أمير كوستوريتسا: المنصات تسعى للسيطرة على الأفلام وإغلاق دور العرض

المخرج الصربي أكد في ندوته بـ«القاهرة السينمائي» تعاطفه مع المهمشين

المخرج الصربي أمير كوستوريتسا (إدارة مهرجان القاهرة السينمائي)
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا (إدارة مهرجان القاهرة السينمائي)
TT

أمير كوستوريتسا: المنصات تسعى للسيطرة على الأفلام وإغلاق دور العرض

المخرج الصربي أمير كوستوريتسا (إدارة مهرجان القاهرة السينمائي)
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا (إدارة مهرجان القاهرة السينمائي)

أكد المخرج أمير كوستوريتسا رفضه لمنصات العرض الإلكتروني للأفلام، متهماً مَن يقفون وراءها بالسعي لإنهاء صناعة السينما وإغلاق دور العرض، وقال إنه يمثل من أجل المال، لكنه لا يعتقد أنه ممثل جيد. وكشف أن تقديمه لحياة لاعب الكرة الأرجنتيني دييغو مارادونا من خلال فيلم، جاء لأن مارادونا دمّر نفسه، منوهاً إلى أن الموسيقى في الفيلم تمثل دعماً ثانياً للسيناريو.
وتحدث المخرج الكبير رئيس لجنة تحكيم المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة السينمائي في محاضرة سينمائية شهدت حضوراً كبيراً وتفاعلاً من الشباب وصناع الأفلام العرب والأجانب، في لقاء أدارته دوبرافكا لاكيتش.
وأثار كوستوريتسا إعجاب وتصفيق الحضور بصراحته المعهودة التي بدأها بالحديث عن بداياته، وكيف طرق أبواب السينما، قائلاً: «لم أكن طالباً مجتهداً في أي وقت، ولو لم تتدخل والدتي وتتحلي بالإصرار للدفع بي لألتحق بالكلية لدراسة السينما لأصبحت منحرفاً، وقد كانت هناك علاقة بين والدي وصانع أفلام فرنسي فألحقني بالعمل معه، وبدأت أول مشاركة لي بدور صغير، وكنت أخشى وقتها أن أتحدث بجملتي القصيرة، لأن الرعشة في صوتي كانت تعكس شعوراً كبيراً بالخوف، والنقطة الوحيدة لدخولي الفن جاءت برغبة والديّ».

وقال المخرج الكبيرإنه يعارض فكرة التقسيم الطبقي، «وعندما قدّمت فيلماً عن اللاعب دييغو مارادونا تساءل البعض؛ لماذا لا أقدم فيلماً عن ديفيد بيكهام؟ فقلت لأنه لا توجد في شخصيته أحداث، لقد حطم مارادونا حياته، لذا أتعاطف معه، مثلما أتعاطف مع المهمشين الذين يكافحون للبقاء على قيد الحياة، وهذه الفئة تحديداً يتم التعبير عنهم بشكل كوميدي لا يعبر عن واقعهم».
وعبّر المخرج الصربي عن إدانته للتطور التكنولوجي في صناعة الأفلام. وأكد؛ ليست لدينا أفلام بجودة أفلام الماضي، هناك تكنولوجيا، لكنها لا تعترف بالأخلاقيات، ولا بالدراما الصادقة، إنني أعترض على الانسياق الأعمى وراء حقيقة السينما، يجب أن يكون هناك خليط بين الحقيقة والخيال الذي تصنعه. حقائق الحياة كما جرت لن تكون جذابة بالقدر الكافي، وهناك جمهور يجب أن تصفعه على وجهه بالحقيقة.
وبصفته موسيقياً، تحدث كوستوريتسا عن أهميتها. مؤكداً؛ تعد الموسيقى بمثابة دعم خاص للسيناريو، وهي التي تساهم في نجاح الفيلم، وأنا كمخرج أستخدم الموسيقى لإلهامي في دعم وتيرة الفيلم، التي يجب أن تتوازن مع نبضات القلب.
وتطرق المخرج الكبير في محاضرته للحديث عن المنصات، معبراً عن رفضه لها، ومحذراً؛ خلال 5 سنوات فإن الأماكن التي تجمع في جنباتها مشاهدي الأفلام سوف تتضاءل، ثم تختفي، فإذا كانت منصة مثل «نتفليكس» تتيح لك مشاهدة الأفلام على مدى العام بـ12 يورو، فهي وغيرها يسعين إلى السيطرة على صناعة الأفلام، في ظل هيكلة نشهدها للعالم بأسره، فإن كل هذه المنصات الكبيرة ستتوافق حتى تغلق آخر دار عرض سينمائي بالعالم، ولن تفتح أبوابها للجمهور حيث يخشى المسؤولون عن إعادة هيكلة العالم من ميلاد رضيع يشاركهم الأكسجين الذي يتنفسونه، بالنسبة لي سأكون سعيداً لو عرضت لي هذه المنصات فيلماً وثائقياً، لكن أرفض عرض أفلامي الكبيرة بها، لأن المنصات تنطوي على أمور لا نعرفها، ويهتمون بما يحققونه من أرباح، الحقيقة أن أغلب صناع الأفلام لا يهتمون بما يحدث في هذا السياق، لكنني أهتم.

وعن مشاركته بالتمثيل في بعض الأفلام، قال كوستوريتسا؛ كان ذلك من دواعي سروري أن أكون جزءاً من السينما، لكنني لا أعتقد أنني ممثل جيد في السينما، بل في الحياة، وقد خضتها من أجل المال، والحقيقة أنني أحصل على عوائد مالية جيدة من أفلامي، ولا أشعر بأي أسى على ما جرى في السابق، لكننا أؤمن تماماً بأننا مسؤولون عن حظنا بشكل كبير.
ويعد كوستوريتسا أحد صناع السينما الكبار، فهو كاتب وممثل ومخرج ومؤلف موسيقي ومنتج، وقد توّج بسعفة «مهرجان كان» الذهبية مرتين، الأولى عام 1989 عن فيلم «عندما كان الأب بعيداً في العمل»، والمرة الثانية عام 1995 عن فيلم «تحت الأرض»، كما سبق أن ترأس لجنة تحكيم «مهرجان كان» السينمائي، وأخرج عبر مسيرته 25 فيلماً.


مقالات ذات صلة

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

يوميات الشرق بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

في خطوة عدّها الاتحاد الأوروبي «علامة فارقة في الشراكة الثقافية مع ليبيا»، يواصل مهرجان للأفلام الأوروبية عرض الأعمال المشاركة في العاصمة طرابلس حتى الخميس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

تقع أهمية النسخة الـ10 من المهرجان بتعزيزها لدور الصورة الفوتوغرافية ويحمل افتتاحه إشارة واضحة لها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق د. سعد البازعي رئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» (الشرق الأوسط)

البازعي: «جائزة القلم الذهبي» متفردة... وتربط بين الرواية والسينما

بدأت المرحلة الثانية لـ «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» لتحديد القائمة القصيرة بحلول 30 ديسمبر قبل إعلان الفائزين في فبراير.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
يوميات الشرق فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)

فهد المطيري لـ«الشرق الأوسط»: «فخر السويدي» لا يشبه «مدرسة المشاغبين»

أكد الفنان السعودي فهد المطيري أن فيلمه الجديد «فخر السويدي» لا يشبه المسرحية المصرية الشهيرة «مدرسة المشاغبين» التي قدمت في سبعينات القرن الماضي.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق تجسّد لبنى في «خريف القلب» شخصية السيدة الثرية فرح التي تقع في ورطة تغيّر حياتها

لبنى عبد العزيز: شخصية «فرح» تنحاز لسيدات كُثر في مجتمعنا السعودي

من النادر أن يتعاطف الجمهور مع أدوار المرأة الشريرة والمتسلطة، بيد أن الممثلة السعودية لبنى عبد العزيز استطاعت كسب هذه الجولة

إيمان الخطاف (الدمام)

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)
بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)
TT

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)
بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)

بعيداً عن التكلس السياسي الذي تعانيه ليبيا، انطلق في العاصمة طرابلس مهرجان للفيلم الأوروبي تحت إشراف بعثة الاتحاد الأوروبي إلى البلاد، بالتعاون مع الهيئة العامة للسينما والمسرح والفنون، في خطوة تستهدف توسيع الشراكة الثقافية وكسر حاجز الانقسام، من خلال تجميع الليبيين بالثقافة والفن.

وتشارك في النسخة الأولى من المهرجان، التي انطلق الأحد، 5 سفارات أوروبية عاملة في ليبيا، بأعمال يتم عرضها للجمهور مجاناً لمدة 5 أيام، تنتهي الخميس المقبل. وعبّر سفير بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، نيكولا أورلاندو، عن سعادته لافتتاح أول مهرجان سينمائي ليبي - أوروبي في طرابلس، إلى جانب الهيئة العامة للسينما والمسرح والفنون، وسفارات فرنسا وألمانيا وإيطاليا ومالطا وإسبانيا. وعدّ هذا الحدث «علامة فارقة في الشراكة الثقافية بين ليبيا والاتحاد».

ويعرض مساء اليوم (الاثنين) فيلم «راعي البقر من الحجر الجيري» المقدم من سفارة مالطا، بقاعة الهيئة العامة للسينما والمسرح في شارع الزاوية بطرابلس، التي دعت الجمهور للاستمتاع بمشاهدته.

البوستر الترويجي لفيلم «فتاة عادت» الإيطالي (إدارة المرجان)

وبجانب الفيلم المالطي، فإن العروض المفتوحة للجمهور تتضمن، وفق ما أعلنت إدارة المهرجان، ورئيس بعثة الاتحاد، «طفلة عادت» من إيطاليا، و«قصر الحمراء على المحك»، إسباني، ويعرض الثلاثاء، ثم «كليو» (ألمانيا) الذي يعرض للجمهور الأربعاء، على أن يختتم المهرجان بفيلم «عاصفة» الفرنسي.

ولوحظ أن الدول المشاركة في المهرجان حرصت على تروّج الأعمال المشاركة، من هذا المنطلق دعا المركز الثقافي الفرنسي والسفارة الفرنسية في ليبيا الجمهور الليبي لحضور الفيلم الفرنسي الذي أخرجه كريستيان دوغواي، وقالا في رسالة للجمهور الليبي: «نحن في انتظاركم لتشاركونا هذه اللحظة السينمائية الاستثنائية».

جانب من افتتاح مهرجان الفيلم الأوروبي في طرابلس (البعثة الأوروبية إلى ليبيا)

وكان رئيس هيئة السينما والمسرح والفنون، عبد الباسط بوقندة، عدّ مبادرة الاتحاد لإقامة المهرجان «خطوة إيجابية في مسار الشراكة بين ليبيا، متمثلة في هيئة السينما والمسرح والفنون، والاتحاد الأوروبي والدول الخمس المشاركة».

وأضاف بوقندة، في كلمة الافتتاح، الذي بدأ الأحد بعرض الأفلام، أن المناسبة «تفتح آفاقاً واسعة في مجالات السينما كواحدة من أهم أنواع التواصل بين الشعوب ومرآة عاكسة لكثير من القضايا الاجتماعية والإنسانية والثقافية التي تسهم بفاعلية في توعية الناس، وتدفع بهم تجاه الارتقاء والإحساس بالمسؤولية».

بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي (السفارة الفرنسية لدى ليبيا)

وخلال مراسم الافتتاح، عُرض فيلم «شظية» الليبي الذي أنتج في الثمانينات، من تأليف الأديب الليبي المعروف إبراهيم الكوني، ويحكي قصة معاناة الليبيين مع الألغام التي زرعت في صحراء ليبيا خلال الحرب العالمية الثانية، وراح ضحيتها كثير من المواطنين في مدن ومناطق مختلفة من البلاد.

وبجانب العروض السينمائية في ليبيا، تُجمّع الفنون في ليبيا عادةً من فرقت بينهم السياسة، ويحشد المسرح على خشبته ممثلين من أنحاء البلاد، كانت قد باعدت بينهم الآيديولوجيات في زمن ما، يحكون جميعاً أوجاعهم عبر نصوص ولوحات إبداعية، ويفتحون نوافذ جديدة للتلاقي والحوار بعيداً عن النزاع والانقسام السياسي.

وسبق أن تعطلت الحركة الفنية المسرحية في ليبيا، مُتأثرة بالفوضى الأمنية التي شهدتها ليبيا عقب اندلاع ثورة «17 فبراير» التي أسقطت نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011. لكن مع الاستقرار النسبي الذي تشهده ليبيا يظل الرهان على الفن في اختبار الانقسام السياسي، الذي ضرب البلاد، لتوحيد الليبيين.