النيابة المصرية تتلقى بلاغاً بشأن تسريب أرشيف «الأهرام» لإسرائيل

المؤسسة حمّلت اثنين من موظفيها المسؤولية

واجهة مبنى الأهرام (جريدة الأهرام)
واجهة مبنى الأهرام (جريدة الأهرام)
TT

النيابة المصرية تتلقى بلاغاً بشأن تسريب أرشيف «الأهرام» لإسرائيل

واجهة مبنى الأهرام (جريدة الأهرام)
واجهة مبنى الأهرام (جريدة الأهرام)

فيما بدا بداية للكشف عن تفاصيل تسريب أرشيف صحيفة «الأهرام» إلى «المكتبة الوطنية الإسرائيلية»، قال عضو بمجلس نقابة الصحافيين المصريين ومصدر آخر بالصحيفة، أمس، إن إدارة المؤسسة قررت «إحالة اثنين من موظفيها للنيابة العامة» قصد استكمال التحقيقات في الواقعة.
وثارت عاصفة من الغضب داخل الأوساط الإعلامية والثقافية المصرية، نهاية الشهر الماضي، في أعقاب تغريدة على حساب «إسرائيل بالعربي»، الناطق بلسان وزارة الخارجية الإسرائيلية، أعلنت عن إتاحة أرشيف صحيفة الأهرام المصرية للباحثين والدارسين داخل إسرائيل، وذلك ضمن مشروع الأرشيف الرقمي للمكتبة الوطنية الإسرائيلية.
وأفاد محمود كامل، عضو مجلس نقابة الصحافيين المصريين، بـ«صدور قرار بإحالة اثنين من الموظفين بالمؤسسة إلى النيابة العامة، مع فصل أحدهما ومنعه من دخول الأهرام»، متوقعاً أن «تسفر تحقيقات النيابة عن تورط آخرين في هذه القضية».
ولم تعلن مؤسسة الأهرام، ولا «الهيئة الوطنية للصحافة» القرار بشكل رسمي، لكن مصدراً بمجلس إدارة «الأهرام» أكد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» صحة المعلومات، وقال: «بالفعل أسفرت تحقيقات الهيئة الوطنية للصحافة عن فصل موظف وإحالته للتحقيق، باعتباره المتهم الرئيسي، وإحالة موظف آخر على المعاش إلى التحقيق لأنه تقاعس في حق (الأهرام)»، مشيراً إلى أن «الموضوع الآن بين يدي النيابة».
وقال كامل لـ«الشرق الأوسط» إنه «قدم كل المستندات، التي كانت بحوزته بشأن هذه القضية إلى جهات التحقيق»، رافضاً الإفصاح عن تفاصيل هذه المستندات، ومؤكداً أن «كل المعلومات التي لديه الآن تتعلق بإحالة اثنين للنيابة، دون وجود تفاصيل واضحة حول كيفية انتقال أرشيف (الأهرام) إلى المكتبة الوطنية الإسرائيلية».
بدوره، قال الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، لـ«الشرق الأوسط» إن «الكشف عن المتورطين في قضية تسريب أرشيف (الأهرام) هو تصرف تكتيكي لامتصاص الغضب الشعبي، إضافة إلى أنه خطوة ستتبعها بالتأكيد خطوات أخرى لحماية هذا التراث الفكري والثقافي».
وتعود الواقعة إلى نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عندما نشرت صفحة «إسرائيل بالعربي» تغريدة أعلنت فيها أن «أرشيف صحيفة (الأهرام) المصرية بات متاحاً للدارسين والباحثين داخل إسرائيل، من خلال المكتبة الوطنية الإسرائيلية»، لتبدأ بذلك موجة من الانتقادات، وسط محاولات لكشف غموض وصول أرشيف الصحيفة التي أُسّست عام 1875، إلى المكتبة الوطنية الإسرائيلية. وتم تداول أنباء حينها تشير إلى تعاقد (الأهرام) منذ سنوات مع شركة «إيست فيو» لإتاحة أرشيف (الأهرام) بصورة رقمية، وهي شركة أميركية توفر أرشيفات الصحف للباحثين حول العالم، ويشير موقعها الإلكتروني إلى أن «لديها أرشيفات صحافية من 80 دولة بثلاثين لغة».
وفي ذلك الوقت كتب كامل على صفحته أنه «بعد تواصله مع مصادر مطلعة بمؤسسة (الأهرام) تبين له أنه منذ حوالي 8 سنوات تم بيع أرشيف الأهرام لشركة «إيست فيو» مقابل 185 ألف دولار أميركي، وذلك بموجب عقد من طرف واحد، دون توقيع ممثل الشركة الأميركية، وأن قيمة الصفقة لم تدخل خزينة (الأهرام)».
وقال العالم إنه «من الطبيعي أن يثير موضوع تسريب (الأهرام) للمكتبة الوطنية الإسرائيلية هذا الجدل، خاصة أنه مرتبط بتاريخ البلاد، وبمئات الكتاب الذين شاركوا في إعداده على مدار سنوات. فالتصرف في الأرشيف هو حق يتجاوز المؤسسة إلى الكتاب والمبدعين وحتى الشعب نفسه، خاصة أن (الأهرام) تعتبر الصحيفة الأقرب إلى الرسمية»، مؤكداً أنه «في عصر المعلومات لا بد من وضع ضوابط لحماية المحتوى الفكري».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».