وزير الخارجية الأميركي: ندرك الدعم الذي تقدمه إيران للحوثيين ولن نقف صامتين

كيري: لن نسمح لإيران بتهديد مصالح حلفائنا في المنطقة

وزير الخارجية الأميركي أثناء مؤتمر صحافي في لوزان السويسرية عقب المحادثات مع إيران حول المسألة النووية (رويترز)
وزير الخارجية الأميركي أثناء مؤتمر صحافي في لوزان السويسرية عقب المحادثات مع إيران حول المسألة النووية (رويترز)
TT

وزير الخارجية الأميركي: ندرك الدعم الذي تقدمه إيران للحوثيين ولن نقف صامتين

وزير الخارجية الأميركي أثناء مؤتمر صحافي في لوزان السويسرية عقب المحادثات مع إيران حول المسألة النووية (رويترز)
وزير الخارجية الأميركي أثناء مؤتمر صحافي في لوزان السويسرية عقب المحادثات مع إيران حول المسألة النووية (رويترز)

حذر وزير الخارجية الأميركي جون كيري من الدور الذي تقوم به إيران في اليمن، ودعمها للمتمردين الحوثيين، مبديا قلق بلاده من هذا الدور الإيراني في اليمن. وتعهد كيري بأن الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدي وتقف موقف المتفرج أمام زعزعة الاستقرار في المنطقة بل ستقوم بدعم دول الشرق الأوسط.
وقال وزير الخارجية الأميركي في مقابلة مع محطة التلفزيون الحكومية الأميركية «بي بي إس» مساء أول من أمس الأربعاء إن بلاده على علم بالدعم الذي تقدمه إيران لقوات الحوثيين في اليمن. وقال: «من الواضح أن طهران نقوم بمساندة المتمردين ويجب أن تدرك إيران أن الولايات المتحدة لن تقف موقف المتفرج بينما تقوم بزعزعة استقرار المنطقة أن حين تنخرط في حرب علنية في بلدان أخرى». وأضاف: «من الواضح أن هناك إمدادات تأتي من إيران وهناك عددا من الرحلات الجوية كل أسبوع لتوفير الإمدادات لهم (الحوثيين)».
وشدد وزير الخارجية الأميركي على وقوف بلاده إلى جوار حلفائها في المنطقة ضد التهديدات الإيرانية. وقال: «لدينا القدرة على تفهم أن امتلاك إيران لسلاح نووي يشكل خطرا أكبر من تهديدات إيران من دون امتلاك سلاح نووي وفي نفس الوقت لدينا القدرة على الوقوف في وجه التدخلات غير المناسبة أو التدخلات المخالفة للقانون الدولي أو التي تهدف لزعزعة الاستقرار أو تهدد مصالح أصدقائنا». وأوضح كيري أن الولايات المتحدة التي تدعم عاصفة الحزم والتحالف الذي تقوده السعودية بالمعلومات الاستخباراتية والدعم اللوجيستي والمعدات العسكرية لا تبحث عن مواجهة. وقال: «من الواضح أننا لا نبحث عن مواجهة لكننا لن نبتعد عن حلفائنا وأصدقائنا وعلينا أن نقف إلى جوار هؤلاء الذين يشعرون أنهم مهددون من القرارات والتصرفات التي تقوم بها إيران».
وتأتي تصريحات كيري في نفس اليوم الذي أعلنت فيه إيران إرسال مدمرة وسفينة تابعة للبحرية الإيرانية إلى مضيق باب المندب الاستراتيجي. وأعلن العميد الإيراني حبيب الله سياري أن السفن تستهدف مكافحة القرصنة وحماية الطرف البحرية في المنطقة.
وفي أعقاب تصريحات كيري طالب الرئيس الإيراني حسن روحاني في خطاب تلفزيوني بوقف الغارات الجوية التي تقوم بها قوات التحالف بقيادة السعودية في اليمن، مناشدا العمل للتوصل إلى حل سياسي. وقال: «هناك أمة عظيمة مثل اليمن تتعرض للقصف دعونا جميعا تفكر في إنهاء الحرب ونفكر في وقف إطلاق النار». وأضاف: «دعونا نستعد لجلب اليمنيين إلى طاولة المفاوضات لاتخاذ قرارات بشأن مستقبلهم دعونا نقبل أن مستقبل اليمن سيكون بأيدي اليمنيين وليس أي شخص آخر».
ومن جانبه، قال المتحدث باسم البنتاغون الكولونيل ستيف وارن أن البنتاغون بدأ بالفعل أول إجراءات تدخل عسكري أميركي مباشر في التحالف العربي لعاصفة الحزم حيث بدأت القوات الأميركية US. Air Force» KC - 135 Stratotanker» بتزويد طائرات التحالف بالوقود خاصة طائرات F - 16s الإماراتية وطائرات F - 15s السعودية، مشيرا إلى أن عمليات التزود بالوقود تتم خارج المجال الجوي اليمني. وقال مسؤولو وزارة الدفاع إن سفنا تابعة للبحرية الأميركية تقوم أيضا بتقديم الدعم اللوجيستي لقوات التحالف كما تنسق عمليات شحن الأسلحة والذخائر لقوات تحالف عاصفة الحزم الحلفاء للولايات المتحدة.
وقال الكولونيل وارن: «نعرف أن الإيرانيين شركاء مع الحوثيين وأنهم يعملون معا ونحن نراقب عن كثب جميع الأنشطة البحرية في المنطقة»، من دون أن يؤكد تفاصيل حول الدعم العسكري التي تقدمه طهران للحوثيين.
ويشير المحللون إلى أن القتال في اليمن والتدخل الدولي يلقيان بظلال ثقيلة على المحادثات النووية مع إيران التي أسفرت عن أطار صفقة في الأسبوع الماضي في سويسرا. وبينما تحاول الولايات المتحدة و5 قوى عالمية أخرى التوصل إلى اتفاق نهائي بحلول يونيو (حزيران) المقبل، يشكل تورط إيران في زعزعة استقرار المنطقة وفي اليمن وأماكن أخرى قلقا شديدا لدى الولايات المتحدة والدول الغربية.
من جهة أخرى، هناك قلق أميركي من أن الانقلاب على الشرعية في اليمن قد أعطى غطاء لتنظيم القاعدة في اليمن - الذي تعتبره الولايات المتحدة التنظيم الأكثر خطورة - لتحقيق مكاسب كبيرة والسيطرة على مناطق واسعة. وقد تسبب ذلك بدوره في قلق الولايات المتحدة من احتمالات قيام «القاعدة» بشن هجمات ضد الغرب ودفعها لإعادة التفكير في كيفية منع «القاعدة» من التخطيط لهذه الهجمات.
ويشير أشر أوركابي، الباحث الزميل بمركز كراون لدراسات الشرق الأوسط بجامعة برانديز، إلى أن التخريب الإيراني والأمن الحيوي لمضيق باب المندب سيدفعان الولايات المتحدة ودولا أخرى إلى الدخول بقوة في الصراع اليمني لفترة طويلة. وأشار إلى أن الرياض أرسلت إنذارا لحركة الحوثي وتوسعهم العسكري جنوبا ووجدت في تقدمهم تهديدا خطيرا للاستراتيجية الإقليمية للرياض مع بروز الحوثيين قوة سياسية يمكن أن تشكل حكومة بأجندة معادية للمنطقة. وأكد أن الرياض وشركاءها يدافعون عن اليمن ضد التهديد الإيراني وعن أمن المضيق الحيوي لباب المندب.
ولفت الباحث الأميركي إلى أن مساندة الولايات المتحدة لتحالف «عاصفة الحزم» ومخاوفها بشأن أمن مضيق باب المندب قد يدفعان الولايات المتحدة ودولا أخرى إلى «خوض حرب حدودية محلية لها جذور عميقة من التوتر بشكل لا يمكن تقدير آثاره».
من جانبه، ركز ديفيد بولوك الباحث بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى على ضرورة أن تقوم واشنطن بمعالجة مخاوف الدول العربية من التهديدات غير النووية لإيران، مشيرا إلى أن خطر تهديدات إيران في زعزعة استقرار المنطقة يساوي مخاطر طموحاتها النووية. وقال: «تهديدات إيران غير النووية خطيرة بقدرة خطورة تهديداتها النووية المحتملة وليس هذا فقط في اليمن لكن أيضا في سوريا والعراق ولبنان والبحرين».



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.