غوتيريش يعلن قلقه «البالغ» من صعوبات مالية تواجه «محكمة الحريري»

طلب إعانتها بمبلغ 8 ملايين دولار من ميزانية الأمم المتحدة

TT
20

غوتيريش يعلن قلقه «البالغ» من صعوبات مالية تواجه «محكمة الحريري»

عبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عن «قلق بالغ» من الأوضاع المالية السيئة للمحكمة الخاصة بلبنان (محكمة الحريري)، طالباً من الجمعية العامة للمنظمة الدولية الموافقة على إعانة مالية قيمتها أكثر من ثمانية ملايين دولار لاستكمال إجراءات هذه المحكمة خلال عام 2022 في سلسلة الاغتيالات ومحاولات القتل التي شهدها لبنان، بما فيها اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري.
وحاكمت المحكمة خمسة متهمين غيابياً، هم الناشطون في «حزب الله» سليم جميل عياش ومصطفى بدر الدين وحسن حبيب مرعي وحسين حسن عنيسي وأسد حسن صبرا، الذين اتهمهم المدّعي العام بـ«التآمر لارتكاب عمل إرهابي، إلى جانب عدد من التهم الأخرى ذات الصلة»، علماً بأن الإجراءات القائمة بحق بدر الدين أُنهيت، دون أن يَحول ذلك دون استئناف الإجراءات، عقب تقديم أدلة كافية تثبت وفاته.
وكانت المحكمة قد توقعت أن تنجز كل أعمالها القضائية بحلول نهاية عام 2022 «رهناً بتوفير التمويل اللازم. وظلت المحكمة تواجه صعوبات مالية كبيرة في عام 2021».
وفي إطار الميزانية المقترحة للأمم المتحدة خلال السنة المالية 2022، قدم الأمين العام تقريراً عن استخدام الإعانة لعام 2021 وطلب تقديم إعانة للمحكمة الخاصة بلبنان لعام 2022، مشيراً إلى «الصعوبات المالية» التي لا تزال المحكمة تواجهها، وطلب تخصيص اعتماد قيمته 24.7 مليون دولار لعام 2021، علماً بأن الجمعية العامة وافقت على 15.5 مليون دولار. وطلب موافقة الجمعية على «تخصيص اعتماد لتقديم إعانة للمحكمة بمبلغ قدره 8.3 ملايين دولار لعام 2022». وقال غوتيريش في تقريره إنه «كان لجائحة كورونا تأثير سلبي على تأمين التبرعات، كما أن الوضع الاجتماعي والسياسي في لبنان أدى إلى تدمير اقتصاد البلد، فتعذر جذب التمويل اللازم لتغطية تكاليف الميزانية المعتمدة لعام 2021 بالكامل».
وأضاف: «كان اعتماد الجمعية العامة مبلغ 15.5 مليون دولار من إعانة لتكملة الموارد المالية المتبرع بها أمراً أساسياً لعمل المحكمة، ولكنه أقل بكثير مما كان مطلوباً لتغطية كل أعمالها القضائية المقررة أصلاً»، مؤكداً أنه «رغم التواصل المكثف مع المانحين المحتملين ولجنة إدارة المحكمة، لم ترد أي مؤشرات أخرى على وجود تبرعات كافية من لبنان أو الدول المانحة التي تقدم تبرعات لتمويل الميزانية المعتمدة بالكامل لعام 2021، ولم ترد أي تبرعات معلنة لعام 2022». ولفت إلى أنه «نتيجة لذلك، خفَّضت المحكمة، بعد إجراء مشاورات مع لجنة الإدارة التابعة لها، ميزانيتها المعتمدة لعام 2021 باعتماد خطة إنفاق منقحة لعام 2021 تتماشى مع انخفاض الإيرادات المتوقعة.
ونقَّحت المحكمة برنامج عملها، بما في ذلك الانتقال إلى المهام المتبقية في منتصف عام 2022 في ضوء وقف الإجراءات القضائية في إحدى القضايا نظراً لنقص التمويل». وأوضح أن «النفقات تقلصت بشكل كبير في عام 2021 عندما شرعت المحكمة في الخفض التدريجي لعملياتها في النصف الثاني من العام».
ورحب غوتيريش بالتقدم الذي أحرزته المحكمة منذ إنشائها، مشيداً باستجابتها الأخيرة لوضعها المالي من خلال تكييف نطاق عملها ومتطلباتها من الموارد. لكنه شدد على أهمية استكمال إجراءات الاستئناف أمام المحكمة، وضمان الخفض التدريجي للنشاطات بصورة منظمة، وضمان الوفاء بالالتزامات المتبقية المحدودة الجارية على نحو يتفق وأحكام الاتفاق المبرم بين الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية.
وكذلك رحب بتوفير حكومة لبنان 49% من التمويل على مرّ السنين، ويعترف بالتزامها تجاه المحكمة رغم الأزمة الاجتماعية - الاقتصادية والمالية التي يواجهها البلد.
وعبّر غوتيريش عن «قلق بالغ» لأن المحكمة «لا تزال تواجه تحديات مالية خطيرة في ذات المرحلة الحرجة التي تنتهي فيها من عملها القضائي في مرحلة الاستئناف»، مؤكداً أنه «لا يزال من الأهمية بمكان أن يكفل المجتمع الدولي أن تكون لدى المحكمة الوسائل المالية اللازمة لإتمام إجراءات الاستئناف وتأمين الأدلة وحفظها، وضمان حماية المواد السرية وحماية الضحايا والشهود».


مقالات ذات صلة

​البعثة الأممية تدعو لتعزيز وصول المرأة الليبية إلى مراكز القيادة

شمال افريقيا احتفال سابق في ليبيا بـ«ثورة 17 فبراير» (البعثة الأممية)

​البعثة الأممية تدعو لتعزيز وصول المرأة الليبية إلى مراكز القيادة

قالت البعثة الأممية إلى ليبيا إن «عدم وجود تشريعات شاملة تحمي حقوق المرأة يؤدي إلى تفاقم التحديات ويمنع المجتمع من الاستفادة من مساهماتها القيمة»

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد بمحافظة مأرب عن انتهاكات جماعة الحوثي في البيضاء (سبأ)

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

كشف تقرير حقوقي يمني عن توثيق نحو 13 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في محافظة البيضاء (وسط اليمن) ارتكبتها ميليشيا الحوثي خلال السنوات العشر الأخيرة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي صورة ملتقطة في 7 مارس 2025 في اللاذقية بسوريا تظهر توجه قوات الجيش السوري إلى قرى ريف اللاذقية والساحل السوري بالأسلحة الثقيلة لمحاربة المقاتلين المرتبطين بالرئيس المخلوع بشار الأسد (د.ب.أ)

المبعوث الأممي: قلقون إزاء الاشتباكات العنيفة وحالات القتل في منطقة الساحل السوري

أعرب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، الجمعة، عن بالغ قلقه إزاء التقارير الواردة بشأن الاشتباكات العنيفة وحالات القتل في منطقة الساحل السوري.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
أفريقيا جنود يقفون في موقعهم بالقرب من نزارا جنوب السودان 15 فبراير 2025 (أ.ب)

مقتل 27 جندياً من جنوب السودان بعد إسقاط مروحيتهم

قال وزير الإعلام في جنوب السودان إن ما يقدّر بنحو 27 جندياً قُتلوا خلال هجوم على مروحية تابعة للأمم المتحدة حاولت إجلاء قوات في بلدة الناصر، اليوم (الجمعة).

«الشرق الأوسط» (نيروبي)
المشرق العربي ملصق بمدينة عفرين شمال سوريا في أغسطس 2023 بمناسبة الذكرى العاشرة للهجمات الكيميائية على دوما قرب دمشق (أ.ف.ب)

تفاؤل أممي بإمكان تخليص سوريا من ترسانتها الكيميائية

عقد مجلس الأمن اجتماعاً هو الأول منذ إطاحة نظام الرئيس بشار الأسد، فاستمع فيه إلى إحاطة بشأن مسار نزع الأسلحة الكيميائية في سوريا طبقاً للقرار 2118.

علي بردى (واشنطن)

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.