«الياسرية» طبق الحمص الفخم المرصع بالجوز

معه يعيد مطعم «الدنون» الحياة إلى المطبخ الطرابلسي العريق

بلال عبد الهادي يعتبر الحمص نبتة عالمية الشهرة
بلال عبد الهادي يعتبر الحمص نبتة عالمية الشهرة
TT

«الياسرية» طبق الحمص الفخم المرصع بالجوز

بلال عبد الهادي يعتبر الحمص نبتة عالمية الشهرة
بلال عبد الهادي يعتبر الحمص نبتة عالمية الشهرة

علاقة وطيدة تربط بين الحمص وبلال عبد الهادي في مطعم «الدنون» في طرابلس. فهو نشأ مع هذا المكون الأساسي، في المطبخ اللبناني منذ صغره. تعرف إليه عن كثب بفضل مرافقته لوالده إلى مطعم «الدنون» العريق المختص في تقديم أطباق الحمص والفول. وكبر مع الوقت حبه للحمص حتى راح يبحث عن جذوره وأصوله، وعلاقته باللغة العربية. فهو المتخصص بعلم اللغة، وجد روابط كثيرة تجمع بينها وبين الطعام بشكل عام. ومن باب عشقه لهذا المكون راح يتفنن في كيفية تقديمه إلى زبائنه في أطباق حلوة ومالحة. استحدث قاموساً خاصاً للحمص وفي كيفية تناوله بمذاقات مختلفة. حمص بالشوكولاتة أو بالسكر، وحمص مدقوق مع الثوم والبقدونس، وحمص بالطحينة وصولاً إلى بوظة الحمص، أفكار أطباق ولدت على يد بلال. ومنها توسع في اكتشافاته لتطول حبة الفول، فاستحدث طبق «فتة الفول»، وأحياناً أخرى جمع بين المكونين ليضيف إلى أطباقه نكهة مميزة تحت عنوان «القادسية».
ومؤخراً، أطلق بلال عبد الهادي طبق «الياسرية» ليضيفه إلى لائحة الطعام في مطعمه. وهو من الأطباق الطرابلسية العريقة التي أراد إعادة إحيائها بعد غياب. «نعرف أن هناك أطباقاً مختلفة، مصنوعة من الحمص، وترتبط ارتباطاً مباشراً بمدن وبلدات لبنانية»، يقول بلال عبد الهادي لـ«الشرق الأوسط»: «هناك الحمص البيروتي والعكاري والطرابلسي وغيرها، ومع طبق الياسرية رغبت في ترجمة فكرة تراودني منذ زمن طويل».
لهذا الطبق معانٍ كثيرة عند عبد الهادي، الذي لا يتعب من تلوين مطبخ محله بالجديد. «أسميته (الياسرية) تيمناً باسم والدي الراحل ياسر، وأردت إطلاقه في مناسبة الذكرى السنوية الثالثة لغيابه. فهو أحد أطباقه المفضلة التي كان يحضرها في المطعم منذ نحو 40 عاماً».
بـ«الطنة والرنة» حضر عبد الهادي لإطلاق هذا الطبق، بعد أن لفّ طبيعة مكوناته بسرية تامة. راح يحدث رواد مطعمه عنه عبر وسائل التواصل الاجتماعي في حلقات متسلسلة. مرة يحكي عن اسمه وأخرى عن واحد من مكوناته. ومرة ثالثة كشف عن صحن البورسلين الذي طبع عليه اسم «الياسرية» دلالاً وفخامة وقد وقعه بعبارة «للمذاق ذاكرة». «إذا دققتِ باسم الطبق فسترين أنه يتضمن كلمة (سرية). ومن المهم جداً أن نعرف كيف نسوق لطبق جديد. اتبعت هذا الأسلوب كي أشوق الزبائن. حتى إنني وقفت على آراء بعضهم حول طعمه فتذوقه نحو 50 شخصاً، ولكن من دون أن يعرفوا اسمه».
يتألف طبق «الياسرية» من الحمص المطحون مع الجوز المدقوق والبصل الهندي، ويتوج برشة بقدونس مفروم على سطحه وحبيبات الجوز والحمص مكتملة. «أحياناً أضيف إليه دوائر من الفليفلة الحريفة الطازجة، لمن يحب طعم الشطة واستحدثت منه نوعين، بلحمة أو من دونها».
ويشرح بلال عبد الهادي: «اللحم سيكون مفروماً على طريقة (راس عصفور) من نوع الغنم الطري. وسعره سيكون أغلى من طبق (الياسرية) المقدم من دونه. فأسعار اللحوم ارتفعت كثيراً في الآونة الأخيرة، ولذلك اخترت تقديمه بطريقتين كي يتاح تناوله من جميع الشرائح الاجتماعية».
ويشير صاحب ومدير مطعم «الدنون» إلى أن استخدامه للجوز في هذا الطبق يعود إلى أهل طرابلس القدماء. «لقد كانوا في الماضي يرشونه على أطباق الفطور كي يشعروا بالشبع ويتزودوا بالطاقة. هناك عدة مكونات وأطباق جديدة أفكر في استحداثها موسمياً في مطبخي، وغالبيتها ترتكز على الأكلات اللبنانية المنقرضة».
نظرة بلال عبد الهادي إلى الطعام ليست عادية. فهو يراها من منظار آخر وتعتمد على عين ثلاثية الأبعاد. «حدثت أيضاً القول المعروف (ضرب عصفورين بحجر واحد). فوجدت أنه من المستحسن أن نصيب ثلاثة منها لتكون النتيجة أفضل. من هنا ولدت عندي هذه النظرة التي تتحدثين عنها، وقد استوحيتها من لعبة البلياردو».
شيق حديث بلال عن الطعام بشكل عام الذي يربطه باللغة. وهو يقدم في محله مبادرة «استحلي وخود»، ترجمة لذلك. «هذه المبادرة تعتمد على كتب متنوعة يمكن لزبون المحل أن يستحلي ما يريد منها، ويحمله معه من دون أي مقابل مادي».
«الشفاه التي تقرأ تتصل بالفم الذي من خلاله يدخل الطعام إلى معدة الإنسان. والسفرة التي نمدها للعائلة وللمدعوين تشبه بلفظها وكتابتها أسفار الكتب. لذلك خطرت على بالي هذه المبادرة التي تلاقي استحساناً كبيراً من قبل زبائن المطعم. فأنا أستاذ لغة ولاحظت بينها وبين آداب المائدة علاقة وطيدة فترجمتها على طريقتي». ويشير عبد الهادي إلى أن نبتة الحمص لها تاريخ طويل، وهي معروفة بأنها خيرة ويمكن استخدامها في مذاقات مختلفة. «ولدت هذه النبتة في بلاد ما بين النهرين منذ نحو 7500 عام. هي من أقدم النباتات في العالم، وبعدما زحف انتشارها إلى بلاد الشام، استطاعت أن تجتاز المحيطات. وهي اليوم معروفة في أميركا. وهنا لا بد لنا أن نعترف بأن بلاد العم سام هي التي أسهمت في شهرتها بحيث وصلت إلى اليابان والصين. «أطباق الحمص تدخل على أنظمة الغذاء النباتية الرائجة في الفترة الأخيرة. فهناك الملايين من الناس الذين يفضلون هذا الطعام، بعيداً عن تناول اللحوم، بعدما شاعت موضة «الفيغن».
تطول أحاديث بلال عبد الهادي عن أطباق الحمص التي هو في صدد تطويرها وتقديمها في مطعمه تحت عناوين كثيرة. «قريباً سأقدم الحمص كنوع من المربيات فهو مع السكر له طعم لذيذ. وعندما كنا أطفالاً كان مسحوق «النعومة» (الحمص المطحون والممزوج مع السكر) من أطيب الحلويات التي نتلذذ بتناولها. ويختم بلال عبد الهادي: «ولأن للمذاق ذاكرة سأكمل مهمتي في إحياء أطباق عريقة من الحمص والبقية تأتي».


مقالات ذات صلة

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
مذاقات صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)

حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

في بعض المطاعم والمقاهي، توجد بعض الخيارات الاحتياطية التي تجعل طهاة المعجنات حذرين من إنفاق أموالهم عليها؛ لأنها على الأرجح خيار مخيب للآمال.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)

حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)
صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)
TT

حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)
صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)

في بعض المطاعم والمقاهي، توجد بعض الخيارات الاحتياطية التي تجعل طهاة المعجنات حذرين من إنفاق أموالهم عليها؛ لأنها علي الأرجح خيار مخيب للآمال. على سبيل المثال، قالت أميليا جايست، طاهية المعجنات في The Lodge at Flathead Lake، وهي مزرعة شاملة في مونتانا الأميركية: «إذا كان المطعم جزءاً من سلسلة، فسأقرر أن معظم الحلويات يتم صنعها في مطبخ تجاري خارج الموقع»، وفقاً لما ذكرته لصحيفة «هاف بوست» الأميركية.

يرجع هذا إلى أن هذه المطاعم المملوكة للشركات تحتاج إلى تقديم خدمات ترضي الجماهير؛ وهو ما يؤدي عادة إلى اختيار آمن وتقليدي للغاية، وفقاً لريكي سوسيدو، رئيس الطهاة التنفيذي للحلويات في مطعم Pata Negra Mezcaleria في أتلانتا.

وقال سوسيدو: «عندما يكون الأمر عبارة عن كعكة براوني على طبق، وشريحة من الكعكة، وكريمة بروليه، وربما بعض الكريمة المخفوقة»، فهذه هي إشارة لتخطي الطبق.

وإذا رأيت كعكة معروضة مع خطوط قطع واضحة وموحدة تماماً، فمن المرجح أن تكون من مخبز جملة متخصص ولم تُعدّ بشكل طازج.

مع ذلك، قالت كلوديا مارتينيز، رئيسة الطهاة للحلويات في مطعم Miller Union الحائز نجمة ميشلان في أتلانتا: «إذا كان مطعماً صغيراً في منتصف الطريق، فقد تعلمت أنه عادةً لا يتم تصنيعه داخلياً؛ لأن معظم المطاعم لا تستطيع تحمل تكلفة وجود طاهي حلويات على قائمة الرواتب».

واتفق طهاة المعجنات على أن هناك علامات تحذيرية عن النظر في قائمة الحلوى، ولماذا يتخطون بعض الأصناف.

كعكة الجبن

بالنسبة لمارتينيز، فإن كعكة الجبن الكلاسيكية هي واحدة من أكبر المؤشرات على أنها قد تكون في سوق شعبية أو مطعم يجذب السياح.

من جانبه، جوس كاسترو، طاهي المعجنات، قال: «أتذكر أنني ذهبت إلى مطعم مشهور بكعكات الجبن واشتريت كعكة كاملة وقيل لي أن أنتظر ساعتين على الأقل حتى تذوب؛ لأنها تصل إليهم مجمدة»؛ وهو ما يؤكد بلا شك أنها لم تُصنع طازجة في المنزل بواسطة طاهي معجنات.

قد تقدم المطاعم التي يعمل بها طهاة معجنات تفسيرات راقية للطبق المفضل التقليدي من قبل قاعدة عريضة من الجمهور، واعترف جايست: «إذا تم صنع كعكة الجبن في المنزل أو بواسطة مخبز محلي، فمن الصعب عليّ أن أقول لا!» لكن هذا لا يزال اختياراً غير آمن.

وقال سوسيدو: «خلال تجربتين مختلفتين، أعطوني كعكة جبن فاسدة، وربما نسوا السكر في إحداهما!». ومنذ ذلك الحين، أصبح لا يثق في كعكات الجبن.

كريمة بروليه

قالت دانييلا ليا رادا، رئيسة الطهاة في مطاعم هيلتون اتلانتا: «كريمة بروليه هي الحلوى التي لا أطلبها أبداً». وتضيف: «تستخدم معظم المطاعم قاعدة مسحوقة لصنعها، كما تستخدم الفانيليا المقلدة لتقليل التكلفة وإخفاء زيف قاعدة المسحوق. وعادة ما تكون مطبوخة أكثر من اللازم وحبيبية، ولا يتم حرقها بشكل صحيح أبداً ويتم تزيينها بنسبة 99 في المائة بالفراولة، وهو أمر قديم الطراز للغاية».

كعكات براونيز

قالت جايست: «البراونيز من الحلويات التي أعطيها صفراً؛ لأنها في الغالب مصنوعة تجارياً»، وأشارت إلى أنه من السهل وغير المكلف شراء مزيج كعكات براونيز لخبزها في المنزل للحصول على نتائج أفضل. تقترح إضافة رقائق شوكولاته إضافية أو طبقة من زبدة الفول السوداني لجعلها أكثر روعة.

مولتن كيك

تأخذ ليا رادا الشوكولاته على محمل الجد؛ ولهذا السبب، لن تطلب كعكة الحمم البركانية المذابة (المولتن كيك) أبداً. قالت: «عادةً ما تكون مصنوعة من الشوكولاته الرخيصة ذات النسبة العالية من السكر».

قالت كاريليس فاسكيز، رئيسة الطهاة في فندق فورث أتلانتا إنها «تميل إلى مذاق معززات النكهة الاصطناعية».

وقالت مارتينيز بشأن شكاوى الجودة: «البراونيز تُنتج دائماً بكميات كبيرة وتُباع بتكلفة عالية؛ مما يجعلها ذات قيمة رديئة».

الفطائر

لا يوجد شيء جميل مثل الفطائر الطازجة المخبوزة، لكن لسوء الحظ، لا يثق الكثير من طهاة المعجنات في تلك التي تظهر في قوائم الحلوى ويستشهدون بها باعتبارها الحلويات الأكثر شيوعاً التي تتم الاستعانة بمصنعات ومخابز جملة تجارية لإعدادها.

قالت جايست: «يتم الحصول على الفطائر دائماً بشكل تجاري؛ لأنها رائعة للمطاعم وفي متناول اليد نظراً لسهولة تخزينها والحفاظ عليها طازجة في الفريزر». بالإضافة إلى ذلك، «تشتريها المطاعم بتكلفة منخفضة وتفرض مبلغاً جنونياً لبيعها إلى الزبون»، كما قال كاسترو.

ويتجنب الطهاة في العادة فطيرة الليمون والكرز؛ لأن «تلك الفطائر عادة ما تعتمد على معزز النكهة بدلاً من الفاكهة الحقيقية».

وتصف الطاهية مارتينيز فطيرة الليمون بأنها «مخيبة للآمال، وتفتقر إلى الإبداع، وحلوة للغاية وعادة ما تكون مجمدة»، وقالت ليا رادا إنها تنفر من «القشرة الناعمة، وكريمة الليمون الحلوة للغاية». بالنسبة لجيست، «إنها ببساطة ليست شيئاً يجب اختياره إذا كنت ترغب في تناول منتجات طازجة من الصفر».

الحلويات المزينة بشكل سيئ

الجميع يحبون ملعقة كبيرة من الكريمة المخفوقة... أليس كذلك؟ على ما يبدو، هذا اختيار خاطئ، وفقاً لهيئة طهاة المعجنات الأميركية.

وكشفت مارتينيز: «كريمة مخفوقة على شكل نجمة مع زينة النعناع، ​​وفراولة مقطعة مثل الوردة، هذه علامات على أن الحلوى ربما تم توفيرها من قِبل مخبز تجاري».

تلك التفاصيل التي توضح أن الحلوى لم يحضّرها شخص لديه خبرة احترافية في مجال الحلويات.