فادي أبي سمرا لـ«الشرق الأوسط» : التنويع هو المستقبل الذي أبحث عنه

قال إن ضعف النصوص أبعده في الماضي عن الدراما

فادي أبي سمرا نراه قريباً في «للموت 2»
فادي أبي سمرا نراه قريباً في «للموت 2»
TT

فادي أبي سمرا لـ«الشرق الأوسط» : التنويع هو المستقبل الذي أبحث عنه

فادي أبي سمرا نراه قريباً في «للموت 2»
فادي أبي سمرا نراه قريباً في «للموت 2»

قال الممثل فادي أبي سمرا إنه يستمتع حالياً بالأدوار التي يقدمها في أعمال درامية تحمل المستوى المطلوب. ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «غبت في الماضي عن هذه الأعمال بسبب نصوصها الضعيفة. منذ نحو 5 سنوات تغيرت معايير الدراما بشكل عام، صارت تنبع من يومياتنا وهمومنا ومشكلاتنا. أحببت هذه المقاربة، وأقلام كتاب برعوا في رسم خطوطها».
يطل أبي سمرا اليوم في «شتي يا بيروت» وقبله في «صالون زهرة» و«باب الجحيم». وفي إطلالاته يحجز مكانة لا يستهان بها عند المشاهد بفضل أدائه المحترف وحضوره الجدي. أولى التجارب التلفزيوينة، لهذا الفنان المسرحي المرموق، كانت في مسلسل «نص يوم». «يومها جسدت شخصية المحقق، وكانت الدراما بدأت تشق طريقها وترتقي نحو الأفضل. فاجتماع النص الجيد مع شركة الإنتاج والمخرج وفريق عمل على المستوى المطلوب، دفعني للقيام بهذه الخطوة من دون تردد».
يملك أبي سمرا ماضياً غنياً بتجارب مسرحية وسينمائية، قدم على الخشبة «أباجور» و«جنينة الصنائع» و«صفحة 7» وغيرها. أما في السينما فترك بأثره على الشاشة الذهبية من خلال أدوار «بسام» في «مفاتيح مكسورة» و«عباس» في «بيروت أوتيل» و«فواز» في «كل يوم عيد». «عندما يملك الممثل خلفية مسرحية فهو كأنه دخل مختبراً يسهم في عجنه ودعكه ليزوده بمجموعة هائلة من الأحاسيس. هذه المشاعر يستحضرها الممثل المسرحي من هذا المختبر. بعدها يستخدمها في الدراما لتبلور أداءه، وهو أمر أساسي. فالارتجال الذي نمارسه في المسرح، يتيح لنا أن نقتنص الفرصة في الدراما في اللحظة المناسبة. نضع من ذاتنا في الدور ونقولبه بشكل يسهم في حفره بذاكرة المشاهد».
لا يحب فادي أبي سمرا أن يمارس التمثيل من دون الشعور بالشغف «وإلا جاء الأداء جافاً لا أحاسيس تُحييه». وفي السنوات الخمس الأخيرة لفته بعض النصوص فحركت قابليته للتمثيل الدرامي. ويعلق: «تُدخلك الدراما إلى كل بيت، وهو ما لا نصادفه في المسرح والسينما. وتجاربي الأخيرة في الدراما كانت بغالبيتها تحمل رسائل إنسانية واجتماعية. قاربتُ نماذج من حياتنا الواقعية، تماماً كما في المسرح. فالتمثيل ليس وسيلة ترفيه فقط، إذ في إمكاننا من خلاله أن نفتح الباب على مصراعيه، ونعكس صورة واقعية عن مشكلات نواجهها».
برأي أبي سمرا أن هناك تحدياً دخلته شركات الإنتاج مؤخراً، بحيث قررت اللجوء إلى الممثل القدير والأكاديمي، كاسرةً بذلك قاعدة الوجه الجميل والقامة الرشيقة. «هذه الشروط التي كانت متّبعة في الماضي القريب، لم تعد تناسب محتوى المنصات وشروطها. لذلك بدأنا نكتشف مواهب جديدة، إنْ في التمثيل أو الإخراج. وعندما نرى اليوم عبدو شاهين وكارول عبود وسعيد سرحان وغيرهم، فلأنهم يستوفون هذه الشروط ويطبّقونها».
وانطلاقاً من هذه الفكرة يحضّر فادي أبي سمرا لجمع أسماء مواهب شابة وطلاب أكاديميين في داتا خاصة، كي تستعين بها شركات الإنتاج. «نقدم هذه اللوائح لشركات الإنتاج كي تستفيد منها، وتضخ دماً جديداً في أعمالها الدرامية. هذه المواهب تستحق الفرص، ومن المهم أن نسلّط الضوء عليها كي لا تبقى في العتمة».
بدخول عناصر تمثيلية رائدة كفادي أبي سمرة وزملاء ذكرهم، اكتملت حلقة الإبداع الدرامي، فجمعت تحت جناحها مواهب إخراجية لفتت الأنظار كإيلي السمعان مخرج «شتي يا بيروت»، وجو بوعيد في مسلسل «صالون زهرة». وكذلك الأمر بالنسبة إلى مخرجين آخرين كفيليب أسمر وأمين درة اللذين سطرا أسلوباً مختلفاً في أعمالهما. «إنهم يمثلون الروح الجديدة التي جذبت المشاهد. فاستولدوا من دون شك موجة فنية تلائم نوعية الممثلين الذين تكلمنا عنهم آنفاً».
يقدم فادي أبي سمرا في «شتي يا بيروت» شخصية «وليد» الذي يشارك في تجارة البشر وتهريبهم في القوارب. وفي «صالون زهرة» تقمّص شخصية الزوج المعنِّف والقاسي. فلماذا ينحصر بأدوار الشر؟ يرد: «هي صدفة في الحقيقة فبعد (هولو) في (الهيبة 2) قدمت شخصية صاحبة عُقد نفسية في (دقيقة صمت)، وبالتالي كنت الشرير في (2020) و(للموت). قد تكون فترة ومضت، وأنا توّاق إلى التغيير والتنويع في الشخصيات التي ألعبها. وهذا التنويع أحبه. وهو المستقبل الذي أبحث عنه».
بالنسبة لأبي سمرا لا تهمه مساحة الدور، ما تشغله دائماً هي طبيعة الكاركتر. «أنا مستعد في مسلسل من 10 حلقات، أن أشارك بحلقة واحدة، إذا كان الدور يحاكي قناعاتي. ولكني لا أخفي بأني أتمنى لعب شخصية محورية، تتمتع بحيز كبير، يسلّط الضوء على قدراتي، ضمن دور رئيسي».
وعن دوره في «شتي يا بيروت» يقول: «أعجبتني فكرة النص من كتابة بلال شحادات، إذ تتشابك فيها الأحداث ضمن حبكة مشوقة. صحيح أني أقدم فيه شخصية (وليد) تاجر البشر ومن يقف وراء تهريبهم في البحر، ولكنه يرى ذلك باب أمل يفتحه أمام هؤلاء الناس المحبطين الهاربين من الظلم والقهر».
ويصف الفريق المشارك في «شتي يا بيروت» بالمميز: «جميعنا متجانسون، ومخرج العمل يتمتع بعين ثاقبة، وهو صاحب شخصية حساسة وهادئة، تنعكس إيجاباً على العاملين معه وعلى العمل في حد ذاته. كما أن شخصية (أيوب) التي يلعبها الطفل (حسين) أسهمت في إضافة طاقة إيجابية على العمل، طالتنا جميعاً. فهو كتلة عاطفة، كانت تتنقل بيننا وتترك أثرها الطيب علينا».
وعن التطور الذي ستشهده شخصية «وليد» التي يجسدها في المسلسل يقول: «ستتطور خلال الحلقات المقبلة لتميل إلى الصدق بنحو أكبر. ستتفاجؤون بالتغيير الذي يلحق بهذه الشخصية على مدى عدد الحلقات الثلاثين للعمل».
ولكن ألا تجد أن أعمال الدراما الأخيرة تدور في مجملها في قالب بوليسي ومحورها الجريمة؟ «هي من متطلبات المنصات الإلكترونية التي تلحق بأذواق جيل الشباب في المقدمة. كما أن هناك شريحة من المشاهدين تريد الخروج من عباءة الدراما الكلاسيكية والقريبة من تلك الهندية والمكسيكية. فالسوق تفرض علينا هذا التغيير لا سيما إذا كان يتطرق إلى قصص وقضايا لم يسبق لنا أن تناولناها».
منذ تسلمه للنص يبدأ فادي أبي سمرا في التحضير للشخصية التي سيلعبها فيقرأه بأكمله كي لا يفوّت أي تفصيل يمكنه أن يؤثر على طبيعة الدور. «أفكر كثيراً بالشخصية التي ألعبها وبتاريخها وماضيها وبيئتها. في المرحلة الثانية، أقوم بنقاش مع المخرج والكاتب فنلتقي أو نختلف ضمن تقاطعات كثيرة تفيد الدور. فالتشارك وآراء الآخرين عامل رئيسي يهمني ويلهمني».
في «2020» يقول أبي سمرا إنه استعاد مرحلة الطفولة مع نماذج من الناس تشبه تلك التي تُحفر في ذاكرته. «أنا ابن مدينة صور، وعشت في حارات تشبه تلك التي وردت في مسلسل (2020). سعدت بهذا الدور كما لمستني واقعيته، خصوصاً أن المسلسل بشكل عام يحاكي عامة الناس، فيبتعد عن قصص الدراما السابقة التي كانت تدور في القصور وبين السيارات الفارهة».
وماذا بعد؟ نسأل أبي سمرا. «مبدئياً سترونني في الجزء الثاني من مسلسل (للموت) الذي سيُعرض في موسم رمضان، ونقوم حالياً بتصويره. هناك عرض آخر أدرسه من المحتمل أن أخوضه في الموسم نفسه. كذلك أستعد لإنهاء ملف المواهب الفنية الصاعدة وأضع خواتيمه مع إيلي نجيم الذي أسهم معنا في تحضيره من خلال زيارات دورية قام بها إلى الجامعات لاكتشاف هذه المواهب. وأنا بصراحة تحدثت في هذا الموضوع مع شركتَي (الصباح إخوان) و(إيغل فيلمز) ورحبّتا كثيراً بالفكرة».



إيلي فهد لـ«الشرق الأوسط»: المدن الجميلة يصنعها أهلها

بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
TT

إيلي فهد لـ«الشرق الأوسط»: المدن الجميلة يصنعها أهلها

بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})

لا يمكنك أن تتفرّج على كليب أغنية «حبّك متل بيروت» للفنانة إليسا من دون أن تؤثر بك تفاصيله. فمخرج العمل إيلي فهد وضع روحه فيه كما يذكر لـ«الشرق الأوسط»، ترجم كل عشقه للعاصمة بمشهديات تلامس القلوب. أشعل نار الحنين عند المغتربين عن وطنهم. كما عرّف من يجهلها على القيمة الإنسانية التي تحملها بيروت، فصنع عملاً يتألّف من خلطة حب جياشة لمدينة صغيرة بمساحتها وكبيرة بخصوصيتها.

ويقول في سياق حديثه: «أعتقد أن المدن هي من تصنع أهلها، فتعكس جماليتهم أو العكس. الأمر لا يتعلّق بمشهدية جغرافية أو بحفنة من العمارات والأبنية. المدينة هي مرآة ناسها. وحاولت في الكليب إبراز هذه المعاني الحقيقية».

تلعب إليسا في نهاية الكليب دور الأم لابنتها {بيروت} (حساب فهد إيلي على {إنستغرام})

من اللحظات الأولى للكليب عندما تنزل إليسا من سلالم عمارة قديمة في بيروت يبدأ مشوار المشاهد مع العاصمة. لعلّ تركيز فهد على تفاصيل دقيقة تزيح الرماد من فوق الجمر، فيبدأ الشوق يتحرّك في أعماقك، وما يكمل هذه المشهدية هو أداء إليسا العفوي، تعاملت مع موضوع العمل بتلقائية لافتة، وبدت بالفعل ابنة وفيّة لمدينتها، تسير في أزقتها وتسلّم على سكانها، وتتوقف لبرهة عند كل محطة فيها لتستمتع بمذاق اللحظة.

نقل فهد جملة مشاهد تؤلّف ذكرياته مع بيروت. وعندما تسأله «الشرق الأوسط» كيف استطاع سرد كل هذه التفاصيل في مدة لا تزيد على 5 دقائق، يرد: «حبي لبيروت تفوّق على الوقت القليل الذي كان متاحاً لي لتنفيذ الكليب. وما أن استمعت للأغنية حتى كانت الفكرة قد ولدت عندي. شعرت وكأنه فرصة لا يجب أن تمر مرور الكرام. أفرغت فيه كل ما يخالجني من مشاعر تجاه مدينتي».

من كواليس التصوير وتبدو إليسا ومخرج العمل أثناء مشاهدتهما إحدى اللقطات من الكليب (فهد إيلي)

يروي إيلي فهد قصة عشقه لبيروت منذ انتقاله من القرية إلى المدينة. «كنت في الثامنة من عمري عندما راودني حلم الإخراج. وكانت بيروت هي مصدر إلهامي. أول مرة حطّت قدمي على أرض المدينة أدركت أني ولدت مغرماً بها. عملت نادلاً في أحد المطاعم وأنا في الـ18 من عمري. كنت أراقب تفاصيل المدينة وسكانها من نوافذ المحل. ذكرياتي كثيرة في مدينة كنت أقطع عدداً من شوارعها كي أصل إلى مكان عملي. عرفت كيف يستيقظ أهاليها وكيف يبتسمون ويحزنون ويتعاونون. وهذا الكليب أعتبره تحية مني إلى بيروت انتظرتها طويلاً».

لفت ايلي فهد شخصية إليسا العفوية (حسابه على {إنستغرام})

يصف إيلي فهد إليسا بالمرأة الذكية وصاحبة الإحساس المرهف. وهو ما أدّى إلى نجاح العمل ورواجه بسرعة. «هذا الحب الذي نكنّه سوياً لبيروت كان واضحاً. صحيح أنه التعاون الأول بيني وبينها، ولكن أفكارنا كانت منسجمة. وارتأيت أن أترجم هذا الحبّ بصرياً، ولكن بأسلوب جديد كي أحرز الفرق. موضوع المدينة جرى تناوله بكثرة، فحاولت تجديده على طريقتي».

تبدو إليسا في الكليب لطيفة وقريبة إلى القلب وسعيدة بمدينتها وناسها. ويعلّق فهد: «كان يهمني إبراز صفاتها هذه لأنها حقيقية عندها. فالناس لا تحبها عن عبث، بل لأنها تشعر بصدق أحاسيسها». ويضعنا فهد لاشعورياً في مصاف المدن الصغيرة الدافئة بعيداً عن تلك الكبيرة الباردة. ويوضح: «كلما كبرت المدن خفت وهجها وازدادت برودتها. ومن خلال تفاصيل أدرجتها في الكليب، برزت أهمية مدينتي العابقة بالحب».

لقطة من كليب أغنية "حبّك متل بيروت" الذي وقعه إيلي فهد (حسابه على {إنستغرام})

كتب الأغنية الإعلامي جان نخول ولحّنها مع محمد بشار. وحمّلها بدوره قصة حب لا تشبه غيرها. ويقول فهد: «لقد استمتعت في عملي مع هذا الفريق ولفتتني إليسا بتصرفاتها. فكانت حتى بعد انتهائها من تصوير لقطة ما تكمل حديثها مع صاحب المخبز. وتتسامر مع بائع الأسطوانات الغنائية القديمة المصنوعة من الأسفلت». ويتابع: «كان بإمكاني إضافة تفاصيل أكثر على هذا العمل. فقصص بيروت لا يمكن اختزالها بكليب. لقد خزّنت الكثير منها في عقلي الباطني لاشعورياً. وأدركت ذلك بعد قراءتي لتعليقات الناس حول العمل».

في نهاية الكليب نشاهد إليسا تمثّل دور الأم. فتنادي ابنتها الحاملة اسم بيروت. ويوضح فهد: «الفكرة هذه تعود لإليسا، فلطالما تمنت بأن ترزق بفتاة وتطلق عليها هذا الاسم». ويختم إيلي فهد متحدثاً عن أهمية هذه المحطة الفنية في مشواره: «لا شك أنها فرصة حلوة لوّنت مشواري. وقد جرت في الوقت المناسب مع أنها كانت تراودني من قبل كثيراً».