«صراع المنهوبات» يحتدم بين قادة الحوثيين في ذمار وريف صنعاء

TT

«صراع المنهوبات» يحتدم بين قادة الحوثيين في ذمار وريف صنعاء

أفادت مصادرة يمنية مطلعة بأن محافظتي ذمار وريف صنعاء شهدتا خلال الآونة الأخيرة تصاعداً في حدة الصراع بين قادة ومشرفي الميليشيات الحوثية على النفوذ والمنهوبات؛ حتى وصل الأمر إلى حد تبادل الاتهامات بين الانقلابيين حول فساد هائل ونهب أموال اليمنيين؛ الذين يعيشون مأساة إنسانية هي الأسوأ في العالم، وفق تقارير أممية.
وفي أحدث حلقات هذا الصراع؛ كشفت مصادر محلية في ذمار لـ«الشرق الأوسط» عن احتدامه بين القيادي الحوثي المدعو محمد البخيتي المنتحل صفة محافظ ذمار، وبين قيادات حوثية أخرى بارزة في المحافظة ذاتها.
وأكدت أن الصراع جاء على خلفية إصدار المدعو البخيتي قبل فترة حزمة من القرارات؛ تتضمن إقالة عشرات المسؤولين المعينين من قبل الميليشيات من مناصبهم في ذمار؛ بينهم المدعو مجاهد العنسي الأمين العام للمجلس المحلي، وآخرون ينتحلون صفات مديرين عامّين لـ10 مكاتب تنفيذية، وقيامه بتعيين شخصيات أخرى مقربة منه بديلة عنهم.
وأشارت إلى أن المدعو البخيتي أقال الموالي للميليشيات المدعو العنسي من منصبه أميناً عاماً للمجلس المحلي، ودعا رؤساء اللجان وأعضاء المجلس لاختيار أمين عام بديلاً له.
وذكرت المصادر أن تلك التطورات تأتي في رد فعل من قبل البخيتي على وقوف العنسي مع تيار المشرفين الحوثيين الآتين من صعدة في وجهه، ليقوم بعد ذلك بمعاقبته مع قيادات أخرى بعزلهم من مناصبهم.
وعلى الصعيد أيضاً، كشفت وثيقة حوثية جديدة تداولها ناشطون على منصات التواصل، عن رفض القيادي الحوثي المدعو علي القيسي المعين وزيراً للإدارة المحلية بحكومة الانقلابيين كل القرارات الصادرة عن البخيتي الذي لا يزال ينتحل صفة محافظ ذمار.
وبموجب تلك الوثيقة، فقد وجه القيادي الحوثي القيسي بمنع البخيتي من عزل قيادات الميليشيات من مناصبها في إدارة المكاتب التنفيذية في ذمار وإلغاء جميع القرارات المتعلقة بذلك.
وأشارت المصادر في ذمار إلى تعرض القيادي الحوثي البخيتي لسلسلة من الإهانات والانتقادات من قادة الجماعة في صنعاء وصعدة وإجباره على التراجع عن قراراته.
وسبق ذلك الصراع المحتدم، حسب المصادر، منع القيادي في الميليشيات المدعو طه المتوكل؛ المنتحل صفة وزير الصحة بحكومة صنعاء غير الشرعية، المدعو البخيتي من تغيير أحد قيادات الجماعة المنتحل صفة مدير مكتب الصحة العامة في ذمار.
بدورهم؛ أرجع مراقبون محليون تجدد الصراع وتوسعه بين قادة وأجنحة الميليشيات في ذمار ومناطق يمنية أخرى، إلى الخلافات التي دبت في صفوف الجماعة على خلفية تقاسم الموارد المالية والمنهوبات والمسارعة في الاستحواذ على المناصب، إضافة إلى الخسائر الحوثية المتوالية في جبهات القتال التي أودت بمئات من المجندين وعشرات القيادات الميدانية.
وأشاروا إلى أن «مبالغ مالية مهولة تذهب إلى خزائن وجيوب الفاسدين من قيادات الجماعة الانقلابية في ذمار، فيما آخرون من قيادات الميليشيات لم يحصلوا على نصيبهم من ذلك، فعمدوا إثر ذلك إلى الكشف عن الأوراق وإزاحة الستار عن فساد مهول في عدد من المؤسسات الإيرادية بالمحافظة».
ولفتوا إلى أن الخلافات بين قيادات الميليشيات في ذمار ارتفعت حدتها مؤخراً لتكشف عن فساد مهول في كل فروع المؤسسات والهيئات الإيرادية في المحافظة؛ بينها الضرائب والجمارك وصندوق النظافة وغيرها، التي تخللتها عمليات تزوير ونهب ممنهجة لصالح قيادات معينة في الجماعة في ذمار.
وأشار المراقبون إلى أن الصراع بين تيار المشرفين الحوثيين وبين قيادة السلطات المحلية الموالية للجماعة في ذمار على وجه التحديد بدأ في الظهور بشكل بارز تدريجياً مع اجتياح الانقلابيين المحافظة وفرض كامل سيطرتهم على جميع مفاصل الدولة فيها.
ويأتي تصاعد الصراع بين قادة الصف الثاني للانقلابيين في ذمار متزامناً مع ما تشهده أيضاً محافظة ريف صنعاء في الوقت الحالي من خلاف علني على منصب المحافظ.
وفي هذا السياق، تحدثت مصادر محلية بريف صنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن استمرار الصراع منذ أكثر من أسبوع بين قيادات حوثية بارزة في المحافظة على خلفية الاستحواذ على منصب محافظ صنعاء غير القانوني.
وكشفت عن توجيه مسؤولين ووجهاء موالين للحوثيين في ريف صنعاء قبل أيام رسالة إلى رئيس مجلس الانقلاب غير المعترف به الذي يقوده مهدي المشاط، يطالبونه فيها بتزكية المدعو فارس الحباري لينتحل صفة محافظ صنعاء؛ الأمر الذي رفضته قيادات حوثية أخرى؛ بينهم المدعو عبد القادر الجيلاني الأمين العام للمجلس المحلي، الذي أعلن مع آخرين تمسكه بالمدعو عبد الباسط الهادي محافظاً لصنعاء، نظراً لانتمائه للسلالة الحوثية؛ على حد زعمهم.
ونقلت تقارير عن مصادر خاصة بصنعاء، قولها: «قيادات عليا في الجماعة لا تزال ترفض أن يكون منصب محافظ صنعاء من خارج ما تسميها (الأسرة الهاشمية)».
وحملت قيادات الميليشيات، حسب المصادر، المدعو المشاط كامل المسؤولية، وطالبته بسرعة وقف ما سمتها التجاوزات واتخاذ كل الإجراءات حيال المتجاوزين الرامية جهودهم إلى تنصيب محافظ من غير المنتمين لسلالة الجماعة.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).