جنود إسرائيليون يعتدون على «أسرى الجلبوع» داخل المحكمة

لأنهم ردوا على أسئلة الصحافيين متحدثين عن «انتقام بشع»

حراس إسرائيليون يطوقون أحد الأسرى بالمحكمة أمس (أسرى فلسطين - تويتر)
حراس إسرائيليون يطوقون أحد الأسرى بالمحكمة أمس (أسرى فلسطين - تويتر)
TT

جنود إسرائيليون يعتدون على «أسرى الجلبوع» داخل المحكمة

حراس إسرائيليون يطوقون أحد الأسرى بالمحكمة أمس (أسرى فلسطين - تويتر)
حراس إسرائيليون يطوقون أحد الأسرى بالمحكمة أمس (أسرى فلسطين - تويتر)

تقدم محامو الدفاع عن الأسرى الفلسطينيين الستة الذين تمكنوا من انتزاع حريتهم في مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي وهربوا من سجن «الجلبوع» الإسرائيلي وأعيد اعتقالهم، بشكوى إلى إدارة المحاكم ضد جنود مصلحة السجون بعدما اعتدوا أمس (الاثنين) على الأسرى بالضرب المبرح.
وطلب المحامون قائمة بأسماء كل الجنود الذين شاركوا في حراسة الأسرى، حتى يتمكنوا من مقاضاتهم كجنود وأيضاً بشكل شخصي. وأكدوا أن «هذا الاعتداء، الذي يعتبر غير مسبوق، يجب أن يشعل الضوء الأحمر لدى كل من يريد الخير للسلطة القضائية».
وكانت مصلحة السجون أحضرت الأسرى الستة وكذلك الأسرى الخمسة الذين ساندوهم، إلى محكمة الصلح في الناصرة، للنظر في لائحة الاتهام الموجهة إليهم. وطلب المحامون إلغاء لوائح الاتهام، لأن ميثاق جنيف وقوانين الأمم المتحدة تتيح محاكمة أسرى هاربين مرة واحدة وليس مرتين. وقال المحامي رسلان محاجنة إن «مصلحة السجون حاكمت وعاقبت الأسرى الأحد عشر بوضعهم في عزل انفرادي في زنازين كأنها قبور، وهم يقبعون فيها منذ إلقاء القبض عليهم وحتى اليوم. ولذلك لا يجوز إجراء محاكمة ثانية لهم وفرض عقوبة ثانية عليهم». وذكر محاجنة أن «الأسير الفار نضال نفيعات، وثلاثة أسرى ممن ساعدوهم، أنهوا عمليا الحكم المفروض عليهم وحان وقت إطلاق سراحهم».
وقررت المحكمة إمهال النيابة أسبوعاً آخر، حتى تقرر نهائياً موقفها من ادعاء المحامين بخصوص إبطال لوائح الاتهام.
وعندما غادر القاضي القاعة، وجه الصحافيون أسئلة إلى الأسرى. وعندما بدأوا في الإجابة عليهم، تقدم الجنود، وهم من وحدة «نحشون»، وهي وحدة قمع خاصة تابعة لمصلحة السجون، وراحوا يعتدون بالضرب المبرح على الأسرى وهم مقيّدو الأيدي والأرجل ومحاطون بعشرات من عناصر قوات الأمن. وحصلت جلبة كبيرة. وتم إخراج الصحافيين من قاعة المحكمة. ثم تم إخراج الأسرى المصابين بالقوة ونقلهم إلى السجون التي يقبعون فيها. وتبين أن ثمانية من بين 11 أسيراً تعرضوا للاعتداء وكذلك ثلاثة من المحامين.
وقد احتج المحامون لدى المحكمة على هذا الاعتداء. وتقدموا بطلب رسمي للحصول على قوائم بأسماء الجنود المذكورين. وقال المحامي جميل سعادة، من هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين، إن «الاعتداء على الأسرى طال أيضاً طاقم الدفاع، وتم إخراج المحامين من قاعة المحكمة بالقوة». وتابع: «نحن بصدد تقديم شكوى حول الاعتداء على طاقم المحامين، وعلى الأسرى أثناء المحكمة للمحكمة ذاتها».
وتمكن الأسرى من قول بعض الكلمات للصحافة أكدوا فيها أن «مصلحة السجون تدير سياسة انتقام بشع» منهم. وبالإضافة إلى العزل والانقطاع التام عن العالم الخارجي، توجد لديهم «مشكلة مع الطعام القليل والسيء ومع العلاج الطبي الذي يبدو مفقوداً ومن معاملة مهينة وتنكيل متواصل وعنف مستمر».
وتمكن الأسير أيهم كممجي من قراءة كلمات خطها داخل زنزانته، فقال: «ابن عامر قُم وحدّث قصة، أبطالها نفروا إلى الرحمن، ما همهم بيت الطغاة وسجنهم، عافوا قيود الذل والحرمان. فالحر يأبى أن يكون مقيداً والصقر يأنف ذلة الخرفان. زنزانتي متر بمتر طولها ولعرضها زد نصف متر ثانياً. لكن عزائي أنّ لي في غزة إخوانا وبأسرهم غربان. نحن شعب لا يهمه الاحتلال. لا يهمنا سجن ولا سجان. بإذن الله سيكون الفرج قريباً عاجلاً وغير آجل. وشكراً لكل شعبنا الفلسطيني».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.