الخيول وسباقاتها في بريطانيا

تاريخ حافل يرسم ملامح الحياة الاجتماعية

تعد رياضة سباقات الخيول ثاني أكبر رياضة جماهيرية في بريطانيا بعد كرة القدم (رويترز)
تعد رياضة سباقات الخيول ثاني أكبر رياضة جماهيرية في بريطانيا بعد كرة القدم (رويترز)
TT

الخيول وسباقاتها في بريطانيا

تعد رياضة سباقات الخيول ثاني أكبر رياضة جماهيرية في بريطانيا بعد كرة القدم (رويترز)
تعد رياضة سباقات الخيول ثاني أكبر رياضة جماهيرية في بريطانيا بعد كرة القدم (رويترز)

سباق «غراند ناشيونال» الذي يجري حاليا على مضمار «إينتري» في مدينة ليفربول، وتمتد جذوره إلى عام 1839 يعد من الأحداث الرياضية المهمة التي ترصع معالم الموسم الاجتماعي الأرستقراطي في بريطانيا، وربما عالميا، وهو أحد سباقات الخيول التي يحضرها أفراد من العائلة المالكة بالإضافة إلى «ابسوم داربي» و«رويال اسكوت».
وتعد رياضة سباقات الخيول ثاني أكبر رياضة جماهيرية في بريطانيا بعد كرة القدم، وهي ذات أطول تاريخ في البلاد وتمتد جذورها إلى العصر الروماني. وكما هو الحال في رياضة كرة القدم التي نشأت في بريطانيا أيضا وكتبت فيها قوانينها السارية حتى اليوم، فإن تقاليد وقوانين رياضات الخيول نشأت وتطورت هي الأخرى في بريطانيا.
وتأسس أول نادٍ رياضي للخيول واسمه «جوكي كلوب» في عام 1750، ومن هذا النادي ظهرت لأول مرة قواعد السباق من حيث تصنيف الخيول وتوحيد أوزان المتسابقين. وتوجد في بريطانيا أيضا أشهر حلبات السباق المشهورة عالميا مثل اسكوت وابسوم ونيوماركت وتشيلتنهام. وفي العصر الحديث اشتهر أيضا كثير من المتسابقين الذين كان أبرزهم المتسابق ليستر بيغوت.
في بريطانيا أيضا تقع أشهر إسطبلات الخيول الأصيلة، خصوصا في منطقة نيوماركت. وكتب جيمس ويزربي أول تصنيف للخيول الأصيلة تاريخيا في عام 1791، وهو تصنيف ما زال معمولا به حتى اليوم ويسمى «جنرال ستد بوك». وهو بمثابة توثيق لنسب الخيول وينشر مرة كل 4 سنوات وبه قسم خاص بالخيول العربية الأصيلة.
وتنقسم سباقات الخيول في بريطانيا إلى عدة أنواع، منها السباق المسطح بلا عوائق ويجري على مسافة تتراوح بين أقل من الميل إلى الميلين. وهناك سباقات عوائق تسمى «ستيبل تشيس» على مسافات أطول تصل إلى 4 أميال. وهناك كثير من القواعد التي تحكم السباقات الرسمية بينما توجد سباقات أخرى للهواة لا تتبع القواعد. ويوجد فرع خاص لسباقات الخيول العربية الأصيلة تشرف عليها منظمة سباقات الخيول العربية.
تاريخيا تعود جذور سباقات الخيول البريطانية إلى عصر الملك هنري الثاني في عام 1174. وفي القرن السادس عشر وضع الملك هنري الثامن أول قوانين تربية الخيول وتنظيم سلالاتها واستورد كثيرا من الخيول الأصيلة. كما نظم في عصره أول سباق له جوائز وجرى على مضمار في منطقة تشستر.
وبدأ الاهتمام بمطقة نيوماركت كمركز لتربية وتدريب الخيول البريطانية في عصر الملك جيمس الأول الذي اكتشف علاقة القرية بالخيول في عام 1605. وفي القرن السابع عشر مرت بريطانيا بفترة قصيرة منع فيها أوليفر كرومويل سباقات الخيول، وبعد عودة الملك تشارلز الثاني إلى العرش كتب بنفسه قواعد سباقات الخيول في عام 1664.
وفي العصر الحديث تشرف هيئة سباقات الخيول البريطانية على كل جوانب الرياضة والقائمين عليها. ويوجد الآن في بريطانيا 59 مضمارا رسميا لسباقات الخيول أقدمها مضمار تشستر الذي يعود تاريخه إلى القرن السادس عشر. وتجري السباقات البريطانية على الحشائش الخضراء. ويختلف تصميم كل مضمار عن الآخر بحيث تتألق بعض الخيول على مضمار معين دون غيره. وهناك مثل إنجليزي يعبر عن هذه الظاهرة في مناحي الحياة الأخرى وهو «لكل مضمار حصانه» (Horses for Courses). كما توجد صحيفة خاصة بأخبار السباقات والخيول اسمها «رايسنغ بوست».
ويتكون موسم السباقات المسطحة بلا عوائق من 5 سباقات كلاسيكية بالإضافة إلى رويال اسكوت. السباقات الخمس هي «الألف جنيه» و«الألفا جنيه» و«أوكس» و«داربي» و«سان ليجير». ومعظم هذه السباقات تأسس منذ القرن الثامن عشر وما زالت تقام سنويا.
أما أهم سباقات العوائق فتشمل مهرجان تشيلتنهام وغراند ناشيونال، والأخير له شهرة عالمية ومتابعة تلفزيونية على مستوى العالم تشمل 600 مليون مشاهد.
وتعد روزنامة سباقات الخيول البريطانية أحد الجوانب المهمة للحياة الاجتماعية الأرستقراطية في بريطانيا خلال فصلي الربيع والصيف. وتلك هي أهم السباقات التي تجري خلال هذه الفترة سنويا:
- سباق «غراند ناشيونال»: وهو يعقد سنويا على مضمار «إينتري» في مدينة ليفربول، وتمتد جذوره إلى عام 1839. وهو ينطلق على مسافة تقرب من 4 أميال. وتنطلق الخيول فوق 30 حاجزا على دورتين. وهو من أصعب السباقات الأوروبية وتصل جوائز الفوز فيه إلى أكثر من مليون إسترليني. وتبث السباق حيا هذا العام القناة الرابعة البريطانية التي حصلت على حقوق البث حتى العام المقبل بعد أكثر من نصف قرن من احتكار الـ«بي بي سي» لبث السباق منذ عام 1960. ويشاهد السباق عدد يصل إلى 600 مليون مشاهد في 140 دولة.
- سباق «إبسوم داربي»: وهو يسمى هذا العام باسم الشركة الراعية له ويعرف باسم «انفستيك داربي»، وهو مفتوح للخيول الأصيلة بعمر 3 سنوات وينطلق على مضمار أخضر مسطح بلا عوائق في مدينة ابسوم بمقاطعة ساري لمسافة تصل إلى الميلين تقريبا. وهو من أهم سباقات الموسم البريطاني. وتعود أصول هذا السباق إلى عام 1780. وحقق الجوكي ليستر بيغوت الرقم القياسي في عدد مرات الفوز بهذا السباق الذي حقق فيه 9 انتصارات بين عام 1954 و1983. - سباق «رويال اسكوت»: وتشير كلمتي «رويال اسكوت» إلى اسم المضمار نفسه الذي يعقد عليه 26 سباقا منها 3 سباقات في الدرجة الأولى. ولكن أهم هذه السباقات على الإطلاق هو سباق الملك جورج السادس والملكة إليزابيث الذي يعقد في شهر يوليو (تموز) ويعرف باسم السباق الملكي أو «رويال اسكوت». ويقع المضمار في مدينة اسكوت في مقاطعة باركشير على مقربة أميال قليلة من قلعة وندسور الملكية. وهو من أقدم السباقات في بريطانيا، إذ جرى أول سباق في عام 1711.

* روزنامة أهم سباقات الخيول البريطانية
* مارس : مهرجان تشيلتنهام.
* أبريل (نيسان) : غراند ناشيونال على مضمار اينتري.
* يونيو (حزيران) : ابسوم داربي.
* يوليو : يوم سان جورج في رويال اسكوت وسباق غوودوود.
* سبتمبر (أيلول) : سباق سان ليجير في دونكاستر ومهرجان اسكوت.
* أكتوبر (تشرين الأول) : سباق نيوماركت ويوم الابطال في اسكوت.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».