وجهت الحكومة السورية «ضربة قاسية» جديدة، ما أربك شوارع دمشق والأهالي المنهكين بسبب استمرار ارتفاع الأسعار وتآكل قدرتهم الشرائية، وذلك لدى قرارها برفع سعر البنزين المدعوم بنسبة تصل إلى نحو 46 في المائة، بعد توجيهها عدة ضربات قاسية مماثلة لهم، وذلك في إطار توجه حكومي لرفع الدعم عن المواد والسلع المدعومة بشكل تدريجي.
وإذ لم يصحُ الأهالي في مناطق سيطرة الحكومة من صدمة قرار الحكومة رفع أسعار الكهرباء شبه المعدومة رغم فقر غالبيتهم المدقع، أعلنت «وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك» عبر منشور على حسابها في «فيسبوك»، ليل السبت/ الأحد الماضي، تحديد سعر المبيع للمستهلك من مادة البنزين الممتاز (أوكتان 90) المدعوم المتسلم على «البطاقة الذكية» بـ1100 ليرة/ نحو 30 سنتاً أميركياً للتر الواحد بعدما كان بـ750 ليرة، بنسبة زيادة وصلت إلى نحو 46 في المائة، علماً بأن الدولار الأميركي يساوي حالياً نحو 3500 ليرة، بعدما كان ما بين 45 و50 ليرة قبل اندلاع الحرب المستمرة منذ أكثر من عشر سنوات. وقالت الوزارة إن قرارها يأتي بهدف التقليل من الخسائر الهائلة في موازنة النفط وضماناً لعدم انقطاع المادة أو قلة توفرها.
ورصدت «الشرق الأوسط» حالة من الاستياء في أوساط الأهالي بدمشق بعد صدور القرار الذي بات حديث العامة، ويقول أحدهم: «بتعرف (الحكومة) كل المعرفة أنو الراتب ما بكفي خمسة أيام، وكل يوم والتاني بترفع سعر مادة. يعني عم تقول ما بتمهني معيشة الناس، المهم جيب مصاري».
مواطن آخر يوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن القرار «يعني رفع جديد لأجور الموصلات التي أصلا المواطن يشكو من ارتفاعها، وصار لوحدها بدها راتب شهر، كما يعني رفع جديد لأسعار المواد الغذائية والخضار بحجة ارتفاع تكاليف النقل». ويضيف: «الحكومة بقراراتها تصعّب على الناس حياتهم، بدل ما تفرّج عنهم». ويتابع: «الحق مو على الحكومة الحق على الناس يلي بقيت هون».
«القادم سيكون أصعب. الله يستر»، بهذه العبارة علقت مدرسة ثانوي على القرار، وتضيف: «الناس تعاني الويل بعد تمديد فترة استلام السلة الغذائية (من شهر إلى شهرين وبعض العائلات إلى ثلاثة أشهر) والحكومة عم تدرس إلغاء الدعم في المواد التموينية والمحروقات عن كتير من الناس، يعني بدها تدبح (تذبح) الناس على الأخير».
وهذه الزيادة على سعر لتر البنزين هي الرابعة خلال العام الحالي، إذ رفعت الحكومة في يناير (كانون الثاني) الماضي، سعر المدعوم منه إلى 475 ليرة بعدما كان 450 ليرة، وأعقبته في منتصف مارس (آذار) بقرار رفع سعره إلى 750 ليرة وتخفيض حصة السيارة الشهرية من 200 لتر إلى 100 توزع عبر «البطاقة الذكية» بواقع 25 لتراً كل أسبوع.
كما تم رفع سعر البنزين غير المدعوم الذي يعرف بـ«أوكتان 95» ثلاث مرات خلال العام الجاري، آخرها بداية يوليو (تموز) الماضي، ليصل إلى 3 آلاف ليرة بزيادة 500 ليرة. وسبق أن أعلنت الحكومة مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، رفع أسعار الكهرباء لجميع فئات الاستهلاك المنزلي بنسبة مائة في المائة، في وقت تمر فيه عموم مناطق سيطرة الحكومة بأزمة كهرباء خانقة هي الأسوأ خلال سنوات الحرب، حيث تصل ساعات انقطاع التيار إلى ما بين 22 و23 ساعة في اليوم، بينما تغرق كثير من المناطق بالظلام ليومين متتاليين وبعضها لثلاثة.
ورفعت الحكومة أيضاً في يوليو (تموز) الماضي، سعر لتر المازوت (الديزل) إلى 500 ليرة بعدما كان 180 ليرة، ما أدى إلى مزيد من الارتفاع في أسعار أغلب المواد الغذائية والخضراوات وأجور النقل. كما رفعت سعر رفع سعر ربطة الخبز المدعوم (7 أرغفة) إلى 200 ليرة سورية، بعدما كان 100 ليرة.
وتعاني مناطق سيطرة الحكومة منذ فترة طولية من أزمة خانقة بالمحروقات بسبب سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» العربية الكردية على حقول النفط والغاز في شمال وشمال شرقي البلاد، وصعوبة في تأمين النفط خارجياً بسبب العقوبات الأميركية.
وتأتي قرارات الحكومة السابقة على الرغم من أن الراتب الشهري للموظف الحكومي لا يتجاوز 80 ألف ليرة سورية، في حين تؤكد دراسات أن العائلة المكونة من خمسة أفراد تحتاج في ظل الغلاء غير المسبوق إلى أكثر من مليون ونصف المليون ليرة، علماً بأن 94 في المائة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، بحسب خبراء ودراسات.
وتجهد الحكومة بدمشق في تقليص الدعم للمواد الأساسية لتخفيف العبء عن الحكومة العاجزة عن ترميم الوضع الاقتصادي المنهار، وازدياد حدة الفقر بين الناس.
«ضربة قاسية» جديدة من الحكومة تربك شوارع دمشق
رفعت سعر البنزين «المدعوم»
«ضربة قاسية» جديدة من الحكومة تربك شوارع دمشق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة