المعلمي يطالب إيران باغتنام الفرصة الدبلوماسية حول برنامجها النووي

دعا إسرائيل إلى إخضاع كل منشآتها لنظام ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية

مندوب السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عبد الله بن يحيى المعلمي (واس)
مندوب السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عبد الله بن يحيى المعلمي (واس)
TT

المعلمي يطالب إيران باغتنام الفرصة الدبلوماسية حول برنامجها النووي

مندوب السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عبد الله بن يحيى المعلمي (واس)
مندوب السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عبد الله بن يحيى المعلمي (واس)

طالبت المملكة العربية السعودية إسرائيل بـ«إخضاع» كل منشآتها النووية لنظام الضمانات الشاملة لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة، معبّرة في الوقت ذاته عن «دعم» الجهود الدولية لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، داعيةً طهران إلى «اغتنام الفرص الدبلوماسية الحالية» للدخول في مفاوضات جادة وعدم تعريض استقرار المنطقة لـ«مزيد من التوتر».
وألقى المندوب السعودي الدائم لدى الأمم المتحدة عبد الله بن يحيى المعلمي، كلمة أمام مؤتمر الشرق الأوسط الثاني الخاص بإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى، الذي انعقد في نيويورك، فرحب أولاً بالجهود التي تبذلها الكويت هذه السنة والتي بذلها الأردن خلال المؤتمر الأول العام الماضي. وإذ شكر للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش دعوته لعقد هذا المؤتمر، أمل في أن «تلبي كل دول المنطقة هذه الدعوة، وألا نرى للسنة الثانية على التوالي مقعداً شاغراً في هذه القاعة» داخل المقر الرئيسي للمنظمة الدولية.
وأكد المعلمي أن المملكة «كانت ولا تزال في طليعة الدول الداعمة لإقامة مناطق خالية من الأسلحة النووية في جميع أنحاء العالم وبخاصة في منطقتنا التي تعيش حالة من الاضطراب وعدم الاستقرار»، مذكّراً بأن السعودية ودول المنطقة «سعت على مدار أكثر من أربعين عاماً إلى جعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى». وقال إن «الطرح الذي تدفع به بعض الدول القائم على أن البيئة الأمنية والأوضاع الدولية غير مواتية للمضي قدماً في الإزالة الكاملة لأسلحة الدمار الشامل في منطقتنا يمثل منطقاً مغلوطاً»، موضحاً أن جميع المشاركين في المؤتمر يسعون من أجل تحقيق هذه الغاية «ما عدا طرف واحد وهو إسرائيل، التي تستمر في إعاقة جميع المبادرات والمفاوضات من أجل إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل» في المنطقة. ونبه إلى أن «الفشل في تحقيق عالمية معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في ظل استمرار رفض إسرائيل للانضمام لها يمثل عقبة لا يمكن التغاضي عنها»، مؤكداً أن «الأصل في هذه المعاهدة أنها تحقق للدول غير النووية ضمانة أمنية بعدم إساءة استخدام التقنية النووية لأغراض التسلح وهي ضمانة مفقودة في منطقة الشرق الأوسط ما دامت إسرائيل ترفض الانضمام لها وإخضاع كل منشآتها النووية لنظام الضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، ورفض تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة، وتجاهل قرارات مؤتمرات استعراض معاهدة عدم الانتشار».
وإذ ذكّر بأن إقامة المناطق الخالية من الأسلحة النووية بما فيها منطقة الشرق الأوسط «من التدابير الأساسية لتحقيق مقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه المتعلقة بحفظ السلام والأمن الدوليين وتعزيز حسن الجوار والعلاقات الودية والتعاون بين الدول»، أكد أن ذلك هو منطلق المملكة العربية السعودية في «دعم الجهود الدولية لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي»، معبّراً عن «القلق البالغ» من «سلوك إيران المتناقض مع ما تعلنه من سلمية نشاطاتها النووية». وحض إيران على «اغتنام الفرص الدبلوماسية الحالية للدخول في مفاوضات جادة حيال برنامجها النووي وعدم تعريض أمن واستقرار المنطقة لمزيد من التوتر».
وشدد على أن إنشاء منطقة الشرق الأوسط الخالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل «لم يعد مجرد خيار، بل أصبح ضرورة حتمية» لأن «تحقيق الأمن والاستقرار والعيش المشترك الشامل في منطقتنا لن يكتمل من دون نزع كل أسلحة الدمار الشامل»، محذراً من أن «تقاعس المجتمع الدولي عن الوفاء بالتزاماته» في هذا الشأن «أدى إلى تداعيات سلبية على المنطقة». وذكّر بأن مسؤولية إخلاء الشرق الأوسط من هذه الأسلحة «ليست مقتصرة على دول المنطقة فحسب، بل هي مسؤولية جماعية دولية».
وكذلك شدد على «الحق الأصيل غير القابل للتصرف» لكل الدول في الاستفادة من التقنية النووية في الأغراض السلمية كما نصّت عليه معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وعدم إخضاع هذا الحق لأي قيود سياسية.



يعلون يتمسك باتهامه إسرائيل بارتكاب جرائم حرب

فلسطينيات في مخيم البريج بوسط قطاع غزة الاثنين (أ.ف.ب)
فلسطينيات في مخيم البريج بوسط قطاع غزة الاثنين (أ.ف.ب)
TT

يعلون يتمسك باتهامه إسرائيل بارتكاب جرائم حرب

فلسطينيات في مخيم البريج بوسط قطاع غزة الاثنين (أ.ف.ب)
فلسطينيات في مخيم البريج بوسط قطاع غزة الاثنين (أ.ف.ب)

بعد أن رفض وزير الدفاع الأسبق في إسرائيل، موشيه يعلون، الذي شغل أيضاً منصب رئيس أركان الجيش، التراجع عن تصريحاته الحادة بأن بلاده تنفّذ في قطاع غزة عملية تطهير شعب، وزاد عليها تصريحاً جديداً قال فيه إن الجيش الإسرائيلي لم يعد «الأكثر أخلاقية في العالم»، وإنه يرتكب حالياً جرائم حرب ضد الإنسانية، توجه النائب إلياهو رفيفو من حزب الليكود إلى الشرطة يطالب باعتقال يعلون ومحاكمته بتهمة الخيانة، وقال إنه وأمثاله سرطان في جسم الدولة.

في الوقت نفسه، قرر رئيس أركان الجيش، هرتسي هليفي، منع حضور يعلون في أي اجتماع أمني أو إلقاء محاضرات أمام الجنود.

وجاء هذا التوجه العدائي ليسجل أوجاً جديداً في العداء المستحكم ما بين اليمين المتطرف وقادة الجيش عموماً، والجنرالات المتقاعدين الذين يظهرون في الإعلام بشكل خاص. ويجعل الكثيرين منهم يقارنون بين تصرف هذا اليمين بقيادة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وبين الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، الذي قام بتطهير قيادة الجيش من خصومه واستبدل بهم جنرالات يذعنون لسياسته.

إلا أن موشيه يعلون، لم يتكلم في حينه باسم الجيش أو دفاعاً عن قيادته الحالية، بل تعتبر تصريحاته نقدية بشكل حاد وغير مسبوقة أيضاً للجيش، وليس فقط لنتنياهو. وعلى عكس الوضع في تركيا، فإن المعارضة الإسرائيلية التي يعمل معها يعلون ضد نتنياهو، لم تحتمل وصفه الحرب في غزة بأنها «تطهير عرقي»، وصُعقت تماماً من قوله إن الجيش يرتكب هناك جرائم حرب، وراحت تهاجمه بشدة. وبذلك حصل اليمين على وقود جديد للحطب الذي يسعون لحرق يعلون به.

لكن مدافعين عن يعلون يعتبرون أقواله بداية صحوة ضرورية وحيوية للمجتمع الإسرائيلي، الذي أغرقته الحرب وأعمته عن رؤية الجرائم التي تُرتكب في غزة. فالإسرائيليون، يميناً ويساراً، محافظين وليبراليين، سياسيين وعسكريين وإعلاميين، يرفضون رؤية ما يرتكب باسمهم بحق الفلسطينيين (في غزة وفي الضفة الغربية أيضاً) واللبنانيين. وباستثناء صحيفة «هآرتس» وبعض الإعلاميين، يمتنع الإسرائيليون حتى اليوم عن نشر معلومات عن القتل الجماعي للفلسطينيين المدنيين، بما في ذلك نحو 50 ألف قتيل أكثر من نصفهم أطفال ونساء ومسنون ومرضى.

والمشكلة الأكبر هي أن الجيش الإسرائيلي، الذي يقول قادته إن الحرب في غزة انتهت منذ زمن ويجب التوجه إلى صفقة، يواصل هذه الحرب بلا توقف وينفذ سياسة اليمين بمثابرة مذهلة. في كل يوم يقتل ويهدم ويدمر، بلا رحمة. ورئيس الحكومة ووزراؤه يطلقون تصريحات علنية في غاية الوضوح عن خططهم لترحيل أهل غزة وإعادة الاستيطان اليهودي فيها، فضلاً عن توسيع الاستيطان في الضفة الغربية.

ومن هذا المنطلق يبدو أن الغضب من يعلون أن أقواله جاءت بمثابة شاهد من أهل البيت. فهو ابن المؤسسة السياسية والعسكرية على السواء. تاريخه العسكري طافح بالعمليات الحربية، بما في ذلك ضد المدنيين الفلسطينيين. خدم في الجيش 37 عاماً، بينها قائد قوات الكوماندوز التابع للمظليين وقائد وحدة الكوماندوز المختارة «سييرت متكال». وهو الذي قاد بشكل مباشر عملية الكوماندوز التي تم فيها اقتحام تونس واغتيال خليل الوزير (أبو جهاد) فيها، وقد عُرف عنه أنه دخل البيت عندما كان أبو جهاد مطروحاً على الأرض، فأطلق عليه الرصاص مرة أخرى. ثم دخل إلى غرفة نومه، حيث كانت أم جهاد تحمل طفلها، وراح يطلق الرصاص بشكل هستيري على سقف الغرفة والجدران. وفي الانتفاضة الثانية، تم التقاطه وهو يهمس بأذن وزير الدفاع، أرئيل شارون: «حان الوقت للتخلص منه»، وكان يقصد اغتيال الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات.

لذلك؛ فإن يعلون يرى نفسه صاحب أكبر امتياز لإعطاء رأيه فيما يفعله الجيش الإسرائيلي، بيته الثاني، وربما الأول. وقد قرر أن يستخدم هذا الامتياز. ومن وجهة نظره، فإنه بقول هذه الحقائق يخدم أمن إسرائيل ومصالحها الاستراتيجية. وأكثر من ذلك. فعندما سأله المذيع آريه غولان في «هنا شبكة ب»، في هيئة البث، الاثنين، قال: «أنا أتمسك بما قلته، فنحن ننفذ تطهيراً عرقياً. أنا أتحدث باسم قادة عسكريين يعملون في شمال القطاع. هم الذين توجهوا لي وهم يخافون مما يحدث هناك. يعرّضون حياتهم للخطر ويضعونهم في معضلة أخلاقية، وفي نهاية المطاف هؤلاء سيكونون مكشوفين أمام دعاوى في المحكمة الدولية في لاهاي. أنا فقط قمت بوضع مرآة. (بتسليل) سموتريتش يتفاخر بأنه توجد أمامنا فرصة للتخلص من نصف مليون شخص من السكان. ماذا يسمى ذلك؟». وقال أيضاً: «يجب عليّ التحذير مما يحدث هنا وما يقومون بإخفائه عنا. في نهاية المطاف هم يرتكبون هنا جرائم حرب».