الجزائر: تبون يطوي آخر حلقة من عهد بوتفليقة في غياب السند الشعبي

جزائرية تشارك في الانتخابات المحلية (الشرق الأوسط)
جزائرية تشارك في الانتخابات المحلية (الشرق الأوسط)
TT

الجزائر: تبون يطوي آخر حلقة من عهد بوتفليقة في غياب السند الشعبي

جزائرية تشارك في الانتخابات المحلية (الشرق الأوسط)
جزائرية تشارك في الانتخابات المحلية (الشرق الأوسط)

أنهى الفريق الذي استخلف الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في الحكم آخر حلقة مما سُمي «إعادة بناء المؤسسات»، وذلك بإجراء انتخابات مبكرة لتجديد أعضاء مجالس البلديات والمحافظات. لكن من دون أن يأتي هذا المسعى بالتغيير الذي طالب به الجزائريون عندما اندلع حراكهم الشعبي في 22 فبراير (شباط) 2019، معبرين عن رفضهم الشديد إطالة عمر الجمود الذي فرض آنذاك على البلاد من طرف رئيس عاجز عن تسيير شؤون البلاد.
وإذا كان النظام السياسي قد تمكن من استكمال خريطة الطريق التي وضعها بعد تنحي بوتفليقة في 02 أبريل (نيسان) 2019، ونجح في تعزيز أركانه، وعزل مطلب «التغيير الشامل» بكسر ديناميكية الحراك في الشارع، فإنه بالمقابل فشل فشلاً ذريعاً في كسب تأييد شعبي لمشروعاته، خاصة الاستحقاقات التي خاضها الرئيس الحالي عبد المجيد تبَون قبل مواعيدها القانونية لطي «المرحلة البوتفليقية».
وغاب ثلثا الجزائريين عن انتخابات الرئاسة التي جرت في 12 ديسمبر (كانون الأول) 2019 (نسبة تصويت 39 في المائة)، والتي فرضها قائد الجيش الراحل الفريق أحمد قايد صالح الذي حدد بنفسه تاريخها في خطاب ألقاه من داخل منشأة عسكرية. وكان ذلك دالاً على أن الجيش أمسك بإحكام اللعبة السياسية، وبطريقة معلنة، كما اختار هو من يمارسها، ومن ستكون في صالحه في نهاية المطاف.
وهناك إجماع في الوسط الإعلامي والسياسي على أن تبون كان مرشح الجيش للانتخابات، وأنه امتلك بين يديه ورقة رابحة خدمته ظرفياً، تتمثل في حادثة إبعاده من رئاسة الوزراء، بعد 3 أشهر من تسلمه المنصب (صيف 2017)، من طرف رجال أعمال مقربين من الرئيس بوتفليقة، بذريعة أنه شن حرباً ضدهم لـ«فصل المال عن السياسة».
وألبس الجيش تبون ثوب «ضحية نظام بوتفليقة» سعياً لتمريره بصفته المرشح صاحب الحظ الأوفر لمحو آثار الرئيس السابق، وبالتالي يكون مقبولاً لدى الجزائريين. غير أن الشارع كان يغلي رافضاً الانتخابات، لقناعة لدى المتظاهرين بأن المتنافسين الخمسة على الرئاسة، وأولهم مرشح الجيش، يمثلون «الولاية الخامسة التي ترشح لها بوتفليقة، لكن من دون بوتفليقة».
ولم يهدأ الحراك بعد «الرئاسية»، بعكس ما كان يتوقعه النظام. فقد استمرت المظاهرات رافضة «الخيار المفروض على الجزائر»، وظل شعار «مدنية لا عسكرية» يدوي في شوارع العاصمة والمدن الكبرى كل يوم جمعة، وكان موجهاً بشكل مركز للرئيس الجديد والجيش، عاكساً لمسألة مطروحة بحدة منذ الاستقلال عام 1962: «شرعية الحكم».
وحاول تبَون، ومعه رئيس أركان الجيش الجديد الفريق سعيد شنقريحة (قايد صالح توفي بنهاية 2019 بنوبة قلبية)، استدراك «نكسة» الانتخابات الرئاسية بأفكار ومشروعات طمعاً في كسب رضى الحراك. فأطلق الرئيس وعوداً بـ«استعادة المال الذي نهبته عصابة بوتفليقة»، والذي يوجد حسبه في بلدان بالخارج. وقال إنه يملك «خطة» لتحقيق ذلك، لكنه تحفظ على ذكر تفاصيلها بذريعة أن الطرف المستهدف (العصابة) قد يهتدي إلى خطة مضادة فيفشلها... هذا ما صرَح به تبون في أول مؤتمر صحافي عقده لما تسلم الحكم، من دون أن يقنع أحداً.
ثم أطلق الرئيس مشروعاً لتعديل الدستور، كما درج عليه كل الرؤساء السابقين عندما تسلموا السلطة. ووعد بتقليص صلاحيات رئيس الجمهورية لـ«حماية البلد من الحكم الفردي»... وكان ذلك العنوان الأبرز الذي سوق به استفتاء تعديل الدستور الذي جرى في 1 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، وكان بمثابة امتحان مهم له وهو يقترب من إتمام عام على وصوله إلى «قصر المرادية». غير أن قراءة متأنية في المواد المتعلقة بسلطات وصلاحيات رئيس الجمهورية في الدستور الجديد تدل على أن هذه الصلاحيات لم تتقلص، خصوصاً فيما يتعلق بالتعيينات، من رئيس الحكومة إلى كل الوظائف المدنية والعسكرية، وحتى القضاة، بل حتى منصب أمين عام في بلدية!
وفي المقابل، أبقى «دستور تبَون» الذي صوت عليه 23 في المائة فقط من الناخبين على مكانة الجيش طاغية في المجتمع وفي منظومة الحكم. وترجمها الرئيس ميدانياً في تصريحاته التي يثني فيها دوماً على القيادة العسكرية، كما أنه نادراً ما يظهر من دون أن يكون مرفوقاً برئيس أركان الجيش شنقريحة، إلى درجة أنه أحضره معه إلى مراسيم «افتتاح السنة القضائية» الشهر الماضي، وهو حفل سنوي يخص القضاة وحدهم، أحدثه بوتفليقة عندما جاء إلى السلطة عام 1999. لكن لا رئيس الأركان محمد العماري، ولا خليفته قايد صالح، كانا يظهران معه في هذه المناسبة.
وقد تعامل رجال الحكم مع المقاطعة الشعبية للاستفتاء الدستوري على أنها «نكران للجميل»، كونهم خلَصوا الشعب -في اعتقادهم- من «العصابة» (سجن أبرز رموز بوتفليقة). فشنت قوات الأمن اعتقالات في صفوف المتظاهرين والمدوَنين والناشطين المعارضين على منصات التواصل الاجتماعي، وامتلأت السجون بمعتقلي الرأي الذين بلغ عددهم الآلاف، من بينهم عشرات النساء، منهم من استنفد العقوبة بعد الإدانة، ومنهم من ينتظر المحاكمة.
وتواصلت الاعتقالات بعد فشل الخطوة الثالثة في «تجديد المؤسسات»، وهي انتخابات البرلمان (12 يونيو/ حزيران 2021). فقد كانت نسبة التصويت (23 في المائة)، مكرسة للمقاطعة الشعبية التي تحمل موقفاً سياسياً من النظام، وبالتالي مخيبة للرئيس شخصياً، لأنه كان يراهن على برلمان جديد يستمد شرعيته من «خلوه من المال الفاسد» الذي كان السمة الغالبة على البرلمان الذي حله، والذي كان يسيطر عليه خصومه رجال الأعمال المسجونين حالياً.
ويعبر أستاذ العلوم السياسية محمد هناد عن الحالة العامة للبلاد، فيقول: «تصرفات الشباب اليومية في الشوارع، وما ينشره كثير منهم في مواقع التواصل الاجتماعي، إنما تعبِّر عن قلق وجودي نتيجة الضغوط السياسية والمجتمعية التي يعانونها. كما قد توحي بقدوم تسونامي سيقلب منظومة القيم السائدة عندنا على جميع الأصعدة، لأن الضغط يولِّد الانفجار، وحينئذ سيدرك رافضو التغيير أن الحراك كان أرحم، وكان هناك فرصة للتغيير ضاعت».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.