المحقق في انفجار مرفأ بيروت يطلب «التوقيف الفوري» لمعاون بري

والد أحد الضحايا يرفع دعوى ضد القاضي البيطار بحجة «الاستنسابية»

طائرة هليكوبتر تحاول إخماد النيران بعد انفجار مرفأ بيروت (أ.ف.ب)
طائرة هليكوبتر تحاول إخماد النيران بعد انفجار مرفأ بيروت (أ.ف.ب)
TT

المحقق في انفجار مرفأ بيروت يطلب «التوقيف الفوري» لمعاون بري

طائرة هليكوبتر تحاول إخماد النيران بعد انفجار مرفأ بيروت (أ.ف.ب)
طائرة هليكوبتر تحاول إخماد النيران بعد انفجار مرفأ بيروت (أ.ف.ب)

يواجه المحقق العدلي في ملف انفجار بيروت القاضي طارق البيطار، ضغوطاً سياسية متزايدة، تمثلت في دعوى تقدم بها والد أحد ضحايا الانفجار أمام محكمة التمييز الجزائية طالب فيها برد المحقق العدلي عن الملف، متهماً إياه بالاستنسابية، وهو ما يضاعف الانقسامات في صفوف عائلات الضحايا حول إجراءات البيطار.
وجاءت الدعوى بعد سلسلة دعاوى أخرى تَقدّم بها وكلاء الوزراء السابقين المدعى عليهم في الملف، وردها القضاء اللبناني بالكامل، وحصر الادعاء على القاضي بمحكمة التمييز الجزائية، في قرار اتُّخذ يوم الثلاثاء الماضي، ما مهّد لأن يستأنف البيطار إجراءاته.
ودخل تطور لافت على الملف أمس، تمثَّل في تقدم يوسف المولى، وهو والد أحد ضحايا انفجار مرفأ بيروت، بواسطة وكيله المحامي سلمان بركات، بدعوى طلب رد القاضي البيطار أمام محكمة التمييز الجزائية برئاسة القاضية رندة كفوري، حسبما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية، وذلك على خلفية «التسبب بتأخير التحقيق للاستنسابية التي يتّبعها القاضي البيطار من خلال استدعاء البعض، وغضّ النظر عن البعض الآخر مما يعوّق التحقيق العدلي» حسبما ورد في نص الدعوى.
ومن شأن هذه الدعوى أن تعقّد التحقيقات، في حال قبلت القاضية كفوري الدعوى، لكن رمزيتها تتمثل في انقسام أهالي الضحايا حول إجراءات البيطار. ويشير ويليام نون، شقيق جو نون، أحد ضحايا فوج الإطفاء، إلى أن هناك نحو عشرة منشقين عن الأهالي البالغ عددهم 220 عائلة، وبالتالي «لا يمكن وصف الأمر بالانقسام، بل بالانشقاق، لأن معظم الأهالي يؤيدون بقاء البيطار في مهمته»، مضيفاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن معظم الأهالي «يثقون بإجراءات البيطار ويطالبون بالسماح له باستكمال عمله من دون عرقلة لمهمته، بما يتيح له استدعاء الآخرين الذين ينوي استدعاءهم إلى التحقيق».
ويقول نون إن الفريق المنشق عن أهالي الضحايا، ويتصدرهم إبراهيم حطيط، «يحرّكهم الثنائي الشيعي»، معتبراً أن «كل شخص يتخذ موقفاً على أساس حزبي، سيكون فاقداً للمصداقية»، مضيفاً: «المؤسف أن بعض أهالي الضحايا يخدمون الطبقة السياسية، بينما نحن لا نرى استنسابية في التحقيقات، لكن الدعاوى المنهالة لكفّ يد البيطار، عرقلت عمله وقوّضت مساعيه لاستدعاء جميع المشتبه بمسؤوليتهم عن التسبب في الانفجار».
وقال إن «مضمون دعوى يوسف المولى تتطابق مع وجهة نظر أمين عام (حزب الله) حسن نصر الله التي عبّر عنها في تصريحاته الأخيرة».
وتأتي هذه الدعوى بعد يومين على استئناف البيطار مهامه، إثر 16 دعوى قضائية علّقت إجراءاته، وتقدم بغالبيتها وزراء سابقون مُدعى عليهم وامتنعوا عن المثول أمامه، وهم وزيرا الأشغال السابقان يوسف فنيانوس وغازي زعيتر، ووزير المالية السابق علي حسن خليل، ووزير الداخلية السابق نهاد المشنوق. وأدت تلك الدعاوى إلى تعليق التحقيق مرات عدة، قبل أن يُستأنف مجدداً الأسبوع الحالي إثر رد القضاء دعاوى عدة ضد بيطار.
وفي أول قرار اتخذه بعد استئناف عمله، أعاد البيطار إلى النيابة العامة التمييزية مذكرة التوقيف الغيابية الصادرة في حق النائب علي حسن خليل، وأمر بتنفيذها بشكل فوري من الأجهزة الأمنية. ونقلت الصحافة الفرنسية عن مصدر قضائي قوله إن «قرار البيطار ضرورة تعميم هذه المذكرة على الأجهزة الأمنية ووجوب تنفيذها فوراً، جاء بعد استئناف عمله»، مشيراً إلى أن «امتناع جهاز أمني عن تنفيذ مذكرة قضائية يعد سابقة خطيرة وتمرداً على قرارات السلطة القضائية».
ويأتي ذلك بعد رفض المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، قبل أسابيع تنفيذ مذكرة التوقيف الغيابية، التي صدرت في 12 أكتوبر (تشرين الأول)، في حق خليل، النائب الحالي والذي يُعد من أكثر المقربين من رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وتنتقد قوى سياسية إجراءات البيطار منذ ادعائه على رئيس الحكومة السابق حسان دياب، ووزراء سابقين وطلبه ملاحقة مسؤولين وأمنيين، وتتهمه بالاستنسابية. وطالب رئيس الهيئة التنفيذية في «حركة أمل» مصطفى الفوعاني أمس، بالإقلاع عن «كيديات الاستنساب في ملف القضاء، وتحكيم الدستور والقوانين، وكشف الحقيقة في انفجار المرفأ ومجزرة الطيونة، ووقف الحملات التحريضية التي تزيد واقعنا انقساماً وتشظياً». وأضاف: «ثمة قاضٍ متآمر، ينفّذ أوامر خارجية وداخلية تضرب مسار التحقيق».
وطرأ تطوّر آخر على الملف نفسه أمس، تَمثّل في مطالبة الموقوفين في الملف بالإفراج عنهم. وأعلنت المحامية راشيل لندون، في بيان، أنه «بالتزامن مع حلول اليوم العالمي لحقوق الإنسان، قدم كل من المدير العام السابق للجمارك اللبنانية شفيق مرعي، والمدير العام الحالي للجمارك بدري ضاهر، والمدير العام للجنة المؤقتة لإدارة واستثمار مرفأ بيروت حسن قريطم، ومدير الخدمات الجمركية حنا فارس، شكوى إلى فريق الأمم المتحدة المعنيّ بالاحتجاز التعسفي»، وذلك بواسطتها. وأوضحت أن «موضوع الشكوى يأتي في خانة اعتبار الموقوفين معتقلين من الحكومة اللبنانية بشكل تعسفي وغير قانوني».
وتفيد الشكوى التي قُدمت في باريس أمس، بأن توقيف كل من شفيق مرعي وحسن قريطم وحنا فارس وبدري ضاهر واحتجاز حريتهم على الفور في اليوم التالي للانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت في 4 أغسطس 2020 «دون أي سبب سوى كونهم يَشغلون مناصبهم الوظيفية الحالية أو السابقة وذلك من دون إتاحة القدرة لهم للدفاع عن أنفسهم، ومن دون تمكينهم منذ تاريخ احتجازهم من الطعن بشكل فعّال بقانونية الإجراءات التي اتُّخذت بحقهم، يعد منافياً لقواعد العدالة».
ورأت أن «عدم وجود أي سبيل للمراجعة في مذكرات التوقيف الصادرة بحقهم واستمرار حبسهم الاحتياطي لأجل غير مسمى، يشكلان دليلاً إضافياً على اعتقالهم التعسفي، هذا بالإضافة إلى تدخل الطبقة السياسية من أجل عرقلة أي إمكان لمحاكمتهم بصورة مستقلة ومحايدة في هذه القضية، ما أدى بلا شك إلى أن يحوّل رافعو الشكوى إلى محكمة استثنائية، وهي المجلس العدلي، على الرغم من عدم اختصاصها».
وقُدمت الشكوى في العاصمة الفرنسية باريس «على أساس أن احتجاز رافعي الشكوى من الدولة اللبنانية ينتهك الحق في ألا يُكره الشخص على الشهادة ضد نفسه، كما ينتهك الحق في المثول على وجه السرعة أمام قاض، وينتهك الحق في تكافؤ وسائل الدفاع، وينتهك الحق في الإنصاف للطعن في مشروعية الاحتجاز، وينتهك الحق في المحاكمة في غضون فترة زمنية معقولة، وينتهك الحق في المحاكمة أمام محكمة مختصة، وينتهك الحق في المحاكمة أمام محكمة مستقلة ومحايدة»، حسبما قالت لندون في البيان.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.