«المتمردون» يستعيدون لاليبيلا الأثرية شمال إثيوبيا

الخرطوم تفند مزاعم أديس أبابا بدعم «جبهة تيغراي»

دبابة مدمرة في منطقة أمهرة الإثيوبية بفعل الحرب (رويترز)
دبابة مدمرة في منطقة أمهرة الإثيوبية بفعل الحرب (رويترز)
TT

«المتمردون» يستعيدون لاليبيلا الأثرية شمال إثيوبيا

دبابة مدمرة في منطقة أمهرة الإثيوبية بفعل الحرب (رويترز)
دبابة مدمرة في منطقة أمهرة الإثيوبية بفعل الحرب (رويترز)

استعاد متمردو تيغراي أمس، السيطرة على مدينة لاليبيلا في شمال إثيوبيا والتي تضم موقعاً مدرجاً على قائمة التراث العالمي لمنظمة «يونيسكو»، وذلك بعد أحد عشر يوماً من إعلان الحكومة الإثيوبية السيطرة عليها. وجاء هذا تزامناً مع نفي الحكومة السودانية اتهامات إثيوبية لها بدعم «جبهة تحرير تيغراي» على خلفية هجوم لقوات وميليشيات إثيوبية على الحدود الشرقية للبلاد خلف قتلى وإصابات بين الجانبين.
ويمثل إعلان السيطرة على مدينة لاليبيلا منعطفاً مفاجئاً آخر في النزاع المستمر منذ 13 شهراً والذي أودى بالآلاف وتسبب بأزمة إنسانية عميقة في شمال ثاني أكثر دول أفريقيا سكاناً. وقال أحد السكان أمس إن متمردي جبهة تحرير شعب تيغراي «موجودون في وسط المدينة، ولم تقع معارك»، حسبما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وذكر شخص آخر من المنطقة «لقد عادوا. إنهم هنا»، مضيفاً أنهم جاؤوا على ما يبدو من الشرق من جهة مدينة ولديا. وتابع أن «معظم السكان خائفون. البعض يهرب. معظم الناس غادروا بالفعل لأنه قد يكون هناك انتقام، وقد عبرنا عن سرورنا قبلاً» عندما انسحبت قوات الجبهة.
وفي وقت سابق أمس، أعلن بيان للقيادة العسكرية لجبهة تحرير شعب تيغراي نشرته وسائل إعلام موالية للجبهة، أن مقاتليها «شنوا هجمات مضادة شاملة» في نقاط عدة، وخصوصاً على طول الطريق التي تربط بين غاشينا ولاليبيلا في إقليم أمهرة. وأورد البيان أن «قواتنا دافعت أولاً ثم شنت هجمات مضادة على القوة الهائلة التي كانت تهاجم جبهة غاشينا والمناطق المجاورة لها، ونجحت في تحقيق انتصار مجيد».
يذكر أن مدينة لاليبيلا تقع على مسافة 645 كيلومتراً شمال أديس أبابا، وفيها 11 كنيسة كهفية من العصور الوسطى محفورة في الصخور الحمراء وهي محج رئيسي للمسيحيين الإثيوبيين.
وقطعت الاتصالات في مناطق المعارك ولا يتمكن الصحافيون من الوصول إليها، الأمر الذي يجعل التأكد المستقل من التطورات على الأرض متعذراً.
ولم تعلق الحكومة على الفور، إلا أن مكتب رئيس الوزراء آبي أحمد ذكر في تغريدة في وقت متأخر من مساء السبت، أن رئيس الوزراء «توجه إلى الجبهة مرة أخرى» وأن القوات بقيادته استولت على عدة مواقع استراتيجية في عفر وأمهرة بينها بلدات أرجو وفوكيسا وبورين.
واندلعت الحرب في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 بعدما أرسل رئيس الوزراء الجيش إلى إقليم تيغراي للإطاحة بالسلطات المحلية المنبثقة من جبهة تحرير شعب تيغراي التي هيمنت على السياسة في البلاد لثلاثة عقود سبقت وصوله للمنصب. وبرر آبي أحمد الخطوة بأن قوات الجبهة هاجمت معسكرات للجيش الفيدرالي، وتعهد بتحقيق نصر سريع. لكن بعد تكبدهم خسائر، حقق المتمردون انتصارات مفاجئة، واستعادوا السيطرة على القسم الأكبر من تيغراي بحلول يونيو (حزيران) الماضي قبل التقدم إلى إقليمي أمهرة وعفر المجاورين.
في غضون ذلك، قالت وزارة الخارجية السودانية في بيان أمس إنها تابعت بمزيد من الدهشة والاستغراب الخبر الذي نشرته وكالة «فانا» الإذاعية الحكومية الإثيوبية الخميس الماضي، واتهمت فيه السودان بدعم وإيواء وتدريب عناصر الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي لمواجهة قوات الحكومة الإثيوبية. وأضاف البيان «أن ما أوردته الوكالة لا أساس له من الصحة مطلقاً». وأكدت الخارجية التزام السودان بمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.
ودعت الحكومة السودانية، نظيرتها الإثيوبية، إلى الكف عن اتهام السودان باتخاذ مواقف وممارسات عدوانية لا يسندها دليل على أرض الواقع. وأكدت أن السودان يسيطر على كافة أراضيه وحدوده المعترف بها دولياً مع الجارة إثيوبيا، ولم ولن يسمح مطلقاً باستخدامها لأي عدوان.
وفي 29 نوفمبر الماضي أعلن الجيش السوداني تصديه لهجوم عند الحدود الشرقية نفذته قوات إثيوبية بهدف قطع الطريق أمام تقدم قوات «جبهة تحرير إقليم تيغراي» إلى منطقة بحر دار الإثيوبية.
وأشار إلى أن قواته التي تعمل على تأمين الحصاد في منطقة بركة نورين بالفشقة الصغرى تعرضت لاعتداء من مجموعات للجيش والميليشيات الإثيوبية، استهدفت ترويع المزارعين وإفشال موسم الحصاد.
وبعد يومين من الاعتداءات الإثيوبية سجل رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان زيارة لمنطقة الفشقة بولاية القضارف شرق البلاد. وأكد البرهان التزام السودان بعلاقات حسن الجوار مع الجارة إثيوبيا مبيناً أن بلاده ليست في حالة عداء مع إثيوبيا. وجدد البرهان تأكيداته أن الفشقة أرض سودانية خالصة، متعهداً بعدم التفريط في أي شبر من أرض البلاد.
وتتهم أديس أبابا الجيش السوداني، باستغلال الصراع الداخلي في إقليم تيغراي والتوغل داخل الأراضي الإثيوبية، وهو ما تنفيه الخرطوم وتؤكد استعادتها لأراضٍ كان يسيطر عليها الجيش الإثيوبي.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.