محقق انفجار مرفأ بيروت يستأنف عمله ويستعد لاستدعاء سياسيين

«الاستئناف» أطلقت يده مجدداً والمواجهة تنتقل إلى «التمييز»

TT

محقق انفجار مرفأ بيروت يستأنف عمله ويستعد لاستدعاء سياسيين

يستعد المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار لاستئناف تحقيقاته في الملف اعتباراً من صباح اليوم الأربعاء، بعد توقف دام أكثر من شهر، بفعل الدعاوى التي واجهته، وذلك غداة صدور قرار حاسم عن محكمة الاستئناف في بيروت، رفضت فيه الدعوى المقدمة من وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس بحق البيطار، التي طلب فيها تنحيته وكف يده عن القضية.
وكشفت مصادر قضائية لـ«الشرق الأوسط»، أن «دعاوى جديدة تنتظر البيطار لمقارعته أمام محاكم التمييز، وذلك لقطع الطريق على أي إجراء قد يتخذه بحق النواب والوزراء المدعى عليهم، ما دام أنه (البيطار) يكرس نفسه مرجعاً صالحاً لملاحقتهم، متخطياً اختصاص المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء بهذا الشأن».
ووضعت محكمة الاستئناف في بيروت برئاسة القاضية رنده حروق، حداً للنزاعات القانونية المستمرة في هذا الملف، والتي انطلقت قبل 40 يوماً، بدعوى تقدم بها الفريق القانوني للدفاع عن الوزير السابق يوسف فنيانوس أمام محكمة الاستئناف في بيروت برئاسة القاضي نسيب إيليا ضد القاضي البيطار، ومن ثم استتبعت بدعوى من الفريق نفسه ضد القاضي إيليا لتنحيته عن النظر بدعوى تنحية البيطار، ما استدعى تعيين القاضي حبيب مزهر لهذه المهمة، قبل أن يتقدم محامون وكلاء عن عدد من ضحايا انفجار المرفأ، للطعن بالقاضي مزهر وبحياديته، إلى أن حسمت المحكمة هذا النزاع المستفحل، وأعلنت عدم الاختصاص النوعي لمحاكم الاستئناف للبت بدعاوى تنحية البيطار.
ولم تنطلق المحكمة من اجتهاد ذاتي، إنما استندت إلى القرار الصادر قبل أسبوعين عن الهيئة العامة لمحكمة التمييز (أعلى هيئة قضائية)، الذي حدد محاكم التمييز وحدها باعتبارها المرجع المختص للبت بدعاوى رد المحقق العدلي، وفرضت غرامة مالية (رمزية) على الجهة المدعية (فنيانوس)، كما قررت المحكمة إبلاغ القاضي طارق البيطار مضمون قرارها لمتابعة السير بتحقيقاته، وأبطلت كل الإجراءات التي اتخذها القاضي حبيب مزهر، المتمثلة بدعوة المحقق العدلي إلى وقف التحقيقات بملف المرفأ، وتسليمه كامل الملف واعتبار هذه القرارات منعدمة الوجود وإبطال مفاعيلها.
وتبلغ المحقق العدلي صباح أمس قرار محكمة الاستئناف الذي أزال كل العراقيل التي جمدت التحقيق خلال الأسابيع الماضية، وأكد مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»، أن البيطار «سيستأنف إجراءاته خلال الساعات المقبلة، ويستهلها بتحديد مواعيد متتالية لاستجواب السياسيين والقادة العسكريين والأمنيين المدعى عليهم في قضية المرفأ، وهم: رئيس الحكومة السابق حسان دياب، الوزراء السابقون والنواب الحاليون علي حسن خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق، الوزير السابق يوسف فنيانوس، قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي، مدير المخابرات السابق العميد كميل ضاهر والعميدان المتقاعدان جودت عويدات وغسان غرز الدين، وموظفون في المرفأ».
وتوقعت المصادر أن «يتسلم البيطار خلال صور الأقمار الصناعية الروسية، التي سلمها الجانب الروسي إلى وزير خارجية لبنان عبد الله بوحبيب».
وبخلاف المبررات القانونية والدستورية، التي تتحدث عن استحالة ملاحقة النواب في هذه المرحلة لأن الدستور يمنحهم الحصانة في فترة انعقاد الدورة العادية للمجلس النيابي، فإن مواكبة لمسار التحقيقات، جزمت لـ«الشرق الأوسط» أن البيطار «يرفض التسليم بهذا الأمر، وهو يستند إلى مضمون المادة 97 من النظام الداخلي للمجلس النيابي التي تنص على أنه (إذا لوحق النائب بالجرم خارج دورة الانعقاد أو قبل انتخابه نائباً، تستمر الملاحقة في دورات الانعقاد اللاحقة دون الحاجة إلى طلب إذن المجلس النيابي، لكن على وزير العدل أن يحيط لمجلس النيابي علماً بالأمر في أول جلسة يعقدها البرلمان...). وذكرت المصادر بأن المحقق العدلي «ادعى على النواب المذكورين وباشر إجراءات ملاحقتهم خارج الدورة العادية للبرلمان، وبالتالي فإن الحصانة ساقطة عنهم حكماً».
وإذا كان قرار محكمة الاستئناف يعطي دفعاً جديداً للتحقيق، فقد شددت المصادر المواكبة للتحقيق أن البيطار «سيواجه في الأيام والأسابيع المقبلة حرباً جديدة من السياسيين المدعى عليهم».
وتوقعت «مسارعة وكلاء السياسيين المدعى عليهم إلى «تقديم دعاوى أمام محاكم التمييز لرد القاضي البيطار، وعند تبلغ الأخير أي دعوى من هذه الدعاوى، سيضطر إلى وقف إجراءاته وتجميد التحقيق إلى حين البت بها، ما يعني أن مسار الملف طويل جداً».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).