حكرا على مجموعة معينة من الضباط والمسؤولين». وأضاف أن «عملية التغييرات هذه كانت على حد علمنا الشغل الشاغل لوزير الدفاع الجديد خالد العبيدي في محاولة لإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية وضخ دماء جديدة في جسم الوزارة ودوائرها المختلفة والقضاء، أو لنقل الآن، الحد من عمليات الفساد المالي والإداري التي نخرت في جسم المؤسسة العسكرية».
وردا على سؤال عما إذا كان من بين المحالين على التقاعد قادة فرق عسكرية أو أمراء ألوية وغيرهم قال الضابط العراقي «العبادي أجرى تغييرات قبل أيام على صعيد مناقلات بين كبار القادة الميدانيين وتعيين قادة جدد هم الآن في طور التسلم والتسليم لمهامهم الجديدة وبالتالي فإن المحالين على التقاعد هم في الغالبية من أمضى فترة طويلة في أماكن ومواقع لم تتح المجال لسواهم في العمل والاستمرار فيها، الأمر الذي أدى إلى ترهل واضح في المؤسسة العسكرية».
من جهته، أكد القيادي في ائتلاف دولة القانون سعد المطلبي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «على الرغم من عدم إطلاعنا على تفاصيل إحالة هذا العدد الكبير من الضباط في الجيش إلى التقاعد لكن في الواقع هناك أسئلة كثيرة تطرح نفسها في هذا السياق»، مشيرا إلى أن «هذه التغييرات التي صدرت عن العبادي إنما يقف خلفها وزير الدفاع خالد العبيدي لكن مع ذلك فإن من بين الأسئلة التي تبدو واجبة الطرح: هل هؤلاء كانوا فائضين عن حاجة المؤسسة العسكرية؟ وأين كانوا يعملون وفي أي المواقع؟ وبناء على أي الأسس تمت الإحالة على التقاعد؟ لأن القول بإعادة الهيكلة وحدها لا يكفي». وأوضح المطلبي أن «هذا الوضع كله وبالتزامن مع الانكسار الذي حصل في الجيش في الأنبار في أول مواجهة حقيقية مع تنظيم داعش يعيد السؤال الكبير نفسه: ما هو دور الجيش إذن؟ وإلى أي حد هو بحاجة إلى إعادة تنظيم؟ لا سيما أن ما تحقق من انتصارات في الكثير من الأماكن والمواقع وآخرها صلاح الدين إنما تمت على يد الحشد االشعبي وليس الجيش».
وكان وزير الدفاع العراقي، القيادي في تحالف القوى العراقية عن محافظة نينوى، قد تعرض إلى حملة من قبل أطراف سياسية وبرلمانية لجهة كونه أقال عددا كبيرا من الضباط والطيارين الشيعة أو أنه يخطط لانقلاب عسكري وهو ما حمله على التهديد برفع دعاوى قضائية ضد مثل هذه الاتهامات. وقال العبيدي في تصريحات له إن «هناك عددا من السياسيين اتهموني بالطائفية وتصفية وزارة الدفاع من المكون الشيعي». وطالب العبيدي تلك الشخصيات بإثبات دعاواها بالتطهير الطائفي في وزارة الدفاع.
وكان العبيدي قد نفى خلال فبراير (شباط) الماضي أن يكون قد قام بفصل أي من الضباط الطيارين من الخدمة العسكرية، مؤكدا أن ما حصل كان مجرد تغييرات عسكرية في سياق إعادة الهيكلة. وقال إن «8 طيارين و15 ضابطا أحيلوا على التقاعد بأمر من نوري المالكي في فترة الحكومة الماضية بينهم من لم يتجاوز سن التقاعد»، مبينا أن «الوزارة وعدت بإرجاع هؤلاء لعدم إكمال المدة القانونية». وكشف أن «الترهل في الوزارة بلغ حدودا غير مقبولة، حيث إن هناك 112 ضابطا برتبة فريق و1900 برتبة عميد، أي أكثر مما هو موجود في الجيش الأميركي».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.