مبعوث الأمم المتحدة يدعو السودان إلى إنشاء «جيش موحّد»

احتجاجات حاشدة تطالب بعودة الحكم المدني... وعشرات الإصابات قرب القصر

جانب من الاحتجاجات المطالبة بالحكم المدني في مدينة أم درمان أمس (أ.ف.ب)
جانب من الاحتجاجات المطالبة بالحكم المدني في مدينة أم درمان أمس (أ.ف.ب)
TT

مبعوث الأمم المتحدة يدعو السودان إلى إنشاء «جيش موحّد»

جانب من الاحتجاجات المطالبة بالحكم المدني في مدينة أم درمان أمس (أ.ف.ب)
جانب من الاحتجاجات المطالبة بالحكم المدني في مدينة أم درمان أمس (أ.ف.ب)

أكد رئيس بعثة الأمم المتحدة للسودان، فولكر بيرتس، أن لا خيار أمام السودان إلا إنشاء جيش وطني موحد تحت قيادة سياسية مدنية. وكشف المبعوث الأممي عن عرض تقدمت به الأمم المتحدة للمؤسسات العسكرية في الخرطوم وشركاء السلام، لمساعدتها في توحيد وإصلاح القوات المسلحة السودانية والمؤسسات الأمنية الأخرى.
وذكر موقع «روسيا اليوم» أن بيرتس قال خلال لقاء جمعه مع منظمة «أسر شهداء ديسمبر»، أن وجود أكثر من جيش في البلاد يهدد استقرارها، قبل أن يعود ويعترف بحساسية تناول تلك القضية باعتبارها تمس السيادة الوطنية، مؤكداً أن لا مصلحة للمجتمع الدولي في إضعاف القوات المسلحة السودانية.
وكانت البعثة الأممية في السودان قد رحبت بالاتفاق السياسي الذي وقعه قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك في 21 نوفمبر (تشرين الثاني)، للتوصل إلى توافق حول حلّ الأزمة الدستورية والسياسية التي تهدّد استقرار البلاد.
- «الجيش للثكنات»
في غضون ذلك، خرج أمس، آلاف من السودانيين للتظاهر في العاصمة الخرطوم وعدد من المدن الأخرى، للمطالبة بحكم مدني، فيما أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين بالقرب من القصر الرئاسي في وسط العاصمة وفي مدينة أم درمان. وأصيب عشرات المحتجين السلميين في محيط القصر، حيث دارت معارك كر وفر بين عشرات الآلاف وقوات الشرطة والأجهزة الأمنية التي استخدمت الغاز المسيل للدموع بكثافة.
كما شهدت مدينة أم درمان، إحدى المدن الثلاث للعاصمة، مواكب حاشدة، تنفيذاً لبرامج الاحتجاجات للمطالبة بعودة الحكم المدني، التي حددتها «لجان المقاومة» في العاصمة وفي عدد من مدن البلاد الأخرى. وفي تنويع لمواقع التجمعات، التحم محتجون قادمون من مدينة الخرطوم بحري عبر جسر «شمبات»، ومحتجو مدينة أم درمان الذين تجمع مئات الآلاف منهم عند شارع «الزعيم الأزهري» الممتد بين المدينتين عبر الجسر. من جانبه، أكد «تجمع المهنيين السودانيين» في بيان حصلت «الشرق الأوسط» عليه، عدم توقف المواكب والاحتجاجات وكل أشكال المقاومة السلمية، واستمرارها حتى «إسقاط حكم العسكر والميليشيات، وتقديم الانقلابيين للعدالة في محاكم خاصة، وانتزاع السلطة الوطنية المدنية الانتقالية الكاملة، وتحقيق أهداف ثورة ديسمبر (كانون الأول) المجيدة».
وشاهدت «الشرق الأوسط» حشوداً تقدر بمئات الآلاف على امتداد الطريق وعدد من الطرق الفرعية، مرددين شعارات تطالب العسكريين بالعودة للثكنات، منها: «ما في ميليشيا تحكم دولة... يا برهان ثكناتك أولى»، و«الشعب أقوى والردة مستحيلة»، و«الثورة ثورة شعب والسلطة سلطة شعب». وقال محتجون تحدثوا للصحيفة من أمام المنصة الخطابية التي نصبت في ميدان «الزعيم الأزهري»، إن مواكب اليوم هي مجرد «إعداد للمواكب المقررة في 19 ديسمبر الجاري»، الذي يصادف الذكري الثالثة للثورة الشعبية التي أطاحت بحكم الإسلاميين بقيادة الرئيس المعزول عمر البشير، واستمرت أربعة أشهر حتى سقوط نظامه في 11 أبريل (نيسان) 2019.
- الذكرى الثالثة للثورة
وفي الخرطوم، شارك عشرات الآلاف في مواكب احتجاجية مقبلة من أحياء المدينة المختلفة قاصدة القصر الرئاسي، تصدت لها القوات الأمنية والشرطة بعنف لافت، مستخدمة الغاز المسيل للدموع بإفراط، بحيث تحول محيط القصر الرئاسي إلى ما يشبه أرض معركة حقيقية بين المحتجين والقوات الأمنية التي تحاول الحيلولة بينهم والوصول إلى القصر الرئاسي. وسد المحتجون الطرقات المحيطة بالمكان مستخدمين المتاريس والحجارة وأشلاء الأشجار وأعمدة الكهرباء، لمنع آليات الأجهزة الأمنية من ملاحقتهم، فيما استمرت العمليات التي انطلقت تقريباً منذ منتصف نهار أمس، حتى الساعات الأولى من الليل. وقال أحمد خليفة، أحد المحتجين، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مواكب اليوم (أمس) مجرد تمرين للمواكب التي يجري الإعداد لها الأحد المقبل، في الذكرى الثالثة لانطلاقة الثورة».
وشاهد مراسل الصحيفة أفراداً من الشرطة والأجهزة الأمنية، بما في ذلك «أصحاب البيريهات الحمراء»، وهم يطاردون الثوار في وسط الخرطوم، وهم «يرتدون لامات الحرب»، مستخدمين قاذفات الغاز بتوجيهها مباشرة إلى أجساد المحتجين. وقال الناشط في المجال الصحي ومؤسس مبادرة «شارع الحوادث»، ناظم سراج، في تغريدة على «تويتر»: «إن عبوات الغاز المسيل للدموع أحدثت ما لا يقل عن 50 إصابة بين المحتجين». ووصف الناشط السياسي، الجودة بشارة، احتجاجات أمس، بقوله: «إن حشوداً بشرية صنعت مشهداً بصرياً يشبه كميونة باريس وخطابات رزوا لوكمسبرغ وجمال عبد الناصر». كما قال المتظاهر أيمن للصحيفة: «موكب أم درمان وحده أكبر من موكب اعتصام القيادة الذي أسقط نظام البشير، فلماذا لا يكمل الجيش انحيازه للشعب ويعود لثكناته».
- المدن المختلفة
ولم تقتصر المواكب، كما هي العادة، على العاصمة بمدنها الثلاث، بل انتشرت مواكب احتجاجية عدة في معظم مدن السودان، منها: الأبيض، ومدني، وعطبرة، وبورتسودان، وكسلا، والقضارف، ونيالا، والفاشر، وغيرها، فيما أعلن أن مواكب راجلة ينتظر أن تقطع المسافات الطويلة بين عطبرة والخرطوم والأبيض ومدني، للمشاركة في الموكب الذي ينتظر أن يكون أحد أعظم وأكبر مواكب الثورة السودانية، يوم الأحد المقبل. وسعى المحتجون لإظهار تمسكهم بسلمية الثورة السودانية وشعاراتها، فتماسكوا بالأيدي مشكلين طوقاً حول أحد مراكز الشرطة في أم درمان لحمايته والحيلولة دون الاعتداء عليه، لمنع من يحاولون الانحراف عن السلمية. وقال أحد حراس مركز الشرطة من الثوار: «لا نريد الاعتداء على أي مؤسسة، ونواجه الشائعات التي تطلقها الشرطة بأن المحتجين يعتدون على رجال الشرطة ومراكزها».
وعلى أيام نظام الإسلاميين، كانت أجهزة الأمن تدفع بعدد من المتفلتين التابعين لها للاعتداء على المنشآت العامة والتخريب، ثم اتهام المحتجين بأنهم هم من فعلوا ذلك، لكي تبرر استخدام العنف المفرط والقوة المميتة ضدهم تحت زعم أنهم غير سلميين. لكن سقوط النظام كشف الحيلة التي لم يقدم بسببها أحد للمحاكمة. والاثنين الماضي، أحرقت مجموعة مجهولة أحد مراكز الشرطة في مدينة الخرطوم بحري، فسارعت الأجهزة الشرطية لاتهام المتظاهرين بالقيام بالفعل، وألقت القبض على بعضهم من منازلهم، ما أعاد إلى الأذهان ادعاء مدير عام الشرطة السابق بأن قواته لم تقتل المحتجين، وأن حالة وفاة واحدة حدثت بسبب سقوط عامل بناء من «السقالة»، وهو ما أدى إلى إقالته من منصبه بعد عودة حمدوك إلى رئاسة الحكومة.
لكن «لجنة أطباء السودان» أكدت مقتل 43 محتجاً، معظمهم بالرصاص في الاحتجاجات التي اندلعت عقب تولى الجيش السلطة في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وقال أحد النشطاء ساخراً: «هذا سيناريو أكاذيب قديم، سنه مدير جهاز الأمن السابق صلاح قوش، حين قال إنه فتاة من بين المحتجين أخرجت مسدساً من حقيبتها وأطلقت الرصاص على الطبيب بابكر عبد الحميد فأردته قتيلاً، ثم أعادت المسدس للحقيبة، وقال إنهم سيقدمونها للمحاكمة».



«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
TT

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)

رحبت حركة «حماس»، اليوم (الخميس)، بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، معتبرة أنه خطوة «تاريخية مهمة».

وقالت الحركة في بيان إنها «خطوة ... تشكل سابقة تاريخيّة مهمة، وتصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا»، من دون الإشارة إلى مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بحق محمد الضيف، قائد الجناح المسلح لـ«حماس».

ودعت الحركة في بيان «محكمة الجنايات الدولية إلى توسيع دائرة استهدافها بالمحاسبة، لكل قادة الاحتلال».

وعدّت «حماس» القرار «سابقة تاريخية مهمة»، وقالت إن هذه الخطوة تمثل «تصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا، وحالة التغاضي المريب عن انتهاكات بشعة يتعرض لها طيلة 46 عاماً من الاحتلال».

كما حثت الحركة الفلسطينية كل دول العالم على التعاون مع المحكمة الجنائية في جلب نتنياهو وغالانت، «والعمل فوراً لوقف جرائم الإبادة بحق المدنيين العزل في قطاع غزة».

وفي وقت سابق اليوم، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت؛ لتورطهما في «جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب»، منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقال القيادي بحركة «حماس»، عزت الرشق، لوكالة «رويترز» للأنباء، إن أمر الجنائية الدولية يصب في المصلحة الفلسطينية.

وعدّ أن أمر «الجنائية الدولية» باعتقال نتنياهو وغالانت يكشف عن «أن العدالة الدولية معنا، وأنها ضد الكيان الصهيوني».

من الجانب الإسرائيلي، قال رئيس الوزراء السابق، نفتالي بينيت، إن قرار المحكمة بإصدار أمري اعتقال بحق نتنياهو وغالانت «وصمة عار» للمحكمة. وندد زعيم المعارضة في إسرائيل، يائير لابيد، أيضاً بخطوة المحكمة، ووصفها بأنها «مكافأة للإرهاب».

ونفى المسؤولان الإسرائيليان الاتهامات بارتكاب جرائم حرب. ولا تمتلك المحكمة قوة شرطة خاصة بها لتنفيذ أوامر الاعتقال، وتعتمد في ذلك على الدول الأعضاء بها.