الاتصالات المقطوعة بين بري وباسيل تمدد «العطلة السياسية»

لقاء بين رئيسي البرلمان والحكومة اليوم لبحث المخارج

الاتصالات المقطوعة بين بري وباسيل تمدد «العطلة السياسية»
TT

الاتصالات المقطوعة بين بري وباسيل تمدد «العطلة السياسية»

الاتصالات المقطوعة بين بري وباسيل تمدد «العطلة السياسية»

يغرق لبنان في عطلة سياسية قابلة للتمديد ما لم تؤد الاتصالات التي ما زالت مقطوعة إلى فتح كوة في جدار الأزمة التي تحاصره تدفع باتجاه الإفراج عن جلسات مجلس الوزراء وتوفير الحلول التي كانت وراء تعطيلها والتي يفترض أن تتصدر جدول أعمال اللقاء الذي يعقد اليوم بين رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، فيما تستغرب مصادر نيابية بارزة ما أشيع أخيراً حول بدء التفاوض بين بري و«التيار الوطني الحر»، وتؤكد لـ«الشرق الأوسط» بأن الأبواب موصدة حتى الساعة بين الطرفين وأنه لا صحة لكل ما يقال بأن خطوط التواصل مفتوحة بينهما بتدخل مباشر من «حزب الله».
وكان تردد في الساعات الأخيرة بأن رئيس «التيار الوطني» النائب جبران باسيل طرح صيغة تسمح بانعقاد جلسة نيابية تخصص للبحث في إحالة الادعاء على رئيس الحكومة السابق حسان دياب والوزراء السابقين والنواب الحاليين علي حسن خليل ونهاد المشنوق وغازي زعيتر والوزير السابق يوسف فنيانوس على المحكمة الخاصة لمحاكمة الرؤساء والنواب استناداً إلى ما نص عليه الدستور في هذا الخصوص، مشترطاً في نفس الوقت حضور نواب «تكتل لبنان القوي» برئاسة باسيل الجلسة لتأمين النصاب من دون التصويت على إلحاقهم بالمحكمة الخاصة.
لكن لم يؤخذ باقتراح باسيل الذي أعلم به الرئيس بري من خلال وسائل الإعلام التي تناقلته لأنه «لا يشكل المخرج المطلوب لجهة الاحتكام إلى الدستور الذي ينص صراحة على أن محاكمة الرؤساء والوزراء تبقى من اختصاص البرلمان على أن يعود للمحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار النظر في ادعائه على عدد من الموقوفين قيد التحقيق ومن بينهم من ادعى عليهم» كما تقول المصادر.
وتلفت المصادر نفسها إلى أن الرئيس بري - بإصراره على تصويت نواب «تكتل لبنان القوي» إلى جانب فصل إحالة الرؤساء والوزراء على المجلس الأعلى لمحاكمتهم عن محاكمة من لا تسري عليهم مثل هذه الشروط ممن يخضعون للمحاكمة أمام المحقق العدلي - ليس في وارد تكرار ما حصل في الجلسة النيابية الأخيرة التي فتحت الباب أمام الخلاف على احتساب النصاب القانوني أثناء التصويت على التعديلات التي أدخلت على قانون الانتخاب.
وتؤكد بأن الخلاف على احتساب النصاب يعود إلى الخلاف بين وجهتي النظر: الأولى تقول بأن احتسابه يجب أن يبقى بتعداد النواب الأحياء ولا يشمل النواب المتوفين أو أولئك الذين استقالوا من البرلمان، والثانية ترى بأن عملية الاحتساب تنطلق من العدد الرسمي للمقاعد النيابية أي 128 مقعداً بصرف النظر عن العدد الحالي للنواب أي 116 نائباً بعد أن أضيف إليهم اسم النائب فايز غصن الذي توفي منذ حوالي أسبوع.
وتعتبر المصادر بأن باسيل يريد أن يبيع موقفاً إعلامياً لن يكون له من مفاعيل تسمح بتأمين تأييد الأكثرية النيابية المطلقة ليصبح مبدأ الفصل قابلاً للتنفيذ، وتقول بأن مشاركة نوابه في الجلسة من دون تصويتهم على الاقتراح ستؤدي حتماً إلى عدم التصويت عليه وسيضاف عددهم إلى النواب المنتمين لحزب «القوات اللبنانية» و«اللقاء النيابي الديمقراطي» ومعهم عدد من النواب المستقلين الذين لا يزالون يرفضون الفصل بين صلاحية المحقق العدلي والأخرى المناطة بالمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.
وفي هذا السياق، قالت المصادر النيابية بأن الاقتراح الذي كان تقدم به البطريرك الماروني بشارة الراعي كاد يشكل مخرجاً يقود حتماً إلى فك أسر جلسات مجلس الوزراء بوقف تعليقها، وقالت بأن اقتراحه يقوم على إعطاء ما للقضاء للمحقق العدلي في مقابل إعطاء ما للبرلمان للمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء وأنه لقي تأييداً من بري ومن ثم من ميقاتي وأخيراً من قبل رئيس الجمهورية ميشال عون.
وأكدت بأن عون تعاطى بإيجابية مع اقتراح الراعي، وهذا ما أبلغه إلى بري قبل أن يطير الاتفاق مع صياح الديك وبتدخل من الوزير السابق سليم جريصاتي، وهذا ما أشار إليه رئيس البرلمان بتحميله الأخير مسؤولية الإطاحة بالاتفاق الذي تولت بكركي تسويقه، وكنا على وشك الوصول إلى تفاهم يؤدي إلى تفعيل العمل الحكومي.
وحملت المصادر نفسها جريصاتي تفويت «فرصة العمر» على البلد، وقالت إنه بتدخله أدى إلى تمديد تعليق جلسات مجلس الوزراء وتطرقت إلى الأجواء الإيجابية التي سادت اجتماع الرؤساء الثلاثة في بعبدا، وقالت بأن بري انطلق في مداخلته من قول رئيس الجمهورية بإعطاء ما لقيصر لقيصر وما لله لله، أي أن يترك للبرلمان النظر في الادعاء على المشمولين بالمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء في مقابل إطلاق يد البيطار بمتابعة التحقيق العدلي مع الموقوفين والمتهمين في ملف الانفجار.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.