أزمة الصحة العقلية لدى الشباب... ما الذي يمكن للآباء فعله؟

التحديات التي يواجهها الشباب بما في ذلك أثناء الوباء لها تأثير مدمر على صحتهم العقلية (رويترز)
التحديات التي يواجهها الشباب بما في ذلك أثناء الوباء لها تأثير مدمر على صحتهم العقلية (رويترز)
TT

أزمة الصحة العقلية لدى الشباب... ما الذي يمكن للآباء فعله؟

التحديات التي يواجهها الشباب بما في ذلك أثناء الوباء لها تأثير مدمر على صحتهم العقلية (رويترز)
التحديات التي يواجهها الشباب بما في ذلك أثناء الوباء لها تأثير مدمر على صحتهم العقلية (رويترز)

يحذر تقرير صدر هذا الأسبوع عن الجراح العام للولايات المتحدة، من أزمة الصحة العقلية المتزايدة بين الشباب وسط جائحة فيروس «كورونا».
نقلاً عن إحصائيات مثل زيادة بنسبة 50% في زيارات غرفة الطوارئ لمحاولات الانتحار المشتبه بها بين الفتيات، ومضاعفة أعراض القلق والاكتئاب المبلَّغ عنها عبر الجنسين، يقول التقرير الاستشاري المكون من 53 صفحة من الدكتور فيفيك إتش مورثي، إن التحديات التي يواجهها الشباب، بما في ذلك في أثناء الوباء، لها تأثير «مدمّر» على صحتهم العقلية، وفقاً لشبكة «إيه بي سي نيوز».
وسط التحذيرات، هذه خمس نصائح للآباء من خبراء الصحة العقلية والطب:

* «عاصفة كاملة» من مشكلات الصحة العقلية
في حين أن أزمة الصحة العقلية بين الشباب تتزايد منذ عقود، فقد أدى الوباء إلى تسريع الأزمة، وفقاً لما ذكره الدكتور ميتش برينشتاين، كبير مسؤولي العلوم في الجمعية الأميركية لعلم النفس.
قال برينشتاين عن الوباء: «من المهم أن يدرك الآباء مدى تميز عامل التوتر... الوضع الذي نواجهه يمتد عبر العالم. لا يوجد نهاية له تلوح في الأفق، وقد تكون له عواقب وخيمة محتملة، حيث غيّر الوباء أدوار الأطفال وروتينهم، والمشاركة الاجتماعية».
وتابع: «هذا المزيج من العوامل هو نوع من أسوأ تركيبة قد تريدها عندما يتعلق الأمر بالصحة العقلية».
ووصف برينشتاين استشارة الجراح العام بأنها فرصة لإعادة تشكيل طريقة تفكير البلاد بشأن الصحة العقلية الآن.
وقال برينشتاين: «لقد علّمنا الوباء أن نهتم بالصحة العقلية وأن نتحدث عنها بصراحة لأننا جميعاً نمر بعاصفة كاملة من مشكلات الصحة العقلية بعدة طرق».

* المساواة بين الصحة العقلية والجسدية
تماماً مثلما يتأكد الآباء من حصول الأطفال على مواعيد الأطباء السنوية والبقاء على المسار الصحيح للتطعيمات، يجب عليهم أيضاً التأكد من مراقبة الصحة العقلية لأطفالهم، وفقاً للدكتور إرلانغر «إيرل» تورنر، اختصاصي علم النفس الإكلينيكي.
وقال: «حتى لو كنت لا تعرف على وجه اليقين أن طفلك يعاني من بعض الأعراض أو العلامات التحذيرية التي لوحظت في التقرير، فلا بأس أن تطلب الاستشارة... مثلما نفكر في الذهاب إلى الطبيب بشكل منتظم، علينا الذهاب إلى معالج نفسي».

https://twitter.com/Surgeon_General/status/1468208429521059843?s=20

* البحث عن التغييرات في سلوكيات الأطفال وحالاتهم المزاجية
في حين أن المرض النفسي يظهر بطرق مختلفة في الأشخاص المختلفين، يجب على الآباء مراقبة التغيرات في مزاج وسلوكيات أطفالهم، بدءاً من النوم المفرط في أثناء النهار إلى قلة التركيز، والإحباط غير المبرر، وانخفاض الرغبة في المشاركة في الأنشطة الممتعة بشكل طبيعي، وفقاً للدكتور دارين ساتون، طبيب غرفة الطوارئ في مدينة نيويورك.
قال ساتون: «أحاول أيضاً تذكير الوالدين بأن يثقوا بشعورهم... غالباً ما يكون لدينا ميول للشعور بأن شيئاً ما ليس سليماً قبل أن يصبح الأمر واضحاً، ويجب أن نستخدم تلك اللحظة لفتح المحادثات والبحث عن المساعدة من خبير موثوق».

* محاولة تقديم نموذج جيد
أشار برينشتاين إلى أنه من «الأهمية بمكان ما» أن يتحدث الآباء مع أطفالهم عن الصحة العقلية. ويوصي بأن يناقش الآباء الانتحار، على سبيل المثال، بنفس الطريقة التي يتحدثون بها مع أطفالهم حول العلاقات والمخدرات.
بالمثل، قال تورنر إن الطريقة التي يتعامل بها الآباء مع صراعاتهم العقلية يمكن أن يكون لها تأثير على الأطفال.
وأضاف: «سيأخذ الأطفال إشارات منك... لقد مررنا جميعاً بتحديات مختلفة عاطفياً خلال الوباء، لذا فإن مشاركة التحديات الخاصة بك التي واجهتها يمكن أن تجعل الأطفال يعرفون أن الجميع ليسوا مثاليين دائماً».

* توضيح فكرة توافر المساعدة
في حين أن العثور على مساعدة للصحة العقلية قد يكون في بعض الحالات مكلفاً ويستغرق وقتاً طويلاً، فإن هناك موارد متوفرة، وفقاً للخبراء.
على سبيل المثال، تقدم جمعية علم النفس الأميركية مورداً عبر الإنترنت، مع معلومات للآباء، من كيفية معرفة متى يحتاج الطفل إلى طلب المساعدة المهنية إلى كيفية العثور على خبير.
يعد طبيب الأطفال أو مقدم الرعاية الطبية أيضاً مكاناً جيداً لطلب المساعدة. وأوصى تيرنر أيضاً بالتفكير في مدرسة طفلك كمورد للمساعدة في مشكلات الصحة العقلية.


مقالات ذات صلة

طريقة كلامك قد تتنبأ باحتمالية إصابتك بألزهايمر

صحتك امرأة تعاني مرض ألزهايمر (رويترز)

طريقة كلامك قد تتنبأ باحتمالية إصابتك بألزهايمر

أكدت دراسة جديدة أن طريقة الكلام قد تتنبأ باحتمالية الإصابة بمرض ألزهايمر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك التحفيز العميق لمناطق معينة من الدماغ باستخدام الأقطاب الكهربائية قد يساعد مرضى الشلل على المشي (رويترز)

أقطاب كهربائية بالدماغ تمكّن مصابين بالشلل من المشي مسافات قصيرة

خلصت دراسة وشهادة، نُشرتا أمس (الاثنين)، إلى أن التحفيز العميق لمناطق معينة من الدماغ باستخدام الأقطاب الكهربائية يمكن أن يساعد بعض المصابين بالشلل على المشي.

«الشرق الأوسط» (برن)
صحتك يرصد البحث أن ارتفاع مستويات الدهون الحشوية يرتبط بانكماش مركز الذاكرة في الدماغ (رويترز)

دهون البطن مرتبطة بألزهايمر قبل 20 عاماً من ظهور أعراضه

أفاد بحث جديد بأن نمو حجم البطن يؤدي إلى انكماش مركز الذاكرة في الدماغ.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الخضراوات الورقية تعدّ من الأطعمة الغنية بالمغنيسيوم (رويترز)

مفتاح النوم ومحارب القلق... إليكم أفضل 10 أطعمة لتعزيز مستويات المغنيسيوم

إنه مفتاح النوم الأفضل والعظام الأكثر صحة والتغلب على القلق، ولكن انخفاض مستويات المغنيسيوم أمر شائع. إليك كيفية تعزيز تناولك للمغنيسيوم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ استدعت شركة «صن فيد بروديوس» الخيار المعبأ في حاويات من الورق المقوى بكميات كبيرة (إدارة الغذاء والدواء الأميركية)

سحب شحنات من الخيار بعد تفشي السالمونيلا في ولايات أميركية

تحقق السلطات الأميركية في تفشي عدوى السالمونيلا التيفيموريوم المرتبطة بتناول الخيار في ولايات عدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تانيا صالح تُغنّي للأطفال وترسم لُبنانَهم الأحلى

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
TT

تانيا صالح تُغنّي للأطفال وترسم لُبنانَهم الأحلى

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)

أمَّنت الإقامة في باريس للفنانة اللبنانية تانيا صالح «راحة بال» تُحرِّض على العطاء. تُصرُّ على المزدوجَين «...» لدى وصف الحالة، فـ«اللبناني» و«راحة البال» بمعناها الكلّي، نقيضان. تحطّ على أراضي بلادها لتُطلق ألبومها الجديد الموجَّه إلى الأطفال. موعد التوقيع الأول؛ الجمعة 6 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. والأحد (8 منه) تخصّصه لاستضافة أولاد للغناء والرسم. تريد من الفنّ أن يُهدّئ أنين أطفال الصدمة ويرأف بالبراءة المشلَّعة.

تريد من الفنّ أن يُهدّئ أنين أطفال الصدمة ويرأف بالبراءة المشلَّعة (صور تانيا صالح)

وطَّد كونها أُماً علاقتها بأوجاع الطفولة تحت النار؛ من فلسطين إلى لبنان. تُخبر «الشرق الأوسط» أنها اعتادت اختراع الأغنيات من أجل أن ينام أطفالها وهم يستدعون إلى مخيّلاتهم حلاوة الحلم. لطالما تمنّت الغناء للصغار، تشبُّعاً بأمومتها وإحساسها بالرغبة في مَنْح صوتها لمَن تُركوا في البرد واشتهوا دفء الأحضان. تقول: «أصبح الأمر مُلحّاً منذ تعرُّض أطفال غزة لاستباحة العصر. لمحتُ في عيون أهاليهم عدم القدرة على فعل شيء. منذ توحُّش الحرب هناك، وتمدُّد وحشيتها إلى لبنان، شعرتُ بأنّ المسألة طارئة. عليَّ أداء دوري. لن تنفع ذرائع من نوع (غداً سأبدأ)».

غلاف الألبوم المؤلَّف من 11 أغنية (صور تانيا صالح)

وفَّر الحبُّ القديم لأغنية الطفل، عليها، الكتابةَ من الصفر. ما في الألبوم، المؤلَّف من 11 أغنية، كُتب من قبل، أو على الأقل حَضَرت فكرته. تُكمل: «لملمتُ المجموع، فشكَّل ألبوماً. وكنتُ قد أنقذتُ بعض أموالي خشية أنْ تتطاير في المهبّ، كما هي الأقدار اللبنانية، فأمّنتُ الإنتاج. عملتُ على رسومه ودخلتُ الاستوديو مع الموسيقيين. بدل الـ(CD)؛ وقد لا يصل إلى أطفال في خيامهم وآخرين في الشوارع، فضَّلتُ دفتر التلوين وفي خلفيته رمز استجابة سريعة يخوّلهم مسحه الاستماع المجاني إلى الأغنيات ومشاهدتها مرسومة، فتنتشل خيالاتهم من الأيام الصعبة».

تُخطّط تانيا صالح لجولة في بعلبك وجنوب لبنان؛ «إنْ لم تحدُث مفاجآت تُبدِّل الخطط». وتشمل الجولة مناطق حيث الأغنية قد لا يطولها الأولاد، والرسوم ليست أولوية أمام جوع المعدة. تقول: «أتطلّع إلى الأطفال فأرى تلك السنّ التي تستحقّ الأفضل. لا تهمّ الجنسية ولا الانتماءات الأخرى. أريد لموسيقاي ورسومي الوصول إلى اللبناني وغيره. على هذا المستوى من العطف، لا فارق بين أصناف الألم. ليس للأطفال ذنب. ضآلة مدّهم بالعِلم والموسيقى والرسوم، تُوجِّه مساراتهم نحو احتمالات مُظلمة. الطفل اللبناني، كما السوري والفلسطيني، جدير بالحياة».

تعود إلى لبنان لتُطلق ألبومها الجديد الموجَّه للأطفال (صور تانيا صالح)

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال، تشعر أنها تستريح: «الآن أدّيتُ دوري». الفعل الفنّي هنا، تُحرّكه مشهديات الذاكرة. تتساءل: «كم حرباً أمضينا وكم منزلاً استعرنا لننجو؟». ترى أولاداً يعيشون ما عاشت، فيتضاعف إحساس الأسى. تذكُر أنها كانت في نحو سنتها العشرين حين توقّفت معارك الحرب الأهلية، بعد أُلفة مريرة مع أصوات الرصاص والقذائف منذ سنّ السادسة. أصابها هدوء «اليوم التالي» بوجع: «آلمني أنني لستُ أتخبَّط بالأصوات الرهيبة! لقد اعتدْتُها. أصبحتُ كمَن يُدمن مخدِّراً. تطلَّب الأمر وقتاً لاستعادة إيقاعي الطبيعي. اليوم أتساءل: ماذا عن هؤلاء الأطفال؛ في غزة وفي لبنان، القابعين تحت النار... مَن يرمِّم ما تهشَّم؟».

تريد الموسيقى والرسوم الوصول إلى الجميع (صور تانيا صالح)

سهَّلت إقامُتها الباريسية ولادةَ الألبوم المُحتفَى به في «دار المنى» بمنطقة البترون الساحلية، الجمعة والأحد، بالتعاون مع شباب «مسرح تحفة»، وهم خلف نشاطات تُبهج المكان وزواره. تقول إنّ المسافة الفاصلة عن الوطن تُعمِّق حبَّه والشعور بالمسؤولية حياله. فمَن يحترق قد يغضب ويعتب. لذا؛ تحلَّت بشيء من «راحة البال» المحرِّضة على الإبداع، فصقلت ما كتبت، ورسمت، وسجَّلت الموسيقى؛ وإنْ أمضت الليالي تُشاهد الأخبار العاجلة وهي تفِد من أرضها النازفة.

في الألبوم المُسمَّى «لعب ولاد زغار»، تغنّي لزوال «الوحش الكبير»، مُختَزِل الحروب ومآسيها. إنها حكاية طفل يشاء التخلُّص من الحرب ليكون له وطن أحلى. تقول: «أريد للأطفال أن يعلموا ماذا تعني الحروب، عوض التعتيم عليها. في طفولتي، لم يُجب أحد عن أسئلتي. لم يُخبروني شيئاً. قالوا لي أنْ أُبقي ما أراه سراً، فلا أخبره للمسلِّح إنْ طرق بابنا. هنا أفعل العكس. أُخبر الأولاد بأنّ الحروب تتطلّب شجاعة لإنهائها من دون خضوع. وأُخبرهم أنّ الأرض تستحق التمسُّك بها».

وتُعلِّم الصغار الأبجدية العربية على ألحان مألوفة، فيسهُل تقبُّل لغتهم والتغنّي بها. وفي الألبوم، حكاية عن الزراعة وأخرى عن النوم، وثالثة عن اختراع طفل فكرة الإضاءة من عمق خيمته المُظلمة. تقول إنّ الأخيرة «حقيقية؛ وقد شاهدتُ عبر (تيك توك) طفلاً من غزة يُفكّر في كيفية دحض العتمة لاستدعاء النور، فألهمني الكتابة. هذه بطولة».

من القصص، تبرُز «الشختورة» (المركب)، فتروي تانيا صالح تاريخ لبنان بسلاسة الكلمة والصورة. تشاء من هذه الحديقة أن يدوم العطر: «الألبوم ليس لتحقيق ثروة، وربما ليس لاكتساح أرقام المشاهدة. إنه شعوري بتأدية الدور. أغنياته حُرّة من زمانها. لم أعدّها لليوم فقط. أريدها على نسق (هالصيصان شو حلوين)؛ لكلّ الأيام».