The Last Duel ****
• إخراج: ريدلي سكوت | Ridley Scott
• الولايات المتحدة (2021) |
أحداث تاريخية | عروض تجارية
«المبارزة الأخيرة» فيلم صراعات حول حقيقة مفقودة في وسط جدال حول ما إذا كانت بطلة الفيلم مرغريت (جودي كومر) تعرضت للاغتصاب من قِبل الفارس جاك لغريز (أدام درايفر) أم أنها تدعي ذلك. في الوقت ذاته هناك زوجها الفارس سير جان كاروج (مات دايمون) الذي يؤكد أن زوجته اغتصبت ويطالب بالعدالة وإن لم يكن فمبارزة حياة أو موت بينه وبين جاك.
لا تقع الأحداث في الزمن الحاضر وإلا لما استدعى الأمر مبارزة، بل في القرن الرابع عشر في فرنسا التي تخوض حرباً ضد الجزيرة البريطانية من حين لآخر. جان وجاك فارسان متساويا المهارة قاد الأول، في مطلع الفيلم، معركة ضد الاسكوتلنديين وخسرها لكن هذا لا يمنعه وصديقه جاك من القيام بحملات أخرى خرجا منها بالفوز. هذا كله قبل أن تتصدع الصداقة ويتم إرسال جان إلى المعارك الضارية من دون صديقه الذي بات من المقربين للحاكم بيير (بن أفلك) وكلمته عنده لا تُرد.
عندما يكتشف جان أن جاك اغتصب زوجته يطلب العدالة من الحاكم لكن هذا يكن له ضغينة كبيرة. لن ينصاع لرغبة جان في رفع الشكوى إلى محافل عليا. عوض ذلك يقوم جاك بعدم الرضوخ لأي طلب يبديه جان أو زوجته مرغريت والتصرف كما لو أن شيئا لم يقع. في ثنايا هذا الوضع هناك حقيقة أن جان كان خسر ممتلكاته التي ورثها عن والده، كما حصل الحاكم على أرض شاسعة كانت ملكاً لوالد مرغريت ثم منحها لجاك لغريز. بذلك يوعز الفيلم هنا أن أحد أسباب غضب الفارس جان على صديق الأمس له علاقة باستيلاء الأخير على ممتلكات زوجته.
الفيلم المقتبس عن كتاب وضعه إريك جاغر منقسم بين ثلاث وجهات نظر كما «راشومون» لأكيرا كوروساوا لكن ليس بالمنهج أو الأسلوب الفعلي ذاته. هناك الحكاية ذاتها من وجهة نظر مرغريت والحكاية ذاتها من وجهة نظر جاك والحكاية ذاتها من وجهة نظر جان. في النهاية ستتلاحم هذه الزوايا في موقعة واحدة ستقرر أيا من المتبارزين على حق تبعاً لمن سينتصر فيها أو يُقتل. جان وجاك سيدخلان معركة فاصلة كل واحد ضد الآخر والفائز هو المحق في ادعائه سواء أكان صادقاً أم لا.
هذا عالم سوداوي يوصمه المخرج سكوت بنعوت مترجمة بمشاهد عنف واقعية. مشاهد القتال وحشية وضارية حتى عندما يختصرها الفيلم بتوليف جيد. الفصل الأخير من الفيلم، ذاك الذي تقع فيه المبارزة بين جان وجاك أكثر ضراوة من أي شيء شوهد في أفلام سكوت التاريخية السابقة أو ما يماثلها من هذا النوع من السينما.
في قلب هذا الفيلم تعليق المخرج على مسألتين: المرأة التي لا مكان لها في المجتمع المسيحي آنذاك، والسُلطة التي يمارسها البعض على البعض الآخر ما يستدعي مواجهتها. كل من هاتين المسألتين معالج بقدرة المخرج الفذة على سرد واقعي (من دون أن يعني هذا أن الفيلم بحد ذاته واقعي) وتأمين التفاصيل التي من شأنها وضع المُشاهد في قلب ما يدور.
كذلك في طيات العمل البحث عن الحقيقة. كل لديه دافع ما للكذب: مرغريت تجد نفسها بين زوج يحكمها وآخر يرغب بها جنسياً. جاك خسر أرضه ويلوم جان على عدم الوقوف لجانبه لاستعادتها. أما جان فيريد درأ الإهانة التي أحاقت به لأنها قد تفقده ميزاته ومكانته. النهاية لا تحسم الجواب لكن المخرج، في منظور دقيق، يؤيد المرأة في دعواها. تستطيع أن تلحظ ذلك عبر الطريقة التي رتب فيها المخرج المشاهد المنتمية إلى وجهة نظر مرغريت والأخرى التي يقدم عبرها شخصية جان المحتالة.
Red Notice *
• إخراج: روسون مارشال ثوربر | Rawson Marshall Thurber
• الولايات المتحدة (2021) | أكشن |
عروض: نتفليكس
«إنذار أحمر» فيلم أكشن سقيم مؤلف من مشاهد قد تبسط المشاهد الذي لا يتوخى أكثر من ترفيه عابر يملأ به وقتاً مهدوراً. بالنسبة للبعض الآخر، الوقت المهدور هو اختيار أفضل. كل شيء في هذا يخرج من معلبات يتم فتحها على التوالي لملأ المعدة بما احتوته. معلبات انتهى مفعول صلاحيتها لكنها ما زالت متداولة.
نفهم من البداية أن هناك ثلاث بيضات فرعونية كان الروماني أنطوني أهداها للملكة المصرية كليوباترا تأكيداً لحبه. والبحث جار عن البيضة الثالثة لأن من يمتلكها سيستطيع بيعها بعشرات ملايين الدولارات. لكن للبحث عن الثالثة عليه أن يجد الثانية أو شيء من هذا القبيل. عميل الإف بي آي جون هارتلي (دواين جونسون) يريد منع سرقتها ويفشل. لا يفشل فقط بل يدخل السجن برفقة اللص نولان (رايان رينولدز) الذي حاول سرقتها قبل أن تُسرق منه.
في الواقع ينتقل الفيلم بين البيض الثمين مثلما يفعل لاعب «الكشتبان» على بسطته. بعد قليل تدرك أنه ليس من المهم أي بيضة هي التي يتحدث عنها الفيلم في مشهد معين وما إذا كانت هي البيضة الفرعونية فعلاً أو تقليداً لها. المهم ألا تفقص بين يديك.
يعتقد نولان أنه استحوذ على البيضة الذهبية عندما قام بعملية جريئة لسرقتها من متحف إيطالي. ربما من تهوره لم يحاول الهرب بها قبل أن يلحظ وجوده العميل جون (جونسون) ما يُتيح للفيلم الإقدام على مطاردة مصممة جيداً بعد أقل من عشر دقائق من بداية الفيلم. هذه المطاردة ستبقى أفضل تصميماً من سواها حتى النهاية. ما بينها وبين مشاهد الختام هناك لص أكثر مهارة متمثل بشخصية امرأة (غال غادوت) تقدم نفسها على أساس أنها من الأمن لكنها في الواقع تعمل بمفردها لسرقة البيضة وبيعها.
في حين يلتزم جونسون بشخصية الرجل الرصين رغم حضوره البدني، يؤدي رايان واحداً من أدواره القائمة على الخفة الكاريكاتورية. السجال بينهما يسقط أرضاً بمجرد وقوعه والسخرية التي يوفرها رينولدز لا قيمة لها. الجمع بينهما قائم فقط على حوار يعتبره المخرج مسلياً. كل منهما يعلق على كلام الآخر بطرفة كما لو كانا يلعبان التنس.
يوميات شارع جبرائيل ***
• إخراج: رشيد مشهراوي
• فرنسا (2021) | تسجيلي | عروض: مهرجان القاهرة
لا بد أن جهاز الهاتف الذي استخدمه المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي لتصوير هذا الفيلم يتميز بقدرات تقنية غير متوفرة في أجهزة أخرى. إما هذا أو أن عمليات ما بعد التصوير استطاعت تطويع أي هنة ناتجة عن التصوير بكاميرا هاتفية لأجل منح الشاشة هذه النتيجة التقنية البراقة.
«يوميات شارع جبرائيل» كناية عن قيام المخرج بتصوير مشاهد حياتية في الشارع الذي يقطنه في حي مونمارتر في باريس. بداية، كانت الحكومة الفرنسية أصدرت قراراً بمنع التجول إلا لأغراض ضرورية وبتصاريح مسبقة. هذا دفع مشهراوي إلى أخذ هاتفه والتجول في الشارع الذي يسكن فيه، وهو شارع صغير، ملاحظاً النشاطات المحدودة التي تقع فيه.
هناك دكان لمغربي، وهناك شاب يتواصل عبر هاتفه مع الفتاة التي يحبها في المغرب، وجارة مسنة تذهب إلى ذلك الدكان لشراء حاجياتها ثم تعود فتفحص صندوق بريدها قبل أن تصعد الأدراج إلى منزلها. هناك رجل فرنسي وكلبه وشاب إسباني وصديقته وآخر صربي.
يؤلف المخرج من هذه الشخصيات التركيبة (The Set Up) التي يقوم عليها الفيلم بالإضافة إلى تعليقاته الخاصة. في البداية تحملنا هذه التعليقات إلى ذكريات المخرج في غزة مقارنا بين الحجز في بلد حر والحجز في بلد محاصر. لكن التعليق يفلت من يد المخرج بتكراره بدايات عباراته.
كثيراً ما يبدأ المخرج (بصوته) تلك العبارات بكلمة «لما» وأكثر من مرة يبدأ باسم شخص ممن يحيطون به. عدا ذلك، تلك التعليقات تحمل رنيناً شعرياً وذاتياً من منظور رجل ترك كاميرته تجوب الحياة المتمهلة التي عاشها وآخرون في تلك الفترة الصعبة.
إنه فيلم مشاعر يشوبها الهدوء والحزن (تموت المرأة العجوز ويرثيها المخرج بكلماته). لكنه أيضاً فيلم رتيب وكسول، كجهد فني.