بلجيكا: اليمين المتشدد يعرض تذاكر مجانية للمسلمين الراغبين في العودة نهائياً لأوطانهم

زعيم الحزب لـ {الشرق الأوسط} : موجهة لمن يساند التطرف ولمن فشل في الاندماج بالمجتمع

فيليب ديونتر زعيم الحزب اليميني المتشدد في بلجيكا أثناء توزيع منشوراته الدعائية أمس («الشرق الأوسط»)
فيليب ديونتر زعيم الحزب اليميني المتشدد في بلجيكا أثناء توزيع منشوراته الدعائية أمس («الشرق الأوسط»)
TT

بلجيكا: اليمين المتشدد يعرض تذاكر مجانية للمسلمين الراغبين في العودة نهائياً لأوطانهم

فيليب ديونتر زعيم الحزب اليميني المتشدد في بلجيكا أثناء توزيع منشوراته الدعائية أمس («الشرق الأوسط»)
فيليب ديونتر زعيم الحزب اليميني المتشدد في بلجيكا أثناء توزيع منشوراته الدعائية أمس («الشرق الأوسط»)

«عودوا إلى أوطانكم أو اذهبوا حيث تطبق الشريعة الإسلامية».. هذه دعوة وجهها اليمين المتشدد البلجيكي لكل من يساند ويدعم أفكار جماعة الشريعة في بلجيكا، أو من فشل في الاندماج في المجتمع البلجيكي، ويتضمن أفيش الدعوة الإعلانية الإشارة إلى عدة دول إسلامية، سواء كانت الموطن الأصلي للمهاجر المقيم في بلجيكا أو دولة تطبق الشريعة، ويرغب في العيش فيها، ومنها سوريا والمغرب ومصر والعراق والسعودية.
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» يقول فيليب ديونتر زعيم الحزب اليميني المتشدد في بلجيكا فلامس بلانغ، إن الحملة لتشجيع أبناء الجالية المسلمة الذين يساندون الفكر الإسلامي المتشدد على العودة إلى أوطانهم الأصلية، وخاصة هؤلاء الذين يساندون أفكار جماعة الشريعة في بلجيكا، قبل أن تحظر السلطات نشاطها قبل عامين تقريبا على خلفية الاشتباه في علاقتها بتسفير شباب إلى العراق وسوريا للقتال هناك.
ديونتر قاد بنفسه مجموعة من المسؤولين في الحزب خلال توزيع منشورات وملصقات إعلانية للحملة الجديدة، وقام بتوزيعها في الأسواق الشعبية وعلى المنازل في مدينة أنتويرب شمال بلجيكا، وتابعت «الشرق الأوسط» هذا الأمر وتجولت مع ديونتر في أثناء توزيع المنشورات الخاصة بالحملة الجديدة، وقال زعيم اليمين المتشدد: «إن إطلاق هذه الحملة يشكل فرصة لمن يرفض الاندماج في المجتمع البلجيكي ويدعم التشدد الإسلامي، ليعود إلى وطنه الأصلي، والحملة تحت عنوان (شرق أو غرب بلدك أفضل)، وأنا أقول إن هذا البلد (بلجيكا) ليس بلدهم، وكل بلد غربي له قيمه التي يجب على من يعيش فيها أن يحترم تلك القيم، وإلا فعليه أن يعود إلى الدولة التي جاء منها، حيث فيها ثقافة وقيم وعقائد مقبولة بالنسبة لهم، أما في بلدنا فعليه أن يحترم طريقة حياتنا والقبول بقيمنا وليس أن يفرض علينا أفكاره أو عقيدته أو طريقة حياته». وحول الاستجابة لتلك الدعوة من جانب أبناء الجالية المسلمة قال ديونتر بعض الأشخاص أرسلوا بالفعل رسائل عبر البريد الإلكتروني «وقاموا بالاتصال هاتفيا وأعربوا عن أملهم في الحصول على تذاكر مجانية، وسنفعل ذلك، وأوضح ديونتر أن هناك عددا من الأشخاص يواجهون صعوبات في الاندماج، أو لا يريدون ذلك، ويجب أن نوفر لهم فرصة العودة إلى أوطانهم الأصلية، وهذا التحرك من جانب فلامس بلانغ هو تحرك رمزي من حزب سياسي، ولكن في الواقع كان من المفروض أن تفعل الحكومة ذلك، وقام ديونتر ومن معه بالفعل بتوزيع المنشورات الإعلانية على الموجودين داخل السوق، ومنهم أعداد من المسلمين من أصول عربية، وهناك من رفض استلام المنشور دون النظر إلى ما يتضمنه، وذلك لمجرد أنه يعرف من يقوم بتوزيعه، وهناك من لا يهتم أصلا بهذه الأمور، وهناك أيضا من تلقى المنشور الإعلاني وبابتسامة قد تبدو ساخرة أكثر منها سعادة، وأحدهم كان المغربي الحسن وهو في العقد الثالث من عمره وبرفقته طفلته (5 سنوات)، وسألته «الشرق الأوسط» هل تعتقد أن البعض من أبناء الجالية المسلمة قد يستجيب لهذه الحملة ويترك بلجيكا ليعود إلى موطنه الأصلي، وضحك الشاب قائلا: «لن نرحل من هنا، هذا بلدنا، لقد كبرنا هنا وعملنا هنا، وندفع الضرائب هنا، أما فيليب ديونتر فعليه هو أن يجمع حقيبته ويرحل من بلجيكا».
وقال رجل آخر في أواخر الأربعينات ومطلع الخمسينات: «أنا تسلمت هذا الإعلان عن الحملة ولكن لن أهتم بها». وأضاف في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»: «البلجيكيون أنفسهم يسخرون منه وأنا هنا منذ 30 عاما وأعرفه جيدا، ولن أرحل من هذه البلاد، فليرحل هو إذا أراد».
وقبل أيام كانت هناك مظاهرة احتجاجية أمام مقر حزب التحالف الفلاماني في بروكسل، وهو أكبر الأحزاب في البرلمان وداخل التشكيل الوزاري الائتلافي الحالي، بسبب تصريحات لزعيم الحزب بارت ديويفر، واستهدفت المغاربة. وتصاعد الجدل في بلجيكا بسبب تلك التصريحات التي وصفها البعض بالعنصرية، وأثارت استياء أبناء الجالية العربية واستنكرتها أحزاب بلجيكية، وأثارت نقاشا داخل المؤسسات التشريعية، فقال فيليب ديونتر زعيم الحزب اليميني المتشدد فلامس بلانغ إنه يفتخر بأنه عنصري، مضيفا أن كل من ينتقد الإسلام أو المهاجرين أصبح يوصف بالعنصري.



ناشطات أوكرانيات يحاولن إحياء مبادرة «دقيقة الصمت» تخليدا لضحايا الحرب

أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)
أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)
TT

ناشطات أوكرانيات يحاولن إحياء مبادرة «دقيقة الصمت» تخليدا لضحايا الحرب

أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)
أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)

تقف خمس شابات في وسط العاصمة الأوكرانية، رغم البرد القارس، دقيقة صمت إحياء لذكرى ضحايا الغزو الروسي، في مبادرة أطلقها الرئيس فولوديمير زيلينسكي في مارس (آذار) 2022 على أن تكون جزءا من الحياة اليومية، لكن بعد حوالى ثلاث سنوات من الحرب أصبحت مشهدا نادر الحدوث.

حملت الفتيات لافتات تدعو المارة إلى التوقف للمشاركة في دقيقة صمت عند التاسعة صباحا، وهو جزء من هذه المبادرة الرسمية التي أطلقها زيلينسكي بعد أسابيع قليلة من بدء الحرب. لكن معظم الحشود الخارجة من محطة مترو غولدن غايت المركزية في كييف، كانت تمر بمحاذاتهن من دون التوقف.

وبعد انتهاء الدقيقة، طوت طالبة الصحافة أوليا كوزيل (17 عاما) اللافتات المصنوعة من ورق الكرتون المقوى في حقيبة.

وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية: «أشعر بالغضب من الأشخاص الذين لا يتوقفون، الذين ينظرون ويقرأون، وأستطيع أن أرى في عيونهم أنهم يقرأون لافتاتنا لكنهم يواصلون طريقهم».

كوزيل هي جزء من مجموعة صغيرة من الأشخاص الذين يحاولون إعادة الزخم لمبادرة زيلينسكي.

عندما لا يكون هناك تحذير من غارات جوية، يجتمع هؤلاء مرة في الأسبوع في مكان مزدحم لتشجيع سكان كييف على التوقف لمدة 60 ثانية.

وتقول كوزيل إن دقيقة الصمت هي وسيلة لمعالجة الحزن الجماعي والفردي الذي يخيم على الأوكرانيين أكانوا يعيشون قرب الجبهة أو بعيدا منها.

ويبدو أن حملة الشابات بدأت تثمر. فقد وافقت بلدية كييف هذا الأسبوع على القراءة الأولى لمشروع قانون يجعل دقيقة الصمت إلزامية في المدارس وبعض وسائل النقل العام. ويشمل المقترح أيضا عدا تنازليا يتردّد صداه عبر مكبرات الصوت في كل أنحاء المدينة من الساعة 9,00 حتى 9,01 صباح كل يوم.

وتعود الفكرة الأصلية لهذه المبادرة إلى إيرينا تسيبوخ، الصحافية التي أصبحت مقدمة رعاية على الجبهة والمعروفة في أوكرانيا باسمها الحركي «تشيكا». وأثار مقتلها قرب الجبهة في مايو (أيار)، قبل ثلاثة أيام من عيد ميلادها السادس والعشرين، موجة من الحزن.

ناشطات من منظمة «الشرف» يحملن صور جنود أوكرانيين سقطوا في المعارك خلال وقفة «دقيقة صمت» في كييف (أ.ف.ب)

وقالت صديقتها كاترينا داتسينكو لوكالة الصحافة الفرنسية في أحد مقاهي كييف «عندما علمنا بمقتل إيرا (إيرينا) قلنا لأنفسنا أمرين: أولا، كيف يمكن أن يحدث ذلك؟ أرادت إيرا أن تعيش كثيرا. وثانيا: يجب أن نكمل معركتها. لا يمكننا أن نستسلم».

وكانت تسيبوخ تريد من الأوكرانيين أن يخصّصوا دقيقة لأحبائهم أو الأشخاص الذين يمثلون لهم شيئا ما، على أساس أن التفكير الجماعي في ضحايا الحرب يمكن أن يوحّد الأمة في مواجهة الصدمة الفردية.

* الأكلاف البشرية

قال زيلينسكي أخيرا إن 43 ألف جندي أوكراني قتلوا في الحرب، رغم أن التقديرات المستقلة تشير إلى أن العدد أعلى من ذلك بكثير.

من جهتها، تفيد الأمم المتحدة بأن العدد المؤكد للقتلى المدنيين البالغ 11743 هو أقل من الواقع إلى حد كبير.

ومع ارتفاع هذه الحصيلة بشكل يومي، يحاول الناشطون غرس معنى جديد لطريقة تخليد ضحايا الحرب.

وقالت الناشطة داتسينكو (26 عاما) التي شاركت في تأسيس المنظمة غير الحكومية «فشانوي» أي «الشرف»، «لا أعرف كيف يمكن لدولة بهذا الحجم أن تخلّد ذكرى كل شخص، لكنّ ذلك ممكن على مستوى المجتمع».

من جهته، رأى أنتون دروبوفيتش، المدير السابق لمعهد الذاكرة الوطنية في أوكرانيا، أن دقيقة الصمت «لا تتعلق بالحرب، بل بالأشخاص. أولئك الذين كانوا معنا بالأمس، والذين شعرنا بدفئهم لكنهم لم يعودوا هنا... الأمر يتعلق بالحب والكلمات التي لم يكن لديك الوقت لتقولها للأشخاص الذين تحبهم».

لكن بعض معارضي الفكرة يقولون إن التذكير اليومي بالخسارة يجعل الناس عالقين في الماضي.