برلماني: نسبة الفقر في مناطق الحوثيين وصلت إلى 90 %

TT

برلماني: نسبة الفقر في مناطق الحوثيين وصلت إلى 90 %

في وقت لا تزال تتجاهل فيه الميليشيات الحوثية معاناة ملايين اليمنيين بمدن سيطرتها عقب حرمانهم منذ الانقلاب من الحصول على أبسط الحقوق وأقل الخدمات، كشفت مصادر مطلعة في صنعاء عن تصاعد موجة الغضب والسخط الشديدين بأوساط الشارع الخاضع للجماعة من قيامها مؤخرا وكعادتها بإهدار الأموال على إقامة أعراس جماعية للآلاف من أتباعها جلهم من الجرحى وأبناء القتلى الذين لقوا حتفهم بمختلف الميادين القتالية.
وأشارت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن موجه السخط تلك رافقها أيضا انتقادات واسعة على كافة المستويات للخطوات التي أقدمت عليها الميليشيات ورافقها عبث وإهدار متعمد للمال العام خصص فقط لصالح الأتباع والموالين للانقلابيين. في وقت يعاني فيه معظم سكان صنعاء ومناطق سيطرة الجماعة، من أوضاع معيشية صعبة، كانت نتاجاً لمصادرتها مرتباتهم وأعمالهم منذ عدة سنوات.
وكانت الميليشيات نظمت عبر هيئة الزكاة التابعة لها الخميس في صنعاء ما أطلقت عليه «مهرجان العرس الجماعي» لزفاف 7200 عريس جلهم من جرحاها وأبناء قتلاها والموالين لها من مختلف المحافظات تحت سيطرتها.
وبحسب شهود عيان في صنعاء، تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، عمدت الجماعة منذ ليلة الأربعاء إلى إغلاق شارع الستين (أكبر شوارع العاصمة) وطرقات وشوارع أخرى مؤدية إلى ميدان السبعين وجامع الصالح المكان الذي أقيمت فيه الفعالية الحوثية.
وفي السياق ذاته، اعترف القيادي في الميليشيات المعين رئيساً لما تسمى «هيئة الزكاة»، المدعو شمسان أبو نشطان، بأن الجماعة استغلت أموال الزكاة خلال ثلاثة أعوام لتزويج أكثر من 9 آلاف شخص من عناصر الجماعة ومقاتليها. وأبدى القيادي الحوثي اعترافات أخرى بأن إيرادات الزكاة كانت في أكبر مستوياتها تصل إلى 14 مليارا قبل إنشاء الهيئة الحوثية.
وأشار في تصريحات بثتها وسائل إعلام حوثية إلى أن إيرادات الزكاة (التي مارست الجماعة من خلالها كل أشكال البطش والتنكيل بحق اليمنيين) تجاوزت في السنة الماضية فقط أكثر من 65 مليارا أي بارتفاع يتجاوز 400 إلى 500 في المائة بعد إنشاء الهيئة الحوثية.
وفي تعليق له، كشف النائب في برلمان صنعاء غير الشرعي عبده بشر أن نسبة الفقر وصلت في مناطق سيطرة الحوثيين إلى 90 في المائة من السكان، وهي انعكاس طبيعي للسياسات الحوثية لإفقار المجتمع.
وقال بشر إن «الخليفة عمر بن عبد العزيز بعد أن أنهى الفقر في بلاد المسلمين قام بتزويج الشباب، فيما عملت هيئة الزكاة (الحوثية) العكس تماماً، حيث تركت مصارف الزكاة جانبا وتركت الفقراء والمساكين وابن السبيل وقامت بتنظيم أعراس جماعية».
وأضاف «يا هيئة الزكاة، مخالفات الزواج الجماعي السابق وهدر أموال الزكاة ما زالت موجودة، وبدلاً عن تهافتكم على تحطيم رقم قياسي في موسوعة غينيس تهافتوا على تفريج كرب اليمنيين فقد وصل الفقر في عهدكم إلى أكثر من 90 في المائة من عدد السكان».
وأبدى بشر استغرابه عبر تغريدات بحسابه على مواقع التواصل الاجتماعي، من تدشين الحوثيين مشروعا لصرف بطانيات لمن يفترشون الشوارع، في استهتار بأوجاع الناس. وقال: كان الحري بها أن تقوم بتوفير المأوى لهم لا أن تساعدهم على افتراش الشوارع وتوسع من تلك الظاهرة.
وسبق للهيئة الحوثية غير المعترف بها أن أعلنت أواخر الشهر الماضي عن تشكيل 15 فرقة ميدانية لتوزيع 900 بطانية لما أطلق عليهم اسم الأشخاص والمشردين في الشوارع الذين لا مأوى لهم بشوارع وأحياء مديريات أمانة العاصمة.
وتحدثت مصادر عاملة بهيئة الزكاة الحوثية، لـ«الشرق الأوسط» عن إنفاق الميليشيات لأكثر 10 ملايين ريال لتدشين ذلك المشروع، الذي وصفته بـ«غير المجدي».
وقالت المصادر، إن القيادات الحوثية التي تدير هيئة الزكاة تبالغ كثيرا بمسألة المبالغ التي تخصصها لإقامة بعض المشروعات الصغيرة التي لا تكاد تذكر وتخصص لها مبالغ مالية ضخمة بهدف استقطاعها فيما بعد وتوريدها إلى حساباتها الخاصة.
وكانت مصادر يمنية اتهمت الميليشيات قبل أشهر قليلة منصرمة بأنها أنفقت من أموال الزكاة التي تقوم بجبايتها، نحو 3 مليارات و200 مليون ريال لإقامة ما أطلقت عليه «العرس الجماعي» لأكثر من 3 آلاف من مقاتليها الجرحى (نحو 5 ملايين دولار).
وسبق أن اعترفت الجماعة، وكيل إيران في اليمن، بأوقات سابقة بأنها تسخر معظم ما تجمعه من التجار والمواطنين والمزارعين لصالح أسر قتلاها وجرحاها في عدة جبهات قتالية.
وفيما لم تكتف الميليشيات بإهدار أموال الزكاة وحرمان الأسر الفقيرة وعد القيادي الحوثي المدعو أبو نشطان المعين من قبل الجماعة رئيسا لهيئتها أن فعالية العرس الجماعي الأخيرة لن تكون الأولى ولا الأخيرة، وأن الأموال المحصلة من الزكاة ستذهب لصالح أسر قتلى وجرحى الميليشيات بالدرجة الأساسية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.