الترحيل إلى سوريا «يعني الموت» للاجئين في الدنمارك

TT

الترحيل إلى سوريا «يعني الموت» للاجئين في الدنمارك

تعد عائلة بلال القلعي بين مئات اللاجئين السوريين في الدنمارك العالقين في وضع قانوني مزرٍ، إذ سحبت السلطات إقامتهم المؤقتة، لكن لا يمكن ترحيلهم، وباتوا حالياً محرومين من جميع الحقوق. اكتشف القلعي الذي كان يدير شركة نقل صغيرة خاصة به في الدنمارك، في مارس (آذار) الماضي، أنه لن يُسمح له بالبقاء في البلد الاسكندنافي، حيث أقام بصفة لاجئ منذ عام 2014، إذ باتت كوبنهاغن حالياً تعد أن دمشق آمنة، ويمكن بالتالي العودة إليها. ويشمل القرار الذي اتخذته السلطات الدنماركية أيضاً زوجته وأطفاله الأربعة.
ومنذ تم تثبيت الحكم في محكمة الاستئناف أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي (على غرار 40 في المائة من نحو 200 قضية أخرى تم النظر فيها حتى الآن)، صدر أمر للقلعي وعائلته بالمغادرة.
وتم إبلاغهم بأنه إن لم يغادروا طوعاً، فسيتم نقلهم إلى مركز احتجاز، ولكن العائلة ترفض المغادرة. وفي الأحوال الطبيعية، كان من المفترض أن تكون العائلة رُحلت، لكن بما أن كوبنهاغن لا تقيم علاقات دبلوماسية مع دمشق، لم يكن ذلك ممكناً. وبالتالي، عليهم الانتظار. وفي الأثناء، جُردت العائلة من حقوقها في الدنمارك، ولم يعد بإمكان القلعي النوم فيما ينظر مرة تلو الأخرى إلى هاتفه، ويتفقد رسائله.
ويتساءل الوالد البالغ 51 عاماً: «ماذا سيحل بي الآن؟»، ويقول: «كل شيء توقف؛ لم يعد الأولاد يرتادون المدرسة، ولم يعد لدي عمل»، فيما يبدو اليأس جلياً على وجهه المتعب بينما يجلس في منزل فرشه بنفسه في قرية لوندبي الصغيرة التي تبعد ساعة ونصف الساعة عن كوبنهاغن بالسيارة، ويضيف: «الهدف من كل ذلك إزعاج الناس بما يكفي لدفعهم لمغادرة الدنمارك».
وبالنسبة إليه، تعني العودة إلى سوريا الموت الحتمي، إذ يقول لوكالة الصحافة الفرنسية: «لا يمكنني العودة؛ أنا مطلوب». ومع ذلك، لا طريقة لديه لكسب العيش في الدنمارك.
ويشير محاميه نيلز - إريك هانسن الذي تقدم بطلب لمنح العائلة إقامات جديدة: «كونك أجنبياً مقيماً بشكل غير قانوني في الدنمارك يعني أن حقوقك محدودة للغاية». وفي منتصف عام 2020، باتت الدنمارك أول بلد في الاتحاد الأوروبي يعيد النظر في ملفات نحو 500 سوري من دمشق الخاضعة لسلطة نظام الرئيس بشار الأسد، قائلة إن «الوضع الحالي في دمشق لم يعد يبرر منح تأشيرة إقامة أو تمديدها».
وتم لاحقاً توسيع نطاق القرار ليشمل محافظة ريف دمشق أيضاً. وعلى الرغم من موجة انتقادات واسعة تعرضت لها، سواء من الداخل أو دولياً، فإن الحكومة الاشتراكية الديمقراطية التي اتبعت سياسة هجرة تعد بين الأكثر تشدداً في أوروبا رفضت التراجع.
وحالياً، تفكر عائلة القلعي في المغادرة إلى بلد أوروبي آخر، حتى إن كان ذلك يحمل خطر إعادتها إلى الدنمارك. وكانت الابنة الأكبر للعائلة تبلغ فوق 18 عاماً عندما وصلت إلى الدنمارك، وبالتالي لديها إقامتها الخاصة بها التي تخضع حالياً لإعادة نظر.
ومن بين الأبناء الثلاثة الآخرين، تبدو وحدها الأصغر سناً (روان - 10 سنوات) التي تعيش حياتها ببساطة، من دون الاكتراث لما يدور حولها. وفي المقابل، يؤكد شقيقها ماجد (14 عاماً) أنه «محبط»، فيما يشير سعيد (17 عاماً) الذي كان يستعد لدخول مدرسة للطهاة المحترفين إلى أن المستقبل ضبابي تماماً بالنسبة إليه.
ولم تنقل السلطات إلا حفنة من السوريين حتى الآن إلى مراكز الاحتجاز التي تتعرض لانتقادات لظروفها الصحية السيئة. وكانت أسماء الناطور، وزوجها عمر، من بين هؤلاء، حيث يقيم الزوجان في مخيم سيالمارك الذي كان ثكنة للجيش تحيط بها الأسلاك الشائكة، وتشرف عليها إدارة السجون منذ أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وتقول الناطور: «على هذا المركز أن يختفي؛ إنه غير مناسب للبشر، ولا حتى الحيوانات. هناك جرذان حتى». ووصل الزوجان، ولديهما ابنان يبلغان من العمر 21 و25 عاماً، إلى الدنمارك عام 2014. وقالت الناطور: «فتحنا، أنا وزوجي، متجراً لبيع المنتجات العربية، وكانت الأمور تسير بشكل جيد. ثم قررت استئناف دراستي، لكن كل شيء توقف الآن»، مشيرة إلى أن كل ما تريده هو «استعادة حياتها»، مؤكدة أن «العودة إلى سوريا تعني السجن، أو حتى الموت، بما أننا معارضان لبشار الأسد؛ إنه مجرم».
ويشير نيلز - إريك هانسن الذي يمثل الزوجين أيضاً إلى أن «السلطات الدنماركية تحتجز (موكليه) بصفتهم رهائن»، ويوضح أن الحكومة تحاول «نشر رسالة مفادها أننا في الدنمارك، نرحل إلى سوريا». وانتقدت منظمة العفو الدولية مؤخراً استخدام قوات الأمن السورية العنف بحق عشرات اللاجئين الذين عادوا إلى بلدهم.
وبدروها، تشدد السلطات الدنماركية على أن الوضع مناسب لعودة السوريين بشكل آمن. وقال المتحدث باسم الحكومة بشأن الهجرة، راسموس ستوكلوند: «إن لم تكن ملاحقاً شخصياً، لا توجد أعمال مرتبطة بالحرب في دمشق منذ سنوات الآن. ولهذا السبب يمكن لبعضهم العودة».
ويعيش نحو 35500 سوري في الدنمارك حالياً، وصل أكثر من نصفهم عام 2015، وفق الإحصائيات الرسمية.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.