اجتماع نادر بين طرفي الصراع لإنهاء الوجود الأجنبي في ليبيا

وسط معلومات عن خطة لسحب متزامن لـ«مرتزقة» موالين لتركيا وروسيا

جانب من اجتماع مجلس مفوضية الانتخابات ولجنة مجلس النواب لمتابعة مستجدات الاستحقاق الرئاسي في طرابلس أمس (المفوضية)
جانب من اجتماع مجلس مفوضية الانتخابات ولجنة مجلس النواب لمتابعة مستجدات الاستحقاق الرئاسي في طرابلس أمس (المفوضية)
TT

اجتماع نادر بين طرفي الصراع لإنهاء الوجود الأجنبي في ليبيا

جانب من اجتماع مجلس مفوضية الانتخابات ولجنة مجلس النواب لمتابعة مستجدات الاستحقاق الرئاسي في طرابلس أمس (المفوضية)
جانب من اجتماع مجلس مفوضية الانتخابات ولجنة مجلس النواب لمتابعة مستجدات الاستحقاق الرئاسي في طرابلس أمس (المفوضية)

في سابقة هي الأولى من نوعها، عقد ممثلو طرفي الصراع العسكري في ليبيا، أمس، اجتماعاً نادراً في مدينة سرت لمناقشة خطة سحب «المرتزقة» الأجانب والقوات الأجنبية من البلاد. وفي غضون ذلك، أعلنت المفوضية العليا للانتخابات أنها تعكف حالياً على مراجعة الأحكام المتعلقة بمرشحي الانتخابات الرئاسية، المقررة قبل نهاية هذا الشهر، الصادرة عن لجان الطعون والاستئناف.
وفي لقاء هو الأول من نوعه بينهما، التقى الفريق عبد الرازق الناظوري، رئيس أركان قوات «الجيش الوطني» وقائده العام المكلف، مع اللواء محمد الحداد، رئيس أركان القوات الموالية للسلطة الانتقالية بالبلاد، بأحد فنادق مدينة سرت. وقالت مصادر في اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) إن الاجتماع، الذي لعبت فيه اللجنة دوراً رئيسياً في الترتيب له، «كان ودياً وتناول القضايا المتعلقة بإنهاء الوجود العسكري الأجنبي الراهن على الأراضي الليبية»، مشيرة إلى أن الناظوري والحداد بحثا أيضاً دعم مخرجات الاجتماعات السابقة للجنة، وترحيل كل القوات الأجنبية و«المرتزقة»، بالإضافة إلى استكمال المفاوضات الخاصة بتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية.
وبدا أمس أن عملية انسحاب متزامن للقوات الأجنبية من ليبيا باتت على وشك التنفيذ، حيث نقلت وسائل إعلام محلية عن مسؤول في لجنة «5 + 5» أن طائرات عسكرية تركية ستهبط في قاعدة الوطية، بالتزامن مع هبوط طائرة روسية في قاعدة القرضابية لنقل مجموعة من الجنود والأفراد ومنظومات الدفاع الجوي.
وأكد المسؤول أن عملية الإخلاء ستستمر حتى انتهاء المرحلة الحالية، والدخول في المرحلة الأخيرة، تحت إشراف اللجنة والأمم المتحدة والمراقبين الدوليين.
في شأن آخر، أوضح بيان لمفوضية الانتخابات أنها تعمل أيضاً على التواصل مع اللجنة المشكلة من مجلس النواب، بشأن متابعة العملية الانتخابية، وكذا الصعوبات التي تواجهها فيما يتعلق بتنفيذها للأحكام الصادرة، مؤكداً حرص المفوضية على استنفاد جميع طرق التقاضي للتأكد من تطابق قراراتها مع الأحكام الصادرة فيها، بما يعزز مبدأ المصداقية في تطبيق نص القانون وتنفيذه.
واعتبر البيان أن الحرص على نجاح هذه العملية «مسؤولية تضامنية لا تتحملها المفوضية بمفردها، ونتائجها سوف تُلقي بظلالها على حاضر ومستقبل البلاد».
وقال بهذا الخصوص: «نحرص على ألا يكون دور المفوضية مقتصراً على تنفيذ القانون فقط، بل يمتد إلى تطبيق صحيحه بما ينعكس على مصداقية نتائجه»، مشيراً إلى أن المفوضية ستتبنى بعض الإجراءات القضائية من خلال تواصلها مع المجلس الأعلى للقضاء، وأخرى قانونية من خلال تواصلها مع اللجنة المشكلة من مجلس النواب، قبل المضي قدماً في الإعلان عن القائمة النهائية للمرشحين، والانتقال إلى الإعلان عن بدء مرحلة الدعاية الانتخابية لهم.
من جهته، قال عماد السائح، رئيس المفوضية، إنه استعرض أمس بمقرها في العاصمة طرابلس مع رئيس اللجنة، المشكلة من مجلس النواب، ملف الطعون الانتخابية، ومراجعة الأحكام الصادرة عن لجان الطعون والاستئناف، وسبل تعزيز مبدأ المصداقية في تطبيق نص القانون الانتخابي وتنفيذه.
وكان السائح قد ناقش مع الأمين العام المساعد ومنسق بعثة الأمم المتحدة، ريزدون زينينغا، مستجدات العملية الانتخابية المرتقبة، وتطورات المشهد السياسي، وتداعياته على العملية الانتخابية.
وقال بيان للمفوضية إن الاجتماع بحث أيضاً ما وصفه بالتقدم العملياتي، الذي حققته المفوضية باستكمال مرحلة تسجيل المرشحين، والاستعدادات التي غطت جوانب التدريب والعمل اللوجيستي. ونقل عن زينينغا تأكيده على دعم البعثة الأممية والمجتمع الدولي للانتخابات الليبية، وضرورة انعقادها في موعدها المحدد، لما تعكسه هذه العملية الانتخابية على سلم واستقرار ليبيا.
في غضون ذلك، أثار محمد عون، وزير النفط والغاز بحكومة «الوحدة الوطنية»، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، جدلاً بعدما طالب رئيس مجلس النواب المكلف، فوزي النويري، بتكليف أحد نائبي الدبيبة برئاسة الحكومة، ومنحه صلاحيات دعوة مجلس الوزراء للانعقاد. وأدرج عون هذه المطالبة في إطار منع حدوث أي تجاوز وظيفي أو قانوني، ناتج عن اجتهادات قد تؤدي إلى خلل في مسارات التطبيق الصحيح للقانون، لعدم وضوح الصلاحيات، وذلك بعد ترشح الدبيبة رئيس الحكومة للانتخابات الرئاسية.
على صعيد غير متصل، شيعت وزارة الداخلية، مساء أول من أمس، جثمان محمد الدهماني، مساعد ضابط في إدارة المهام الخاصة، الذي قتل أثناء مداهمة أحد أوكار المجرمين بمنطقة سيلين بمدينة الخمس.
وأعلن النائب العام اعتقال المتهمين بقتل الدهماني، أثناء أدائه لواجب مساندة عناصر مديرية أمن الخمس، وطلب من الجهات الضبطية مباشرة إجراءات حصر أوكار الجريمة والعشوائيات، التي يتخذها الجناة ملاذاً لهم في مدينة الخمس وضواحيها، تمهيداً لاتخاذ الإجراءات الاحتياطية التي من شأنها تعزيز الأمن.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.