طهران: النهج الأوروبي ـ الأميركي يتحدى تقدم محادثات فيينا

مسؤول إيراني انتقد «عدم الرغبة» في رفع العقوبات و«غياب الإرادة السياسية»

هوى الريال الإيراني بعد تواتر أنباء عن مصاعب تواجه المحادثات فيما تعاني الأسواق من تراجع القدرة الشرائية للمواطن (إ.ب.أ)
هوى الريال الإيراني بعد تواتر أنباء عن مصاعب تواجه المحادثات فيما تعاني الأسواق من تراجع القدرة الشرائية للمواطن (إ.ب.أ)
TT
20

طهران: النهج الأوروبي ـ الأميركي يتحدى تقدم محادثات فيينا

هوى الريال الإيراني بعد تواتر أنباء عن مصاعب تواجه المحادثات فيما تعاني الأسواق من تراجع القدرة الشرائية للمواطن (إ.ب.أ)
هوى الريال الإيراني بعد تواتر أنباء عن مصاعب تواجه المحادثات فيما تعاني الأسواق من تراجع القدرة الشرائية للمواطن (إ.ب.أ)

قال مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الإيرانية إن نهج الترويكا الأوروبية (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) في المحادثات، و«عدم رغبة» الولايات المتحدة في رفع العقوبات، أبرز «التحديات» أمام تقدم المحادثات النووية في فيينا.
ودفعت الخارجية الإيرانية، أمس، بتفسيرها الخاص لسابعة الجولات؛ التي وضعت الصفقة على حافة أزمة جديدة رغم أنها أنهت أشهراً من الانتظار لإعادة «مسار فيينا»؛ غداة إحاطة مسؤول أميركي رفيع بشأن محادثات إنعاش الاتفاق النووي 2015.
وقال المسؤول الإيراني، في إفادة نشرت عبر الوكالات الرسمية الإيرانية بالتزامن أمس: «اتضح الآن أن عدم الرغبة الأميركية في الكف عن العقوبات، أهم تحد يواجه المحادثات»، وأضاف في هذا السياق: «نعتقد أنه في أي وقت تتخلى فيه الإدارة الأميركية عن حملة (الضغط الأقصى)، ويظهر الأوروبيون الإرادة السياسية المطلوبة، فإن الطريق مفتوحة للوصول إلى اتفاق سريع».
وبينما وصف المسؤول الإيراني مقاربة مفاوضي بلاده بأنها «على أساس التعامل، والمرونة»، أخذ على الدبلوماسيين الأوروبيين أنهم «لا يتمتعون بصلاحيات كبيرة لاتخاذ القرار في فيينا»، وأن «هاجسهم استرضاء أميركا، وتنسيق مواقفهم مع الوفد الأميركي»، مضيفاً أن «تقدم المحادثات يواجه تحدياً بسبب نهج الأوروبيين».
وقال المسؤول إن اتهام إيران بعدم الجدية ومحاولة كسب الوقت، «كان متوقعاً من قبل»، وأضاف: «على خلاف ما قاله الأميركيون؛ نعتقد أن الطرف المقابل يجب أن يظهر حسن النوايا، ويكف عن ممارسة لعبة إلقاء اللوم غير المجدية».
وطالب المسؤول الإيراني الجانب الأميركي بـ«الرد المناسب»؛ سواء عبر مقترحات مكتوبة وأفكار جديدة، على «المقترحات العملية» الإيرانية، معرباً عن اعتقاده بأن «الإدلاء بتصريحات سلبية، وإصدار بيانات كهذه، يعدّان (تكتيكاً مفاوضاتياً)، قبل أن يكوناً مرتبطين بمضمون المفاوضات، ويعودان إلى محاولات الطرف الآخر إلقاء اللوم على إيران من أجل الضغط على المفاوضين».
وشملت الانتقادات الإيرانية تحميل الطرف الآخر مسؤولية نهاية المحادثات بعد 5 أيام فقط على استئنافها؛ وقال المسؤول الإيراني: «مثلما رأيتم أداء الفريق المفاوض والتقديم السريع للمسودات إلى الطرف الآخر، على وجه السرعة... أحبطت، إلى حد كبير، هذا التكتيك، لكن الطرف الآخر هو الذي دعا إلى وقف المحادثات». وقال أيضاً: «إيران كانت مستعدة لمواصلة المحادثات دون توقف طالما استدعى الأمر».
قبل المسؤول الإيراني بساعات، قال مسؤول أميركي عائد من المفاوضات في العاصمة النمساوية إن اقتراحات طهران «تشكل تراجعاً عن كل التسويات التي اقترحتها» من أبريل (نيسان) إلى يونيو (حزيران) الماضيين، وذلك بهدف «الاستفادة من كل التسويات التي طرحها الآخرون، خصوصاً الولايات المتحدة، والمطالبة بالمزيد»، منوها بأن «إيران لم تظهر موقف بلد يفكر جدياً في عودة سريعة» إلى اتفاق 2015.
وعدّ المسؤول الأميركي أنه في وقت أظهرت فيه الولايات المتحدة «صبراً» خلال الأشهر الخمسة الأخيرة، فإن طهران «واصلت تسريع وتيرة برنامجها النووي بشكل استفزازي»، وأردف المسؤول: «لا يمكن أن نقبل بوضع تسرع فيه إيران وتيرة برنامجها النووي مع المماطلة في دبلوماسيتها النووية»، وشدد على أن الدبلوماسية هي الطريق الأنسب لإدارة بايدن، لكن لديها «أدوات أخرى» يمكن أن تلجأ إليها. وقال إنه في حال لم تلتزم إيران الجدية «فسنضطر إلى اللجوء لأدوات أخرى؛ أدوات يمكنكم تصورها، لمحاولة زيادة الضغط على إيران»، بحسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، في حديثه بمؤتمر «رويترز نكست»، إن بلاده لن تسمح لإيران بإطالة أمد هذه العملية بينما تواصل إحراز تقدم في برنامجها، وإن واشنطن ستتبع خيارات أخرى إذا فشلت الدبلوماسية.
طهران متمسكة بالضمانات
وعن المسودتين اللتين قدمهما كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني إلى الأطراف الأوروبية، تجنب المسؤول التطرق إلى التفاصيل، لكنه أوضح أن مقترحاتهما وتعديلاتهما بشأن رفع العقوبات والالتزامات النووية، «تستند إلى مسودة الجولات الست السابقة»، وادعى أنها «متسقة تماماً مع الاتفاق النووي، ولم تكن هناك تعديلات قصوى»، و«تتضمن العقوبات التي يجب أن ترفع من جانب الولايات المتحدة»؛ على رأسها «كل العقوبات التي فرضت بموجب سياسة (الضغوط القصوى)».
وأصر المسؤول الإيراني على أن طرح المسودتين كان مفاجئاً للأطراف الأخرى، خصوصاً الأميركيين والأوروبيين... ومن هنا «طلب الطرف الآخر وقف المباحثات والعودة إلى العواصم للحصول على مشورة». وتحدث عن مسودات إيرانية أخرى «ستقدم في إطار المسودتين»، وهي تتناول طرق وتوقيت التحقق من رفع العقوبات، وجميع القضايا ذات الصلة بالضمانات بعدم الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي.
وقال المسؤول الإيراني: «في الأيام الأخيرة شاهدنا عدداً من السيناتورات ونواب الكونغرس هددوا بأن أميركا ستنسحب من الاتفاق النووي في حال وصل رئيس جمهوري إلى السلطة».
وكان لافتاً أن المسؤول الإيراني لم يرغب في الخوض بشأن المقترحات في المسودة الخاصة بالالتزامات النووية التي يمكن أن توافق عليها طهران للعودة إلى الالتزامات النووية، أو ما إذا كانت تعود للالتزامات المنصوص عليها في الاتفاق، بعدما سارعت برنامجها النووي، على مختلف المستويات.
حصة إسرائيل
من جهة أخرى؛ وجه المسؤول الإيراني أصابع الاتهام إلى إسرائيل في توقف الجولة السابعة. وقال: «من الطبيعي أن يكون الكيان الصهيوني غير راض عن هذا الوضع. لقد حاولت وسائل إعلامه الدفع بإشاعات للتأثير السلبي على المفاوضات». وقال: «لقد حذرنا الأطراف الأخرى بضرورة عدم السماح لبعض الأطراف الخارجية المنزعجة من تقدم المحادثات، بنشر الأخبار الكاذبة والمشوهة للتأثير على المحادثات».
وقال المسؤول الإيراني؛ في إشارة إلى أول جولة مباحثات شارك فيها الفريق الممثل للحكومة الجديدة: «نظراً للمأزق الذي لم يتم حله في الجولة السادسة، كان من الواضح مسبقاً أنه ليس من المقرر الوصول إلى نتيجة نهائية في هذه الجولة من المفاوضات». ولفت إلى أن الحكومة «رأت أن يشارك الفريق الجديد بأياد ممتلئة في هذه الجولة من المفاوضات، سواء من حيث الخبرة، وتركيبة الفريق، وكذلك النصوص والمقترحات»، حسبما أوردت وكالات الأنباء الإيرانية.
وأشار المسؤول الإيراني إلى نقطتين حول «مهمة» الفريق النووي المفاوض؛ في النقطة الأولى قال إن الفريق يسعي إلى الحصول على «اتفاق جيد» في فيينا. أما عن النقطة الثانية، فقال: «المقترحات كانت نهائية وجاهزة لتقديمها إلى الطرف الآخر قبل زيارة الوفد إلى فيينا»، وأنه «كان من المتوقع أن تتهم بعض الأطراف الأخرى الجمهورية الإسلامية بعدم الجدية وعدم تقديم مقترحات واضحة». وتابع: «دخلت الحكومة الجديدة المحادثات بنهج عملي وخطة واضحة».
ورداً على سؤال حول زيادة عدد فريق المفاوضين، قال: «واحدة من القضايا التي جرى التأكيد عليها؛ هي قدرة إيران على اتخاذ القرار، والتحليل المناسب في المفاوضات لكي نتأكد من أن النصوص المكتوبة والمواقف التفاوضية، خالية من النقص»، موضحاً أن «الحكومة جادة في الوصول إلى نتيجة، وتحاول إنهاء المحادثات في أسرع وقت ممكن، لهذا كان من الضروري توفير عملية صنع القرار، وإعداد النصوص وتقديم الملاحظات على الفور».



تصدع في المعارضة الإسرائيلية يتيح تعزيز قوة نتنياهو

نفتالي بينيت خلال ترؤسه الحكومة الإسرائيلية في فبراير 2022 محاطاً بوزير المال أفيغدور ليبرمان ووزيرة الاقتصاد أورنا باربيفاي (مكتب الإعلام الحكومي الإسرائيلي)
نفتالي بينيت خلال ترؤسه الحكومة الإسرائيلية في فبراير 2022 محاطاً بوزير المال أفيغدور ليبرمان ووزيرة الاقتصاد أورنا باربيفاي (مكتب الإعلام الحكومي الإسرائيلي)
TT
20

تصدع في المعارضة الإسرائيلية يتيح تعزيز قوة نتنياهو

نفتالي بينيت خلال ترؤسه الحكومة الإسرائيلية في فبراير 2022 محاطاً بوزير المال أفيغدور ليبرمان ووزيرة الاقتصاد أورنا باربيفاي (مكتب الإعلام الحكومي الإسرائيلي)
نفتالي بينيت خلال ترؤسه الحكومة الإسرائيلية في فبراير 2022 محاطاً بوزير المال أفيغدور ليبرمان ووزيرة الاقتصاد أورنا باربيفاي (مكتب الإعلام الحكومي الإسرائيلي)

تشهد أحزاب المعارضة الإسرائيلية تصدعاً جديداً في صفوفها، على إثر قرار حزب اليهود الروس «إسرائيل بيتنا»، بقيادة أفيغدور ليبرمان، تفكيك الإطار الذي يجمعه بها والعمل بشكل مستقل، لتصبح هذه المعارضة من ثلاث مجموعات، تفتتها التباينات فيما بينها.

ويؤدي ذلك ليس فقط إلى الاغتباط لدى معسكر اليمين الحاكم برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بل يفتح له باب الأمل للفوز في الانتخابات، إذ إنه يعدّ مخضرماً في استغلال أزمات منافسيه.

واتهم ليبرمان قادة الأحزاب الثلاثة الذين كانوا شركاءه، وهم يائير لبيد وبيني غانتس ويائير غولان، بالانحراف يساراً في القضايا السياسية، والتخلي عن الهدف الأسمى الذي يجمعهم، وهو إسقاط حكم نتنياهو.

ونقلت وسائل إعلام عبرية عنه القول، في اجتماع ضيق للمقربين منه: «لا أشعر بتلاحم معهم. في قضايا كثيرة تفترق طرقنا.

وفي القضية الجوهرية، أمام نتنياهو، يبدو خطابهم ضعيفاً وغير مثابر ولا يقنع الجمهور». والمعروف أن المعارضة الإسرائيلية كانت حتى الآن منقسمة إلى كتلتين: الأحزاب الصهيونية الأربعة، وهي حزب ليبرمان الممثل في الكنيست (البرلمان) بستة مقاعد، وحزب لبيد «يوجد مستقبل» الممثل بـ24 مقعداً، وحزب غانتس «المعسكر الرسمي»، الممثل بـ12 مقعداً في الانتخابات الأخيرة، لكنه تعرض لانقسام، وتركه جدعون ساعر الذي انضم للائتلاف وأصبح وزيراً للخارجية، فبقي مع ثمانية مقاعد، وحزب «الديمقراطيون» اليساري برئاسة يائير غولان، الممثل بأربعة مقاعد.

الكتلة الثالثة

رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان (أرشيفية - رويترز)
رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان (أرشيفية - رويترز)

أما القسم الآخر فهو الذي يضم كتلتين: الجبهة الديمقراطية والحركة العربية للتغيير برئاسة أيمن عودة وأحمد الطيبي، والقائمة الموحدة للحركة الإسلامية بقيادة منصور عباس، ولكل منهما خمسة مقاعد في البرلمان. وجاء هذا الانقسام لأن لبيد وغانتس وليبرمان يرفضون الشراكة مع الأحزاب العربية، على خلفية عنصرية أو الانجرار وراء المواقف العنصرية.

ويعدّ انسلاخ ليبرمان ككتلة ثالثة، انعكاساً لضعف المعارضة وتغليبها المصالح الحزبية والذاتية الضيقة. فهي في الأصل لا تتفق على برنامج مشترك ولا يثق أي من قادتها بالآخر، ولا يقبل أي رئيس لحزب منها أن ينضوي تحت جناح أي من الشركاء الآخرين. ولا يقتنع الجمهور بأي واحد منهم.

وعلى الرغم من أن 56 في المائة من الجمهور قال إنه لا يثق بنتنياهو، فإنه عندما يُسأل من الذي تجده مناسباً لرئاسة الحكومة، يتفوق نتنياهو على جميع رؤساء المعارضة وبفارق كبير. والوحيد الذي يرى فيه الجمهور أملاً ويفضله على نتنياهو هو نفتالي بينيت، رئيس الوزراء الأسبق، الذي تفكك حزبه السابق ويقيم حالياً حزباً جديداً يحمل الاسم الساذج: «بنيت 2026».

وبحسب نتائج الاستطلاع الأسبوعي الذي تجريه صحيفة «معاريف»، وتنشره في كل يوم جمعة، فإنه في حال إجراء الانتخابات اليوم بالتركيبة الحزبية الحالية، فستحصل أحزاب الائتلاف الحاكم برئاسة نتنياهو على 51 مقعداً فقط، وتهبط عملياً بـ17 مقعداً، بينما تحصل أحزاب المعارضة الصهيونية على 59 مقعداً.

الأحزاب العربية

صورة لإحدى الجلسات في الكنيست الإسرائيلي (إكس)
صورة لإحدى الجلسات في الكنيست الإسرائيلي (إكس)

وبما أن قادة هذه الأحزاب كانوا قد أعلنوا أنهم لن يقيموا ائتلافاً يستند إلى أي من الأحزاب العربية، فإن أياً منهم لن يستطيع تشكيل حكومة، ويبقى نتنياهو في هذه الحالة رئيساً للحكومة حتى تظهر نتائج أخرى. لكن هذه الصورة تتغير في حال خوض نفتالي بنيت الانتخابات؛ إذ إن استطلاع «معاريف» يشير إلى أنه سيفوز بـ26 مقعداً ويصبح أكبر الأحزاب في البرلمان، ويليه حزب «الليكود» بـ20 مقعداً منخفضاً من 32 مقعداً حالياً.

ويستطيع بينيت في هذه الحالة تشكيل حكومة من دون الأحزاب العربية؛ إذ ستحصل المعارضة الصهيونية مجتمعة على 64 مقعداً، وتحصل الأحزاب العربية على 10 مقاعد، ولا يبقى للائتلاف سوى 46 مقعداً. وفي الحالتين يسقط حزب بتسلئيل سموتريتش، الممثل اليوم بثمانية مقاعد، بينما يرتفع حزب «عظمة يهودية» برئاسة إيتمار بن غفير، الممثل اليوم بستة مقاعد، إلى 10 أو 11 مقعداً.

إلا أن التفكك الإضافي في أحزاب المعارضة يمكنه أن يغير هذه النتائج أيضاً؛ إذ إن نتنياهو اعتاد على استغلال نقاط ضعف منافسيه، بل إنه يتبع نهجاً أصبح تقليداً في سياسته ومناوراته، منذ توليه رئاسة الحكومة، وهو دفع منافسيه إلى التفكك.