ملح الطعام وارتفاع ضغط الدم... علاقة علاجية ووقائية

توصيات للحد من كثرة تناوله

ملح الطعام وارتفاع ضغط الدم... علاقة علاجية ووقائية
TT

ملح الطعام وارتفاع ضغط الدم... علاقة علاجية ووقائية

ملح الطعام وارتفاع ضغط الدم... علاقة علاجية ووقائية

ضمن عدد 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي من مجلة «نيوإنغلاند جورنال أوف ميديسن» الطبية (NEJM)، عرضت مراجعة طبية بعنوان «نظرة ثاقبة في التعامل مع الملح وضغط الدم»، وهي المراجعة العلمية الموصوفة بأنها «أحدث ما تم التوصل إليه» في علاقة تناول الملح بارتفاع ضغط الدم.
وفي محاولة للحد من تناول الصوديوم، كانت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) قد دعت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي سلسلة المطاعم ومصنّعي المواد الغذائية إلى خفض محتوى الملح في منتجاتهم طواعية. والهدف هو تقليل تناول الصوديوم من الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 14 عاماً فما فوق، من 3400 مليغرام إلى 3000 مليغرام، أي الخفض بما يقرب من 12%. وقالت في بيان لها: «حتى هذه التخفيضات المتواضعة التي يتم إجراؤها ببطء خلال السنوات القليلة المقبلة، ستقلل بشكل كبير من الأمراض المرتبطة بصوديوم النظام الغذائي».

الصوديوم والملح
هذا ولا تزال الإرشادات الغذائية لعام 2020- 2025 للأميركيين، توصي بألا يتجاوز الاستهلاك اليومي حدّ 2300 مليغرام من الصوديوم، كجزء من نمط الأكل الصحي.
وبالنسبة للصوديوم والملح تجدر ملاحظة النقاط الأربع التالية:
- ملح الطعام مكون من مركب كلوريد الصوديوم (NaCl).
- كل غرام من ملح الطعام يحتوي على 0.4 (صفر فاصلة أربعة) غرام من الصوديوم. وبشكل تقريبي تحتوي ملعقة الشاي الصغيرة، التي تحمل من ملح الطعام عند ملئها ما يزن نحو 4 غرامات، على نحو 2.4 (اثنين فاصلة أربعة) غرام من الصوديوم الصافي.
- التركيز الطبي هو حول دور «عنصر الصوديوم» في ارتفاع ضغط الدم، وفي تفاقم حالات ضعف القلب وضعف الكبد وضعف الكلى.
- المطلوب صحياً هو تقليل تناول معدن الصوديوم، الذي يُوجد بشكل رئيسي في ملح الطعام المالح الطعم، وأيضاً يوجد في مواد كثيرة تُضاف إلى المنتجات الغذائية، والتي ليست بالضرورة أن تكون ذات طعم مالح، بل كثير منها غير مالح الطعم.

توازن الصوديوم في الجسم
والأصل أن الجسم يحتاج إلى «قليل» من الصوديوم، نحو 500 ملغم منه يومياً، لأنه معدن يُساعد في حفظ توازن السوائل في الجسم. كما أنه عنصر مهم في نقل الرسائل والإشارات العصبية داخل الجهاز العصبي المركزي وفي بقية أعصاب الجسم. والوظيفة الثالثة المهمة للصوديوم في الجسم هي تناسق تتابع عمليات انقباض العضلات واسترخائها.
وتقوم الكليتان بحفظ معدلات الصوديوم ضمن المدى الطبيعي في الجسم. وعندما تنخفض نسبة الصوديوم في الجسم، تعمل الكليتان على تقليل إخراج الصوديوم مع البول. أما عندما تكون نسبته مرتفعة، فتتخلَص الكليتان من فائض الصوديوم عبر الإخراج في البول. وعندما لا تستطيع الكليتان التخلص من فائض الصوديوم، يبدأ في التراكم في الجسم. ومع الصوديوم يتراكم الماء، أو ما يُعرف بـ«احتباس السوائل Fluid Retention». وبالتالي يزداد احتباس الماء في الأنسجة والأعضاء المختلفة، كالقدمين والساقين والرئة والبطن. كما تزداد كمية السائل الدموي داخل الأوعية الدموية، ويرتفع ضغط الدم.
وفي المراجعة العلمية الحديثة، أوضح كل من البروفسور ديفيد إتش إليسون، طبيب أمراض الكلى وارتفاع ضغط الدم بجامعة أوريغون للصحة والعلوم، والبروفسور بول ويلينغ، طبيب الباطنية وأمراض الكلى بكلية طب «جونز هوبكنز»، ما مفاده أن أحد الأسباب الرئيسية للتركيز الشائع، في الأوساط الطبية وبين الناس، على تناول الملح هو ارتباطه بضغط الدم. وأن الملاحظات التي تعود لمنتصف القرن العشرين، تشير إلى أن البشر الذين يستهلكون المزيد من الملح يعانون من ضغوط شريانية أعلى، وأن تناول الملح بكميات كبيرة يرفع ضغط الدم. وأضافوا أن الشعور بالعطش هو الآلية التي تدفع المرء لشرب الماء للحفاظ على تروية كافية للجسم بالماء. وإضافة إلى نقص كمية الماء في الجسم، يزيد الشعور بالعطش مع زيادة تناول الملح، بغية توفير مزيد من الماء لإخراجه مع البول، خلال عملية تخلّص الجسم من فائض الصوديوم فيه.

بدائل الملح
وطرح الباحثون في نفس الوقت حقائق أخرى تتعلق بالبوتاسيوم في هذا الأمر. منها أن المهم هو نسبة ما يدخل الجسم من البوتاسيوم مقارنةً بما يدخله من الصوديوم. وذكروا أن التجارب العلمية لاحظت أن ترك تناول ملح الطعام العادي Table Salt(الذي يحتوي على صوديوم بنسبة 100%) وتناول بديل ملح الطعام Salt Substitute (ملح مكون بنسبة 75% من الصوديوم و25% من البوتاسيوم)، لم يُؤدِّ إلى ارتفاع ضغط الدم، بل على العكس، أسهم في خفض ضغط الدم وخفض معدلات الإصابة بالسكتة الدماغية Stroke وأحداث القلب والأوعية الدموية الرئيسية Cardiovascular Events والوفاة من أي سبب.
ولكن أطباء «مايوكلينك» يوضحون جانباً آخر بقولهم: «بعض بدائل الملح تحتوي على خليط من ملح الطعام ومركّبات أخرى.
وللحصول على المذاق المملح المألوف، قد يستخدم المرء كمية كبيرة من البديل؛ وبذلك يحصل على الكثير من الصوديوم. أيضاً، يحتوي الكثير من بدائل الملح على كلوريد البوتاسيوم. وعلى الرغم من أن البوتاسيوم يمكنه المساعدة على تخفيف بعض المشكلات الناتجة عن زيادة الصوديوم، فإن الإفراط في تناوله قد يكون ضاراً، خصوصاً إذا كنتَ تعاني من أمراض الكُلى أو إذا كنت تتناول أدوية لفشل القلب الاحتقاني أو ارتفاع ضغط الدم والتي تتسبب في احتباس البوتاسيوم».

حساسية الملح
وأضاف الباحثون في مراجعتهم الحديثة جانباً آخر بقولهم: «بعض الأشخاص لديهم حساسية خاصة لتناول الملح على ضغط الدم Salt- Sensitive Hypertension، ومع تناولهم كميات معتادة من الملح، يحصل ارتفاع في ضغط الدم لدى هؤلاء الأشخاص». وفي هذا الشأن يقول أطباء «مايوكلينك»: «أجسام بعض الأشخاص لديها حساسية أعلى لتأثير الصوديوم مقارَنةً بغيرهم. إذا كنتَ حسَاساً تجاه الصوديوم، يقوم جسمكَ بالاحتفاظ بالصوديوم بسهولة أكبر؛ مما يؤدي إلى الاحتفاظ بالسوائل وزيادة ضغط الدم. إذا أصبحَتْ هذه الحالة مزمنة، فيُمكن أن تؤدي إلى أمراض القلب والسكتة الدماغية وأمراض الكُلى وفشل القلب الاحتقاني».
ورغم الاتفاق العلمي حول علاقة تناول الملح بارتفاع ضغط الدم لدى كثير من الناس، فإن الآليات الدقيقة لحصول ذلك لا تزال محل بحث لدى الأطباء. وتفترض غالبية التفسيرات وجود علاقة بين زيادة تناول الملح وبين تفاعلات الأوعية الدموية وخلايا جهاز مناعة الجسم ومناطق متعددة من تراكيب أجزاء الكليتين، إضافةً إلى عوامل جينية. وهذا الأمر يعيق عن وصف النظام الغذائي الأمثل في كمية محتواه من الملح، للوقاية من الإصابة بارتفاع ضغط الدم ولمعالجة المُصابين به، كما أفاد الباحثون. ولذا ظهر مصطلح «ارتفاع ضغط الدم ذي العلاقة بالحساسية من الملح Salt- Sensitive Hypertension».

هل ملح البحر أكثر صحة من ملح المائدة المعتاد؟

> يتم وصف ملح البحر بأنه عضوي وطبيعي ونقي، في إشارة إلى أنه بديل صحي لملح الطعام المعتاد. والاختلافات الرئيسية بين ملح البحر وملح الطعام تكمن في الطعم، وملمس الحبيبات، والمعالجة الإنتاجية.
ويأتي ملح الطعام العادي من مناجم الملح، وتتم معالجته للتخلص من بعض المعادن. وبالإضافة إلى التعزيز باليود -وهو عنصر غذائي أساسي يساعد في الحفاظ على صحة الغدة الدرقية- يحتوي ملح الطعام عادةً على مادة مضافة لمنع التكتل Clumping.
أما ملح البحر فيأتي من مياه البحر المتبخرة، ومعالجته إنتاجياً بقدر ضئيل. ولذلك قد يحتفظ بالقليل من المعادن الأخرى. وتعتمد المعادن الأخرى (غير كلوريد الصوديوم) التي يحتوي عليها ملح البحر، على مكونات ماء البحر الذي يتبخر منه. ما قد يعزز له طعماً أو لوناً مختلفاً عن الملح الأبيض العادي. ولكن عند الحديث من منظور صحي، فإن كمية وأنواع تلك المعادن الأخرى، هي طفيفة ويمكن الحصول عليها بسهولة من خلال تناول أنواع مختلفة من المنتجات الغذائية في الطعام اليومي.
ومحتوى الصوديوم في ملح البحر وملح الطعام متطابق عند 40% عند قياسه بالوزن (أي بالغرام). ومع ذلك، نظراً لأن بعض ملح البحر قد يحتوي على بلورات أكبر من ملح الطعام العادي، فقد يحتوي ملح البحر على كمية «أقل» من الصوديوم من حيث الحجم، لأن عدداً أقل من البلورات يتناسب مع جهاز القياس، مثل الملعقة.
وحول إضافة اليود إلى الملح، توضح الدكتورة كاثرين زيراتسكي، المتخصصة في التغذية الإكلينيكية والغدد الصماء في «مايوكلينك»، قائلة ما مفاده أن «اليود عنصر نادر موجود في الأرض. وتم توزيع اليود بشكل متنوع في جميع أنحاء العالم بسبب آثار العصر الجليدي، وقد تراكم اليود بشكل أساسي في المناطق الساحلية. والمصادر الغذائية الأكثر شيوعاً لليود هي الأعشاب البحرية والأسماك والمنتجات النباتية المزروعة في تربة مناطق السواحل الغنية باليود. وإضافة اليود إلى ملح الطعام هي طريقة غير مكلفة وعملية، لتوفيره للجسم. وملح البحر الطبيعي غير مُعزَّز باليود، بل يحتوي على كمية طبيعية وقليلة من اليود، مقارنةً بملح الطعام المُعزز باليود Iodized Salt.
وتحديداً، يحتوي الملح المعالج باليود على 45 ميكروغراماً من اليود لكل 1 غرام من الملح. ويُنصح البالغون بتناول 150 ميكروغراماً من اليود في اليوم، وهو ما يتوفر للجسم بتناول نصف ملعقة صغيرة من ملح الطعام المُعزز باليود. ولذا فإنه اعتماداً على المكان الذي تعيش فيه وكمية المأكولات البحرية التي تتناولها، قد لا ترغب في استبدال ملح الطعام بملح البحر. ومع ذلك، لا ينبغي أن يمنعك ذلك من استخدام ملح البحر عندما تريد تلك النكهة الخاصة به».

من أين يأتينا الصوديوم في طعامنا؟

> تحت هذا العنوان، تفيد المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) بأنه رغم أن الكثير من الناس يسارعون إلى إلقاء اللوم على «ملاّحة المائدة» في التسبب بإكثارنا من تناول الصوديوم، فإن ذلك لا يمثل إلاّ كمية صغيرة من الصوديوم في الغذاء اليومي. وتحديداً، لا تمثل إضافة الرشّ بالملاّحة في الغالب نسبة 20% من الصوديوم الذي نتناوله خلال اليوم.
وقالت ما ملخصه إن «معظم الصوديوم الذي يستهلكه الأميركيون -نحو 70%- يأتي من المطاعم والأطعمة المعبأة والمعالَجة، بما في ذلك الكثير من المنتجات التي لا نتذوق فيها الطعم المالح». وأوضحت أن أكثر من40% من الصوديوم الذي نتناوله كل يوم يأتي من 10 أنواع فقط من الطعام هي: الخبز والبيتزا والساندويتشات واللحوم الباردة والمقددة (اللحوم المُصنّعة)، والشوربات الجاهزة، والجبنة، والوجبات الخفيفة من رقائق البطاطس، والفشار، والبسكويت المملح، والوجبات الخفيفة المخلوطة، والمقرمشات».
ولتحسين العادات الغذائية في استهلاك الصوديوم، يذكر المتخصصون الصحيون في «مايوكلينك» ثلاث خطوات لذلك، وهي: «اكتشف كمية الصوديوم التي يحتاج إليها جسمك فعلياً، وما الأطعمة الغنية بالصوديوم التي يجب تجنبها، وطرق تحضير الطعام وتقديمه من دون إضافة الصوديوم». ويلخصون ذلك في الخطوات التالية:
- تناول المزيد من الأطعمة الطازجة. الفاكهة والخضراوات الطازجة واللحوم والدواجن الطازجة أو المجمدة.
- اختر المنتجات قليلة الصوديوم.
- قلِّل الملح في إعداد الطعام قدر المستطاع.
- الحدّ من استخدام التوابل الغنية بالصوديوم. مثل صلصة الصويا، والكاتشاب، والخردل، وغيره.
- استخدم البهارات والأعشاب الطازجة أو المجففة والمُنكهّات الطبيعية، لتتبيل الأطعمة.
- راقب الصوديوم الذي يوجد في الغلوتامات أحادية الصوديوم (MSG)، وبيكربونات الصوديوم للخبز (ملعقة صغيرة، ملعقة شاي، من بيكربونات الصوديوم تحتوي على 1000 مليغرام من الصوديوم)، وخَميرة الخَبْز (بيكينغ باودر).


مقالات ذات صلة

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

صحتك القلق قد يتسبب في مشكلات نفسية وجسدية للشخص (رويترز)

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

يسيطر القلق على أفكار كثير من الأشخاص، إذ يميل البعض إلى توقع حدوث الأحداث المروعة أو الكارثية في المستقبل ويعتقدون أن القلق قد يساعد على منع حدوثها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

يعمل عدد من المليارديرات على تطوير حبوب لإطالة العمر، يقول الخبراء إنها تستهدف الأغنياء فقط، نظراً لتكلفتها المرتفعة المتوقعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك ممرضة تقيس ضغط دم أحد الأشخاص داخل «مركز شرق آركنساس الصحي العائلي» في ليبانتو (أرشيفية - رويترز)

6 خطوات للحفاظ على ضغط دم آمن خلال الطقس البارد

مع دخول فصل الشتاء، وزيادة برودة الأجواء، ما التأثير الذي قد يخلفه هذا الجو على صحتنا؟ وهل له تأثير على ضغط الدم؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صناديق من عقاري «أوزمبيك» و«ويغوفي» من إنتاج شركة «نوفو نورديسك» في صيدلية بلندن (رويترز)

دراسة تكشف ميزة جديدة لأدوية إنقاص الوزن مثل «أوزمبيك»: تحمي الكلى

أفادت دراسة جديدة بأن أدوية السمنة الشائعة، مثل «أوزمبيك»، قد تساعد أيضاً في حماية الكلى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

ما سبب زيادة انتشار مرض الكبد الدهني خلال السنوات الأخيرة؟

تقوم الكبد بالعديد من الوظائف الحيوية بالجسم (رويترز)
تقوم الكبد بالعديد من الوظائف الحيوية بالجسم (رويترز)
TT

ما سبب زيادة انتشار مرض الكبد الدهني خلال السنوات الأخيرة؟

تقوم الكبد بالعديد من الوظائف الحيوية بالجسم (رويترز)
تقوم الكبد بالعديد من الوظائف الحيوية بالجسم (رويترز)

أكد طبيب أميركي أن النظام الغذائي السيئ هو المحرك الرئيسي لـ«مرض الكبد الدهني»، وأن الاستهلاك المتزايد للمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة ورقائق البطاطس والأطعمة شديدة المعالجة ساهم في تفاقم المشكلة خلال السنوات الأخيرة.

ويعد مرض الكبد الدهني أكثر أمراض الكبد شيوعاً على مستوى العالم. وقديما كان يفترض الكثير من العلماء أنه يرجع في الأساس إلى استهلاك الكحول.

إلا أن الدكتور بين غالاردت، المتخصص في الطب الوظيفي في مدينة فورت كولينز بولاية كولورادو، أكد لموقع «نيوزويك» أن العديد من مرضاه المصابين بمرض الكبد الدهني هم من القصر الذين لا يشربون الكحول على الإطلاق، الأمر الذي دفعه للبحث في النظام الغذائي والصحي لأولئك المرضى جنبا إلى جنب مع النظر في نتاج الدراسات السابقة لمعرفة السبب الرئيسي وراء هذا المرض.

وقامت إحدى هذه الدراسات بتحليل بيانات من أكثر من 4600 مراهق وشاب بالغ تتراوح أعمارهم بين 12 و29 عاماً، تم جمعها بين عامي 2007 و2016. وكشفت نتائجها أن حوالي 18.5 في المائة من هذه المجموعة مصابون بمرض الكبد الدهني وأن العامل المشترك بينهم هو وجود خلل بالتمثيل الغذائي لديهم نتيجة اتباع نظام غذائي غير صحي وارتفاع نسبة السكر في دمائهم.

وقال الدكتور غالاردت: «مرض الكبد الدهني هو مرض مرتبط بخلل في التمثيل الغذائي. وهذا يؤكد على فكرة أنه مرض قائم على سكر الدم».

ولفت إلى أن الأمر الذي زاد من انتشار هذا المرض في السنوات الأخيرة هو سهولة الوصول إلى الأطعمة غير الصحية عالية الدهون والسكر، وخاصة في المناطق ذات الدخل المنخفض.

وأوضح غالاردت، الذي يمارس الطب الوظيفي منذ 25 عاماً: «أصبح الأطفال وصغار السن يصابون بمرض الكبد الدهني بمعدل متزايد بسبب الخيارات الغذائية السيئة. وتؤدي المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة ورقائق البطاطس والأطعمة شديدة المعالجة إلى ارتفاع نسبة السكر في الدم ثم انخفاضها لاحقاً. وهذا يدفع الجسم إلى تخزين الغلوكوز في الكبد وإطلاقه لاحقاً حسب الحاجة».

ويُعرف مرض الكبد الدهني بأنه مرض صامت مع أعراض قليلة أو معدومة، وقد يكون من الصعب اكتشافه.

وقال غالاردت: «الطريقة الصحيحة الوحيدة لتشخيص الإصابة بمرض الكبد الدهني هي الموجات فوق الصوتية».

وتقوم الكبد بالعديد من الوظائف الحيوية، بدءا من إزالة السموم من المواد الضارة واستقلاب العناصر الغذائية إلى إنتاج الصفراء للهضم.

وقد يؤدي مرض الكبد الدهني إلى خلل في هذه الوظائف وضعف إزالة السموم، الأمر الذي قد يتسبب بمشاكل صحية خطيرة وقد يهدد الحياة.

وأشار غالاردت إلى أن أول شيء يمكن للناس القيام به من أجل منع مرض الكبد الدهني هو الحفاظ على استقرار نسبة السكر في الدم قدر الإمكان.

وأكد إمكانية تحقيق ذلك من خلال الحفاظ على نظام غذائي صحي، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، والبقاء رطباً عن طريق شرب الكثير من الماء، وتقليل المشروبات السكرية والتأكد من الحصول على قسط كافٍ من النوم.