الاقتصاد السعودي يصعد لأعلى معدل ربعي منذ عقد

«المركزي» يكشف عن نمو الأصول الاحتياطية ويؤكد الملاءة المالية والنقدية

الناتج المحلي الإجمالي السعودي يواصل النمو ويحقق مؤشرات تعافٍ قوية (الشرق الأوسط)
الناتج المحلي الإجمالي السعودي يواصل النمو ويحقق مؤشرات تعافٍ قوية (الشرق الأوسط)
TT

الاقتصاد السعودي يصعد لأعلى معدل ربعي منذ عقد

الناتج المحلي الإجمالي السعودي يواصل النمو ويحقق مؤشرات تعافٍ قوية (الشرق الأوسط)
الناتج المحلي الإجمالي السعودي يواصل النمو ويحقق مؤشرات تعافٍ قوية (الشرق الأوسط)

في مؤشر جديد يكشف مدى انعتاق الاقتصاد السعودي من تداعيات جائحة «كورونا المستجد»، كشفت الهيئة العامة للإحصاء السعودية، أمس، أن الناتج المحلي الإجمالي للسعودية بالأسعار الثابتة ارتفع بنسبة 7 في المائة خلال الربع الثالث من العام الحالي مقابل ذات الفترة من عام 2020، مسجلاً أعلى معدل نمو منذ العام 2012، أي منذ نحو عقد.
وبحسب «هيئة الإحصاء»، سجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نمواً بلغ 5.7 في المائة بالمقارنة مع الربع الثاني من عام 2021. مشيرة إلى أن النمو الاقتصادي يعود بالأساس إلى الارتفاع الذي حققته الأنشطة النفطية، والذي بلغ 9.3 في المائة على أساس سنوي و12.7 في المائة على أساس ربعي.
وأفادت الهيئة أن النمو في الأنشطة غير النفطية بلغ 6.3 في المائة على أساس سنوي و2.6 في المائة على أساس ربعي، موضحة أن الأنشطة الحكومية سجلت ارتفاعاً بنسبة 2.7 في المائة على أساس سنوي و1.1 بالمقارنة الربعية.
ولفتت «هيئة الإحصاء» السعودية إلى أن الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة بلغ 665.2 مليار ريال (177.3 مليار دولار) خلال الربع الثالث الماضي، مقارنة بـ621.9 مليار ريال (165.8 مليار دولار) خلال الفترة ذاتها من عام 2020.
وكانت الهيئة العامة للإحصاء قد أفصحت في أغسطس (آب) الماضي ضمن التقديرات السريعة للناتج المحلي الإجمالي للسعودية بالأسعار الثابتة، عن ارتفاعه بنسبة 6.8 في المائة للربع الثالث العام الحالي، مقارنة بذات الفترة من العام المنصرم.
من جانبه، قال محافظ البنك المركزي السعودي الدكتور فهد المبارك إن الميزانية ركّزت على تعزيز العودة لمسار التعافي الاقتصادي، ومواجهة التحديات؛ لتحفيز النمو الاقتصادي، وتمكين القطاع الخاص، مؤكداً استمرار البنك المركزي السعودي في تحقيق المهام المنوطة به، على نحوٍ ينسجم مع متطلبات الاقتصاد الوطني ورؤيــة المملكــة 2030، ومستنداً فــي أعماله إلى رؤية واضحة لواقع القطاع المالي، ومستقبله في المملكة، ودوره المأمول في تعزيز الاقتصاد.
وقال المبارك، في بيان، صدر أمس، إنه «رغم الظروف الاستثنائية التي مرت بها المملكة كبقية دول العالم؛ بسبب جائحة فيروس كورونا، فإن الاقتصاد السعودي أثبت قدرة عالية على تحمل الصدمات، مرجعاً السبب إلى مجموعة من العوامل، أهمها الاستجابة السريعة من الحكومة والبنك المركزي والجهات الأخرى، من خلال الحزم التحفيزية، والقرارات التي اتُخذت؛ للمحافظة على المكتسبات الاقتصادية لمواجهة تبعات الجائحة».
وأكّد الدكتور المبارك أن الأوضاع النقدية في المملكة مطمئنة، وذلك نتيجة للسياسة النقدية الحصيفة، كما أن القطاع المصرفي يتمتع بملاءة مالية، وكفاءة تشغيلية، وسيولة جيدة، وقدرة على مواجهة التحديات الراهنة، مبيناً أن مؤشرات السلامة المالية في القطاع المصرفي تشير إلى أن القطاع يـسجّل مؤشرات أداء جيدة، ما يُعزز قدرته على مــواجهة التحديات والأزمات.
ولفت إلى أن البنك المركزي سيقدم الدعم اللازم للاستقرار النقدي والمالي بشكل فوري إن دعت الحاجة إلى ذلك عبر الأدوات المتاحة لديه، وفق نظام عمل السياسة النقدية، وإدارة السيولة المحلية.
وبشأن استمرارية الأعمال في القطاعات التي يشرف عليها البنك المركزي السعودي، والعودة لمسارها الطبيعي؛ بيّن المبارك أنه تم اتخاذ عدد من الإجراءات؛ لضمان الحد من تأثر القطاعات من تداعيات أو مخاطر قد تؤثر في استقرارها المالي، مفيداً أن البنك المركزي مستمر في تطوير هيكلة قطاع التأمين من خلال تعزيز متانة المراكز المالية للشركات، التي أحد ممكناتها عمليات الاندماج والاستحواذ.
وبيّن المبارك أن قطاع شركات التمويل حقق مؤشرات نمو إيجابية؛ حيث بلغ عدد الشركات المرخصة بنهاية الربع الثالث من عام 2021 ما مجموعه 44 شركة، مفيداً أن قطاع المدفوعات الإلكترونية والتحول الرقمي في المدفوعات؛ شهد ارتفاعاً في عدد الكيانات المرخصة الجديدة من المنشآت المتوسطة والصغيرة، التي من شأنها دعم الاقتصاد المحلي، والإسهام في التحول الرقمي للمدفوعات، مبيناً أنه تم الترخيص خلال العام الحالي لـ3 شركات تقنية مالية جديدة في مجال المدفوعات الإلكترونية، والترخيص لبنكين رقميين.
وفيما يتعلق بإدارة الأصول الأجنبية للبنك المركزي السعودي؛ أشار المبارك إلى أن البنك المركزي واصل نهجه المبني على سياسات استثمارية متزنة، واستخدام أحدث التقنيات، وتبني أفضل الممارسات الدولية في مجال إدارة الأصول وقياس الأداء والمخاطر؛ ما كان له الأثر في تعزيز المركز المالي للبنك، وشهدت الأصول الاحتياطية لدى البنك المركزي نمواً شهرياً بنسبة 3 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2021 لتبلغ نحو 1.7 تريليون ريال (453.3 مليار دولار).



 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
TT

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

رفعت وكالة التصنيفات الائتمانية «موديز» تصنيفها للسعودية بالعملتين المحلية والأجنبية عند «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1» مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، وذلك نظراً لتقدم المملكة المستمر في التنويع الاقتصادي والنمو المتصاعد لقطاعها غير النفطي.

هذا التصنيف الذي يعني أن الدولة ذات جودة عالية ومخاطر ائتمانية منخفضة للغاية، هو رابع أعلى تصنيف لـ«موديز»، ويتجاوز تصنيفات وكالتي «فيتش» و«ستاندرد آند بورز».

وقالت «موديز» في تقريرها إن رفعها لتصنيف المملكة الائتماني، مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، يأتي نتيجة لتقدمها المستمر في التنوع الاقتصادي، والنمو المتصاعد للقطاع غير النفطي في المملكة، والذي، مع مرور الوقت، سيقلل ارتباط تطورات سوق النفط باقتصادها وماليتها العامة.

ترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته

وأشادت «موديز» بالتخطيط المالي الذي اتخذته الحكومة السعودية في إطار الحيّز المالي، والتزامها بترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته، بالإضافة إلى الجهود المستمرة التي تبذلها ومواصلتها استثمار المـوارد الماليـة المتاحـة لتنويـع القاعـدة الاقتصاديـة عـن طريـق الإنفـاق التحولي؛ مما يدعم التنمية المستدامة للاقتصاد غير النفطي في المملكة، والحفاظ على مركز مالي قوي.

وقالت «موديز» إن عملية «إعادة معايرة وإعادة ترتيب أولويات مشاريع التنويع -التي ستتم مراجعتها بشكل دوري- ستوفر بيئة أكثر ملاءمة للتنمية المستدامة للاقتصاد غير الهيدروكربوني في المملكة، وتساعد في الحفاظ على القوة النسبية لموازنة الدولة»، مشيرة إلى أن الاستثمارات والاستهلاك الخاص يدعمان النمو في القطاع الخاص غير النفطي، ومتوقعةً أن تبقى النفقات الاستثمارية والاستثمارات المحلية لـ«صندوق الاستثمارات العامة» مرتفعة نسبياً خلال السنوات المقبلة.

شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن الولايات المتحدة (رويترز)

وقد وضّحت الوكالة في تقريرها استنادها على هذا التخطيط والالتزام في توقعها لعجز مالي مستقر نسبياً والذي من الممكن أن يصل إلى ما يقرب من 2 - 3 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي.

وسجل الناتج المحلي الإجمالي للمملكة نمواً بمعدل 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام الحالي، مدعوماً بنمو القطاع غير النفطي الذي نما بواقع 4.2 في المائة، وفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية الصادرة الشهر الماضي.

زخم نمو الاقتصاد غير النفطي

وتوقعت «موديز» أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للقطاع الخاص بالسعودية بنسبة تتراوح بين 4 - 5 في المائة في السنوات المقبلة، والتي تعتبر من بين أعلى المعدلات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، معتبرةً أنه دلالة على استمرار التقدم في التنوع الاقتصادي الذي سيقلل ارتباط اقتصاد المملكة بتطورات أسواق النفط.

وكان وزير المالية، محمد الجدعان، قال في منتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار» الشهر الماضي إن القطاع غير النفطي بات يشكل 52 في المائة من الاقتصاد بفضل «رؤية 2030».

وقال وزير الاقتصاد فيصل الإبراهيم إنه «منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 نما اقتصادنا غير النفطي بنسبة 20 في المائة، وشهدنا زيادة بنسبة 70 في المائة في الاستثمار الخاص في القطاعات غير النفطية، ومهد ذلك للانفتاح والمشاركات الكثيرة مع الأعمال والشركات والمستثمرين».

وأشارت «موديز» إلى أن التقدم في التنويع الاقتصادي إلى جانب الإصلاحات المالية السابقة كل ذلك أدى إلى وصول «الاقتصاد والمالية الحكومية في السعودية إلى وضع أقوى يسمح لهما بتحمل صدمة كبيرة في أسعار النفط مقارنة بعام 2015».

وتوقعت «موديز» أن يكون نمو الاستهلاك الخاص «قوياً»، حيث يتضمن تصميم العديد من المشاريع الجارية، بما في ذلك تلك الضخمة «مراحل تسويق من شأنها تعزيز القدرة على جانب العرض في قطاع الخدمات، وخاصة في مجالات الضيافة والترفيه والتسلية وتجارة التجزئة والمطاعم».

وبحسب تقرير «موديز»، تشير النظرة المستقبلية «المستقرة» إلى توازن المخاطر المتعلقة بالتصنيف على المستوى العالي، مشيرة إلى أن «المزيد من التقدم في مشاريع التنويع الكبيرة قد يستقطب القطاع الخاص ويُحفّز تطوير القطاعات غير الهيدروكربونية بوتيرة أسرع مما نفترضه حالياً».

النفط

تفترض «موديز» بلوغ متوسط ​​سعر النفط 75 دولاراً للبرميل في 2025، و70 دولاراً في الفترة 2026 - 2027، بانخفاض عن متوسط ​​يبلغ نحو 82 - 83 دولاراً للبرميل في 2023 - 2024.

وترجح وكالة التصنيف تمكّن السعودية من العودة لزيادة إنتاج النفط تدريجياً بدءاً من 2025، بما يتماشى مع الإعلان الأخير لمنظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفائها «أوبك بلس».

وترى «موديز» أن «التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في المنطقة، والتي لها تأثير محدود على السعودية حتى الآن، لن تتصاعد إلى صراع عسكري واسع النطاق بين إسرائيل وإيران مع آثار جانبية قد تؤثر على قدرة المملكة على تصدير النفط أو إعاقة استثمارات القطاع الخاص التي تدعم زخم التنويع». وأشارت في الوقت نفسه إلى أن الصراع الجيوسياسي المستمر في المنطقة يمثل «خطراً على التطورات الاقتصادية على المدى القريب».

تصنيفات سابقة

تجدر الإشارة إلى أن المملكة حصلت خلال العامين الحالي والماضي على عدد من الترقيات في تصنيفها الائتماني من الوكالات العالمية، والتي تأتي انعكاساً لاستمرار جهـود المملكـة نحـو التحـول الاقتصـادي فـي ظـل الإصلاحـات الهيكليـة المتبعـة، وتبنـّي سياسـات ماليـة تسـاهم فـي المحافظـة علـى الاستدامة الماليـة وتعزز كفـاءة التخطيـط المالي وقوة ومتانة المركز المالي للمملكة. ​

ففي سبتمبر (أيلول)، عدلت «ستاندرد آند بورز» توقعاتها للمملكة العربية السعودية من «مستقرة» إلى «إيجابية» على خلفية توقعات النمو القوي غير النفطي والمرونة الاقتصادية. وقالت إن هذه الخطوة تعكس التوقعات بأن تؤدي الإصلاحات والاستثمارات واسعة النطاق التي تنفذها الحكومة السعودية إلى تعزيز تنمية الاقتصاد غير النفطي مع الحفاظ على استدامة المالية العامة.

وفي فبراير (شباط) الماضي، أكدت وكالة «فيتش» تصنيفها الائتماني للمملكة عند «إيه +» مع نظرة مستقبلية «مستقرة».