مقترح جزائري لتأسيس بروتوكول لـ«استعادة الأموال العربية المهربة»

جل المتهمين بتهريب أموال الجزائر للخارج كانوا جزءاً من نظام الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (إ.ب.أ)
جل المتهمين بتهريب أموال الجزائر للخارج كانوا جزءاً من نظام الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (إ.ب.أ)
TT

مقترح جزائري لتأسيس بروتوكول لـ«استعادة الأموال العربية المهربة»

جل المتهمين بتهريب أموال الجزائر للخارج كانوا جزءاً من نظام الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (إ.ب.أ)
جل المتهمين بتهريب أموال الجزائر للخارج كانوا جزءاً من نظام الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (إ.ب.أ)

عرضت الجزائر على حكومات الدول العربية إطلاق «بروتوكول موحد»، يتضمن آليات لاستعادة أموال هرّبها مسؤولون ورجال أعمال وموظفون حكوميون إلى الخارج، وذلك في إطار التشريعات والتدابير المتخذة لمحاربة الفساد. وفي غضون ذلك، احتج أقدم حزب معارض في الجزائر على «مطاردة مناضليه» بعد حكم قضائي بسجن أحد قيادييه بتهمة الفساد. ونشرت وزارة العدل الجزائرية ورقة حول محاربة الفساد، ومساعي استرجاع ما يسمى «الأموال التي نهبتها العصابة»، قرأها وزير العدل رشيد طبي بمناسبة ترؤسه «الدورة الـ37 لمجلس وزراء العدل العرب»، التي عقدت بالقاهرة، تتضمن «إعداد بروتوكول عربي يتعلق بالتعاون من أجل استرجاع الأموال المهربة إلى الخارج، سيكون مكملاً للاتفاقية العربية لمكافحة الفساد».
وأكد طبي أن «محاربة الفساد واسترجاع الأموال الناتجة عنه، هاجس جميع الدول العربية، ويتطلب ذلك توحيد الجهود»، مشيداً بـ«جهود الجزائر في محاربة ظاهرة الفساد». كما أشار إلى آليات وضعتها الجزائر في هذا المجال، أبرزها، حسبه، سلطة عليا مستقلة للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، تملك صلاحيات واسعة في هذا المجال، وتتكفل بإعداد «استراتيجية وطنية للشفافية والنزاهة، والسهر على تنفيذها ومتابعاتها».
وأوضح طبي أن الدولة الجزائرية «تعمل على استرجاع أموالها المنهوبة، وفق مسعى شامل أقره رئيس الجمهورية، يتطلب تكثيف التعاون الدولي والعربي». كما تناول طبي، في كلمته، «المسار الذي أطلقته الجزائر خلال السنتين الأخيرتين (منذ وصول عبد المجيد تبون إلى الحكم) في مسعى للالتزام بالشرعية الدستورية، وبناء المؤسسات بصفة ديمقراطية».
ونهاية الشهر الماضي، أعلن رئيس البلاد تأسيس «مفتشية» لدى رئاسة الجمهورية، قال إنها «ستؤدي زيارات فجائية» إلى أماكن عمل المسؤولين لمراقبتهم، والتدقيق في علاقاتهم بالمجتمع. وقال إنه «سيتم إيفاد مفتشين إلى ولاية ما، حيث سيكون لهم اتصال بكل فئات المجتمع... وسيتحرون حول كيفية تسيير هذه الولاية، وعن مسائل أخرى تتعلق بمدى تطبيق القوانين والقرارات على المستوى المحلي».
ولاحظ ناشطون في «جمعية مكافحة الرشوة»، المستقلة عن الحكومة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك تخمة وتضخماً في الهيئات والأجهزة المكلفة بمحاربة الفساد». لكن السلطات تفتقد، حسبهم، «رؤية واضحة للتصدي لهذه الظاهرة، المنتشرة في كل هيئات الدولة مثل السرطان». وتعهد تبون عندما تسلم الحكم باستعادة المال، «الذي حولته العصابة إلى الخارج». وقال إنه يملك «خطة» تتيح ذلك، لكن لم يشرح تفاصيلها قط، بينما يشكك مراقبون في جدية وعود الرئيس بهذا الخصوص.
وتطلق صفة «العصابة» على وجهاء من حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ويوجد الكثير منهم في السجن، بعضهم عسكريون. علماً بأن «الحرب ضد الفساد» كان أحد الشعارات البارزة للرئيس بوتفليقة. ويقدر رجال الحكم الحالي، حجم المال الذي تعرض للنهب، بـ1000 مليار دولار أميركي... وهو رقم لم تؤكده أي جهة مستقلة.
إلى ذلك، استنكرت «جبهة القوى الاشتراكية» المعارضة، أمس، في بيان، إدانة حميد عيساني، رئيس بلدية تيشي (250 كلم شرق العاصمة) سابقاً، وأحد قياديها، بالسجن سبع سنوات، مع التنفيذ في قضية فساد مرتبطة بتسيير البلدية.
وأكد الحزب أن «القضايا المتابع فيها الرفيق حميد عيساني تدخل في إطار تحامل القضاء على العديد من منتخبينا»، مبرزاً أن سبب متابعته «هو اجتهاده وتفانيه في ممارسة صلاحياته في تسيير بلدية تيشي لصالح المواطنين، وشجاعته في التصدي للمافيا المحلية، الأمر الذي جعله هدفاً لعشرات الرسائل الكيدية مجهولة المصدر، الهدف منها تصفية حسابات ضيقة، التي للأسف أخذ بها القضاء واستند إليها في قضيته».
وعبرت «القوى الاشتراكية» عن انزعاجها من تخفيف أحكام بالسجن ضد مسؤولين حكوميين، وتبرئة آخرين من تهمة الفساد، وقالت إنهم «استنزفوا مقدرات البلد البشرية والمادية، وعطلوا دوره التاريخي والحضاري (...)، في حين لا يفوت جهاز القضاء أي فرصة لإدانة ممثلي الشعب، الذين يعانون من قلة الصلاحيات، وضيق هامش الاستقلال في التسيير، زيادة على ثقل المسؤولية على عاتقهم».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.