مطالب بـ«معايير» للحد من الأخبار والمقاطع «غير الملائمة»

مطالب بـ«معايير» للحد من الأخبار والمقاطع «غير الملائمة»
TT

مطالب بـ«معايير» للحد من الأخبار والمقاطع «غير الملائمة»

مطالب بـ«معايير» للحد من الأخبار والمقاطع «غير الملائمة»

تناول منصات التواصل لـ«المحتوى العنيف» بات يثير مخاوف وقلقاً بشأن تعامل هذه المنصات مع «أخبار الحوادث» والمقاطع المصورة، وسط مطالب بمعايير أخلاقية للحد من الأخبار والمقاطع غير الملائمة. وفي حين يلتزم الإعلام بمواثيق تتضمن منع نشر مقاطع الفيديو أو الصور الصادمة، وكذلك أسماء المتهمين والضحايا والصور الخاصة بهم وبأسرهم، فإن بعض مواقع التواصل الاجتماعي لا تزال تسمح بتداول المحتوى العنيف.
خبراء ومتخصصون يرون أن المشكلة ليست في وسائل الإعلام، لأن الغالبية منها تلتزم بالمعايير الأخلاقية في تناول أخبار العنف والجريمة، بل تتركز المشكلة في إمكانية النشر لدى الجمهور، التي تتيحها منصات التواصل، وتختلف فيما بينها في سرعة الاستجابة وتشديد القواعد على المحتوى المنشور.
ووفق خبراء ومتخصصين فإنه رغم التطور في عمليات المراجعة والرقابة ببعض المنصات، فالكثير من المحتوى يفلت من هذه القواعد. ويشار، في هذا المجال، إلى أن منصات التواصل عرضت أحداثاً خلال الشهر الماضي، منها «جرائم قتل» وقعت في عدد من الدول العربية.
إحدى هذه الجرائم جريمة في مصر وثقت بمقاطع مصورة، وعرفت إعلامياً باسم «قضية مذبحة الإسماعيلية»، ولقد أثار تداولها مخاوف المصريين بسبب محتواها. وكذلك هناك مقتل الصحافية اليمنية رشا الحرازي بعبوة ناسفة، مع عرض لقطات «صعبة» وجرى التفاعل معها على «تويتر».
الدكتور لخضر شادلي، أستاذ الإعلام الجديد والرقمي في الجامعة الكندية بدبي، أشار إلى «المسؤولية المجتمعية لمواقع التواصل الاجتماعي». وأردف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنه «بعد تقييم البحث حول التأثير الإجرامي لوسائل الإعلام مثل الرسوم الهزلية والتلفزيون وألعاب الفيديو، نلاحظ التأثيرات المحتملة الإنترنت) على اتجاهات الجريمة، بالاتفاق مع نظرية كوهين وفلسون (عام 1979)، وبموجبها ترتبط التغيرات في أنشطتنا اليومية بتقلبات الجريمة، وهنا نسأل كيف يمكن للإنترنت تغيير عاداتنا، وبالتالي اللعب على حجم الجرائم؟».
«الإجابة – حسب شادلي - فيما يسمى بنشر العنف السيبراني. وهو العنف المعبر عنه من خلال الأدوات الرقمية، على أساس مخصص الإهانات والتهديدات أو البث المتكرر لمشاهد عنيفة». وتابع موضحاً أن «الأزمة في العنف السيبراني تعود إلى الانتشار والاستمرارية، حيث لا يترك أي فترة راحة للضحية... ويمكن الوصول إليك في أي مكان وفي أي وقت، كمساحة عامة. إذ يتمتع الإنترنت بالقدرة على نشر العنف، حيث يساعد الإعجاب أو مشاركة منشور يتعلق بالعنف على زيادة ظهوره، وبالتالي تأثيره».
من جانبه، علق الصحافي المصري إيهاب الزلاقي، رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة «المصري اليوم» اليومية الخاصة بمصر، لـ«الشرق الأوسط» قائلاً إن «قواعد العمل الإعلامي الأساسية تمنع نشر العنف أو الترويج له بأي وسيلة. وبالتالي أي نشر تفاصيل تحرض على العنف يخالف كل القواعد المهنية المعروفة». وأضاف أن «المشكلة ليست في وسائل الإعلام، لأن غالبيتها تلتزم بالمعايير الأخلاقية في تناول أخبار العنف والجريمة، لكنها في إمكانية النشر لدى الجمهور التي تتيحها منصات التواصل الاجتماعي، وتختلف فيما بينها، في سرعة الاستجابة وتشديد القواعد على المحتوى المنشور. ورغم التطور في عمليات المراجعة والرقابة، فإن الكثير من المحتوى يهرب من هذه القواعد».
واستطرد الزلاقي شارحاً أن «هناك قاعدة تقول إن ما ينشر على الإنترنت يستحيل حذفه بالكامل مهما تعددت المحاولات. وجزء من الحل لعلاج هذه المشكلة يتعلق بالجمهور المستهلك، لأنه يفترض أن يساهم الجمهور العريض في دحض هذه المواد والإبلاغ عنها، الأمر الذي يساعد في جهود المكافحة». الزلاقي أشار أيضاً إلى أن «لدى مواقع التواصل معايير تتوافق نظرياً مع ميثاق العمل الصحافي؛ بل وتتشدد في بعض الأحيان. غير أن الأزمة الحقيقية تكمن في آلية التنفيذ... ومنها اتساع نطاق الاستخدام والحجم الهائل للمحتوى الذي ينشر كل ثانية. ولنا أن نتخيل منصة مثل فيسبوك يستخدمها ما يقرب من 3 مليارات شخص في العالم ينشرون بكل اللغات المعروفة وغير المعروفة. وبالتالي، فإن مراجعة كل هذا الحجم الهائل من المحتوى لمعرفة مدى التزامه بالمعايير، مسألة تقترب من الاستحالة، رغم تطور تكنولوجيا المراجعة واعتمادها بشكل كبير على الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى التدخل البشري... وهكذا - وبطبيعة الحال – تفلت أنواع من المحتوى العنيف وتجد طريقا إلى النشر».
حسب المراقبين فإن الحلقة الأهم ربما تكون في مدى تأثر معايير العمل الصحافي بمستحدثات أنماط نشر المعلومات على مواقع التواصل. وهنا يقول شادلي إنه «ليس من السهل تحليل وضع الصحافة في التحدي الرقمي، لأن الوضع يتغير بسرعة كبيرة، والنظرة إلى مستقبل الصحافة تتغير بشكل متسارع، لدرجة أننا نواجه بسرعة مناهج متناقضة». ويضيف «لقد غيرت الشبكات الاجتماعية الصحافة بنفس القدر في ممارسة المهنة، وفي الإنتاج، وفي التوزيع، بل ويمكنني القول حتى في حياة الصحافي نفسه... وعندما أقول الإنتاج، أعني التأثير الذي يمكن أن تحدثه وسائل التواصل الاجتماعي في العثور على المعلومات».
ويتفق الزلاقي مع هذا الرأي، فيقول «طبعاً يوجد تأثير، سببه الأساسي سيادة مفهوم سرعة النشر على مفهوم التحقق من الأخبار. وفي ظل المنافسة الحادة بين وسائل الإعلام على التواجد والانتشار والتأثير وتحقيق العائدات، تتجاهل قواعد العمل الراسخة وتتزايد الأخطاء. إلا أنني لا أعتقد أن أي وسيلة إعلامية تتعمد تجاوز الأصول والأعراف الأخلاقية أو المهنية؛ واؤمن بأن الضغوط المتلاحقة لفكرة السبق والسرعة تؤدي حتماً إلى وقوع الأخطاء التي تتراوح في حجمها بين المقبول والمرفوض... وهنا يبرز دور الجهات المسؤولة عن الالتزام بميثاق العمل الصحافي في إعادة وسائل الإعلام التي تتجاوز الخطوط المهنية إلى طريق الصواب».
وحول طرق المواجهة القانونية، يشرح شادلي فيقول إن «الترسانة القانونية تكافح لتغطية ظاهرة العنف السيبراني بأكملها، والتي هي في الوقت نفسه متعددة الأوجه وواسعة النطاق ومتحركة. ونحن ندرك أن لدى هذه الشبكات قوة معينة لنشر المعلومات بسرعة عالية و«فيروسية»، وبات فيسبوك وتويتر وسيطي معلومات مع دور متزايد في توجيه المحتوى عبر الإنترنت. ويبدو أنهما في منافسة مع مواقع الأخبار الأخرى». ويضيف أن «بعض الصحافيين يطورون حضوراً على الشبكات الاجتماعية قد تكمن في الرغبة لجذب انتباه القراء ومحاولة الحفاظ على بعض السيطرة على نشر المعلومات. وبعض الدراسات المكرسة لاستخدامات فيسبوك وتويتر تقودنا إلى التفكير في تطوير أشكال إنتاج المعلومات وتداولها، ليصبح لدى العمل الصحافي وسائط بديلة جاذبة».
وفي السياق نفسه، عن التصدي لظاهرة العنف عبر مواقع التواصل وتحقيق مزيد من الاحتكام إلى مواثيق العمل الصحافي، يرى الزلاقي أن «الشراكات التي تجمع بين هذه المواقع وبين مؤسسات صحافية موثوقة ربما تقنن وتحد من نشر المحتوى العنيف أو غير اللائق». ويوضح أن «التطور التكنولوجي المتلاحق منذ ظهور الإنترنت غير مهنة الصحافة بشكلها التقليدي إلى الأبد، بداية من جداول النشر المستمر على مدار الساعة، وصولاً إلى الأنماط الجديدة وأشكال المحتوى الرقمي». ثم يضيف «في الوقت الراهن، تساهم المنصات في الدخل المالي الذي تحققه وسائل الإعلام، وربما تكون هي المصدر الثابت في هذا الدخل خاصةً من الإعلانات الرقمية. وهذا أمر شديد الأهمية مع تراجع مصادر الإيرادات التقليدية، وبالإضافة إلى ذلك تحاول المنصات خاصةً فيسبوك عقد شراكات مع وسائل إعلام ذات مصداقية لتقديم محتوى جيد للمستخدمين، وهو هدف يخدم المنصات في تحسين صورتها كمركز لمواجهة الأضاليل، ويخدم في الوقت نفسه وسائل الإعلام الجادة بتوفير مصادر دخل بديلة، واتساع نطاق هذا التعاون يمكن أن يفيد الطرفين».


مقالات ذات صلة

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

وافقت شبكة «إيه بي سي نيوز» على دفع 15 مليون دولار لصالح مكتبة دونالد ترمب الرئاسية، لتسوية دعوى قضائية تتعلق بتصريح غير دقيق من المذيع جورج ستيفانوبولوس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

المنتدى الروسي الأول لـ«الثقافة والإعلام والرقمنة» لمواجهة هيمنة الغرب

أحد المتكلمين في المنتدى (الشرق الأوسط)
أحد المتكلمين في المنتدى (الشرق الأوسط)
TT

المنتدى الروسي الأول لـ«الثقافة والإعلام والرقمنة» لمواجهة هيمنة الغرب

أحد المتكلمين في المنتدى (الشرق الأوسط)
أحد المتكلمين في المنتدى (الشرق الأوسط)

«إحدى الوظائف الرئيسية لوسائل الإعلام الجديدة تتمثّل في القدرة على توحيد الناس وكسر الحواجز الموجودة بين الثقافات» اختتم المنتدى الأول لـ«الثقافة والإعلام والرقمنة» أخيراً أعماله في موسكو، مطلِقاً آليات لتعزيز التواصل مع المؤسسات الثقافية والإبداعية في عشرات البلدان، بهدف تحويل المنتدى -كما قال منظموه- إلى «منصة فريدة لتبادل الخبرات وتطوير أساليب الابتكار والإبداع في عالم متعدد لا تهيمن عليه الثقافة الغربية وحدها بأساليبها القديمة».

جمع المنتدى، عبر النقاشات التي دارت خلال ورشات العمل «قادة الصناعات الإبداعية من روسيا ودول أخرى، لمناقشة آفاق تطوير الصناعة والمخاطر والفرص التي أحدثها التقدم السريع للتكنولوجيا الجديدة في حياة الناس وإبداعهم».

عاصمة عالمية للإعلام والثقافة

ووفقاً لحكومة العاصمة الروسية موسكو، التي رعت تنظيم المنتدى، فإن من بين أهداف إطلاقه «تحويله إلى فعالية تُنظّم بشكل دوري وتكريس رؤية جديدة للتعاون الثقافي والإعلامي والإبداعي تقودها موسكو». ومن جهتها، رأت رئاسة المنتدى أن موسكو «عزّزت عبره مكانتها بين عواصم الثقافة في العالم، وباتت تجذب انتباه الخبراء في الصناعات الإبداعية والمتخصصين المشهورين من مختلف أنحاء العالم، من الولايات المتحدة وفرنسا إلى الهند والصين». وبهذا المعنى فإن روسيا «ما زالت تحتفظ بهويتها الثقافية، على الرغم من العقوبات والتحديات المعاصرة، بل تمضي قدماً أيضاً نحو تطوير أشكال جديدة من التفاعل في مجالات السينما ووسائل الإعلام الجديدة وغيرها من الصناعات الإبداعية».

وحقاً، جمع منتدى «الثقافة والإعلام والرقمنة» في دورته الأولى متخصصين في مجالات السينما، والألعاب، والإعلام، والتكنولوجيا، والصناعات الإبداعية؛ للبحث عن توازن جديد بين الأهداف التجارية والمصالح العامة، وإمكانيات الآلات وقدرات البشر.

ولمدة يومين، تواصل المشاركون من مختلف دول العالم في ورشات عمل لبحث المواضيع الرئيسة المطروحة التي توزّعت على عدة محاور؛ بينها: اقتصاد وسائل الإعلام الجديدة، والتأثير المتبادل بين وسائل الإعلام الجديدة والسينما، والاتصالات، وتقنيات الذكاء الاصطناعي، فضلاً عن تطوير ألعاب الفيديو، والمساحات الافتراضية، والرياضات الإلكترونية.

تقارب وأرضية مشتركة

رؤية المنتدى تقوم، بالدرجة الأولى، على محاولة تعزيز التقارب والتنسيق من أجل «إيجاد أرضية مشتركة وتطوير أساليب جديدة وفريدة للإبداع بين روسيا ودول مجموعة (بريكس+)» والدول العربية، لا سيما في مجال منصات الثقافات وتشابكها. وبذا لا يُخفي المنظمون الهدف الأساسي المتمثل في محاولة «كسر» الحصار الغربي، والعمل على تشكيل منصة فريدة تُسهم في تطوير حوار دولي بين روسيا وشركائها في الدول العربية والبلدان الأخرى التي تعمل مثل روسيا لإيجاد روابط جديدة للتعاون في ظل التغيّرات السريعة على بيئة المعلومات العالمية.

لذا، رأى المنتدى في جلسات الحوار أن إحدى الوظائف الرئيسة لوسائل الإعلام الجديدة تتمثّل «في القدرة على توحيد الناس، وكسر الحواجز الموجودة بين الثقافات واللغات المختلفة عبر استخدام الشبكات الاجتماعية، والمدوّنات، ومحتوى الفيديو». وعدّ أن تأثير مساحة الإعلام الجديدة يتمثّل أيضاً في إمكانية إنشاء مبادرات مشتركة - مشاريع مشتركة، وأحداث ثقافية، وبرامج تعليمية تهدف إلى تعزيز الروابط وتوسيع آفاق التعاون المتبادل.

برنامج اليوم الأول تضمّن جلسة رئيسة بعنوان «مستقبل التواصل والتواصل من أجل المستقبل»، شاركت فيها نخبة من كبار المخرجين العالميين؛ مثل: أمير كوستوريكا، وأوليفر ستون، استعرضوا خلالها دور السينما في تجاوز الحواجز الثقافية وتعزيز التفاهم بين الشعوب. وفي كلمته، شدّد كوستوريكا على أن «السينما لا تُقاس بقيمتها المالية بقدر ما تحمله من مضامين وأفكار عميقة»، مشيراً إلى تأثير أفلام المخرج أندريه تاركوفسكي التي على الرغم من محدودية مشاهدتها عند إصدارها، اكتسبت قاعدة جماهيرية واسعة على مر الزمن، بفضل طرحها أسئلة جوهرية عن الحياة.

أما ستون فأكد أن «السينما اليوم في مرحلة تطور مستمر، تتضمّن رؤى فنية جديدة وإمكانيات إبداعية متاحة حتى في المدن الصغيرة»، داعياً إلى احتضان هذا التغيير وتقدير الماضي في الوقت ذاته.

الحضور العربي

وفي الجلسات عن العالم العربي، شارك لوبو سيوس مقدم البرامج الحوارية في دبي، وعلي الزكري رئيس قسم التحرير الرقمي في صحيفة «البيان» في دبيّ، وعلا الشافعي رئيسة تحرير صحيفة «اليوم السابع» المصرية، والصحافي اللبناني نبيل الجبيلي. وأكد المنتدى تعزيز الروابط بين الشعوب، كونها تُسهم في خلق أرضية مشتركة وتقديم طرق مبتكرة للإبداع. ورأى المشاركون أن العلاقات بين روسيا ودول «بريكس» لا سيما الدول العربية تستند إلى التفاعل الثقافي وتشابك الثقافات؛ مما يفتح آفاقاً جديدة للتعاون والإبداع المشترك.

وعن دور السينما، بين وسائل هذا التعاون، فإنها عُدّت جسراً فعّالاً يربط بين العالمين الروسي والعربي. إذ إن الأفلام لا تكتفي بعرض جوانب من حياة شعوب معينة، بل تساعد أيضاً على تجاوز الحواجز اللغوية والثقافية؛ مما يخلق قصصاً عالمية قادرة على التأثير في قلوب المشاهدين في كل مكان.

ومن ثم، تناول المنتدى دور الذكاء الاصطناعي بوصفه أداة واعدة في عملية التأليف والإنتاج السينمائي، بجانب بحث الفرص التي توفرها المنصات الرقمية لتمكين المواهب الشابة.

جانب من الحضور يسجلون اللحظة بهواتفهم الجوّالة (الشرق الأوسط)

منصة مهمة لتبادل الخبرات

مع مشاركة أكثر من 70 متحدثاً من 10 دول، شكّل المنتدى منصة مهمة لتبادل الخبرات وتعزيز التواصل الثقافي بين روسيا والعالم، بما يُسهم في دفع عجلة الابتكار والتنوع في قطاعي الإعلام والسينما العالميين. وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، قال جورجي بروكوبوف، رئيس شركة موسكينو - مركز موسكو السينمائي، إن المنتدى -الأول من نوعه- يُنظّم «في لحظة محورية؛ إذ تعمل أدوات الذكاء الاصطناعي والابتكارات الرقمية على إعادة تشكيل الصناعات الإبداعية بشكل أساسي». وأردف أن «الملعب العالمي بات أكثر توازناً... وظهرت مناطق جديدة، أو عزّزت مناطق، كانت موجودة أصلاً في هذه الصناعة، مكانتها لتتحول إلى مراكز لإنتاج الأفلام والتلفزيون».

وأوضح بروكوبوف أن موسكو استثمرت، بمبادرة من رئيس بلديتها سيرغي سوبيانين، بكثافة في «بناء مجموعات إبداعية عالمية المستوى» في المدينة وإنشاء شبكات تعاون مع مراكز إبداعية مماثلة في جميع أنحاء العالم. ولقد انصب أحد البرامج الأساسية على تطوير صناعة السينما. وتابع أن «مجموعة صناعة الأفلام الروسية وصلت إلى حجم مماثل (من حيث مرافق الإنتاج ومعداتها المتطورة) لتلك الموجودة في كاليفورنيا أو مومباي (...) تتغيّر صناعة الأفلام العالمية بسرعة، ولم يعد الأمر يقتصر على (هوليوود)، النموذج القديم؛ حيث تُملى ثقافة واحدة، والأذواق العالمية تتلاشى». ثم كشف عن أن عدد الأفلام الروائية المنتجة في دول «بريكس» تضاعف أكثر من ثلاث مرات على مدى العقدين الماضيين، في حين ظل عدد الإنتاجات في الغرب ثابتاً إلى حد كبير.

داخل القاعة (الشرق الأوسط)

التطور في «بريكس» ودول الخليج العربي

ومن ثم، أفاد بأن تقنيات الذكاء الاصطناعي تسمح بتكييف المحتوى المتنوع مع السياقات المحلية بسلاسة. وبالنسبة إلى دول مجموعة «بريكس» فإنها، مثل روسيا، «تتطلّع إلى تعزيز التعاون مع القطاع الإبداعي المزدهر في الخليج العربي، بما يمثّل فرصة مثيرة لاستكشاف أسواق جديدة».

وزاد المسؤول أن الأوساط الروسية «تتابع باهتمام كبير ما يحدث في المملكة العربية السعودية. إن تفاني الحكومة في رعاية المواهب وجعل المملكة واحدة من المراكز الإبداعية الرائدة في العالم أمر رائع حقاً. ومن الملهم أن نرى كيف تتحوّل المملكة بسرعة إلى قوة إبداعية عالمية مع الحفاظ على تراثها الثقافي الغني».