ألمانيا تطوي فصل أنجيلا ميركل وتفتح صفحة أولاف شولتس

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مع أولاف شولتس الذي سيحل في منصبها (أ.ف.ب)
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مع أولاف شولتس الذي سيحل في منصبها (أ.ف.ب)
TT

ألمانيا تطوي فصل أنجيلا ميركل وتفتح صفحة أولاف شولتس

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مع أولاف شولتس الذي سيحل في منصبها (أ.ف.ب)
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مع أولاف شولتس الذي سيحل في منصبها (أ.ف.ب)

ينتهي الأربعاء فصل طويل من تاريخ ألمانيا المعاصر مع انتخاب مجلس النواب (بوندستاغ) الاشتراكي الديمقراطي أولاف شولتس مستشاراً للبلاد طاوياً صفحة حكم أنجيلا ميركل الذي استمرّ 16 عاماً.
وبذلك تكون ميركل، وهي أول امرأة تدير ألمانيا، أمضت في السلطة 5860 يوماً. إلا إنها ستغادر قبل 9 أيام من تمكنها من كسر الرقم القياسي الذي سجّله ملهمها هيلموت كول في الحكم، بحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
ستسلّم القائدة المحافظة مقاليد الحكم في أول قوة اقتصادية أوروبية الأربعاء إلى أولاف شولتس الذي كان في آنٍ واحد خصمها السياسي لكن أيضاً نائبها في المستشارية ووزير المالية في حكومتها.
بعد أكثر من شهرين من فوزه في الانتخابات التشريعية في أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، سينتخب «البوندستاغ» شولتس على رأس ائتلاف غير مسبوق شُكّل بأسرع مما كان متوقعاً ويضم 3 مكونات؛ هي: الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وحزب الخضر، والحزب الديمقراطي الحر الليبرالي.
بعد ذلك، ستسلم ميركل مقاليد الحكم إلى اليسار الوسطي للمرة الأولى منذ كان غيرهارد شرودر مستشاراً للبلاد.
رغم فترة حكم متباينة اتسمت باستقبال اللاجئين عام 2015، وبالقدرة على إدارة الأزمات، لكن أيضاً بغياب الطموح في مجالي مكافحة التغير المناخي وإضفاء الحداثة على ألمانيا، فإن ميركل بعد أربع ولايات تبقى من الشخصيات المفضلة لدى الألمان.
وحيّا شولتس ميركل بالقول إنها «مستشارة نجحت»، مشيراً إلى أنها قائدة «بقيت مخلصة لنفسها على مدى 16 سنة شهدت تغيّرات كثيرة». غير أن شولتس الذي يقدّم نفسه على أنه وريث ميركل وتصفه مجلة «دي تسايت» الأسبوعية بأنه «أكثر رصانة» من ميركل، يعتزم إعطاء زخم جديد.
وقال شولتس لمجلة «دي تسايت»: «أريد أن تشهد سنوات 2020 انطلاقة جديدة»، مؤكداً أنه يريد العمل على «أكبر تجديد صناعي» في تاريخ ألمانيا المعاصر يكون «قادراً على وقف التغير المناخي الذي سببه الإنسان».
تعد حكومته أيضاً بانتهاج سياسة شديدة الموالاة للاتحاد الأوروبي تهدف إلى «زيادة السيادة الاستراتيجية للاتحاد» والدفاع بشكل أفضل عن «المصالح الأوروبية المشتركة».
على خط موازٍ؛ تعتزم وزيرة الخارجية المقبلة أنالينا بيربوك تبني خطّ أكثر تشدداً حيال الأنظمة الاستبدادية على غرار الصين وروسيا.
لكن سينبغي على الحكومة المقبلة أن تركّز فور تشكلها على أكبر تحدّ لها وهو إدارة الموجة الجديدة من تفشي وباء «كوفيد19» التي تشهدها ألمانيا بشكل خاص.
يعتزم شولتس؛ الذي يتمتع بخبرة كبيرة لكنه يفتقر إلى الكاريزما، جعل مجلس النواب يصوّت على إلزامية تلقي اللقاح التي يُفترض أن تصبح نافذة في فبراير (شباط) أو مارس (آذار) المقبلين.
يحظى هذا التدبير؛ الذي فرضته النمسا المجاورة، بدعم نحو ثلثي الألمان، إلا إنه قد يصطدم بمعارضة قسم كبير من السكان؛ خصوصاً في ألمانيا الشرقية السابقة.
في هذا الوقت، اتفق شولتس وميركل والمناطق الـ16 الألمانية على فرض قيود جديدة تستهدف حصراً غير الملقحين، فمُنع هؤلاء من الدخول إلى الأماكن الثقافية والمطاعم والمتاجر غير الأساسية الأخرى.
وسيتعامل شولتس، رئيس بلدية هامبورغ سابقاً والذي سيتوجه في أول زيارة له إلى الخارج إلى فرنسا على غرار أسلافه، مع وضع اقتصادي غير مؤاتٍ في ظل نمو أدنى من التوقعات ونسبة تضخم ترتفع مجدّداً.
ويتحتم على شولتس وحكومته المؤلفة بشكل أساسي من وزراء حديثي العهد، أن يعالج مجموعة موضوعات أخرى لا تحظى بالضرورة بتأييد الألمان.
بحسب استطلاع للرأي أجرته قناة «إيه آر دي» الرسمية، فإن الزيادة المرتقبة للحدّ الأدنى للأجور، والتخلص من استخدام الفحم، وتطوير الطاقات المتجددة؛ هي موضوعات تحظى بتأييد غالبية الألمان.
في المقابل؛ لا تؤيد سوى أقلية من الألمان وعوداً أخرى للائتلاف الحكومي الثلاثي هي: بيع القنب من دون وصفة طبية، وشراء الجيش الألماني طائرات مسيّرة، وخفض سنّ التصويت إلى 16 عاماً.
وحول ما يخصّ المناخ؛ يبدو هدف الحدّ من الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية، غير قابل للتحقيق في الوقت الحالي رغم «البرنامج الأكثر طموحاً الذي قدّمته حكومة على الإطلاق»، بحسب دراسة أجراها «تحالف المناخ الألماني».



طائرات مقاتلة من الجيل السادس لضمان التفوق الجوي الأميركي لعقود مقبلة

طائرات مقاتلة من الجيل السادس لضمان التفوق الجوي الأميركي لعقود مقبلة
TT

طائرات مقاتلة من الجيل السادس لضمان التفوق الجوي الأميركي لعقود مقبلة

طائرات مقاتلة من الجيل السادس لضمان التفوق الجوي الأميركي لعقود مقبلة

التوترات وانعدام الثقة بين واشنطن وبكين لن ينحسرا في أي وقت قريب؛ ولهذا، يستعد الجيش الأميركي لأسوأ سيناريو في حالة نشوب صراع مسلح في منطقة المحيطين الهندي والهادي.

رسم تخيلي لتصاميم طائرات برنامج الجيل التالي للهيمنة الجوية (NGAD) الأميركية

برنامج للهيمنة الجوية

وكتب وايلدر أليخاندرو سانشيزو (*) أن هذه الاستعدادات تشمل تحديث مخزون القوات المسلحة. وبالنسبة لسلاح الجو الأميركي (USAF)، فإن برنامج الجيل التالي المهم للهيمنة الجوية (NGAD)، الذي يهدف إلى بناء طائرة مقاتلة من الجيل السادس يمكنها ضمان التفوق الجوي لعقود مقبلة، هو حجر الزاوية في جهود التحديث هذه. ومن الأهمية بمكان بالنسبة لواشنطن أن سلاح الجو الأميركي لن يكون الجهة الوحيدة عبر منطقة المحيطين الهندي والهادي التي ستحصل على طائرات مقاتلة جديدة.

ويتفحص الخصوم والحلفاء المناقشات التي لا تعد ولا تحصى بشأن المشتريات العسكرية في العاصمة الأميركية. إذ يعمل خصوم الولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادي بالفعل على تصاميم لطائراتهم المقاتلة من الجيل التالي.

تحديثات صينية وروسية

يعمل سلاح الجو لجيش التحرير الشعبي الصيني على تطوير طائرة حربية من الجيل السادس. وكما كتب ريك جو مؤخراً في مجلة «ذا دبلومات» (The Diplomat)، فإن الطائرة الجديدة يمكن أن تدخل الخدمة بحلول منتصف ثلاثينات القرن الحالي. وتحرص موسكو على إظهار أنه على الرغم من عامين من الحرب والعقوبات الدولية، فإن صناعتها الدفاعية لا تزال فعالة.

وتعمل روسيا على تطوير طائرة مقاتلة من الجيل السادس، تسمى مقاتلة «ميكويان- ميغ 41» (Mikoyan MiG-41) أو «المجمع الجوي المحتمل للاعتراض طويل المدى» (PAK DP, ПАК ДП). إلا أن التفاصيل الموثوقة شحيحة، كما أن الحرب مع أوكرانيا تعرقل إنتاج طائرات «ميغ - 41». وتشير تقارير وسائل الإعلام إلى أنه من المتوقع أن تتم الرحلة الأولى لها في عام 2025، ويمكن أن يبدأ الإنتاج بحلول نهاية العقد.

تصاميم حلفاء أميركا

بالنسبة لحلفاء الولايات المتحدة وشركائها، يعد الموقف الاستراتيجي لواشنطن وسياسة المشتريات بمثابة اعتبارات وجودية. فاليابان جزء من برنامج المقاتلة الشبح «تيمبيست» (Tempest)، وهو برنامج مشترك بين لندن وروما وطوكيو. وأعلنت إدارة برنامج الاستحواذ الدفاعي في كوريا الجنوبية (DAPA) عن بدء بناء أسطول من الطائرات المقاتلة (KAI KF-21 Boramae).

وتشتري اليابان وكوريا الجنوبية أيضاً طائرة «Lockheed إف-35 Lightning II» الحربية من الجيل الخامس - ووافقت وزارة الخارجية الأميركية على بيع 25 طائرة حربية من طراز «إف - 35» (F35) لكوريا الجنوبية في عام 2023. وأخيراً، تقوم شركة تطوير صناعة الطيران التايوانية (AIDC) بتطوير الطائرة الحربية المقاتلة الدفاعية المتقدمة (ADF).

تصاميم هندية

الهند، التي لديها شراكة معقدة مع واشنطن، على الرغم من كراهيتها للصين وعلاقاتها الوثيقة مع موسكو، تفكر أيضاً في طائرات حربية من الجيل التالي. ستقوم شركة «هندوستان» للملاحة الجوية المحدودة (HAL) المملوكة للدولة بتصنيع طائرة حربية من الجيل الخامس للقوات المسلحة، وهي الطائرة القتالية المتوسطة المتقدمة (AMCA). علاوة على ذلك، في يناير (كانون الثاني) الماضي، زار وفد بقيادة وزير الدفاع راجناث سينغ المملكة المتحدة، الأمر الذي أثار تكهنات بأن نيودلهي قد تنضم إلى برنامج المقاتلة الشبح «تيمبيست».

أهداف التفوق الأميركي

مع وجود برامج تطوير واقتناء الجيل التالي من الطائرات المقاتلة في جميع أنحاء منطقة المحيطين الهندي والهادي وأوروبا، فان سلاح الجو الأميركي لا يستطيع تحمل التخلف في هذا الفضاء المعقد للغاية والمتنازع عليه، لا تحتاج الولايات المتحدة إلى التنافس مع خصومها فحسب، بل تحتاج إلى التفوق عليهم في الأداء، مع دعم حلفائها.

في مايو (أيار) 2023، أوضح وزير سلاح الجو فرنك كيندال، أن «منصة NGAD عنصر حيوي في عائلة أنظمة الهيمنة الجوية، التي تمثل قفزة أجيال في التكنولوجيا مقارنة بالطائرة (F - 22)، التي ستحل محلها». وستشارك الطائرة المقاتلة، التي تهدف إلى استبدال مقاتلة «لوكهيد إف - 22 رابتور» ابتداءً من عام 2030، في مهام جوية مضادة، وهجمات جو - أرض، وضربات جو - جو.

طائرة «الخفاش الشبح» من دون طيار لمرافقة الطائرات المقاتلة الحديثة

طائرات بذكاء اصطناعي

وهي تستند في الأساس إلى برنامج «Loyal Wingman»، الذي يعتمد على تطوير طائرة من دون طيار تعمل بالذكاء الاصطناعي تحلق جنباً إلى جنب مع الجيل التالي من الطائرات المقاتلة المأهولة. ويتدارس سلاح الجو الأميركي شراء ما يصل إلى 200 طائرة من طراز «NGAD» بقيمة تبلغ نحو 300 مليون دولار لكل منها، وتبلغ تكاليف البرنامج نحو 28 مليار دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة، إذا تم الالتزام بها.

وكما الحال مع الأنظمة والمنصات الدفاعية الأخرى المصنعة في الولايات المتحدة، سيتم بيع نظام «NGAD» في النهاية إلى الحلفاء الآسيويين والأوروبيين. لكن مستقبل «NGAD» أصبح موضع شك حالياً.

وفي منتصف يونيو (حزيران) الماضي، أثناء مناقشة البرنامج في رابطة سلاح الجو والفضاء، أقر رئيس أركان سلاح الجو الأميركي الجنرال ديفيد ألفين بالحاجة إلى اتخاذ خيارات وقرارات «عبر كل تفاصيل» برنامج «NGAD» خلال «العامين المقبلين». ودفعت هذه التصريحات وكالات الأنباء والتحليلات الدفاعية إلى التساؤل عما إذا كان البرنامج في خطر.

انحسار الثقة في طائرات «إف - 35»

المشكلة بالنسبة لسلاح الجو الأميركي وشركاء واشنطن أن برنامج طائرات «إف - 35» المتضخم لم يولد الثقة في قدرة سلاح الجو على الحفاظ على التفوق الجوي أثناء الحروب مع قوى عسكرية نظيرة أخرى. وفقاً لمكتب المحاسبة الحكومية، تكلف طائرة «إف - 35» الواحدة في الأصل 130 مليون دولار مقابل 8 آلاف ساعة طيران. ثم تضخم هذا الرقم إلى 450 مليون دولار.

ويذكر أن أقل من ثلث طائرات «إف - 35» المنتجة هي في حالة جاهزة للقتال، ويصفها مشروع الرقابة الحكومية بأنها «طائرة مقاتلة بدوام جزئي». إن السجل السيئ لطائرة «إف - 35» لا يوحي بالثقة بين حلفاء الولايات المتحدة أيضاً. كما واجهت محاولات تصحيح هذا الوضع بالترقيات والتعديلات التحديثية، مشكلات.

وأسهمت المحاولات الأولية لإصلاح كثير من المشكلات الفنية في تضخم التكاليف وزحف المهمة. وكشفت المحاولات اللاحقة لتبسيط هذه المشكلات وتصحيحها للكونغرس أن تحديث طائرات «إف - 35» المتراكمة قد يستغرق أكثر من عام. والآن، أوقف البنتاغون مرة أخرى عمليات تسليم طائرات «إف - 35» المحدثة وسط صعوبات في البرمجيات.

ومن الآمن الافتراض أن أجهزة استخبارات خصوم الولايات المتحدة، مثل الصين، تراقب حالة برنامج طائرات «إف - 35».

وسائط ردع لصراعات الغد

لا يعتمد الردع حصرياً على المواصفات الفنية لأي منصة أو نظام أسلحة، بل تجب أيضاً الموازنة بين القوة اللوجيستية والمنفعة الاقتصادية. ولا يتفوق برنامج «إف - 35» في أي من هذه الفئات. وعندما لا تتمكن طائرة «إف - 35» من الطيران وينتهي الأمر بتكلفة تعادل عشرات الطائرات الصينية أو آلاف الطائرات الصينية من دون طيار الرخيصة، فلن يتم ردع خصوم واشنطن في منطقة المحيطين الهندي والهادي، ولن يطمئن حلفاء الولايات المتحدة.

ومع تصاعد التوترات في منطقة المحيطين الهندي والهادي، يعمل الجيش الأميركي على منصات وأنظمة جديدة لمعالجة صراعات الغد. ولسوء الحظ، لم توفر طائرة «إف - 35» الثقة والكفاءة اللتين يحتاج إليهما سلاح الجو الأميركي والقوات المسلحة لحلفاء وشركاء الولايات المتحدة الآخرين.

وبينما يقوم خصوم الولايات المتحدة (وحلفاؤها) في منطقة المحيطين الهندي والهادي بتطوير طائرات مقاتلة من الجيل التالي، من بين برامج الأسلحة الأخرى التي ستجعل المنطقة أكثر نزاعاً بكثير، تدعم واشنطن برنامجاً غير موثوق به مثل طائرة «إف - 35». ومن خلال القيام بذلك، يتم إبطاء البرامج القيّمة مثل تحديث الطائرات من دون طيار، وترقيات «أرض - جو»، و«NGAD»، التي تتمتع جميعها بالقدرة على النجاح. وهذا ليس الوقت المناسب لإهمال البدائل الأفضل.

(*) «ذا دبلومات» خدمات «تريبيون ميديا»