أنقرة: سعيد عبد الرازق
أطاح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بوزير الخزانة والمالية لطفي إلوان آخر المعارضين لسياسة الرئيس في خفض سعر الفائدة، وذلك بعدما طفا الخلاف بينهما على تسيير السياسة النقدية في ظل ارتفاع التضخم على السطح مؤخراً.
وجاء في مرسوم رئاسي نشرته الجريدة الرسمية فجر أمس (الخميس) أن إردوغان قبل استقالة وزير المالية لطفي إلوان، وعين مكانه نور الدين نباتي الذي كان واحدا من 4 نواب للوزير، وهو أيضاً نائب سابق بالبرلمان عن حزب العدالة والتنمية الحاكم.
وسادت توقعات قوية باستقالة إلوان - أو إقالته - بعدما أبدى علامات عدم الرضا عن إصرار إردوغان على خفض سعر الفائدة، وذلك خلال خطاب الرئيس أمام المجموعة البرلمانية للحزب الحاكم بمقر البرلمان الثلاثاء قبل الماضي، قال فيه إن تركيا تخوض «حرب استقلال اقتصادية» عبر مكافحة الفائدة المرتفعة والتصدير للمؤامرات التي تستهدف الاقتصاد التركي عبر التلاعب بأسعار صرف الليرة وأسعار الفائدة. وبينما صفق جميع نواب الحزب في البرلمان لإردوغان؛ كان إلوان هو الوحيد الذي لم يصفق، وهو ما اعتبر من جانب المعارضة ووسائل الإعلام التركية علامة على عدم اتفاق الوزير مع نهج إردوغان المنافي للنظريات الاقتصادية التقليدية.
وكان خطاب إردوغان قد ألقى بالليرة التركية إلى مستوى قياسي منخفض غير مسبوق في تاريخ تركيا لتهبط إلى 13.45 ليرة للدولار، ولم تتعاف منذ ذلك الحين إلا ساعات قليلة في جلسات متفرقة، وواصلت عند مستوى أعلى من 13 ليرة للدولار رغم تدخل البنك المركزي أول من أمس من خلال ضخ الدولار في الأسواق.
وتسبب إصرار إردوغان على المضي في سياسة خفض سعر الفائدة، على اعتبار أنه سبب للتضخم المرتفع الذي يلامس مستوى 20 في المائة، في مزيد من الخسائر لليرة التركية التي خسرت أكثر من 46 في المائة منذ بداية العام، منها نحو 30 في المائة خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وحده، كما انحدرت إلى مستوى 14 في المائة عقب تصريحات لإردوغان مساء الثلاثاء، جدد فيها إصراره على خفض سعر الفائدة، معتبرا أن النهج الجديد الذي تطبقه حكومته «محفوف بالمخاطر لكنه سليم». وتولى إلوان منصب وزير الخزانة والمالية لمدة عام واحد فقط، حيث عينه إردوغان في نوفمبر 2020، عقب استقالة صهره برات البيراق، الذي تعرض لهجوم شديد من المعارضة وخبراء الاقتصاد بسبب سياساته التي قادت إلى استمرار التراجع الحاد لليرة وارتفاع التضخم، منذ تولى منصبه في يوليو (تموز) 2018. ورغم محاولات إلوان وقف الانهيار إلا أن جهوده اصطدمت بإصرار إردوغان على خفض الفائدة بزعم أن ذلك سيحفز الإنتاج والتصدير ويخفض من معدل التضخم.
وخفض البنك المركزي التركي سعر الفائدة الرئيسي في نوفمبر من 16 إلى 15 في المائة، للمرة الثالثة في أقل من شهرين، في وقت اقترب فيه معدل التضخم السنوي من 20 في المائة، وهو 4 أضعاف الهدف الذي وضعته الحكومة نصب عينيها في الميزانية، وهو الهبوط بالتضخم إلى 5 في المائة.
وأقال إردوغان، منذ يونيو (حزيران) 2019، 3 محافظين للبنك المركزي بعدما عارضوا رغبته في خفض سعر الفائدة الرئيس.
ووزير الخزانة والمالية الجديد نور الدين نباتي، حاصل على ليسانس إدارة الأعمال، وماجستير في العلاقات الدولية، ودكتوراه في مجال العلوم السياسية والإدارة العامة، وكان نائباً لوزير الخزانة والمالية قبل تعيينه في المنصب الجديد.
إلى ذلك، قال رئيس البنك المركزي التركي شهاب كاوجي أوغلو إن «التأثيرات المتراكمة من موقفنا من السياسة النقدية الراهنة سنلحظها في النصف الأول من العام 2022». وأضاف كاوجي أوغلو، أمس، أن قابلية الشركات التركية للاستثمار وتطلعاتها للتوظيف بلغت مستوى مرتفعا للغاية مقارنة بالسنوات السابقة.
وأشار إلى أن الهدف من تدخل البنك المركزي في أسواق العملات الأجنبية هو القضاء على التذبذب الحاصل في سوق الصرف.
على صعيد آخر، عدلت وكالة «ستاندرد آند بورز» الدولية للتصنيف الائتماني، في تقريرها عن الأسواق الناشئة لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، توقعاتها بشأن نمو الاقتصاد التركي للعامين 2021 و2022.
ورفعت الوكالة توقعاتها لنمو الاقتصاد التركي خلال العام الجاري بمقدار 1.2 نقطة إلى 9.8 في المائة، في حين زادت توقعاتها للنمو في العام 2022 بمقدار 0.4 نقطة إلى 3.7 في المائة. وذكر التقرير أن التضخم المرتفع في الأسواق الناشئة، وعدم اليقين الناتج عن وباء كورونا قد تحمل مخاطر في تباطؤ النمو الاقتصادي، لافتا إلى أنه اعتباراً من الربع الثالث من العام الجاري، تمكنت جميع الأسواق الناشئة في أوروبا من تسجيل نمو اقتصادي أثناء خروجها من تأثيرات الوباء.
كما رفعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية توقعاتها لنمو الاقتصادي التركي إلى 9 في المائة بحلول نهاية العام الحالي. وعدلت توقعها للعام المقبل من 3.1 إلى 3.3 في المائة، فيما توقعت نموا بنسبة 3.9 في المائة خلال العام 2023.