جهود إيرانية لتشكيل «ضاحية جنوبية» بين دمشق ومطارها

تأسيس مصرف مشترك لتسهيل التجارة

يرفعون رايات لـ«حزب الله» في سوريا في 15 مايو الماضي (رويترز)
يرفعون رايات لـ«حزب الله» في سوريا في 15 مايو الماضي (رويترز)
TT

جهود إيرانية لتشكيل «ضاحية جنوبية» بين دمشق ومطارها

يرفعون رايات لـ«حزب الله» في سوريا في 15 مايو الماضي (رويترز)
يرفعون رايات لـ«حزب الله» في سوريا في 15 مايو الماضي (رويترز)

أعلن المدير العام لمنظمة تنمية التجارة في إيران علي رضا بيمان باك أن سوريا وإيران بصدد تأسيس بنك مشترك، في خطوة تهدف لتسهيل التجارة بين البلدين، في وقت أفيد بتوسيع إيران لنفوذها من مدينة السيدة زينت جنوب دمشق إلى المطار الدولي لتشكيل ما يسمى بـ«الضاحية الجنوبية» وقال المسؤول الإيراني، إنه تم توقيع 4 اتفاقيات مع سوريا خلال زيارة وزير الصناعة الإيراني إلى دمشق، وشدد على أن سوريا وإيران تتجهان نحو تنمية التجارة بينهما. وأضاف، أن هذه الزيارة واللقاءات مع كبار المسؤولين في سوريا، حازت إنجازات ومكاسب عديدة من شأنها أن تمهد لتطوير التجارة بين البلدين.
وفي العام 2019، بحث محافظ البنك المركزي الإيراني مع نظيره السوري مسألة إنشاء مصرف مشترك وتسهيل نشاط رجال الأعمال، واتفق الجانبان على تأسيس لجنة مصرفية مشتركة تضم ممثلين عن بنوك البلدين وتحت رعاية المصرفين المركزيين في إيران وسوريا لمتابعة تنفيذ مذكرات التفاهم الموقعة بينهما.
وشارك وفد من سوريا في المؤتمر السنوي لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية «أيوفي» الذي بدأ في العاصمة البحرينية المنامة قبل يومين. وترأس الوفد السوري حاكم مصرف سوريا المركزي محمد عصام هزيمه.
وأشار المركزي السوري في بيان إلى أهمية المشاركة السورية بهذا المؤتمر الذي يستمر على مدى يومين بعد إثبات التطور الذي حققته المصارف الإسلامية في سوريا خلال فترة عملها المستمرة لما يزيد عن أربعة عشر عاما.
وتعتبر «الأيوفي» من أبرز المنظمات الدولية الداعمة للمؤسسات المالية الإسلامية إضافة لما أظهره المنظمون من الترحيب العربي بعودة سوريا للمشاركات الفعالة في اللقاءات والمؤتمرات الدولية والعربية، حسب موقع «روسيا اليوم».
إلى ذلك، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بأن «عمليات بناء تجري على قدم وساق في منطقة «البحدلية» التابعة لناحية ببيلا في ريف دمشق الجنوبي، والملاصقة لمنطقة السيدة زينب التي تعد من أبرز المعاقل للميليشيات الإيرانية من جنسيات سورية وغير سورية وأبرزها حزب الله اللبناني في ضواحي العاصمة دمشق».
وتحت مسمى «ضاحية السيدة زينب» بدأت في الآونة الأخيرة تنشط هذه الكلمة بين أوساط الأهالي في المنطقة، «كون غالبية الذين يقطنون في بلدة «البحدلية» باتوا من عناصر وقيادات الميليشيات الموالية لإيران من الجنسية السورية وغيرها»، حسب «المرصد» وقال: «تزامن ذلك مع عمليات بناء تجري في المنطقة في ظل الحديث عن تنظيم جديد للبلدة التي باتت مرتعاً ومعقلاً لعناصر وقيادات الميليشيات الموالية لإيران، من مزارعها وصولاً إلى المنازل منذ أن سيطرت في أواخر يونيو (حزيران) من العام 2013 بعد معارك خاضتها تلك الميليشيات ضد الفصائل المقاتلة فضلاً عن ذلك، فإن المئات من عناصر وقيادات الميليشيات الموالية لإيران انتقلوا في الآونة الأخيرة للسكن في «مخيم قبر الست» الملاصق أيضاً لمنطقة السيدة زينب جنوبي العاصمة دمشق، والذي جرى تغيير اسمه من قبل محافظة ريف دمشق في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام 2020 إلى «مدينة السيدة زينب» بالإضافة إلى إنشاء معسكرات تدريب خاصة بتلك الميليشيات والمنضمين المحليين إليها في المزارع والبساتين المحيطة بمنطقة «السيدة زينب» و«مخيم قبر الست» وبلدة «البحدلية» بريف العاصمة الجنوبي».
وقال «المرصد» إنه «يستنتج أن إيران تسعى إلى جعل المنطقة الجنوبية من العاصمة دمشق وصولاً إلى محيط مطار دمشق الدولي، منطقة خاضعة لهيمنة ميليشياتها المحلية وغير المحلية من جنسيات عراقية وأفغانية ولبنانية وغيرها، بالإضافة إلى عملها على المدى البعيد لزنار أمني ومدني من عوائل العناصر والقيادات التابعة لميليشياتها، يحيط بمنطقة السيدة زينب، وذلك عبر تسهيل عمليات تشييد الأبنية في بلدة «البحدلية» وتسكين العوائل في مخيم «قبر الست» فضلاً عن سيطرة وتواجد الميليشيات التابعة لها ضمن مقرات ومعسكرات، بدءاً من منطقة السيدة زينب ومحيطها، ووصولاً إلى محيط مطار دمشق الدولي بالتوازي مع عمليات شراء العقارات والأراضي الزراعية بشكل خفي بمناطق الغوطة الشرقية التي كانت تعد من أبرز المناطق المناهضة للنظام السوري، ومعقلاً كبيراً لفصائل المعارضة سابقاً، بالإضافة إلى عمليات شراء تجريها أيضاً في مدن وبلدات ريف دمشق الجنوبي، القريبة والملاصقة لمنطقة السيدة زينب».
وكان «المرصد» أشار إلى «أن إيران تواصل وبشكل غير معلن اللعب على ديموغرافية الغوطة الشرقية عبر أذرعها من السوريين، حيث انتقلت من شراء العقارات - منازل ومحال تجارية -، إلى شراء الأراضي الزراعية بشكل كبير»، لافتا إلى أنه «خلال الشهر المنصرم استولوا على أرض زراعية متاخمة لطريق مطار دمشق الدولي في منطقة شبعا، واعتقلوا صاحبها أثناء عمله بها، ثم قاموا بوضع نقطة أمنية تضم 10 عناصر داخل الأرض بعد أن قاموا بتجريفها بالآليات الثقيلة، دون معرفة الأسباب».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.