إلسا زغيب لـ «الشرق الأوسط»: المسلسلات المختلطة تزودنا بثقافات غنية

تطل الممثلة إلسا زغيب في مسلسلي «شتي يا بيروت» و«8 أيام» محدثة نقلة نوعية في أدائها ضمن دورين مختلفين. فهي تجسد شخصية المرأة المعنفة والخاضعة في الأول، والزوجة غير الوفية في الثاني. وفي العملين تحقق زغيب نقلة نوعية في أدائها، سيما وأنه يرتكز على خبرات سبق وخاضتها وعلى تقنيات تمثيلية استحدثتها.
يشعر مشاهدها أنه يكتشف موهبة إلسا زغيب من جديد، أن في لغة جسدها ونبرة صوتها وأن في نظرات عينيها المعبرة. هذه العناصر مجتمعة استعانت بها زغيب في الدورين ليزداد تألقها وتبرز تطورها التمثيلي. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «أعتقد أن نسبة المشاهد المرتفعة التي تحققها منصة شاهد، أسهمت في إعطاء العملين حقهما على الصعيدين الفني والتسويقي. سبق وخضت تجارب درامية عدة قدمت فيها أدواراً ممتازة، ولكنها ربما لن تأخذ حقها لأنه تم عرضها على شاشات التلفزة التي تتراجع أسهمها عند المشاهد في الفترة الأخيرة. فالتسويق للعمل الدرامي يلعب دوراً أساسياً لإنجاحه ولفت انتباه المشاهد إليه. وهو برأيي ما يحصل مع منصة شاهد التي تخصص حملات ترويجية كبيرة لكل عمل تنوي عرضه».
وهل تعتبرين هذين الدورين بمثابة محطتين مختلفتين في مشوارك التمثيلي؟ ترد: «لكل دور ألعبه أهميته في مشواري، وأعده محطة في حياتي. لكن دوري في «شتي يا بيروت» حفر في أعماقي وترك أثره عندي أثناء التصوير. لقد غصت بالدور إلى حد كبير فشعرت بالإرهاق. طبيعته ترتكز على معاناة زوجة (أماني) وهي نموذج حي للمرأة المعذبة في مجتمعاتنا، وسيستغرقها الوقت لتنتفض على واقعها».
وهل هذا الإرهاق حملته معك إلى المنزل؟ «لا أحمل أدواري معي إلى بيتي بتاتاً، فإذا نقل الممثل كل دور يقدمه إلى حياته الخاصة، فذلك سيشكل مصيبة له ولأفراد منزله. الإرهاق الذي أتكلم عنه، أصابني في الصميم خلال عملية التصوير. قد يجهل المشاهد كمية الوقت التي نمضيها لإنجاز العمل الدرامي. فيتخللها الإعادات لمشاهد قاسية أو حزينة وغيرها. وكل مشهد كنت أبكي فيه كان حقيقياً في لحظته، يترجم القهر الذي تعيشه الشخصية. فكل ذلك يرهق الممثل خصوصاً أني شخصيا أعيش الدور بحذافيره».
وتتحدث إلسا زغيب عن الدور الذي يلعبه مخرج العمل: «هو المايسترو الذي يدير الدفة ومن يوجهك ويقاطعك مرات لينصحك ويدلك على الطريق الصحيح. فالصدق في الأداء ضروري، والمخرج يمكنه أن يشعر بأي شائبة عند الممثل من جراء خبرته فيطالبه مثلا بإعادة المشهد. ولا بد من الثناء على عين المخرج التونسي مجدي السميري موقع «8 أيام» وإيلي السمعان مخرج «شتي يا بيروت». فالاثنان يملكان نبض الشباب في أسلوبهما الإخراجي، وهو أمر نحتاجه في الدراما اليوم».
مسلسل «8 أيام» المخرج التونسي أضاف إليه التقنية الغربية. عمل على تنفيذه بحيث ينافس الأعمال الأجنبية. «لقد كان بارعاً، وإذا ما تابع المشاهد هذا العمل من دون صوت لخيل إليه أنه بحضرة مسلسل أميركي مشوق. طريقة السميري في معالجة النص وقصة المسلسل التي تدور حول اكتشاف هوية مرتكب جريمة قتل، كانت رائعة. وأنا شخصياً سعيدة جداً بخوضي تجربة تمثيلية بهذا المستوى».
وترى إلسا زغيب أن المسلسلات المختلطة أضفت ثراء على نوعية العمل وفريقه. وأن المنصات أسهمت في تطوير الأفكار بحيث خرجت عن الكلاسيكيات التي راجت في الماضي القريب. «تقصير مدة المسلسل أسهمت أيضاً في تعلق المشاهد به، فيتابعه بشغف ومن دون ملل. لا شك أن هناك هواة مشاهدة المسلسلات الطويلة، ولكن القصيرة سريعة الإيقاع تفتن مشاهدها. تخوله متابعة أكثر من مسلسل واحد ضمن باقة قصص منوعة. وبرأيي هذه الخلطات العربية والأجنبية التي تعتمدها شركات الإنتاج ناجحة. الثقافات المختلفة تنعكس إيجابا على فريق العمل ككل سيما وأنها ملونة مرات بمدير إضاءة أسترالي ومخرج تونسي وممثلين لبنانيين وسوريين».
تتابع إلسا أعمالها وتحاول دائما عدم تفويت مشاهدتها «لأنني ناقدة قاسية على نفسي وأدقق في عملي بشكل جيد كي أتطور. أول ما دخلت عالم التمثيل حاولت الابتعاد عن اعتماد ملامح الوجه وحركات الرأس في التعبير. مدرستي مغايرة تماما عن هذا الأسلوب الرائج بحيث أركز أكثر على التمثيل في عيني».
وعن دورها في «8 أيام» تقول: «شخصية المحامية التي ألعبها، لا يمكن للمشاهد أن يتعرف إلى حقيقتها منذ الحلقة الأولى. فهي نفسها تم الضحك عليها ودخلت في علاقة بنيت على الكذب. كما أن المشاهد لا يتعاطف معها لأنها تقدم على خيانة زوجها فتسلمه للشرطة بدل مساندته في محنته. فالشك الذي يغلف الشخصية التي ألعبها، وهو العنصر الجديد فيها خصوصاً أنها تمثل نموذجاً عن المرأة المظلومة والتي تعرضت للخبث. ففكرتا المسلسلين عامة جديدتان، تنبعان من رحم مجتمعاتنا كما أن أحداثهما متسارعة ولا تكرار فيها».
وعن أعمالها الجديدة تخبرنا أنها انتهت من تصوير مسلسل «السجين» لشركة جينوميديا للإنتاج. «يتكتم القيمون على موعد عرض هذا العمل الذي تشارك فيه باقة من الممثلين وبينهم ديما قندلفت ويوسف حداد. كما شاركت في الوثائقي الذي يحكي عن المغني جورج وسوف فجسدت دور زوجته شاليمار». يقال إن زوجة أبو وديع هي امرأة صلبة فهل أنت من هذا النوع من النساء؟ ترد في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «نعم أنا من هذا النوع، لأنني أتحمل الكثير وبالي طويل، فيمكنني أن أصنف نفسي بامرأة صلبة. وقد حضرت للدور وتشاركت الأفكار مع مخرج الوثائقي ديفيد دوريان».
وعن رأيها بلجوء بعض شركات الإنتاج إلى مدربي التمثيل تقول: «يمكن لمدرب التمثيل أن يساعد كثيرا الممثل ويضيء على جوانب في شخصيته يجهلها. ولكنه بالتأكيد لا يمكن أن يصنع منه ممثلا لأن الموهبة وشغف التمثيل يلعبان الدور الرئيسي في هذا الموضوع. أنا شخصيا أتأثر برأيي المخرج تجاهي ولذلك في كل مرة أنهي مشهدا، أركض صوب المخرج وأقف على رأيه لأني أثق بخبراته وبنظرته للأمور. كما في استطاعته أن يلمس عن قرب نجاح الممثل في إظهار أحاسيسه».