«دار العدل} في حوران: نموذج إيجابي لجسم قضائي يتبع المعارضة السورية

آخر قراراتها الإفراج عن سائقي الشاحنات اللبنانية بعد سيطرة المعارضة على معبر «نصيب»

مواطنون ورجال أمن سوريون يعاينون آثار الدمار الذي خلفه انفجار سيارة مفخخة في حي الأرمن بحمص أمس (أ.ف.ب)
مواطنون ورجال أمن سوريون يعاينون آثار الدمار الذي خلفه انفجار سيارة مفخخة في حي الأرمن بحمص أمس (أ.ف.ب)
TT

«دار العدل} في حوران: نموذج إيجابي لجسم قضائي يتبع المعارضة السورية

مواطنون ورجال أمن سوريون يعاينون آثار الدمار الذي خلفه انفجار سيارة مفخخة في حي الأرمن بحمص أمس (أ.ف.ب)
مواطنون ورجال أمن سوريون يعاينون آثار الدمار الذي خلفه انفجار سيارة مفخخة في حي الأرمن بحمص أمس (أ.ف.ب)

نجحت محكمة «دار العدل» في درعا ومنذ إعلان قيامها في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014 في وضع حد للكثير من الخلافات بين الفصائل المقاتلة في المنطقة، وإصدار أحكام يصفها معارضون بـ«العادلة»، كان آخرها قرار الإفراج عن سائقي الشاحنات اللبنانية الذين احتجزوا لأيام بعد سيطرة المعارضة على معبر «نصيب» الحدودي مع الأردن.
وتختص محكمة «دار العدل» التي توحدت فيها جميع الفصائل الثورية في أمور القضاء بين هذه الفصائل بدرعا، بعدما كانت تقتسم المنطقة ثلاث محاكم، هي محكمة «الكوبرا» الخاصة بـ«جبهة النصرة»، و«محكمة «غرز» لـ«الجيش الحر»، ومحكمة «المثنى» التي تتبع لحركة «المثنى» الإسلامية.
وقد سلمت المحاكم الـ3 السابق ذكرها جميع القضايا والملفات والمعتقلين لديها قبل عام ونصف العام إلى «دار العدل» التي أعلنت قيادات عسكرية وهيئات مدنية وإغاثية عن تأسيسها، على أساس أنّها الهيئة القضائية الوحيدة التي تمثل القضاء في درعا والقنيطرة، وتم تنصيب أسامة اليتيم المسؤول السابق عن محكمة «غرز»، مسؤولا عاما عنها.
أما أبرز المنضمين لـ«دار العدل» فهم «جبهة النصرة وفصائل الجيش الحر وجماعة بيت المقدس وحركة أحرار الشام الإسلامية وحركة المثنى».
وقالت مصادر في المعارضة السورية، لـ«الشرق الأوسط»، إن الهدف الأساسي غير المعلن للمحكمة التي تمثّل كل الفصائل الثورية في درعا، هو «تقويض دور جبهة النصرة في المنطقة»، لافتة إلى أن الجبهة لم تنجح أخيرا في فرض كلمتها بملف سائقي الشاحنات اللبنانيين.
وكان المسؤول العام للمحكمة أسامة اليتيم نفى في وقت سابق ما تردد عن سيطرة وهيمنة «جبهة النصرة» على دار العدل، مشيرا إلى أن «انضواء النصرة ولأول مرة تحت قضاء موحد أدى إلى ترويج مثل هذه الشائعات».
وأكد اليتيم على صفحته الرسمية في «فيسبوك» أن محكمة «دار العدل» وإن كانت تختلف مع «النصرة» في طريقة التعامل مع ملف تنظيم داعش، فإنهما متفقان على أن «التنظيم ضيف غير مرحب به في حوران، وسنسعى جاهدين لمنعه من الوجود على أرض حوران، والمحكمة تسلك في ذلك سبيل المحاورة والإقناع والسجن إن اقتضى الأمر». وأشار اليتيم إلى أن «هناك جهات خارجية وداخلية، أغاظها نبأ توحيد المحاكم، فسعت جاهدة لإفشال هذا المشروع، عن طريق الترويج ونشر الشائعات حول هيمنة جبهة النصرة على المحكمة»، على حد تعبيره.
ودعا اليتيم كل من أراد الاطلاع على وضع «جبهة النصرة» داخل المحكمة إلى «معاينة الملفات التي بين يديها، فإن أبواب دار العدل مشرعة أمامهم، وسيرى أنها فصيل مشارك شأنه شأن سائر الفصائل الراغبة في مشروع القضاء، وأن قضاتها كسائر القضاة، يحكمهم عمل مؤسسي واحد».
ومن أهم القضايا التي تسلمتها المحكمة، قضية اغتيال الشيخ «أحمد كساب المسالمة»، وقضية اعتقال «النصرة» لقيادات من «الجيش الحر»، وآخر قضية تنظر فيها حاليا أعمال النهب التي تعرض لها أصحاب الشاحنات بعيد السيطرة على معبر «نصيب».
وكانت «دار العدل» اتخذت نهاية الأسبوع قرارا بوضع حد لتداعيات السيطرة على معبر نصيب، المتمثلة في الاستحواذ على مواد كانت تحملها الشاحنات، واحتجاز سائقين. وقالت إنه «حرصا على إظهار الصورة المشرقة لثورتنا المباركة، وسعيا لإعادة تأهيل المعبر والمنطقة الحرة، فقد اجتمعت فعاليات حوران العسكرية والمدنية والإعلامية، تحت مظلة (دار العدل) في حوران، وتم الاتفاق على تسليم كل السائقين المحتجزين»، و«إرجاع كل ما تم أخذه، سواء من قبل المدنيين أو العسكريين خلال مدة أقصاها 48 ساعة.. وذلك تحت طائلة المسؤولية»، كما قالت بـ«اعتبار معبر نصيب الحدودي منطقة مدنية محررة تخضع لإدارة مدنية مباشرة ممثلة بمجلس محافظة درعا».
كما قررت «دار العدل» أن «تتولى قوة شرطية من فصائل الجبهة الجنوبية حماية وحراسة المنشآت من الخارج تكون تابعة للإدارة المدنية، وإخلاء المعبر من كل الفصائل، وضبط المنطقة الحدودية المحررة بالكامل، وإنهاء جميع المخالفات، وتشكيل لجنة قضائية مهمتها تسجيل الدعاوى للأشخاص المتضررين من حادثة المعبر»، إضافة إلى «تشكيل لجنة تخليص البضائع والسيارات التي كانت موجودة داخل المنطقة الحرة المشتركة، وتسليمها لأصحابها بعد إبراز الأوراق الثبوتية التي تؤكد صحة الملكية».
وقال قائد فرقة «فلوجة حوران» التابعة لغرفة «تحالف صقور الجنوب»، أبو هادي العبود، إنهم وضعوا آليات لحماية معبر نصيب ومنطقة السوق الحرة، عند الحدود السورية الأردنية. وأضاف العبود، في تصريح صحافي، أنهم شكلوا لجنة قضائية كلفتها «دار العدل في حوران»، لمتابعة أمور المعبر وتلقي الشكاوي، موضحا أن العديد من الفصائل العسكرية أعادت البضائع والممتلكات المسروقة للجنة.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.