الفصائل الفلسطينية في غزة لتدريبات عسكرية كبيرة

مخاوف من تصعيد محتمل

المسيرة المركزيّة في غزّة أمس بمُناسبة الذكرى 54 لانطلاقة الجبهة الشعبيّة (إ.ب)
المسيرة المركزيّة في غزّة أمس بمُناسبة الذكرى 54 لانطلاقة الجبهة الشعبيّة (إ.ب)
TT

الفصائل الفلسطينية في غزة لتدريبات عسكرية كبيرة

المسيرة المركزيّة في غزّة أمس بمُناسبة الذكرى 54 لانطلاقة الجبهة الشعبيّة (إ.ب)
المسيرة المركزيّة في غزّة أمس بمُناسبة الذكرى 54 لانطلاقة الجبهة الشعبيّة (إ.ب)

قال محمد أبو عسكر القيادي في حركة «حماس»، إن المقاومة ستجري مناورات كبرى بعد أيام قليلة، يُجهز لها بمشاركة كل الفصائل، «بهدف إيصال رسالة إلى الاحتلال بأن المقاومة جاهزة للتصدي لأي عدوان، في حال فكر في ارتكاب أي حماقة جديدة في قطاع غزة».
وأضاف أبو عسكر في حديث لإذاعة الأقصى التابعة لـ«حماس»: «إن المناورة الكبرى يُعد لها من الآن لكي تكون مناورة قوية، تُوصل الأجنحة العسكرية من خلالها رسائلها إلى الاحتلال، كما أنها تشتمل على كثير من الفقرات». وذكر أنه ستكون هناك مناورتان صغيرتان في الحجم ستنفرد بهما كتائب القسام - الجناح العسكري لحركة «حماس»؛ الأولى شمال قطاع غزة والثانية جنوباً.
وتأتي التدريبات في غزة، على وقع توتر متعلق بعرقلة إسرائيل تقدماً جوهرياً في ملف إعادة إعمار القطاع. والأسبوع الماضي، هددت «حماس» وفصائل فلسطينية في القطاع، بتصعيد جديد مع إسرائيل بسبب عدم التقدم في ملف إعمار غزة. وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن الفصائل في القطاع قد تتجه إلى تصعيد متدرج في محاولة للضغط على الوسطاء وعلى إسرائيل، لأن أي وعود على الأرض لم تتحقق.
وقال مسؤولون في «حماس» وفي «الجهاد الإسلامي»، «إنهم سيصعدون أمام هذا الواقع»، فيما أصدرت فصائل فلسطينية بياناً حملت فيه الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن تداعيات المماطلة في رفع الحصار عن القطاع والتلكؤ المتعمد في ملف إعادة الإعمار.
وقال عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبيّة، جميل مزهر، خلال المسيرة المركزيّة في غزّة، بمُناسبة الذكرى 54 لانطلاقة الجبهة، أمس (الاثنين)، إنه «لا مفاوضات ولا تفاهمات ولا تسويات ولا تسهيلات اقتصادية، مقابل أمن هذا الكيان، ولا صوت يعلو فوق صوت المقاومة في مواجهة المحتل ومخططاته التصفوية». وشدد مزهر على «أن إعادة الإعمار غير خاضع للابتزاز، أو لتجريد شعبنا من منجزات انتزعتها بنادق مقاوميه، فهذا الحق ثابت سيقاتل شعبنا لانتزاعه».
وكانت الفصائل تنوي التصعيد هذا الأسبوع، لكن تدخلات مصرية ووصول وفد هندسي إلى قطاع غزة أرجأ ذلك.
وتنتظر الفصائل بدء مرحلة أخرى من مراحل الإعمار، وتحقيق تقدم على الأرض فيما يخص تخفيف الحصار عن غزة. وتخشى أن إسرائيل قد تهاجم «حماس» هناك بعد اتهامات لها بمحاولة تصعيد الأوضاع في الضفة الغربية.
وشنت إسرائيل حملة اعتقالات استهدفت «حماس» خلال الأسابيع القليلة الماضية، وقالت إن الحركة تسعى لإعادة بناء بنيتها التحتية في الضفة وتنفيذ عمليات.
وكانت المؤسسة الأمنية والعسكرية والسياسية الإسرائيلية، قد تدارست احتمال أن يمتد التصعيد من الضفة إلى غزة، وحتى لاحقاً إلى المدن المختلطة داخل الخط الأخضر، على غرار المواجهة الأخيرة في قطاع غزة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.