محادثات فيينا لجولة ثامنة... وقلق غربي من {تصلّب} طهران

أميركا: نهج إيران سيؤدي حتماً إلى أزمة > باقري كني اقترح على الأوروبيين تقديم مسودة للمناقشات

الاجتماع النهائي للجنة المشتركة لأطراف الاتفاق النووي في نهاية الجولة السابعة في فيينا أمس (أ.ف.ب)
الاجتماع النهائي للجنة المشتركة لأطراف الاتفاق النووي في نهاية الجولة السابعة في فيينا أمس (أ.ف.ب)
TT

محادثات فيينا لجولة ثامنة... وقلق غربي من {تصلّب} طهران

الاجتماع النهائي للجنة المشتركة لأطراف الاتفاق النووي في نهاية الجولة السابعة في فيينا أمس (أ.ف.ب)
الاجتماع النهائي للجنة المشتركة لأطراف الاتفاق النووي في نهاية الجولة السابعة في فيينا أمس (أ.ف.ب)

أوقفت الدول الغربية الجولة السابعة من المفاوضات مع إيران، قبل أن تبدأ حتى المفاوضات على نص الاتفاق. وبعد 5 أيام من الشد والجذب تخللها تقديم الوفد الإيراني مسودتين للتفاوض، أعرب دبلوماسيون أوروبيون عن استيائهم من {تصلب} الحكومة الإيرانية الجديدة ومطالبها لإجراء تعديات جذرية على تسويات سابقة بشأن برنامجها النووي، وهو ما دفع واشنطن أمس، إلى التلويح بالبحث {عن خيارات أخرى} في حال بقيت طهران مصرة على عدم التفاوض بشكل بناء في فيينا.
وقال متحدث باسم الخارجية الأميركية، قبل أن يغادر الوفد الأميركي برئاسة روب مالي فيينا، إن {الحكومة الإيرانية الجديدة لم تأتِ إلى فيينا بمقترحات بناءة}، وإن {مقاربتها هذا الأسبوع لم تكن لحل ما تبقى من قضايا عالقة}. ولفت المتحدث إلى تصعيد إيران تخصيب اليورانيوم بموازاة العودة إلى طاولة التفاوض، كما أظهر تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية قبل يومين.
وجدد المتحدث في بيان للصحافيين تأكيد بلاده على التزامها العودة للاتفاق النووي، وقال إنه {إذا أظهرت إيران التزاماً مشابهاً فإن الحل في متناول اليد، وإلا لن يكون لدينا خيار غير البحث عن خيارات أخرى}.
ورداً على سؤال لـ{الشرق الأوسط} عما انتهت إليه محادثات فيينا غير المباشرة بين الجانبين الأميركي والإيراني، حذر المتحدث من أن استمرار {التوسع الدراماتيكي وغير المسبوق} لبرنامجها النووي {يؤدي حتماً إلى أزمة}. وألقى باللوم على انسحاب إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب من الاتفاق النووي في 2018. وجدد الحديث عن {بديل أفضل}، مشيراً إلى أن الرئيس جو بايدن {ملتزم إعادة الولايات المتحدة إلى الامتثال للاتفاق النووي والبقاء في حالة امتثال طالما أن إيران تفعل الشيء نفسه. هو يعني ذلك}. وأكد أنه {إذا كانت إيران ملتزمة بالقدر نفسه، فالحل في المتناول. وإذا لم يكونوا كذلك، فلن يكون أمامنا خيار سوى السعي وراء خيارات أخرى}. وأضاف: {نحن أقل قلقاً في شأن موعد استئناف المحادثات من استئنافها بشكل بناء عندما يحصل ذلك، مع سعي كل الأطراف إلى التوصل والتنفيذ لعودة متبادلة سريعة إلى الامتثال الكامل}.
- إحباط أوروبي
ورغم أن أنريكي مورا منسق المحادثات الأوروبي بدا أكثر إيجابية في إيجازه للصحافيين نهاية المحادثات، فإن الدول الأوروبية الثلاث - بريطانيا وفرنسا وألمانيا - لم تحاول حتى {تلطيف} الكلام. وقال مورا إن هناك حاجة الآن للعودة إلى العواصم للتشاور وانتظار {التوصيات السياسية} بعد أن حددت الأيام الخمسة الماضية، {التحديات} التي تواجه المحادثات. وعند سؤاله عن التقدم الذي تم إحرازه في هذه الأيام، قال مورا إن الدول المتبقية في الاتفاق {تعرفت على الوفد الجديد}، واستمتعت إلى مطالبه.
وفور انتهاء مورا من حديثه مع الصحافيين، أصدر دبلوماسيون أوروبيون بياناً وصفوا فيه الأيام الخمسة الماضية بأنها {محبطة ومقلقة}. وقالوا إن هذا الاستنتاج جاء نتيجة {التحليل الدقيق للمقترحات الإيرانية والتعديلات التي يطلبون إدخالها على النص الذي تم التشاور به في الجولات الست الماضية}. وأضافوا أن {طهران تدير ظهرها لمعظم التسويات التي تم التوصل إليها في الأشهر الماضية بشق الأنفس}، وأن الوفد برئاسة علي باقري كني {يطلب إدخال تعديلات جذرية} على هذا النص، وقالوا إنها {خطوة إلى الوراء}. وأضافوا: {ليس من الواضح كيف سيكون ممكناً سد هذه الفجوة في إطار زمني واقعي على أساس المشروع الإيراني}.
واتهم الدبلوماسيون إيران بعرقلة المحادثات لخمسة أشهر، وأنه منذ ذلك الحين {سرعت إيران في برنامجها النووي، لتصل إلى هذا الأسبوع وتتراجع عن جهود دبلوماسية تم تحقيقها}.
- تصلب إيراني
ورداً على الموقف الأوروبي، قال كبير المفاوضين الإيرانيين، علي باقري، إن الأطراف الأوروبية يمكن أن تقترح مسودات خاصة بها للمناقشة، {لكن يجب أن تستند إلى مبادئ وافق عليها الجانبان}، حسبما ذكرت وسائل إعلام رسمية.
وكان الوفد الإيراني قد قدم مقترحات جديدة للتفاوض ليل الخميس، مع الأطراف الأوروبية، تضمنت بحسب ما علمت {الشرق الأوسط} بأجزاء كبيرة منها مقاطع عن العقوبات الأميركية، فيما جزء أصغر خصصته لالتزاماتها النووية.
وكان باقري كني قد ناقض مورا الذي أعلن في اليوم الأول لاستئناف المحادثات أن الوفد الإيراني وافق على استئناف المحادثات من حيث توقفت، ولكن باقري كني عاد بعد بضع ساعات ليقول إن {كل ما تم الاتفاق عليه هو مسودة خاضعة للتفاوض}.
وتطالب طهران، واشنطن وحلفاءها الغربيين، بتقديم ضمانات بعدم فرض عقوبات جديدة عليها في المستقبل. وكان دبلوماسيون أوروبيون وروس قالوا في السابق إن من 70 إلى 80 في المائة من الاتفاق تم إنجازه في الدورات السابقة، وإنه لم يتبقَّ إلا القليل. ويصر الأوروبيون والأميركيون على أن تبدأ المفاوضات من حيث توقفت قبل أكثر من خمسة أشهر مع الوفد السابق برئاسة عباس عراقجي. وقد كرر مورا ذلك مراراً للحكومة الإيرانية الجديدة برئاسة إبراهيم رئيسي خلال زيارته لطهران لحضور حفل تنصيبه.
ورغم أن مورا قال إن الوفود ستعود إلى فيينا لإكمال المفاوضات منتصف الأسبوع المقبل تقريباً، فإن البعض يشكك بذلك، خصوصاً إذا رفضت الحكومات الغربية التفاوض مع إيران انطلاقاً من الورقة التي قدمتها. ويزداد الشعور لدى الغربيين بضرورة التعجل للتوصل إلى اتفاق بسبب التقدم الكبير في برنامج إيران النووي ووقفها للتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي أكد مديرها العام أنها ستكون غير قادرة على ضمان استمرار سلمية برنامج إيران النووي في حال لم يعد التعاون فوراً بين الطرفين.
وعبر الدبلوماسيون الأوروبيون عن ذلك بالقول إنه {من غير الواضح كيف يمكن إغلاق الفجوات الجديدة في إطار زمني واقعي بناء على المسودات التي تقدم بها الوفد الإيراني}. وشدد الدبلوماسيون على ضرورة استمرار {تمسك حكوماتهم بالحل الدبلوماسي}، ولكن أضافوا أن {الوقت يمر} وأن هناك حاجة لـ{تقييم الوضع} في العواصم قبل العودة مجدداً الأسبوع المقبل، {لنرى ما إذا كان بإمكاننا إغلاق الفجوات أم لا}.
وقبل ذلك بساعات، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن الجولة الحالية من المحادثات النووية مع إيران في فيينا لم تكن ناجحة على ما يبدو، وأشار إلى أنه سيكون هناك تأخير قبل عقد الجولة المقبلة.
وقال ماكرون: {الجميع يعي أن غياب المباحثات والإحجام عن إيجاد إطار يتناول الملف النووي، ولكن أيضاً الملفات الإقليمية، من شأن كل ذلك أن يكون عاملاً يفاقم التوترات}. وأضاف: {إنه من الصعب التوصل إلى اتفاق إذا لم تكن دول الخليج وإسرائيل وكل المعنيين بالملف الأمني جزءاً منه}. وتابع أن اتفاق 2015 {بحاجة إلى أن تنضم إليه دول المنطقة أو على الأقل أن تؤخذ مصالحهم بعين الاعتبار وأن يتم التشاور معهم}.
- سيناريوهات
تخللت الأيام الثلالثة الأولى للمحادثات اجتماعات طويلة جمعت بين باقري كني والدول الأوروبية التي كانت تحاول تحديد موقف الوفد الجديد من المحادثات. واشتكى دبلوماسيون أوروبيون من أن إيران لم تقدم أي مقترحات ملموسة للتفاوض حولها، ومنحوا الوفد يومين لتقديم مقترحات {تبرز جدية} التزامه بالمفاوضات. فعادت إيران وتقدمت بمسودتين عكستا الموقف المتشدد الذي تتمسك به من المحادثات.
وفي حال رفض الأوروبيون التفاوض على أساس ما قدمت به إيران، فقد يذهبون إلى خيارات أخرى لوحت بها واشنطن مساء أمس. وقارن المسؤول الأميركي بين هذه الجولة والجولات السابقة التي قال إنها حققت {تقدماً كبيراً ووجدت خلالها تسويات وحلولاً لقضايا كانت من الأصعب بالنسبة للطرفين}، داعياً الحكومة الإيرانية الحالية للتصرف بشكل مماثل.
وإذا عادت أطراف التفاوض الأسبوع المقبل وبقيت إيران مصرة على عدم تقديم تنازلات، فقد تلجأ الدول الغربية للتصعيد أولاً ضدها في مجلس المحافظين التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية من خلال الدعوة لاجتماع طارئ لبحث خروقات إيران وطرح مشروع قرار ضدها. وكانت الدول الغربية قد تفادت طرح هكذا قرار في الجلسات الثلاث الماضية لمجلس المحافظين خوفاً من التعكير على المحادثات، وذلك رغم قلقها المتزايد من برنامج إيران النووي وتقليصها تعاونها مع الوكالة الدولية للحد الأدنى.



إيران تعلن احتجاز ناقلة أجنبية تحمل وقوداً مهرباً في الخليج

ناقلة نفط احتجزتها إيران في السابق (أرشيفية - رويترز)
ناقلة نفط احتجزتها إيران في السابق (أرشيفية - رويترز)
TT

إيران تعلن احتجاز ناقلة أجنبية تحمل وقوداً مهرباً في الخليج

ناقلة نفط احتجزتها إيران في السابق (أرشيفية - رويترز)
ناقلة نفط احتجزتها إيران في السابق (أرشيفية - رويترز)

ذكرت ​وسائل إعلام رسمية اليوم الجمعة أن إيران احتجزت ناقلة نفط أجنبية قرب جزيرة قشم الإيرانية في الخليج، وقالت إنها كانت تحمل أربعة ملايين لتر ‌من الوقود المهرب.

ولم ‌تذكر السلطات ‌اسم ⁠السفينة ​أو ‌تكشف عن جنسيتها. وقالت إنه تم احتجاز 16 من أفراد الطاقم الأجانب بتهم جنائية.

وذكر التلفزيون الرسمي أن الناقلة احتُجزت يوم الأربعاء.

ناقلة نفط على ساحل بوشهر في إيران (أرشيفية - رويترز)

ونشرت ⁠مواقع إخبارية إيرانية مقاطع مصورة ‌وصوراً لما قالت إنها الناقلة المحتجزة.

كانت طهران قد ذكرت الأسبوع الماضي أنها احتجزت ناقلة أجنبية أخرى تحمل ستة ملايين لتر مما وصفته بالوقود المهرب ​في خليج عمان، دون أن تحدد هوية السفينة أو ⁠جنسيتها.


إسرائيل: تشكيل وحدة تدخل سريع جديدة لمنع حدوث توغلات برية على غرار هجوم «حماس»

سلاح الجو الإسرائيلي يجهز وحدة جديدة لمنع حدوث توغلات برية (أ.ف.ب)
سلاح الجو الإسرائيلي يجهز وحدة جديدة لمنع حدوث توغلات برية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل: تشكيل وحدة تدخل سريع جديدة لمنع حدوث توغلات برية على غرار هجوم «حماس»

سلاح الجو الإسرائيلي يجهز وحدة جديدة لمنع حدوث توغلات برية (أ.ف.ب)
سلاح الجو الإسرائيلي يجهز وحدة جديدة لمنع حدوث توغلات برية (أ.ف.ب)

كشف سلاح الجو الإسرائيلي، اليوم الخميس، عن وحدته الجديدة نسبياً المخصصة لمنع حدوث توغلات برية إلى إسرائيل على غرار هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول)، وذلك في أعقاب حالة عدم الجاهزية الكاملة التي شهدتها البلاد للقيام بهذا الدور عام 2023.

ووفقاً لوكالة الأنباء الألمانية، على المستوى النظري، تقوم الفكرة على ضرورة إتاحة نشر المروحيات، بعضها في غضون دقائق قليلة وأخرى في غضون ساعة، لسحق وقصف الغزاة، بما يضمن عدم ترك منظومات الدفاع البرية على الحدود دون دعم، وفقاً لما ذكرته صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية.

وتعد الوحدة الجديدة ضمن تحول أوسع يقوده البريجادير جنرال جلعاد بار تال، ويقضي بأن يتم إعادة توجيه مهام رئيسية لوحدات المروحيات في سلاح الجو الإسرائيلي نحو الدفاعات الحدودية.

ويشمل هذا التحول أيضاً زيادة عدد المروحيات والطائرات المسيرة والمقاتلات، التي تكون في حالة جاهزية دائمة للدفاع عن الحدود، مع توسيع نطاق تكليفها بمهام الدفاع الحدودي.

إضافة إلى ذلك، يشمل هذا التحول زيادة أكبر بكثير في عدد مروحيات سلاح الجو القادرة على التدخل خلال دقائق معدودة، وزيادة كمية القنابل التي يمكن لسلاح الجو الإسرائيلي إلقاؤها خلال ساعة واحدة، مقارنة بالسابق.

علاوة على ذلك، تمنح قواعد الاشتباك الخاصة بالمروحيات حالياً هامشاً أوسع بكثير للطيارين لفتح النار استناداً إلى تقدير كل طيار على حدة لطبيعة التهديد على الأرض، مقارنة بما كان معمولاً به قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول).


تصعيد في الخطاب الإسرائيلي - التركي... هل المراد صفقة متبادلة؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب مباحثاتهم في إسرائيل 22 ديسمبر (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب مباحثاتهم في إسرائيل 22 ديسمبر (أ.ف.ب)
TT

تصعيد في الخطاب الإسرائيلي - التركي... هل المراد صفقة متبادلة؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب مباحثاتهم في إسرائيل 22 ديسمبر (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب مباحثاتهم في إسرائيل 22 ديسمبر (أ.ف.ب)

على الرغم من تصاعد لهجة الخطاب السياسي بين إسرائيل وتركيا، وما حملته من تلميحات متبادلة رافقت حراكاً سياسياً وعسكرياً في بحر إيجه، رأى البعض أن هذا جزء من ضغوط لإبرام «صفقة تبادل مصالح»، تحديداً في سوريا وغزة؛ مستبعدين الانزلاق إلى هوة حرب أو مواجهة عسكرية.

وقالت مصادر سياسية في إسرائيل إن كلا الطرفين يعرف كيف يُفعّل الضوابط التي تمنع التدهور بينهما إلى صدام، خصوصاً مع وجود دونالد ترمب في سدة الرئاسة الأميركية، إذ من المعروف أن له روابط قوية مع الجانبين.

ومع ذلك، حذر الدبلوماسي المخضرم ألون ليئيل، المدير العام السابق لوزارة الخارجية بإسرائيل والذي كان سفيراً لها لدى تركيا، من أن يتسبب العداء المستحكم بين الجانبين في خطأ ما، أو في سوء تقدير يؤدي إلى تدهور العلاقات.

سفن حربية تركية خلال تدريب في البحر المتوسط 23 ديسمبر (الدفاع التركية - إكس)

كانت إسرائيل قد أقدمت على إجراءات لإقامة تحالف ثلاثي مع اليونان وقبرص، شمل تدريبات عسكرية مشتركة، وتُوج بلقاء في القدس الغربية، يوم الاثنين الماضي، بين رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس.

وفي مؤتمر صحافي عقب اللقاء، وجَّه نتنياهو إشارة ضمنية إلى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قائلاً: «إلى أولئك الذين يتوهمون قدرتهم على إقامة إمبراطوريات والسيطرة على بلادنا، أقول: انسوا الأمر. لن يحدث. لا تفكروا فيه حتى. نحن ملتزمون وقادرون على الدفاع عن أنفسنا، والتعاون يُعزز قدراتنا».

جاء ذلك في معرض رده على سؤال عما إذا كان التعاون مع اليونان وقبرص موجهاً ضد تركيا، وقال: «لا نريد استعداء أحد»، ثم تابع: «في الماضي، احتلتنا إمبراطوريات، وإذا كان لا يزال لدى أي شخص مثل هذه النيات، فعليه أن ينسى الأمر».

جانب من مباحثات نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس في إسرائيل 22 ديسمبر (د.ب.أ)

وعن الهدف من مثل هذه التحالفات الإقليمية قال نتنياهو: «لقد ثبَّتنا مكانتنا قوةً إقليميةً عظمى في مجالات معينة. هذا يقرّبنا من دول عديدة. هي تأتي إلينا لأنها استوعبت قاعدة مهمة، ألا وهي أن التحالفات تُعقد مع القَويّ وليس مع الضعيف، وأن السلام يُصنع مع القويّ وليس مع الضعيف».

«التهديد الأول»

نقل نتنياهو أيضاً رسالة أخرى موجهة مباشرةً إلى ترمب بالنسبة إلى صفقة بيع طائرات الشبح «إف-35» لتركيا ومشتريات أخرى من طائرات سلاح الجو قائلاً: «أود أن أوضح أن التفوق الجوي الإسرائيلي في الشرق الأوسط هو حجر أساس أمننا القومي».

وفي اليوم التالي من انعقاد القمة الثلاثية، نشرت صحيفة «يني شفق» التركية مقالاً على صفحتها الأولى بعنوان صارخ: «ابتداءً من اليوم، إسرائيل هي التهديد الأول».

وأشار المقال إلى انعقاد القمة، وإلى تبادل إطلاق النار في حلب السورية بين قوات النظام والقوات الكردية المعروفة باسم «قوات سوريا الديمقراطية»، على أنهما من مظاهر العداء؛ وأورد أن إسرائيل قامت خلال القمة بـ«تفعيل» القوات الكردية لإحراج الوفد التركي في سوريا.

وأضافت الصحيفة: «جميع المؤسسات التركية الأمنية تَعدّ إسرائيل تهديداً رئيسياً»، بل حددت المؤسسات الحكومية التي ستنظر إلى إسرائيل من الآن فصاعداً على أنها «التهديد الأول»: وزارة الدفاع، ووزارة الخارجية، وجهاز المخابرات التركي.

الرد التركي الرسمي

أما الرئيس التركي إردوغان، فقد وجَّه رسالة إلى الدول الثلاث، إسرائيل واليونان وقبرص، خلال اجتماع رؤساء فروع حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، الأربعاء، قائلاً: «ليعلم الجميع أننا لن ننتزع حقوق أحد، ولن نسمح لأحد بأن ينتزع حقوقنا».

وأضاف: «سنواصل التمسك بمبادئنا التاريخية والتصرف بكرامة وحكمة وعقلانية وهدوء، بما يليق بخبرتنا وتقاليدنا العريقة ولن نستسلم للاستفزازات».

إردوغان متحدثاً خلال اجتماع لرؤساء فروع حزب «العدالة والتنمية» في أنقرة 24 ديسمبر (الرئاسة التركية)

وقالت وزارة الدفاع التركية إنها تتابع من كثب مبادرات التعاون والبيانات التي صدرت عن الأطراف الثلاثة عقب القمة يوم الاثنين. وشدد المتحدث باسم الوزارة زكي أكتورك، على أن بلاده تؤكد التزامها بالحفاظ على الاستقرار واستمرار الحوار في المنطقة.

وقال أكتورك، خلال إفادة أسبوعية لوزارة الدفاع، الخميس، إن تركيا تؤيد الحوار البنّاء في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط انطلاقاً من علاقات التحالف في إطار حلف شمال الأطلسي (الناتو).

لكنه استطرد: «يجب أن يُفهم أن الخطوات المخالفة لروح التحالف لن تُغير الوضع على أرض الواقع، وأن موقف تركيا من أمن جمهورية شمال قبرص التركية (غير معترف بها دولياً) وحقوقها، واضح وثابت، ولن تتردد تركيا في استخدام الصلاحيات الممنوحة لها بموجب وضعها، بوصفها أحد الضامنين في المفاوضات بشأن الجزيرة القبرصية».

المتحدث باسم وزارة الدفاع التركي زكي أكتورك خلال مؤتمر صحافي في أنقرة الخميس (الدفاع التركية - إكس)

وأضاف أن تركيا «ليست هي من يصعّد التوترات في بحر إيجه وشرق المتوسط، بل الخطوات والنهج الإقصائي والأحادي الذي يهدف إلى فرض أمر واقع، بينما تُفضّل تركيا أن تكون المنطقة حوضاً للتعاون والاستقرار، لا ساحة صراع».

الصفقة المنشودة

وقال الخبير الإسرائيلي في الشؤون التركية، ليئيل، في حديث مع موقع «واي نت» العبري: «أعلم أن تركيا تستعد للحرب، وأرى استعداداتها عبر تعزيز الدفاعات الجوية وتقوية القوات الجوية وتخصيص ميزانيات ضخمة لهذا الغرض. إنهم في حالة ذعرٍ حقيقي من احتمال هجومنا عليهم، ويأخذون الأمر على محمل الجد».

وأشار إلى أن الأتراك «يُسلّحون أنفسهم بطائرات (إف-35) الجديدة، ويُغيّرون قواتهم الجوية بالكامل». وتابع: «لديهم قوة بحرية ومشاة قوية، ويُضاعفون إنتاج الطائرات المسيّرة».

وواصل حديثه قائلاً: «إذا لم نتوصل إلى اتفاق مع سوريا، فستكون أولى المواجهات العسكرية على الأراضي السورية. لن يجرؤ إردوغان على مهاجمة الأراضي الإسرائيلية، ولن نجرؤ نحن على مهاجمة تركيا. لكن كلا البلدين يمتلك جيشاً في سوريا، وإذا لم نتوصل إلى اتفاق ثلاثي أو رباعي مع السوريين والأميركيين، فستقع حوادث مع تركيا في وقت قريب».

أما بالنسبة إلى الولايات المتحدة، فقد قدّر ليئيل أن واشنطن، على عكس الماضي، لم تعد تشعر بالذعر إزاء أي خلاف إسرائيلي - تركي، وباتت ترى أن الطرفين يمارسان ضغوطاً كي تسارع إلى إبرام صفقة بينهما، تقبل إسرائيل بموجبها بدور تركي في غزة، وتقبل تركيا بدور إسرائيلي في سوريا.

وتواترت في الآونة الأخيرة تقارير يونانية وإسرائيلية عن تحركات في شرق البحر المتوسط وعن أن إسرائيل تدرس، بالتعاون مع اليونان وقبرص، إمكانية إنشاء قوة تدخّل سريع مشتركة تضم وحدات من القوات المسلحة للدول الثلاث، بهدف تعزيز التعاون العسكري الاستراتيجي وردع الأنشطة العسكرية التركية في شرق المتوسط، لا سيما مع سعي تركيا لتعزيز نفوذها الإقليمي، بما في ذلك نشر أنظمة دفاع جوي في سوريا، ومحاولة المشاركة في القوة متعددة الجنسيات في غزة، وإجراء محادثات مع الحكومتين المتنافستين في ليبيا للتوصل لتوقيع اتفاقيات بحرية جديدة قد تمنحها دوراً مهيمناً في شمال وشرق البحر المتوسط.