صدمة في دمشق بعد قرار الحكومة إمداد الصناعيين بالكهرباء من دون انقطاع

فرضت أسعاراً خاصة للحصول عليها

TT

صدمة في دمشق بعد قرار الحكومة إمداد الصناعيين بالكهرباء من دون انقطاع

أثار إعلان الحكومة السورية استعدادها لتأمين الكهرباء من دون انقطاع للفعاليات الصناعية والتجارية والسياحية، في مقابل سعر مرتفع جداً للكيلو واط الساعي، استهجان الأهالي، وتوجيههم انتقادات لاذعة لها، لأنه جاء في ظل معاناتهم المريرة من انقطاع شبه تام للتيار على مدار اليوم، ومواصلتها التذرع بعجزها عن تأمين الفيول أو الغاز اللازم للإنتاج.
«الوزير صرعنا بالسنفونية اليومية تبعو: ما عنا غاز. ما عنا فيول. بسبب العقوبات، وبالأخير الأفندي طلع عندو، وبيحسن يجب الكهربا كل اليوم على الناس، بس يبدو نحنا بنظرو وبنظر حكومتو مو ناس»، بهذه العبارات علق لـ«الشرق الأوسط» مواطن من جنوب دمشق على إعلان الحكومة.
المواطن الذي يؤكد أن عائلته لم تر الكهرباء ولا الماء منذ ثلاثة أيام بسبب الانقطاع المتواصل للكهرباء، وبعدما يضيف: «كل يوم الحكومة بتأكد تواصل سياسة الدعم للمواد الغذائية الأساسية والمحروقات والكهرباء»، يرى أنه «لم يبق دعم، فهم رفعوا أسعار كل شيء لسابع سما، حتى صار الموطن كل يوم ينام على خازوق من الحكومة ويفيق (يستيقظ) على خازوق»!
وذكرت صحيفة «الوطن» المقربة من الحكومة، الثلاثاء الماضي، أن وزارة الكهرباء حددت تعرفة مبيع الكيلو واط الساعي لاستجرار الكهرباء للمشتركين المعفين من التقنين على التوتر 20/ ك. ف، من القطاع الخاص بسعر 300 ليرة للكيلو ولكامل الكمية المستهلكة.
ونقلت عن المدير المالي لمؤسسة نقل وتوزيع الكهرباء ماهر الزراد، قوله «إن القرار حدد كبار المشتركين من فعاليات صناعية وتجارية وسياحية».
ويأتي إعلان الحكومة في وقت تمر فيه عموم مناطق سيطرة الحكومة بأزمة كهرباء خانقة هي الأسوأ خلال سنوات الحرب، حيث تصل ساعات انقطاع التيار ما بين 22 - 23 ساعة في اليوم، بينما تغرق كثير من المناطق بالظلام ليومين متتاليين وبعضها لثلاثة.
مواطن آخر يوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحكومة تقول، إن تكلفة جرة الغاز كذا ونبيعها بكذا، وليتر المازوت كذا ونبيعه بكذا، وكيلو الخبز بكذا ونبيعه بكذا، وكيلو الكهربا بكذا ونبيعه بكذا». ويرى أنه قياساً للراتب الشهري الذي تعطيه الحكومة للموظف (ما بين 60 - 80 ألف ليرة سورية) ومستوى الدخل الشهري لعموم من يعيشون في مناطق سيطرتها (94 في المائة يعيشون تحت خط الفقر) هي مجبرة على تأمين الخدمات الأساسية لهم بالسعر المدعوم، وإعلان استعدادها لتأمين الكهرباء من دون انقطاع للصناعيين والتجار، تقول للمعدمين لقد «تخليت عنكم. دبروا روسكون».
وحسب صحيفة «الوطن»، تساءل الباحث في مجال الطاقة البديلة علي محمود: «إن كان لدى وزارة الكهرباء إمكانية لتزويد المنشآت الصناعية بالطاقة الكهربائية على مدار 24 ساعة بشرط دفع ثمن الاستهلاك 300 ليرة سورية لكل كيلو واط ساعي، وذلك رغم هذا التقنين الجائر».
وأضاف: «هل نفهم من ذلك أنه لا يوجد عجز حقيقي في التوليد إنما المشكلة في كلفة الإنتاج؟». وتابع: «هل حديث الوزارة عن العجز في الإنتاج هو حديث وهمي؟! وليس لديها مشكلة في الفيول أو الغاز أو تعطل محطات التوليد»، معتبراً أن إعلانها استعدادها لبيع المشتركين على مدار 24 ساعة دليل على ذلك.
وأعرب محمود عن خشيته من أن تكون تغذية المشتركين على مدار الساعة على حساب المستهلكين الآخرين، وبالتالي يجب علينا الاستعداد إلى ساعات تقنين أطول أو شبه تعتيم.
وسبق أن أعلنت الحكومة مطلع الشهر الحالي، رفع أسعار الكهرباء لجميع فئات الاستهلاك المنزلي بنسبة مائة في المائة، حيث ارتفع سعر الكيلو في الشريحة الأولى (600 كيلو خلال دورة الشهرين) من ليرة سورية إلى ليرتين، بينما ارتفع بالنسبة للثانية (بين 601 وألف كيلو) من ثلاث إلى ست ليرات، في حين ازداد سعر الكيلو في الثالثة (بين ألف وألف و500 كيلو) من 6 إلى 20 ليرة، وفي الرابعة من 10 إلى 90 ليرة، وفي الشريحة الأخيرة من 125 إلى 150 ليرة.
وتحدث وزير الكهرباء في الحكومة السورية غسان الزامل، مؤخراً، عن «المعاناة الكبيرة» في تأمين الغاز والفيول لتشغيل محطات توليد الكهرباء، حيث «يصل للمحطات حالياً ما بين 9 و10 ملايين متر مكعب من الغاز، بينما الحاجة الفعلية هي نحو 18 مليون متر مكعب، إضافة إلى الفيول الذي يصل حالياً منه ما بين 5 و6 ملايين متر مكعب يومياً، بينما تحتاج المحطات إلى 10 ملايين متر مكعب يومياً».
وبعدما كانت تلبية الطلب على الكهرباء في سوريا عند مستوى 97 في المائة قبل عام 2011، انخفضت إلى مستويات غير مسبوقة خلال سنوات الحرب العشرة، حيث تشير بيانات رسمية إلى بلوغها أقل من 27 في المائة بسبب محدودية مادتي الفيول والغاز، بينما يرى خبراء أنها لا تصل حالياً إلى أكثر من 15 في المائة.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.