«أوميكرون» يختبر قدرة الاقتصاد العالمي على الصمود

«غولدمان ساكس» يخفض توقعاته للأداء الأميركي

شارع أوكسفورد في وسط لندن المعروف بازدحامه بالمتسوقين رغم تزايد المخاوف من «كورونا» (أ.ف.ب)
شارع أوكسفورد في وسط لندن المعروف بازدحامه بالمتسوقين رغم تزايد المخاوف من «كورونا» (أ.ف.ب)
TT

«أوميكرون» يختبر قدرة الاقتصاد العالمي على الصمود

شارع أوكسفورد في وسط لندن المعروف بازدحامه بالمتسوقين رغم تزايد المخاوف من «كورونا» (أ.ف.ب)
شارع أوكسفورد في وسط لندن المعروف بازدحامه بالمتسوقين رغم تزايد المخاوف من «كورونا» (أ.ف.ب)

ارتفعت وتيرة المخاوف من التداعيات التي قد يخلفها المتحور الجديد لفيروس كورونا (أوميكرون)، والتي ستنعكس مباشرة على الاقتصاد العالمي الهش أساساً. وحذر صندوق النقد الدولي من أن السلالة الجديدة ربما تعرقل الانتعاش الاقتصادي العالمي الذي كان يتوقعه للعام المقبل.
وقالت كريستالينا غورغييفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، خلال مؤتمر «رويترز نكست»: «ظهور سلالة جديدة قد تكون قادرة على الانتشار بسرعة كبيرة يمكن أن يقوض الثقة، ولذلك سوف نرى على الأرجح بعض التخفيضات في توقعاتنا خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) للنمو العالمي».
وكان صندوق النقد الدولي قد قال، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إنه يتوقع نمو الاقتصاد العالمي 5.9 في المائة هذا العام، و4.9 في المائة في العام المقبل، مشيراً في ذلك الوقت إلى خطر السلالات الجديدة من فيروس كورونا، بصفته تزيد حالة الغموض بشأن موعد التغلب على الجائحة.
وفي الأثناء، خفض خبراء الاقتصاد في مجموعة «غولدمان ساكس» توقعاتهم للاقتصاد الأميركي هذا العام، والعام المقبل، بعد أن توصلوا إلى أن انتشار سلالة «أوميكرون» لفيروس كورونا سوف يؤدى إلى «جانب سلبي بسيط» يؤثر على النمو.
وفي تقرير صدر مطلع الأسبوع للعملاء، ذكر الخبير الاقتصادي جوزيف بريجز أن المجموعة تتوقع الآن أن يصل إجمالي الناتج المحلي الأميركي إلى 3.8 في المائة هذا العام، بانخفاض من 4.2 في المائة. وقلصت المجموعة تقديرها لعام 2022 إلى 2.9 في المائة، بانخفاض من 3.3 في المائة.
وأضاف بريجز: «بينما لا تزال كثير من التساؤلات من دون إجابات، نعتقد الآن أنه سيكون هناك سيناريو لجانب سلبي متوسط، حيث ينتشر الفيروس بسرعة أكثر، لكن على الأرجح أن تضعف المناعة ضد المرض الخطير بشكل طفيف».
وتابع الخبير الاقتصادي أنه ربما تحدث سلالة «أوميكرون» تأثيراً بسيطاً على الإنفاق على الخدمات، وربما تؤدي إلى تفاقم نقص الإمدادات. وأوضح أن سلالة «أوميكرون» قد تؤخر أيضاً العودة إلى العمل، عندما يشعر بعض الأشخاص بالرغبة في ذلك.
وفي هذا الصدد، حذر صندوق النقد الدولي من زيادة الضغوط التضخمية، خصوصاً في الولايات المتحدة، ومن الغموض الناجم عن ظهور سلالة فيروس كورونا الجديدة «أوميكرون»، قائلا إنه يجب على مسؤولي مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي) الأميركي التركيز بدرجة أكبر على مخاطر التضخم.
وحذرت كبيرة خبراء الاقتصاد في صندوق النقد الدولي جيتا جوبيناث، ورئيس قسم النقد وأسواق رأس المال بالصندوق توبياس أدريان، من أن عودة ظهور الوباء وسلالة «أوميكرون» أديا إلى زيادة حالة الغموض إزاء الآفاق الاقتصادية العالمية بشكل كبير. لكنها أضافت أن قوة التعافي وحجم الضغوط التضخمية الكامنة تباينا على نطاق واسع عبر البلدان، وأن من الممكن ضبط سياسات التعامل معهما مع الظروف الفريدة لكل اقتصاد على حدة.
وفي الولايات المتحدة، حيث سجلت أسعار المستهلكين أعلى مستوى لها في 31 عاماً في أكتوبر (تشرين الأول) بحسب قولهما، توجد أسس للسياسة النقدية لإعطاء وزن أكبر لمخاطر التضخم، قياساً بالاقتصادات المتقدمة الأخرى، ومنها منطقة اليورو.
وأضاف: «سيكون من المناسب لمجلس الاحتياطي الاتحادي تسريع عملية تقليص مشتريات الأصول، وتمهيد الطريق لزيادة أسعار الفائدة»، في تأكيد لما قاله رئيس المجلس جيروم باول قبل أيام.
وعد مسؤول إحدى أكبر الشبكات الإنسانية في العالم أن ظهور المتحور «أوميكرون» هو «الدليل المطلق» على خطر معدلات التلقيح غير المنصفة حول العالم. وقال رئيس الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، فرانشيسكو روكا، في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية في موسكو الجمعة، إن «المجتمع العلمي حذر المجتمع الدولي في مناسبات مختلفة من مخاطر المتحورات الجديدة في الأماكن حيث معدلات التلقيح منخفضة جداً».
وتلقى نحو 65 في المائة من الأشخاص في البلدان ذات الدخل المرتفع جرعة واحدة على الأقل من اللقاح المضاد لفيروس كورونا، مقابل أكثر من 7 في المائة في البلدان الفقيرة، وفق ما تظهره أرقام الأمم المتحدة.
والدول الغربية متهمة بتخزين اللقاحات، في حين حضتها منظمة الصحة العالمية على تجنب التسرع في إعطاء جرعات معززة، بينما لم يتلقَّ ملايين في جميع أنحاء العالم جرعة واحدة بعد.
وأدى انتشار «أوميكرون» إلى إعادة حظر السفر، والتشكيك بالانتعاش الاقتصادي العالمي، إضافة إلى تحذيرات بأنها قد تتسبب بأكثر من نصف الإصابات بـ«كوفيد» في أوروبا في الأشهر القليلة المقبلة.
وبرزت أزمة ديون الدول النامية في خضم ظهور «أوميكرون»، من خلال تحذير صندوق النقد الدولي من أن الدول الفقيرة قد تواجه انهياراً اقتصادياً ما لم تتفق الدول الأكثر ثراء في العالم على تكثيف جهود تخفيف أعباء الديون.
وقالت غورغييفا إن نحو 60 في المائة من البلدان المنخفضة الدخل تعاني بالفعل من أعباء الديون، أو معرضة لهذا الخطر بشدة، قياساً بأقل من نصف هذه النسبة في عام 2015. وحذرت من أن «التحديات تتصاعد بالنسبة لكثير من هذه البلدان»، مؤكدة أنه «قد نشهد انهياراً اقتصادياً في بعض البلدان، ما لم يتفق الدائنون بمجموعة العشرين على تسريع إعادة هيكلة الديون، وتعليق خدمتها في أثناء التفاوض على إعادة الهيكلة».
وأطلقت مجموعة العشرين للدول صاحبة الاقتصادات الكبرى مبادرة تعليق خدمة الديون في ربيع 2020 التي تهدف إلى تجميد مؤقت لمدفوعات البلدان المنخفضة الدخل التي واجه كثير منها بالفعل أعباء ديون ثقيلة قبل انتشار جائحة «كوفيد - 19». ومع ذلك، سينتهي سريان هذه المبادرة بحلول نهاية العام.
وشاب البطء الشديد التقدم في خطة أخرى لمجموعة العشرين، وهي الإطار المشترك لمعالجة الديون الذي يستهدف الحد من إجمالي أعباء الديون على البلدان الفقيرة.
ويمكن أن تتسبب البنوك المركزية الكبرى، مثل المركزي الأميركي، في مزيد من المشكلات في ظل استعدادها للتخلص من سياسات التيسير النقدي، وسط توقعات بأن عام 2022 سيكون أكثر صعوبة اقتصادياً.



السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

سطرت السعودية التاريخ، بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم، وهي تركز على تعظيم الأثر والقيمة على المنظومة بشكل عام، وذلك بعد مرور 20 عاماً على هذه المعاهدة التي لم تر النور إلا من عاصمة المملكة.

جاء ذلك مع ختام أعمال مؤتمر الرياض الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم، في حدث لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمن تعقد فيها المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو» مؤتمراً دبلوماسياً خارج جنيف، وهو الأول الذي يُقام في السعودية والشرق الأوسط، ليمثل المرحلة الأخيرة للمفاوضات الخاصة باعتماد معاهدة هذا القانون، التي تستهدف تبسيط إجراءات حماية التصاميم، من خلال توحيد المتطلبات.

وشهد الحدث، خلال الأسبوعين الماضيين، نقاشات وحوارات مكثفة بين البلدان الأعضاء من أجل الوصول إلى معاهدة تلتزم فيها الدول الأعضاء بالمتطلبات الأساسية لتسجيل التصاميم، وأثرها الإيجابي على المصممين، لتصبح هناك إجراءات موحدة تُطبَّق على جميع الدول.

العائد الاقتصادي

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، خلال المؤتمر الصحافي مع ختام هذا الحدث، اليوم الجمعة، قال الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية، عبد العزيز السويلم، إنه من خلال الدراسات يوجد هناك نسب عالية جداً للشباب والفتيات في إبداع التصميم بالمملكة، وستكون ذات أثر اقتصادي بمجرد أن يكون المنتج قابلاً للحماية، ومن ثم للبيع والشراء.

وأكد الرئيس التنفيذي أن اختيار اسم «معاهدة الرياض» يعكس المكانة التي تحتلها المملكة بوصفها جسراً للتواصل بين الثقافات، ومركزاً لدعم المبادرات العالمية، كما أن اعتماد المعاهدة يُعد إنجازاً تاريخياً يعكس تعاون ومساهمة البلاد في الإطار الدولي للملكية الفكرية، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين الدول الأعضاء.

ووفق السويلم، هذه المعاهدة ستسهم في وضع أسس قانونية مهمة تحقق الفائدة للمصممين، وتدعم الابتكار والإبداع على مستوى العالم.

وتعكس «معاهدة الرياض» رؤية المملكة في تعزيز التعاون الدولي بمجال الإبداع ودورها القيادي في صياغة مستقبل مستدام للمصممين والمبتكرين؛ وقد استكملت المفاوضات في الوصول إلى اتفاق دولي للمعاهدة.

توحيد الإجراءات

وتُعد نقلة نوعية في مجال توحيد إجراءات إيداع التصاميم، لتسجيلها على مستوى دول العالم، وتوفير بيئة قانونية تدعم الابتكار والإبداع في مختلف القطاعات.

هذا الإنجاز يرسخ مكانة المملكة بصفتها وجهة عالمية لدعم المبادرات المبتكرة، ويعكس التزامها بتوفير بيئة مشجِّعة للإبداع تحمي حقوق المصممين وتسهم في ازدهار الصناعات الإبداعية على مستوى العالم.

وكانت الهيئة السعودية للملكية الفكرية قد استضافت، في الرياض، أعمال المؤتمر الدبلوماسي المعنيّ بإبرام واعتماد معاهدة بشأن قانون التصاميم، خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بمشاركة الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، بحضور رفيع المستوى من أصحاب القرار.