نموذج «المجتمعات العمرانية» لطفرة في السوق العقارية السعودية

مختصون لـ «الشرق الأوسط»: التوجهات الحديثة تدعم مستهدفات المملكة في البيئة والاستدامة

نموذج لأحد المشروعات العقارية التي تتبنى المجتمعات الحيوية المتكاملة في السعودية (الشرق الأوسط)
نموذج لأحد المشروعات العقارية التي تتبنى المجتمعات الحيوية المتكاملة في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

نموذج «المجتمعات العمرانية» لطفرة في السوق العقارية السعودية

نموذج لأحد المشروعات العقارية التي تتبنى المجتمعات الحيوية المتكاملة في السعودية (الشرق الأوسط)
نموذج لأحد المشروعات العقارية التي تتبنى المجتمعات الحيوية المتكاملة في السعودية (الشرق الأوسط)

كشف مهندسون استشاريون وعقاريون أن المملكة تشهد، خلال السنوات الأخيرة، طفرة حقيقية في مشاريع وبرامج زيادة المعروض العقاري من خلال طرح نموذج مجتمعات عمرانية متطورة، تراعي التوجهات الجديدة عالمياً، موضحين أن شراكة القطاعين العام والخاص في تقديم مشاريع نوعية عبر المجتمعات العمرانية يتيح آفاقاً أوسع لتعزيز الاستدامة ومستهدفات البيئة وتوفير المساحات الخضراء بجانب دعم أعمال منظومة العرض.
ولفت المختصون إلى أن الفترة المقبلة تشهد طفرة عقارية في خطط المجمعات السكنية لتوفير المزيد من المشاريع السكنية المتكاملة بالشراكة مع المطورين العقاريين من القطاع الخاص وإيجاد حلول ملائمة لحصول الأسر السعودية على المسكن الملائم بالسعر والجودة المناسبة، لتعزيز توازن السوق بدعم وتمكين المعروض العقاري، مع تقديم مفهوم جديد.
وأوضح المهندس خالد الصالح، رئيس اللجنة العقارية في غرفة الأحساء، أن المدن السعودية تجد اهتماماً كبيراً في ظل رؤية المملكة 2030، ويبرهن على ذلك الدعم الذي يجده التوجه العمراني الجديد وما يتطلبه من تأسيس جيد للبنية التحتية للتجمعات الحضرية، بحيث تكون بيئة جذب وتحفيز للعديد من التدخلات والتجارب الجديدة القائمة على مفاهيم التنمية العمرانية المستدامة، وصناعة الأماكن، والحوكمة الحضرية.
وأضاف أن تجربة «الوطنية للإسكان»، كذراع استثمارية لوزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان في التطوير العقاري السكني، جديرة بالاهتمام عطفاً على ما تقدمه من مشاريع ومجتمعات عمرانية حيوية ضمن تصاميم مميزة بأيادٍ سعودية، تُسهم في زيادة المعروض العقاري وتوفير الوحدات السكنية وتلبية رغبات المستفيدين بفضل ما تقدمه من خدمات البنى التحتية والتشييد وتقنيات البناء.
وقال المهندس الصالح إن فكرة إنشاء المجتمعات الجديدة بالاعتماد على تكوين مراكز عمرانية تكون بمثابة أقطاب جديدة للنمو، ضمن محاولة لإعادة توزيع السكان وتحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
من جانبه، أكد المهندس حامد بن محمد بن حمري، رئيس لجنة العقار والتطوير العمراني بغرفة الشرقية، أن تبني التوجهات العمرانية الجديدة يتطلب بالضرورة إنشاء مجتمعات عمرانية مستدامة وصديقة للبيئة، تقوم فلسفتها وفكرتها الرئيسية على التخطيط الحضري وجودة التصاميم العمرانية التي تراعي الاعتبارات البيئية والاستدامة، وكذلك توفير المساحات الخضراء، وتخطيط الطرق والأرصفة، وتحسين جودة الهواء والحد من التلوث البصري والسمعي، وتقليل استخدام السيارات وإدارة النفايات البلدية الصلبة والمحافظة على التراث العمراني والبيئة الطبيعية في المناطق الحضرية، فضلاً عن أنسنة المكان وتوفير المراكز الرياضية والتـرفيهية لتعزيز جـودة الحياة.
وقال المهندس بن حمري إن الأحياء والأصول القديمة القائمة التي تعاني من مشكلات تخطيطية تحتاج إلى دراسة الوضع العمراني الراهن الذي يعكس حالها، ومن ثم تحدد المناطق التي تحتاج إلى معالجات من خلال تطويرها أو إعادة تأهيلها أو إزالتها وإقامة أبنية جديدة مكانها، وقد يشمل ذلك بعض الأبنية بشكل محدود، قد يمتد ليشمل أحياء سكنية كاملة.
واستطرد: «هذه عملية ليست سهلة، إلا أن المصمم الحضري والمخطط العمراني المؤهل والكفء، يمكنه القيام بذلك بما يُظهر المدينة بشكل مُلائم للتطور العمراني العلمي والحضاري، ويتوافق مع الاعتبارات البيئية ومعايير الاستدامة».
من جانبه، أوضح العقاري، عادل الشعيبي المتخصص في التطوير والتنمية العقارية، أن التنمية العمرانية المستدامة للمدن السعودية لم تعد خياراً، بل هي ضرورة واجبة، مبيناً أن الممارسات العمرانية غير المستدامة تنتج أعراضاً سلبية واضحة كالتشتت الحضري، والازدحام المروري، والتطوير منخفض الكثافة، إلى جانب فقدان شخصية المكان، موضحاً أن دمج التنمية المستدامة في المراكز الحضرية القائمة يتمثل في الاستفادة من الفرص العمرانية المتزايدة التي تُتاح، ومراعاة التكامل بين المشاريع التي يتم تطويرها، وتطبيق سياسات خاصة بالمكان تستند إلى الخصائص المحلية ونقاط القوة الكامنة.
وعن أهمية تأسيس بنية تحتية متوافقة مع الاعتبارات البيئية، أكد الشعيبي أن الاتجاهات العمرانية البيئية الحديثة تقوم اليوم على استخدام مواد بناء وتشييد أقل ضرراً على البيئة وأكثر كفاءة في الوقت نفسه، بدلاً من أغلب المواد المستخدمة حالياً التي تُسهم في تلوث البيئة، داعياً إلى تعزيز الاستفادة من مناهج الهندسة القيمية والبرمجة الهندسية في تخطيط المشروعات العمرانية، ومجالات التطوير العقاري واستخدام العناصر القياسية في بناء المساكن، من أجل تحقيق التنمية المستدامة.
وبيّن الشعيبي أن رفع كفاءة الموارد وتقليل الهدر في الطاقة والمياه، وتطبيق نظام العزل الحراري ورفع كفاءة البيئة وإعادة تدوير النفايات الإنشائية بطريقة صحيحة، يُسهم عملياً في رفع عائدات الدولة الاقتصادية بشكل مباشر من خلال رفع كفاءة استخدام موارد المدن ورفع جودة وكفاءة الحياة وتقليل الهدر، مشيراً إلى أن مشاريع البنية التحتية الحالية حول العالم تنتج نحو 70 في المائة من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية.
وأوضح الشعيبي أن التوجهات العمرانية الجديدة تقتضي تأسيس بنية تحتية جديدة ومستدامة تتوافق مع الاعتبارات البيئية، مع تعديل وتطوير أصول البنية التحتية القديمة، مبيناً أن الالتزام بالموجهات الخاصة بالاستدامة عند تطوير مدن جديدة أو مشاريع تطوير جديدة، سيكون أمراً سهلاً، إلا أن التعامل مع المناطق الحضرية القائمة التي تُعاني من مشاكل بنيوية متراكمة وأصول عقارية قديمة، سيظل تحدياً حقيقياً متجدداً، ليس فقط، لحماية البيئة العمرانية والطبيعية ومعالجة ظاهرة التكدس والاكتظاظ السكاني وتعزيز مستوى معيشي لائق، ولكن أيضاً لدعم التنافسية الاقتصادية للمدن والتوجهات العمرانية الجديدة في المملكة.


مقالات ذات صلة

نسبة توطين الإنفاق العسكري بالسعودية تصل إلى 19.35 %

الاقتصاد العوهلي متحدثاً للحضور في منتدى المحتوى المحلي (الشرق الأوسط)

نسبة توطين الإنفاق العسكري بالسعودية تصل إلى 19.35 %

كشف محافظ الهيئة العامة للصناعات العسكرية المهندس أحمد العوهلي عن وصول نسبة توطين الإنفاق العسكري إلى 19.35 في المائة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مركز الملك عبد الله المالي في الرياض (الشرق الأوسط)

التراخيص الاستثمارية في السعودية ترتفع 73.7%

حققت التراخيص الاستثمارية المصدرة في الربع الثالث من العام الحالي ارتفاعاً بنسبة 73.7 في المائة، لتصل إلى 3.810 تراخيص.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد نائب رئيس هيئة الأركان العامة وقائد القوات البحرية الملكية السعودية مع باتريس بيرا خلال الملتقى البحري السعودي الدولي 2024 (الشرق الأوسط)

«مجموعة نافال» تتعاون مع الشركات السعودية لتوطين صناعة السفن البحرية

أكد نائب رئيس المبيعات في الشرق الأوسط والمدير الإقليمي لـ«مجموعة نافال» في السعودية باتريس بيرا، أن شركته تنتهج استراتيجية لتطوير القدرات الوطنية في المملكة.

بندر مسلم (الظهران)
الاقتصاد جانب من الاجتماع الاستراتيجي لـ«موانئ» (واس)

«موانئ» السعودية تلتقي كبرى شركات سفن التغذية لتعزيز الربط العالمي

اجتمعت الهيئة السعودية العامة للموانئ (موانئ) مع كبرى شركات سفن التغذية العالمية، بهدف تعزيز الربط العالمي، وزيادة التنافسية على المستويين الإقليمي والدولي.

«الشرق الأوسط» (دبي)
الاقتصاد أحد المصانع المنتجة في المدينة المنورة (واس)

«كي بي إم جي»: السياسات الصناعية في السعودية ستضعها قائداً عالمياً

أكدت شركة «كي بي إم جي» العالمية على الدور المحوري الذي تلعبه السياسات الصناعية في السعودية لتحقيق «رؤية 2030».

«الشرق الأوسط» (الرياض)

عضو في «المركزي الأوروبي»: المصرف سيراقب من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
TT

عضو في «المركزي الأوروبي»: المصرف سيراقب من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

قال رئيس البنك المركزي الفرنسي، فرنسوا فيليروي دي غالهاو يوم الجمعة، إن «المركزي الأوروبي» لم يتأخر في خفض أسعار الفائدة، لكنه يحتاج إلى مراقبة خطر عدم تحقيق هدفه للتضخم من كثب، وهو ما قد يؤدي إلى تثبيط النمو بشكل غير ضروري.

وخفّض البنك المركزي الأوروبي معدلات الفائدة ثلاث مرات هذا العام بالفعل، ويتوقع المستثمرون مزيداً من التيسير النقدي في كل اجتماع حتى يونيو (حزيران) المقبل، وهو ما قد يؤدي إلى خفض سعر الفائدة على الودائع، الذي يبلغ حالياً 3.25 في المائة، إلى 2 في المائة على الأقل وربما أقل، وفق «رويترز».

ومع ذلك، تدعم البيانات الاقتصادية الضعيفة، كما يتضح من تقرير مسح الأعمال المخيّب للآمال الذي نُشر يوم الجمعة، الرأي القائل إن البنك المركزي الأوروبي قد يحتاج إلى تسريع إجراءات التيسير النقدي، وقد يضطر إلى اتخاذ تدابير إضافية لدعم الاقتصاد.

وقال دي غالهاو في فرنكفورت: «نحن لسنا متأخرين في المسار اليوم. الاقتصاد الأوروبي يسير نحو هبوط ناعم».

واعترف بوجود مخاطر على التوقعات المستقبلية، مشيراً إلى أنه يجب على صانعي السياسات التأكد من أن أسعار الفائدة لا تبقى مرتفعة لمدة طويلة، مما قد يضرّ بالنمو الاقتصادي.

وأضاف قائلاً: «سوف نراقب بعناية توازن المخاطر، بما في ذلك احتمال عدم بلوغ هدف التضخم لدينا، وكذلك تأثير ذلك في الحفاظ على النشاط الاقتصادي بمستويات منخفضة بشكل غير ضروري».

وكانت التوقعات تشير إلى خفض للفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في 12 ديسمبر (كانون الأول) بوصفه أمراً شبه مؤكد، لكن بعد نشر أرقام مؤشر مديري المشتريات الجديدة يوم الجمعة، أصبح هناك احتمال بنسبة 50 في المائة لخيار خفض أكبر يبلغ 50 نقطة أساس، نتيجة لتزايد المخاوف من ركود اقتصادي.

ومع ذلك، يشير صانعو السياسات إلى أن المسوحات الاقتصادية قد تكون قد قدّمت صورة أكثر تشاؤماً عن وضع الاقتصاد مقارنة بالبيانات الفعلية التي كانت أكثر تفاؤلاً.

ورغم التباطؤ في التضخم الذي وصل إلى أدنى مستوى له بنسبة 1.7 في المائة هذا الخريف، فإنه يُتوقع أن يتجاوز 2 في المائة هذا الشهر، مما يجعل من الصعب اتخاذ قرار بخفض أكبر في الفائدة.

ومع ذلك، شدّد دي غالهاو على أن التضخم في طريقه للعودة إلى الهدف المتمثل في 2 في المائة، وأنه من المتوقع أن يتحقّق بشكل مستدام قبل الموعد الذي حدّده البنك المركزي الأوروبي في نهاية 2025.

وقال: «نحن واثقون للغاية بأننا سنصل إلى هدفنا البالغ 2 في المائة بشكل مستدام». وأضاف: «من المرجح أن نحقّق هذا الهدف في وقت أقرب من المتوقع في 2025، مقارنة بتوقعاتنا في سبتمبر (أيلول) الماضي».