تسارناييف قد يواجه عقوبة الإعدام بعد إدانته في تفجيرات بوسطن

رغم كتاباته عن أسباب ما فعل.. لم يتكلم في المحكمة

جوهر تسارناييف
جوهر تسارناييف
TT

تسارناييف قد يواجه عقوبة الإعدام بعد إدانته في تفجيرات بوسطن

جوهر تسارناييف
جوهر تسارناييف

رغم أنه كتب كلمات بليغة عن أسباب ما فعل، لم ينطق بكلمة أثناء محاكمته، وفي صمت، واجه الأميركي الشيشاني جوهر تسارناييف حكم إدانته. ويتوقع أن يحكم عليه في الأسبوع المقبل، بالإعدام أو السجن المؤبد.
أدين تسارناييف لدوره في تفجيرات بوسطن (ولاية ماساتشوسيتس) في 15 أبريل (نيسان) عام 2013.
واستغرقت مداولات هيئة المحلفين 11 ساعة خلال يومين. وأدين بكل التهم ضده بإجماع المحلفين البالغ عددهم 12 شخصا.
حسب صحيفة «بوسطن غلوب»، رأى المحلفون أن تسارناييف (21 عاما) مذنب بالتهم الثلاثين ضده، وبينها 17 تهمة عقوبتها الإعدام.
وحسب وصف وكالة الصحافة الفرنسية، استمع المتهم، الذي حصل على الجنسية الأميركية في 2012، إلى الحكم «وبدا شاحبا، ولم يصدر أي رد فعل منه، بينما كان واقفا بين اثنين من محاميه».
وأضافت الوكالة: «كان تسارناييف نفذ الهجوم مع أخيه تيمورلنك، وأوضح أنه يريد الانتقام لمقتل مدنيين مسلمين بأيدي الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان».
وحضر والدا أصغر ضحايا التفجيرات، مارتن ريتشارد (8 سنوات)، الجلسة. وأعرب عدد من أقرباء الضحايا عن ارتياحهم بعد صدور قرار هيئة المحلفين.
وقال واحد من أقرباء الشرطي الذي قتل شون كولييه: «نحن ممتنون لأن جوهر تسارناييف يتحمل مسؤولية المحنة التي سببها لهذا العدد من العائلات». وعبر رئيس بلدية بوسطن، مارتي والش، عن الأمل في أن يساعد هذا الحكم على «طي صفحة الاعتداءات التي تركت أثرا لا يمحى على المدينة».
وكان الاتهام وصف جوهر بأنه «طالب فاشل يعيش حياة مزدوجة. وإرهابي كان يريد معاقبة أميركا بسبب ما فعلته لشعبه».
وكان محامو تسارناييف اعترفوا بأنه وضع إحدى القنبلتين في السباق. وقدموا 4 شهود فقط، لإثبات أن الذنب ذنب شقيقه الأكبر. وقالوا إن شقيقه تيمورلنك (26 عاما) هو مدبر الاعتداءات، وهو الذي قتل شرطيا بعد ثلاثة أيام على الاعتداءات، بهدف سرقة سلاحه.
كانت تفجيرات سباق بوسطن أدت إلى قتل ثلاثة أشخاص، وجرح 264 آخرين. بعد أن انفجرت قنبلتان يدويتا الصنع في الحشد بالقرب من خط الوصول.
وقالت صحيفة «بوسطن غلوب» إن عقوبة الإعدام غير موجودة في ولاية ماساتشوسيتس منذ عام 1984. ولم يعدم أي شخص فيها منذ عام 1947.
لكن لأن تسارناييف أدين بعمل إرهابي باستخدام «سلاح الدمار الشامل»، صار يخضع للقانون الفيدرالي. لكن، لم يقدم الاتهام كتابات كتبها جوهر داخل القارب الذي اختفى فيه عندما كانت الشرطة تطارده. توضح الكتابات أسباب ما فعل جوهر وشقيقه. ولم يقدم الدفاع الكتابات أيضا. وركز على أن جوهر كان ضحية شقيقه الأكبر، بالإضافة إلى عدم تقديم كتابات جوهر في القارب، أعلن محامو تسارناييف الثلاثة أن جوهر لن يتحدث أمام المحكمة. وأنهم سيتحدثون بالنيابة عنه.
لكن، يتوقع أن يتكلم جوهر عندما يأتي وقت الحكم عليه في الأسبوع المقبل. جرت العادة على أن القاضي يطلب، قبل إصدار الحكم، من المتهم أن يدافع عن نفسه، لآخر مرة.
وكانت هيئة المحلفين انتقلت إلى مكان آمن، شاهدت فيه القارب الذي اختفى فيه جوهر، عندما كانت تطارده الشرطة. وفيه كتابات كتبها جوهر عن أسباب ما فعل. وفي وقت لاحق، استمعت هيئة المحلفين إلى شهادة شرطي في مكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي) قدم فيها وثائق تدين جوهر، منها الكتابات في القارب.
وفيها: «أشعر بالغيرة من شقيقي الذي نال (جنة الفردوس) قبلي. لن أحزن لأن روحه ما زالت باقية. الله لديه مخطط لكل شخص، وقدري هو الاختباء في هذا القارب، وتسليط بعض الضوء على ما قمنا به».
وأضاف: «أسأل الله أن يكتبني من الشهداء حتى أتمكن من الرجوع إليه، وأكون من الصالحين في الدرجات العلى من الجنة. ومن يهدِ الله فما له من مضل. الله أكبر». وكتب أيضا في القارب: «تقتل الحكومة الأميركية المدنيين الأبرياء منا. لقد بدأت الأمة تصعّد، وتيقظ آخرون منا. أعلم أنكم (الشرطة التي تتعقبه) تقاتلون من ينظر في ماسورة بندقيتكم، ويرى الجنة. الآن كيف ستستطيعون منافسة ذلك؟ لقد وعدنا الله بالنصر. وسوف نحققه بالتأكيد».
وفي جانب آخر في القارب كتب: «أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله».



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.