واشنطن تعزز تبادل المعلومات الاستخباراتية مع الرياض دعما لـ«عاصفة الحزم»

20 عسكريا أميركيا يتواصلون مع دول الخليج حول العمليات في اليمن

نائب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في مؤتمر صحافي بالرياض في 7 أبريل (نيسان) (أ.ف.ب)
نائب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في مؤتمر صحافي بالرياض في 7 أبريل (نيسان) (أ.ف.ب)
TT

واشنطن تعزز تبادل المعلومات الاستخباراتية مع الرياض دعما لـ«عاصفة الحزم»

نائب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في مؤتمر صحافي بالرياض في 7 أبريل (نيسان) (أ.ف.ب)
نائب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في مؤتمر صحافي بالرياض في 7 أبريل (نيسان) (أ.ف.ب)

تصعد الولايات المتحدة من جهودها لدعم عمليات «عاصفة الحزم» التي تقودها السعودية ضمن تحالف عربي منذ 26 مارس (آذار) الماضي. ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولين أميركيين تأكيدهم بتعزيز الولايات المتحدة تبادل معلومات استخباراتية مع السعودية لتزويدها بقدر أكبر من المعلومات بشأن الأهداف العسكرية المحتملة في الحملة الجوية ضد المقاتلين الحوثيين في اليمن.
وأوضح المسؤولون الأميركيون أن المساعدة الموسعة تتضمن بيانات مخابرات حساسة ستسمح للقيادة العسكرية لـ«عاصفة الحزم» بتحسين مراجعتها لأهدافها العسكرية. وأضاف مسؤول أميركي: «لقد وسعنا قليلا المجال فيما نتبادله مع شركائنا السعوديين.. أننا نساعدهم في تعزيز تفهم ساحة القتال والموقف مع قوات الحوثيين. ونساعدهم أيضا في تحديد مناطق يتعين عليهم تفاديها.. لتقليل أي خسائر في صفوف المدنيين».
وأدى استيلاء الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء إلى انتكاسة جهود الولايات المتحدة لمحاربة مقاتلي «القاعدة» في اليمن. وتشعر واشنطن بقلق من الفوضى التي أحدثها انقلاب الحوثيين ورفضهم الانصياع لقرارات مجلس الأمن المعترفة بشرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي. وقال المسؤولون الأميركيون الأربعة الذين تحدثوا لـ«رويترز» شريطة عدم نشر أسمائهم أن واشنطن لن تصل إلى حد اختيار أهداف محددة لتحالف «عاصفة الحزم».
وكان وكيل وزير الخارجية الأميركية أنطوني بيكنتون قد أعلن في الأسبوع الماضي أن واشنطن تعجل بإمدادات السلاح وتعزز تبادل معلومات المخابرات مع تحالفه «عاصفة الحزم». وبدورها، قالت وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» إنها بدأت إعادة تزويد طائرات التحالف العربي بالوقود في الجو على الرغم من أنها خارج المجال الجوي اليمني.
وقال مسؤولون أميركيون إن «الدعم الأميركي في مجال المخابرات كان قاصرا حتى الأيام الأخيرة على مراجعة معلومات المواقع التي تستهدفها السعودية في محاولة لتأكيد دقتها». وأوضح المسؤولون أن الدور الأميركي زاد الآن في حجمه ومجاله بحيث تضمن «تدقيقا» أكثر تفصيلا للمعلومات التي تعدها القيادة العسكرية لـ«عاصفة الحزم» للمواقع المستهدفة مع توجيه اهتمام خاص لمساعدة السعوديين على تفادي سقوط ضحايا من المدنيين.
ولم يعلق البيت الأبيض والبنتاغون بشكل محدد عندما سئلا عن توسيع تبادل معلومات المخابرات.
واكتفى اليستير باسكي المتحدث باسم البيت الأبيض بالقول إن «الولايات المتحدة تزود شركاءنا بمعلومات المخابرات اللازمة والمناسبة للدفاع عن السعودية والاستجابة للجهود الأخرى لدعم حكومة اليمن الشرعية».
وكان بلينكين قد صرح خلال زيارة إلى الرياض الأسبوع الماضي بأن «السعودية تبعث برسالة قوية للحوثيين وحلفائهم بأنهم لا يستطيعون السيطرة على اليمن بالقوة». وأضاف: «في إطار تلك الجهود عجلنا بتسليم الأسلحة (للتحالف).. وزدنا من تبادل معلومات المخابرات وشكلنا خلية تخطيط مشتركة للتنسيق في مركز العمليات السعودي».
وقال مسؤولون أميركيون إن «الولايات المتحدة أرسلت فريق تنسيق عسكريا يضم 20 فردا للتواصل مع دول الخليج بقيادة الميجر جنرال كارل موندي». وأضاف المسؤولون أن «تخصيص جنرال كبير سيسهل التفاعل مع المسؤولين الكبار الآخرين من دول أخرى».
وبدأت الولايات المتحدة في الأسبوع الماضي طلعات جوية يومية لإعادة تزويد مقاتلات السعودية ودولة الإمارات بالوقود في الجو. ولكن حتى مع عمليات التزويد بالوقود تبدي الولايات المتحدة الحذر حيث تقوم بهذه الطلعات الجوية خارج المجال الجوي اليمني وتطلب تعويضا ماليا من الحلفاء.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.